سوريا: مقتل 50 ضابطًا ومقاتلاً إيرانيًا.. بينهم قائد القوات الخاصة في «فيلق القدس»

«الجيش الحرّ» يعتمد تكتيكًا جديدًا في المعركة.. وإصابة جندي أميركي في منبج

رجال إطفاء يحاولون إخماذ النيران التي اندلعت بعد قصف الطيران الروسي  لأحد أحياء إدلب (غيتي)
رجال إطفاء يحاولون إخماذ النيران التي اندلعت بعد قصف الطيران الروسي لأحد أحياء إدلب (غيتي)
TT

سوريا: مقتل 50 ضابطًا ومقاتلاً إيرانيًا.. بينهم قائد القوات الخاصة في «فيلق القدس»

رجال إطفاء يحاولون إخماذ النيران التي اندلعت بعد قصف الطيران الروسي  لأحد أحياء إدلب (غيتي)
رجال إطفاء يحاولون إخماذ النيران التي اندلعت بعد قصف الطيران الروسي لأحد أحياء إدلب (غيتي)

لا تزال مدينة حلب وريف محافظتها، مسرحًا للتصعيد العسكري وعمليات الكرّ والفرّ بين النظام السوري وحلفائه من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهة ثانية. ومع اعتراف وسائل إعلام إيرانية بمقتل جهانغير جعفري نيا، أحد قادة «القوات الخاصة» في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، وعسكري آخر جنوبي مدينة حلب، أعلنت المعارضة أن «50 ضابطًا ومقاتلاً إيرانيًا لقوا حتفهم في تفجير نفذته (جبهة النصرة)، وتمكنت خلاله من أسر 13 آخرين». وتحدثت معلومات عن إصابة جندي أميركي خلال هجوم نفذته وحدة من القوات الخاصة الأميركية على مدينة منبج بالاشتراك مع ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية.
على صعيد العمليات الميدانية، نقلت وكالات إعلام روسية عن «المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا» في قاعدة حميميم (الساحل السوري)، أن «أكثر من 40 شخصًا قتلوا وأصيب نحو مائة في قصف نفذته (جبهة النصرة) السبت (أمس) بمدينة حلب». وذكر «المركز» أن «أكثر من ألف متشدد» بدأوا هجومًا على مواقع لجيش النظام جنوب غربي حلب، وهذا «بينما يحتشد أكثر من 2000 متشدد في شمال المدينة، وتحديدًا في حي الشيخ مقصود، تمهيدًا لشن هجوم على مواقع النظام القريبة من تلك المنطقة».
وفي اعتراف جديد لخسائرها المتزايدة في سوريا، أفادت وسائل إعلام إيرانية، أن «أحد قادة القوات الخاصة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري في سوريا، قُتل في مواجهات مسلحة جنوب حلب، بالإضافة لمقتل عسكري آخر». وبذلك ارتفع عدد القتلى العسكريين الإيرانيين في سوريا منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فقط إلى 273 بين قادة عسكريين وضباط ومقاتلين. وأوضحت وسائل الإعلام الإيرانية: «إن القيادي القتيل في الحرس الثوري هو جهانغير جعفري نيا، أما العسكري القتيل فيدعى محمد زلفي».
غير أن الاعتراف الإيراني الذي انحصر بقتيلين اثنين «يجافي الحقيقة» حسب العقيد عبد الجبار العكيدي، القائد العسكري الميداني في «الجيش السوري الحر» في حلب، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه أن «الخسائر التي مني بها الإيرانيون بالأرواح والعتاد في ريف حلب الجنوبي كبيرة جدًا، وهي ربما الأكبر، حيث سقط فيها عشرات الضباط والعناصر في عملية واحدة». وتابع العكيدي قائلا: «استطاع الجيش الحر والثوار في الأيام الماضية امتصاص الصدمة المتأتية عن القصف الروسي العنيف، وبدأنا العمل بتكتيكات جديدة من خلال عمليات كرّ وفرّ، وتمكنّا من تحقيق تقدّم على الأرض، وتحرير عدة قرى في ريف حلب الجنوبي، منها الحميرة والقلعجية وخلصة، كما تمكنّا من تدمير غرفة عمليات القوات الإيرانية في تلة الشيخ يوسف الواقعة على أطراف حلب»، وأكد أن «الإنجازات الميدانية تحققت بالقدرات الذاتية المتوفرة لدى الثوار». وإذ نفى العكيدي تسلم المعارضة أي سلاح جديد، أشار إلى أن «الغنائم التي حصل عليها من مستودعات النظام وأسلحة المقاتلين الإيرانيين ومرتزقتهم كبيرة، وهي تعطي قوة تسليحية للثوار».
من ناحية ثانية، دحض القائد العسكري في «الجيش الحر»، المعلومات الروسية التي تزعم حشد 2000 مقاتل متشدد في شمال حلب، مؤكدًا أنه «لا وجود لمتشددين في صفوف الثوار، لكن المتشددين والإرهابيين هم مقاتلو (داعش) المتحالفون مع الروس وميليشيات الـ(ب ي د) PYD الكردية الذين يشنون هجمات على (الجيش الحر) بغطاء من الأميركيين والروس». وأردف العكيدي «نحن كثوار لا نتحضر لأي هجوم في شمال حلب في الوقت الحاضر، إنما نواجه الاعتداءات والانتهاكات التي نتعرض لها».
في هذه الأثناء، أشارت «شبكة شام» إلى ظهور ما وصفتها بعلامات «مقتلة جديدة» للمقاتلين الإيرانيين. وأوضحت أن «بين قتلى معارك جنوب حلب قائد القوات الخاصة في (جيش 16 قدس)، وقائد كتيبة تابعة لما يسمى (جيش كيلان) في الحرس الثوري». واستطردت «إن المقتلة الإيرانية هذه المرة أكبر من سابقتها، حين سقط 23 قتيلاً مما يسمى جيش (مازندران)، والتي أدت إلى انسحابه من خان طومان جنوب حلب». ونقلت «شبكة شام» عن مصادر ميدانية، أن «العملية التفجيرية التي نفذتها جبهة النصرة المنضوية في جيش الفتح أمس (أول من أمس) إلى الجنوب من حلب، أوقعت 50 قتيلا في صفوف الميليشيات والعسكريين الإيرانيين، و10 قتلى من جنسيات أخرى، إضافة إلى 13 أسيرًا بينهم إيرانيون». وكانت فصائل «جيش الفتح» بدأت أول من أمس هجوما كبيرًا ومركّزًا على محيط خان طومان، وحققت تقدما سريعا وقويا بسيطرتها على بلدات معراتة والقلعجية والحميرة وتلال القراصي ومستودعات خان طومان ونقاط أخرى مهمة.
إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات المتقطعة أمس، بين تنظيم داعش وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من الولايات المتحدة، شمال شرقي مدينة منبج الخاضعة لسيطرة التنظيم في ريف محافظة حلب الشرقي، في حين أصيب جندي أميركي وقائدان من الميليشيا جراء الاشتباكات. ونقل «مكتب أخبار سوريا» المعارض، عن المقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» إبراهيم أبو أحمد، قوله «إن القوات سيطرت على قرى أوشرية والجات وقبر إيمو والجثانة وخرفان بعد انسحاب التنظيم المتطرف منها، وسط غارات مكثفة لطيران التحالف على مواقع التنظيم»، وأشار إلى أن الميليشيا تسعى الآن للسيطرة على بلدات الحية والتوخار وقيراطة شمال شرقي منبج. وأكد المقاتل المذكور، أن «جنديًا أميركيًا من القوات الأميركية المشاركة في معركة السيطرة على منبج أصيب خلال الهجوم، إضافة إلى قياديين من (القوات) أحدهما يدعى أبو ليلى وهو قيادي في كتائب (شمس الشمال) وإبراهيم البناوي قائد (لواء جند الحرمين)، أحدهما حالته خطرة، وذلك إثر استهداف عناصر التنظيم لهم بصاروخ حراري جنوب شرقي منبج».
وفي المقابل، قال الناشط الإعلامي المعارض في منبج أحمد محمد «إن عشرة مدنيين بينهم أربعة من عائلة واحدة قتلوا، وأصيب أكثر من 17 آخرين، بينهم أطفال ليل السبت، جراء استهداف طيران التحالف بأربع صواريخ فراغية قرية أوجقناه، الخاضعة لسيطرة التنظيم بريف منبج الشرقي، ما أدى إلى دمار ثلاثة منازل واحتراق آخر وأضرار مادية أخرى». وأكد أن «خمسة مدنيين لقوا حتفهم وأصيب سبعة آخرون بجروح مساء السبت، نتيجة غارات شنتها الطائرات الحربية الروسية على الأطراف الشمالية الغربية لمدينة منبج».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.