المهمة الأولى للفالح في «أوبك» تمت بنجاح

أجواء الاجتماع الأول له في المنظمة كانت إيجابية

خالد الفالح وزير الطاقة السعودي أثناء اجتماع «أوبك» في فيينا عاصمة النمسا (بلومبرج)
خالد الفالح وزير الطاقة السعودي أثناء اجتماع «أوبك» في فيينا عاصمة النمسا (بلومبرج)
TT

المهمة الأولى للفالح في «أوبك» تمت بنجاح

خالد الفالح وزير الطاقة السعودي أثناء اجتماع «أوبك» في فيينا عاصمة النمسا (بلومبرج)
خالد الفالح وزير الطاقة السعودي أثناء اجتماع «أوبك» في فيينا عاصمة النمسا (بلومبرج)

قبل أسبوع من اليوم، لم يكن يدور بخلد أحد من المحللين أو حتى الصحافيين الذين تدور حياتهم حول النفط، أن اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الذي انعقد في الثاني من يونيو (حزيران)، سينتهي نهاية سعيدة في أجواء حميمة، رغم الشق العميق والاختلافات الكثيرة بين الدول الأعضاء.
لقد كانت الشكوك حول نجاح الاجتماع بسيطة، فذكريات وشبح فشل اجتماع الدوحة في أبريل (نيسان)، وعدم وصول المنتجين داخل «أوبك» وخارجها إلى اتفاق لتجميد الإنتاج ما زالت عالقة بالأذهان.
والقلق امتد إلى وضعية الدول الأعضاء ذاتها؛ فالسعودية أكبر منتج للنفط في «أوبك»، أعلنت سياسة مستقبلية لا تعتمد على أسعار النفط، وهي على وشك أن تطرح أسهم شركتها الوطنية «أرامكو السعودية» في اكتتاب عام. أما إيران، ثالث أكبر منتج للنفط في «أوبك» حاليا، فلم تكن ترغب في دعم أي توجه لـ«أوبك» يحد من قدرة البلد الشرق الأوسطي على زيادة إنتاجها من النفط الخام، ونيجيريا تعاني بشدة انقطاعات الإنتاج بسبب الاضطرابات الداخلية، والجزائر تريد أن تقوم دول «أوبك» بتجميد إنتاجها، وهو الأمر نفسه الذي تتمنى فنزويلا حدوثه.
ولكن للذين عاشوا أجواء الاجتماع والتقوا الوزراء قبل الاجتماع وبعده، فإنهم سيصلون إلى نتيجة مختلفة؛ إذ إن خالد الفالح، أنجز أول مهمة له بعد تعيينه الشهر الماضي وزيرا للطاقة في أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، بنجاح كبير وأظهر قدرة عالية على إدارة المنظمة واحتوائها في أصعب أوقاتها، وأعاد الروح لها؛ مما جعل اجتماع الوزراء ينتهي في جو حميم جدا ومثالي؛ وهو ما أدى بهم إلى تعيين أمين عام جديد للمنظمة، وهو النيجيري محمد باركيندو، بديلا عن الليبي عبد الله البدري، ابتداء من الشهر المقبل.
ورغم أن وزراء «أوبك» لم يتفقوا على سقف للإنتاج أو تجميده عند مستوى معين، إلا أن الاجتماع كان ناجحا، بل حتى أن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، المعروف بمواقفه الصلبة، واختلاف وجهة النظر بينه وبين نظرائه في المملكة، قال في مقابلة له بالأمس مع وكالة «بلومبيرغ» بعد يوم من انتهاء الاجتماع: «إن الاجتماع كان جيدا، والأجواء فيه إيجابية جدا».
وترك الإنتاج الحالي لـ«أوبك» كما هو دون تقييده يكاد يكون الأمر الأكثر واقعية، كما أبدى وزير الطاقة السعودي في تصريحاته للصحافيين. ويشرح الفالح وجهة نظره قائلا: «إن فكرة السقف ستضعنا في معضلة؛ لأننا لو وضعنا سقفا للإنتاج أقل من المستوى الفعلي الحالي للإنتاج فإن هذا يعني أننا سنعكس ما قمنا به، وهو ترك السوق تنمو، ولو وضعنا سقفا للإنتاج عند أو أعلى من المستوى الفعلي فإننا وقتها لم نقم بعمل شيء».
ويضيف: «ولهذا؛ اتفقنا على أنه من السابق لأوانه أن نتدخل، وقررنا ترك قوى السوق بالاستمرار في البحث عن إيجاد سعر لتوازن العرض مع الطلب». ولكن الفالح لم يستبعد فكرة سقف الإنتاج نهائيا، وأوضح أن «أوبك» قد تضع سقفا للإنتاج متى ما احتاجت إلى ذلك.
قبل أن يبدأ الاجتماع كان الفالح متوازنا في طرحه عندما صرح لعشرات الصحافيين الذين انهالوا عليه وتكدسوا فوق طاولة الاجتماعات بحثا عن إجابة لأسئلة كثيرة حائرة. وتمكن الفالح من مواجهة الصحافيين بكل هدوء وتمكن، متجاوزا أول اختباراته بصفته وزيرا للطاقة في «أوبك» مع الإعلام بنجاح.
وأوضح، أنه لا يوجد هناك نظرية اسمها إغراق الأسواق بالنفط؛ فهذه ليست سياسة المملكة؛ إذ إن بلاده تقوم بتلبية أي طلب على نفطها لا أكثر.
ولعل أحد أهم الأسئلة التي تم طرحها عليه هو هل أن المملكة لم تعد تهتم بأسعار النفط؛ نظرا لأن استراتيجيتها الوطنية «رؤية 2030» تقوم على أسعار نفط منخفضة، بل إنها حتى تريد أن تجعل المملكة بلدا غير نفطي، كما صرح عنها مهندس الاستراتيجية الأول ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟ وجاءت إجابة الفالح واقعية ومنطقية عندما قال: «المملكة تدرك تماما أهمية الأسعار، وأنها جزء أساسي من معادلة السوق النفطية، وتصريحات الأمير محمد بن سلمان تم فهمها خارج سياقها، ما كنا نقصده هو أن المملكة ستقوم بمعالجة أوضاعها المحلية بأي أسعار كانت سواء منخفضة أو مرتفعة».
وبعد الانتهاء من لقاء الصحافيين بدأ الاجتماع في الساعة العاشرة والنصف من صباح الخميس، واتجه الفالح الرجل الذي بنى مسيرته المهنية في شركة «أرامكو السعودية» مع باقي الوزراء إلى غرفة الاجتماعات المغلقة في نحو الساعة 11 ليبدأوا اجتماعهم المغلق، والذي انتهى بعد خمس ساعات تقريبا.
وخرج الوزراء من الاجتماع راضين عن ما توصلوا إليه، وخصوصا اختيار أمين عام للمنظمة ليقفلوا بذلك 3 سنوات من الخلافات والاعتراضات فيما بينهم حول ما لا يقل عن 7 مرشحين تقدموا للمنصب.
ولما لا يكونون راضين، فأسعار النفط متماسكة ومستقرة والطلب هذا العام بات قويا بفضل الأسعار المعتدلة، ومن المتوقع نموه بنحو 1.5 مليون برميل يوميا عن مستوى العام الماضي، في الوقت الذي يشهد فيها الإنتاج من خارج «أوبك» تراجعا ملحوظا فاسحا المجال للمزيد من نفط «أوبك» للتدفق إلى الأسواق.
ويقول الدكتور سداد الحسيني، وهو تنفيذي سابق في «أرامكو السعودية» لـ«الشرق الأوسط»: «إن اجتماع (أوبك) كان ناجحا من ناحية إعادة المصداقية في (أوبك) وفي المهنية السعودية. هذه كانت ضرورة لبقاء (أوبك) التي ابتعدت عن كونها أداة اقتصادية لفترة وأصبحت أداة للسياسات الخارجية للدول الأعضاء».
أما المحلل النفطي الدكتور أنس الحجي، فيقول: «لا يوجد طبيب في فيينا كان قادرا على علاج (أوبك) سوى الفالح والسعودية؛ إذ إن (أوبك) ليست (أوبك) من دون السعودية».
ومن أول يوم حضره إلى فيينا كان الفالح عازما على إنقاذ (أوبك) والخروج بنتيجة إيجابية في أول اجتماع له بعد أن فقدت المنظمة أهميتها بسبب الخلافات حول حصص الإنتاج. والتقى الفالح وزراء الكويت وقطر والإمارات ونيجريا وفنزويلا والجزائر في اليوم السابق للاجتماع، كما التقى الفالح خلال اليومين الماضية بالكثير من المحللين. وبعد كل هذه الاجتماعات والزيارات، خرج المحللون لينشروا أن «السعودية عازمة على دعم (أوبك) والتقدم بحلول كثيرة لإرضاء جميع الأعضاء».
وذهب الفالح إلى «أوبك» صباح أول يوم حضر فيه إلى فيينا، والتقى الأمين العام السابق عبد الله البدري، وأمضى في المنظمة نحو الساعة ونصف الساعة، وأخذ جولة في مبنى المنظمة، وتعرف عليها وشاهد عرضا مرئيا عنها.
ورغم كل هذا الاهتمام في «أوبك»، إلا أن الفالح قال للصحافيين: إنه «لا يريد التعليق وإبداء وجهة نظره في المنظمة؛ لأنه ما زال جديدا عليها، ولكنه أكد أن العالم لا يزال في حاجة إلى (أوبك)، وأنها لا تزال لديها دور تلعبه، فهي المنظمة الوحيدة حاليا التي تستطيع حماية السوق من صدمات الأسعار».



وزير النقل: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار في السعودية

الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)
الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)
TT

وزير النقل: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار في السعودية

الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)
الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي، كاشفاً عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بالمواني باستثمارات تجاوزت 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

وأضاف الجاسر، خلال كلمته الافتتاحية في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية، (الأحد) في الرياض، أن المملكة لعبت دوراً محورياً في تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية، مشيراً إلى أن هذا النجاح كان نتيجة للاستفادة من الإمكانات اللوجيستية المتنامية التي تتمتع بها السعودية، والتي تشمل شبكة متقدمة من المطارات والمواني عالية الكفاءة، بالإضافة إلى السكك الحديدية والطرق البرية التي تسهم في تسهيل وتسريع عمليات الشحن والتصدير.

وبيَّن أن قطاع النقل والخدمات اللوجيستية في السعودية استمرَّ في تحقيق نمو كبير، متجاوزاً التحديات التي يشهدها العالم في مختلف المناطق، موضحاً أن بلاده حافظت على جاهزيتها في سلاسل الإمداد والتوريد العالمية، وذلك من خلال التطور الملحوظ الذي شهده القطاع محلياً.

وفيما يخصُّ التطورات الأخيرة، أشار الجاسر إلى أن المملكة واصلت تقدمها في التصنيف الدولي في مناولة الحاويات خلال عام 2024، وسجَّلت 231 نقطة إضافية في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وأُضيف 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن، مما يعكس دور المملكة الفاعل في تيسير حركة التجارة العالمية ودعم قطاع الخدمات اللوجيستية.

وأكد الجاسر أن إطلاق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، المخططَ العام للمراكز اللوجيستية والمبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد يعكس الاهتمام الكبير الذي يحظى به القطاع من الحكومة.

ووفق وزير النقل، فإن السعودية تستهدف رفع عدد المناطق اللوجيستية إلى 59 منطقة بحلول عام 2030، مقارنة بـ22 منطقة حالياً، ما يعكس التزام المملكة بتطوير بنية تحتية لوجيستية متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني، وتعزز من مكانتها مركزاً لوجيستياً عالمياً.