السفير السعودي ردًا على المشنوق: الرياض لا تتدخل في الشأن الداخلي للبنان

السفارة البريطانية نفت كلامًا لوزير الداخلية اللبناني حول ترشيح لندن فرنجية لرئاسة الجمهورية

السفير علي عواض عسيري
السفير علي عواض عسيري
TT

السفير السعودي ردًا على المشنوق: الرياض لا تتدخل في الشأن الداخلي للبنان

السفير علي عواض عسيري
السفير علي عواض عسيري

صرح سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري بأن المملكة «لا تتدخل بأي شكل من الأشكال في الشأن اللبناني»، مشيرا إلى أن كل ما تقوم به المملكة هو توجيه النصائح للبنانيين من أجل خير بلدهم. وأوضح السفير عسيري لـ«الشرق الأوسط» أن «المملكة لم تكن يوما إلا مملكة الخير للبنان واللبنانيين، وهي لا تريد لهم سوى الخير ودوام التوافق والمحبة»، جازما بأن «المملكة لم تتدخل يوما بأي شأن لبناني داخلي، بالمعنى المعروف للتدخل الذي يقوم به البعض ممن لا يريدون الخير للبنانيين».
واستغرب عسيري التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق حول دور للمملكة في بعض المواقف الداخلية، وقال: إن المشنوق «تسرع في إعطاء توصيفات غير موجودة للدور السعودي في لبنان، وهو يعرف جيدا أن السعودية لم ولن تتدخل بأي شأن داخلي لبناني، وهي تقف دائما مع خير اللبنانيين وتسعى لتوطيد الروابط بينهم، وتعزيز مساحات الحوار»، وأردف أن «اللقاء الجامع الذي انعقد في دارة السفارة في لبنان مؤخرا وضم كل الأطياف اللبنانية المؤمنة بالدولة وسيادتها وسلطانها من أجل هذا الهدف».
هذا وكانت السفارة السعودية في بيروت قد أصدرت أمس بيانا ردا على المشنوق «وإقحامه المملكة العربية السعودية في عدد من الملفات الداخلية». وأكد السفير عسيري في بيانه «أن المملكة العربية السعودية لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ولاسيما ملف رئاسة الجمهورية الذي تعتبره ملفا سياديا يعود للأشقاء اللبنانيين وحدهم حق القرار فيه»، مستطردا أن «دور المملكة يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على إيجاد حل للأزمة السياسية وإنهاء الشغور الرئاسي لينتظم عمل مؤسسات الدولة، ويعبر لبنان إلى مرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي بمعزل عمن يكون الرئيس الجديد».
أيضا استدعت تصريحات وزير الداخلية اللبناني، ردا من السفارة البريطانية التي نفت كلامه حول طرح وزارة الخارجية البريطانية مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، التي قال المشنوق إنها «انتقلت إلى الأميركيين ومنهم إلى السعوديين وصولا إلى الحريري»، موضحا أن سبب ترشيح فرنجية «سياسي»، باعتبار أن هناك «نظرة دولية تقول: إن حزب الله سيعود من سوريا ولن يكون رابحا، وبالتالي، سيكون مثل الفيل الذي يدخل إلى محل زجاج ويكسر كيفما تحرك، فالأفضل أن يكون هناك رئيس يطمئنه ويريحه». وتابع المشنوق، الذي جاء كلامه في لقاء تلفزيوني، أن «هناك قرارا إقليميا إيرانيا لعدم انتخاب رئيس في لبنان».
وسارعت السفارة البريطانية في بيروت، بدورها، لنفي ترشيحها فرنجية للرئاسة، قائلة إن لندن لا تدعم أو تعارض أي مرشح محدد لرئاسة الجمهورية، مشددة في بيان على أن انتخاب رئيس للجمهورية هو «قرار ومسؤولية اللبنانيين». وأضافت: «نحن مستعدون للعمل مع رئيس جمهورية لبنان المقبل أيا يكن، كما وما زلنا ندعو إلى انتخاب رئيس في أقرب وقت».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.