الأمن اللبناني يسابق «داعش».. والمخاوف تتضاعف قبيل رمضان

الجيش يداهم «خلية إرهابية» في عكار.. وإجراءات استثنائية للتعامل مع المرحلة

الأمن اللبناني يسابق «داعش».. والمخاوف تتضاعف قبيل رمضان
TT

الأمن اللبناني يسابق «داعش».. والمخاوف تتضاعف قبيل رمضان

الأمن اللبناني يسابق «داعش».. والمخاوف تتضاعف قبيل رمضان

تتضاعف المخاوف الأمنية في لبنان عشية شهر رمضان على خلفية التهديدات المستمرة من قبل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وآخرها ما صدر عن الناطق باسم «النصرة» في القلمون السوري سراج الدين زريقات، عبر سلسلة تغريدات على موقع «تويتر» حملت عنوان «تجهز لرمضان» حثّ من خلالها المقاتلين على «الجهاد».
وتستنفر الأجهزة الأمنية لمحاولة استباق العمليات المرتقبة للتنظيمين من خلال السعي لإحباطها في مهدها، وقد نجحت أخيرا في الكشف عن 3 عمليات، كان يعد لها تنظيم داعش، وفق ما أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق مؤخرا. ويبدو أن عملية الدهم التي نفذتها قوة من الجيش أمس في بلدة خربة داود في عكار شمال البلاد تأتي في السياق نفسه؛ إذ كشفت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» عن أن العملية تأتي في إطار «استباقي، وقد استهدفت مجموعة من المنفذين، بحيث ضُبط بحوزتهم حزام ناسف وعبوات وأسلحة».
وقال بيان صادر عن الجيش: إنه في إطار «العمليات الاستباقية والنوعية التي تقوم بها وحدات الجيش ضد التنظيمات الإرهابية، وبنتيجة الرصد والمتابعة، دهمت قوة خاصة خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في خربة داود – عكار»، لافتا إلى أن «عناصر الخلية المذكورة بادروا إلى إطلاق النار على القوة المداهمة، فردت القوة على النار بالمثل وتمكنت من قتل إرهابي وإلقاء القبض على ثلاثة آخرين، من دون تسجيل أي إصابة في صفوف العسكريين». وبحسب الجيش، فإن الخلية المذكورة مسؤولة عن قتل ثلاثة عسكريين من خلال كمائن نفذتها في منطقة البيرة والريحانية - عكار، وإصابة رتيب من شعبة المعلومات.
وتحدثت المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط» عن «تزايد المخاوف الأمنية عشية رمضان»، لافتة إلى أنه «يتم اتخاذ إجراءات استثنائية للتعامل مع المرحلة». وأضافت: «الجيش وباقي الأجهزة واعون تماما وجاهزون للتصدي لأي عملية إرهابية، فحتى ولو تم اختراقنا، لا شك أن الاختراق لن يكون سهلا، ولا بالحجم الذي يُخطط له لو كان هناك استرخاء في صفوفنا». وعما إذا كانت العمليات الاستباقية تتم بالتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية، أشارت المصادر إلى أن «معظم الجهد المبذول جهد داخلي، لكن لا شك أن هناك معلومات خارجية نعتمد عليها للتحضير لعملياتنا».
ولفت ما كشفته مصادر ميدانية في خربة داود، البلدة التي دهمها الجيش أمس، لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم، وهم 3 أشقاء، شقيقهم الرابع بالسجن بتهم إرهاب، والخامس جندي منشق قتله الجيش حين تصدى له خلال محاولة إلقاء القبض عليه قبل نحو شهرين، على علاقة مباشرة بقيادة التنظيمات الإرهابية وبالتحديد «داعش» والنصرة، ويشكلون نقطة تواصل بين عناصر هذه التنظيمات المنتشرين من طرابلس إلى عرسال»، مشيرة إلى أن «سمير سعد الدين، أحد الأشقاء الذين ألقي القبض عليهم، هو القيادي الفعلي للمجموعة، وكان قد سجن لـ6 أشهر وتم إطلاق سراحه قبل نحو عام». وأضافت المصادر: «أعضاء هذه المجموعة يتنقلون ليلا وبسرية مطلقة داخل البلدة ويعتمدون على فرقة لوجستية تؤمن لهم التنقلات كما الطعام».
ونفت المصادر أن يكون هناك أي علاقة للاجئين السوريين المتواجدين في مخيم على طرف البلدة بهذه المجموعة أو بمجموعات إرهابية أخرى، مشددة على أن المخيم المذكور «من أكثر المخيمات انضباطا وتنظيما في لبنان». جدير بالذكر، أن المنطقة الحدودية الشمالية شهدت في مارس (آذار) الماضي هزة أمنية مع محاولة مجموعة مسلحة احتلال مركز مراقبة للجيش في محلة حنيدر، تصدى لها عناصره ففر بعض المسلحين إلى داخل الأراضي السورية، وآخرين تخفوا داخل الأراضي اللبنانية.
ولا تقتصر العمليات الاستباقية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية اللبنانية على الجيش، بل تطال قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام التي أعلنت أمس توقيف شخص من التابعية السورية لانتمائه إلى «تنظيم إرهابي». وأعلنت المديرية في بيان، أنه «بناء لإشارة النيابة العامة المختصة، وفي إطار متابعة نشاطات المجموعات الإرهابية والخلايا النائمة التابعة لها وتعقبها، أوقفت شخصا يحمل الجنسية السورية لانتمائه إلى تنظيم إرهابي». وأضاف البيان، أنه بالتحقيق مع الموقوف «اعترف بانتمائه إلى تنظيم إرهابي وتواصله مع أحد قيادييه السوري الملقب «أبو اسكندر» بهدف تأمين الدعم اللوجستي للتنظيم وإمداده بالسلاح والذخائر وتسهيل تنقل مقاتليه المطلوبين للحيلولة دون توقيفهم».
وكان لبنان شهد منذ صيف عام 2012 موجة تفجيرات نفذها انتحاريون ينتمون إلى «داعش» و«جبهة النصرة» طالت بشكل أساسي ضاحية بيروت الجنوبية، والسفارة والمستشارية الإيرانية في بيروت، وبلدات في البقاع (شرقا)، وآخرها كان التفجير الانتحاري المزدوج الذي وقع في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأوقع عشرات القتلى والجرحى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».