وزير الخارجية الليبي: وزراء الخارجية العرب أكدوا دعمهم الكامل لاتفاق الصخيرات

كوبلر في مصراتة للمرة الأولى رسميًا.. وحكومة الشرق تواصل تحدي السراج

المبعوث الأممي إلى ليبيا ومحمد شعيب وفايز السراج خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاق حكومة الوفاق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا ومحمد شعيب وفايز السراج خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاق حكومة الوفاق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الليبي: وزراء الخارجية العرب أكدوا دعمهم الكامل لاتفاق الصخيرات

المبعوث الأممي إلى ليبيا ومحمد شعيب وفايز السراج خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاق حكومة الوفاق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا ومحمد شعيب وفايز السراج خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاق حكومة الوفاق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

أشاد وزير الخارجية الليبي، محمد الطاهر سيالة، بالقرارات التي اتخذها وزراء الخارجية العرب، خاصة فيما يتعلق برفضهم التام لأي تدخل عسكري في ليبيا لعواقبه الوخيمة على هذا البلد والمنطقة أجمع.
وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن أي عمل عسكري موجه لمحاربة الإرهاب لا (يجب أن) يتم إلا بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة».
وعما إذا كانت هناك خطوات سوف تتم على الأرض بالنسبة إلى التعامل مع الأوضاع في ليبيا، أوضح سيالة: «دعا رئيس المجلس فايز السراج لهذا الأمر، أما القرار الصادر عن الجامعة فهو يؤكد تنفيذ الاتفاق الصادر عن الصخيرات». وقد أكد المجلس الوزراء العربي دعم تفويض حكومة الوفاق الوطني لممارسة عملها إلى حين أداء اليمين الدستورية في البرلمان.
وكان مجلس الجامعة قد دعا في ختام أعمال دورته غير العادية التي عقدت، أول من أمس، برئاسة البحرين، كل الدول إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، بما في ذلك تسليح الجماعات المسلحة والامتناع عن استخدام الوسائل الإعلامية للتحريض على العنف ومحاولة تقويض العملية السياسية.
كما أكد ضرورة مواجهة الإرهاب بشكل حاسم ودعم الجيش الليبي في مكافحته لكل التنظيمات الإرهابية، بما فيها تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وغيرها من التنظيمات المصنفة من قبل الأمم المتحدة منظمات إرهابية.
ورحب المجلس بمباشرة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أعماله من العاصمة طرابلس، معتبرا أن قراره رقم 4 لسنة 2016 بتشكيل حكومة الوفاق الوطني خطوة مهمة نحو تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الليبي الذي تم التوقيع عليه في مدينة الصخيرات المغربية.
ودعا المجلس الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم السياسي والمعنوي والمادي لحكومة الوفاق الوطني الليبي بوصفها الحكومة الشرعية الوحيدة لليبيا، والامتناع عن التواصل مع أي أجسام تنفيذية أخرى موازية لها، مرحبا بقرار المجلس الرئاسي رقم 12 لسنة 2016 الخاص بتفويض المرشحين كوزراء لحكومة الوفاق الوطني إلى حين اعتماد الحكومة من قبل مجلس النواب، وأدائها القسم القانوني.
كما دعا المجلس إلى مساعدة ليبيا بشكل عاجل لتفعيل وتأهيل المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، ومدها بالخبرات والأدوات اللازمة في المجالات التي يحددها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني للاضطلاع بمسؤولياتها الوطنية الملحة، وكذلك الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وآخرها القرار رقم 2259 لعام 2015 والقرار رقم 2278 لعام 2016.
ورحب المجلس بالبيان الصادر عن الاجتماع الوزاري الدولي من أجل ليبيا في فيينا بتاريخ 16 مايو (أيار) الحالي، ونتائج الاجتماع الثامن لدول الجوار في تونس في 22 مارس (آذار) الماضي، مؤكدا أهمية آلية دول الجوار في تعزيز مسار التسوية السياسية في ليبيا.
من جهته، أكد وزير الدولة الجزائري للشؤون المغاربية، عبد القادر مساهل، لـ«الشرق الأوسط» دعمه للحل السياسي في ليبيا، وقال: «نحن ندعم ومنذ اليوم الأول للأزمة حلا سياسيا، وقد تم ذلك في مدينة الصخيرات المغربية، وفي الجزائر مع دعم حكومة الوفاق الوطني وقتها والمجلس الرئاسي للحكومة اليوم الذي أصبح الممثل الوحيد والشرعي للشعب الليبي». وأضاف مساهل: «نحن مع طرابلس عاصمة الدولة الموحدة، وهي كذلك اليوم وموقفنا واضح.. ونأمل أن يقوم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بترتيب الأوضاع في ليبيا. وقد اتفق وزراء الخارجية العرب على ذلك بالإجماع، وأن يقوم بتنفيذ اتفاق الصخيرات ويعمل على مكافحة الإرهاب وإنعاش اقتصاد الدولة وتصحيح المسار»، مشددا على أن بلاده تدعم كل خطوات الحل السياسي كدولة جوار لليبيا.
وحول رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي، قال: «إن هذا الأمر يرجع للمؤسسات الليبية والأمم المتحدة ولا يخص الجزائر ومصر وتونس».
من جهة أخرى، أجرى رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر محادثات مع قادة سياسيين وعسكريين من مصراتة، أمس، في وقت نفى فيه عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، تعرضه لاعتداء خلال زيارة ميدانية يوم الخميس الماضي للقوات المشاركة في عملية تحرير مدينة سرت الساحلية التي أعلنت أنها تسعى إلى تطويقها بعدما أصبحت على مسافة 15 كيلومترا من مركز المدينة، التي يحتلها تنظيم داعش منذ منتصف العام الماضي.
والتقى المبعوث الأممي كوبلر في أول زيارة رسمية ومعلنة له إلى مصراتة، برفقة الجنرال الإيطالي باولو سيرا، مستشار الشؤون الأمنية لبعثة الأمم المتحدة، مع بعض أعضاء مجلس النواب الليبي.
وكان كوبلر قد استبق زيارته لمصراتة بإجراء ما وصفه بمناقشات مطولة وصريحة مع على القطراني، عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، وأعضاء من مجلس النواب في القاهرة، مشيرا إلى أن المحادثات تطرقت إلى مبادرة جديدة تحمل اسم الوئام الوطني، بالإضافة إلى وضع الجيش الليبي. لكن مصادر ليبية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن كوبلر أخفق مجددا في إقناع القطراني بإنهاء مقاطعته لمجلس السراج والعودة إلى اجتماعات المجلس. وفي تأكيد تحديهما لمحاولة حكومة السراج، التقى المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، مع عبد الله الثني، رئيس الحكومة الموالية للمجلس، حيث ناقشا بحسب بيان لمكتب الثني، الملفات المتعلقة بالشأن المالي وأهمها سياسات مصرف ليبيا المركزي، وما يصدر عنه وكذلك موضوع توفر السيولة النقدية وكيفية تجاوز الأزمة الراهنة.
إلى ذلك، قال المكتب الإعلامي للسويحلي إنه ليس صحيحا ما أشيع عن تعرضه لاعتداء بالضرب لدى زيارته لخطوط القتال الأمامية في منطقة أبو قرين وتفقده لقوات ما يسمى بعملية البنيان المرصوص المكلفة بتحرير مدينة سرت.
وقدم المكتب في بيان له أمس رواية جديدة لما حدث، مشيرا إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين هذه القوات وعناصر تنظيم داعش بالتزامن مع وصول موكب السويحلي إلى خط المواجهة الأمامي ما أدى إلى إصابة سيارته بشظايا قذيفة هاون واشتعال النيران بالسيارة دون تسجيل أي إصابات.
من جهتها، قالت القوات موالية لحكومة السراج إنها تسعى إلى تطويق مدينة سرت معقل تنظيم داعش بعدما أصبحت على مسافة 15 كيلومترا من مركز المدينة. وقال المتحدث العسكري محمد الغسري، لوكالة «رويترز» إنه بعد التقدم على الطريق غربي سرت يوم الجمعة تسعى القوات المدعومة من الحكومة إلى السيطرة بالكامل على محطة كهرباء تعمل بالبخار تقع على بعد نحو 15 كيلومترا من وسط مصراتة، فضلا عن طريق يقود من سرت جنوبا إلى ودان.
وأضاف أن الخطوة التالية هي تطويق سرت، ثم مناشدة السكان لمغادرة المدينة، وأضاف أن القوات لا تريد الدخول الآن بسبب السكان لكن إذا أصبحت المدينة ساحة للمعركة فيمكنهم الدخول في غضون ساعات.
وأشار إلى أن كتائب مصراتة تكبدت بعضا من أفدح الخسائر على مدار شهور خلال الاشتباكات الأخيرة، موضحا أن تفجيرا بشاحنة ملغومة تسبب في مقتل 32 شخصا الأسبوع الماضي، وقتل نحو 75 مقاتلا، وأصيب ما يزيد عن 350 منذ بداية شهر مايو (أيار) الماضي. وتابع قائلا إن عشرات من مقاتلي «داعش» لقوا حتفهم. وذكرت غرفة عمليات مصراتة العسكرية أن من بين هؤلاء قيادي بارز للتنظيم في شمال أفريقيا يُدعى خالد الشايب.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.