يحتفل السوريون بالأعياد وبالمناسبات الاجتماعية كغيرهم من الشعوب بعدد من التقاليد والأعراف والعادات المتوارثة منذ سنين طويلة، ولعلّ من أهم مفرداتها تقديم ضيافة العيد والمناسبات الاجتماعية كالزواج والتخرج والولادة، وإذا كانت الشوكولاته إحدى أهم أصناف الضيافة، فإن السوريين يضيفون لها أصنافًا محلية أخرى تنتجها ورش يدوية في سوق البزورية الدمشقي القديم وكذلك ورش أسواق مدينة حلب شمال البلاد وتباع في محلات الأسواق الراقية المتخصصة في بيع مستلزمات الضيافة من حلويات جافة وغيرها، ويأتي في مقدّمة طبق الضيافة الملبس والنوغا والمشبك والراحة المحشية، التي تحضّر بشكل جميل ولذيذ المذاق مضافًا لها حبات الفستق الحلبي وماء الورد.
يؤكد إبراهيم قصاص لـ«الشرق الأوسط»، الذي يدير ورشة لتحضير الراحة والشوكولاته في سوق البزورية أن قطع الراحة مختلفة الأحجام والأشكال كالأسطوانية والدائرية والمستطيلة والمربعة وغيرها من الأشكال صغيرة الحجم، جاءت بعد أن كانت تحضر بحجم كبير فالراحة الكبيرة الحجم كان يصل وزنها لمائة غرام سابقًا، وكانت تقدم في المناسبات بدلا من علبة الضيافة قبل توسع انتشارها وحاليًا صار هناك قطع الراحة صغيرة الحجم مع تشبيكها بالفستق المهروس من داخلها وعلى أطرافها من الداخل أو تزيينها من مختلف أوجهها بحبات الفستق الحلبي، بحيث تشكل معه قطعة ضيافة لذيذة المذاق، كذلك - يتابع قصاص: «طورنا الراحة الشامية بتغطيسها بالشوكولاته بحيث تقدّم للضيف بلون ومذاق الشوكولاته البني مع مذاق السكر في الراحة، ومن الأنواع الجديدة التي قدّمها الشوام في مجال الراحة هناك الراحة بالورد، وهي عبارة عن قطع رقيقة من الراحة الجافة نسبيًا معجونة ببتلات أزهار الوردة الشامية المعروفة (الوردة الجورية)، حيث يتم تجفيف بتلات الأزهار بألوانها الحمراء والزهر وتطبخ مع الراحة، ولكن لم يلق هذا النوع من الراحة زبائن كثر - لا أدري ما الأسباب رغم مذاقها اللذيذ - يبتسم إبراهيم معلّقًا - فقام محضرو الحلويات الجافة (الحلبيون) بأخذ الفكرة وحضّروا منها نماذج مختلفة أطلقوا عليها تسميات محلية مثل (القروش والمدورة). أما (النوغا) وهي تشبه السكاكر المعروفة فتعتبر ابتكارًا دمشقيًا ولها طريقة خاصة بالتحضير ومواد خاصة وهي زلال البيض حتى يظهر لونها الأبيض وهناك الليستين والجيلاتين الصحي والفستق البوظة ذو اللون الأخضر حيث يعطي حبة النوغا البيضاء لونا جميلا وهو يختلف عن الفستق الزهري. وكذلك عمل الحلبيون على تطوير النوغا التي أعجبتهم فكرتها الدمشقية فعملوا على تحضير خلطة من النوغا والراحة أو الراحة بالقمر الدين والنتيجة واحدة وكذلك المذاق ولكن فقط تختلف الأشكال».
«هناك (المشبك) - يوضح إبراهيم - وهو أيضًا ابتكار دمشقي في مجال مفردات الضيافة بالمناسبات الاجتماعية والأعياد ويتم تحضيره من السكر والقطر مع تشبيكه بحبات الفستق الحلبي التي تشكّل المادة الرئيسية في مكوناته، ولكن وفي السنوات الخمس الأخيرة وبسبب الأزمة الاقتصادية والحرب انخفض تحضيره كثيرًا في ظل الأزمة بسبب تكلفته العالية كونه يحضر من الفستق الحلبي الذي ارتفع ثمنه كثيرًا حاليًا يصل الكيلوغرام منه لستة آلاف ليرة سورية بينما قبل الأزمة كان لا يتجاوز الـ1500 ليرة سورية».
ولا ينسى (قصاص) الملبّس والتي يؤكد أنه رغم انتشاره الواسع في مختلف بلدان العالم حيث تم تطويره وتقديمه بأشكال مختلفة في هذه البلدان، تبقى أنها انطلقت من دمشق ومن سوق البزورية وتحديدًا من ورشة كان يديرها في ثلاثينات القرن الماضي الراحل (توفيق قباني) والد الشاعر السوري المعروف نزار قباني، يوضح إبراهيم: «الملبس ابتكار دمشقي وكل من يصنعه حاليًا في البلدان الأخرى نقلوه من دمشق ففي أوروبا يصنعونه آليًا بطبقة من الشوكولاته مع طبقة من السكر مع وجود حبة لوز في قلب الملبسة وهم لا يعرفون تحضيره كما نحضره في دمشق، وكان أول من أسس ورشة لتصنيع الملبس في البزورية وأعاد إحياءه من جديد وكان معروفًا قبل 150 سنة بنوع واحد فقط وهو المقسّى الراحل (توفيق قباني) والد الشاعر الراحل (نزار قباني) حيث منزله قريب جدًا في منطقة مادنة الشحم الملاصقة للبزورية وكانت ورشته تحضّر الملبس حبة حبة، حيث لم تكن الآلات متوفرة في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم، هناك أنواع للملبس ومنه (الملبس البلدي) يحضر يدويًا من غبرة السكر، حيث تكاد تظهر اللوزة المحمصة من خلال طبقة السكر الرقيقة وهذا نوع ممتاز وهناك تكون طبقة سكر أكثر سماكة يكون أقل جودة، وطريقة تحضير الملبس اليدوي يكون من خلال طاسة ضخمة تشبه حلّات طهي الفول تكون مجوفة من الأسفل، حيث يوضع فيها اللوز مع السكر فيتم تحميص السكر وهي تبرم من خلال موتور بسيط على موقد غاز، فمن خلال الدوران تنفصل كل حبة لوحدها. وهناك (الهش) و(القاسي)، والأخير يحضر من اللوز مع تقسية السكر عليه حتى يتحمل العوامل الجوية ولكي يبقى صالحًا للاستخدام لأكثر من ثلاث سنوات ولا يؤثر على الإنسان ويعود تاريخ تحضيره لأكثر من 150 سنة، بينما الهش صلاحيته محدودة لا تتجاوز الأسبوع ويجب تناوله مباشرة. أما (الملبس بالشوكولاته) فيحضر آليا وظهر منذ عشر سنوات فقط، وتكون ألوانه متعددة وليس أبيض فقط كالملبس البلدي ويُلَوّنْ الحديث منه بصبغات صحية حيث تكون الحشوة من الشوكولاته وعليه طبقة من السكر الملون».
14:11 دقيقه
الراحة والنوغا والمشبك والملبس.. نكهة الأعياد والمناسبات الجميلة
https://aawsat.com/home/article/657251/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%BA%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A8%D9%83-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A8%D8%B3-%D9%86%D9%83%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9
الراحة والنوغا والمشبك والملبس.. نكهة الأعياد والمناسبات الجميلة
السوريون يعتزون بصناعتها في ورش يعود تاريخها إلى 150 سنة
النوغا رمز الضيافة الدمشقية ({الشرق الأوسط})
- دمشق: هشام عدرة
- دمشق: هشام عدرة
الراحة والنوغا والمشبك والملبس.. نكهة الأعياد والمناسبات الجميلة
النوغا رمز الضيافة الدمشقية ({الشرق الأوسط})
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة










