مصادر استخباراتية تؤكد تعافي البغدادي من إصاباته وتنقله بين مدن عراقية

أمضى فترة نقاهة طويلة في قرية البعاج.. وتغيب عن اجتماعات التنظيم

صورة تعود لعام 2014 لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أثناء إلقائه أحد خطاباته (غيتي)
صورة تعود لعام 2014 لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أثناء إلقائه أحد خطاباته (غيتي)
TT

مصادر استخباراتية تؤكد تعافي البغدادي من إصاباته وتنقله بين مدن عراقية

صورة تعود لعام 2014 لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أثناء إلقائه أحد خطاباته (غيتي)
صورة تعود لعام 2014 لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أثناء إلقائه أحد خطاباته (غيتي)

أكدت مصادر استخباراتية أن أبو بكر البغدادي تعافى من الإصابات التي عاناها جرّاء الغارة الأميركية العام الماضي، وأنه يتنقل بصورة مكثّفة بين مدن وقرى عراقية وسورية، أبرزها البعاج، والعباسية، وتلعفر في شمال غربي العراق، إلى جانب مدينة الموصل.
وكشفت صحيفة «الغارديان» في تحقيق حصري اعتمدت فيه على شهادات مصادر أمنية استخباراتية غربية، وأخرى عسكرية عراقية، وأكدت أن البغدادي عانى من إصابات عرقلت حركته لأشهر، ما اضطرّه إلى التغيّب عن اجتماعات مهمة بين قادة التنظيم الإرهابي.
كما زار صحافيو «الغارديان» قياديين في البيشمركة عند أقرب نقطة تفصلهم عن معاقل «داعش»، حيث تستطيع القوات الكردية الشعور بتواجد العدو. ففي معظم الأيام تقذفهم «داعش» بقذائف الهاون أو تطلق الرصاص عليهم من على خطوط المواجهة، التي تقع على بعد 10 أميال إلى الجنوب من سنجار، وفي بعض الأحيان يزحفون داخل الأعشاب الطويلة لساعات حتى يصلوا إلى مسافة قريبة تكفي لإطلاق النيران.
وعلى بعد أميال عدة بالجنوب، يتجمع لفيف من أبرز قادة «داعش» بصفة دورية في القرى الخرسانية الخاضعة لسيطرة التنظيم في معاقله الشمالية، والتي طالما كانت من أكثر المناطق أمنًا لهم في العراق لأكثر من عقد من الزمان، حيث كانوا يدخلون إليها ويخرجون منها بحرية. ووفقًا لشهود عيان من الأكراد ومسؤولي الاستخبارات يرصدون المكان من زاوية أفضل، يتحرك المطلوب رقم واحد في العالم أبو بكر البغدادي ما بين بلدتي البعاج والبليج.
ومسؤولو الاستخبارات، ممن قضوا العامين الماضيين يرصدون تحركات البغدادي، على اقتناع تام الآن بأنه يتحرك في المنطقة الممتدة بين شمال غربي العراق إلى شمال شرقي سوريا، على مرمى بصر من تلك الجبهة، وهي المنطقة التي قضى بها معظم وقته منذ أن نصب نفسه أميرا لـ«داعش».
وحسب تأكيدات مسؤولين أكراد وغربيين وقادة «داعش» وعدة أشخاص آخرين مقربين من البغدادي، فإنه لم يغادر قرية البعاج منذ شهر مارس (آذار) من العام الماضي، أي خلال 6 أشهر، حيث يتعافى من إصابات خطيرة يعانيها إثر تعرضه لغارة جوية لا يعلم بأمرها سوى قليل من أصدقائه وأعدائه أيضًا.
وفي شمال العراق، التي تعد أكثر المحاور أهمية في الحرب ضد «داعش»، يقول ضباط الاستخبارات وقادة البيشمركة إنهم على ثقة بأن البغدادي كان يتحرك على نطاق واسع في أنحاء شمال غربي العراق في الأسابيع الأخيرة، وتحديدًا بالقرب من بلدتي البعاج وتلعفر. حيث يقول مسؤول كبير في الاستخبارات إن البغدادي «يتحرك كثيرًا، وقد ذهب أيضًا إلى الموصل».
وعلى خطوط المواجهة جنوب سنجار، التي استعادتها القوات الكردية مدعومة بالغارات الأميركية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال الكولونيل خالد حمزة لـ«الغارديان» إنه على يقين أن البغدادي كان قد زار قرية البعاج منذ شهرين. وأضاف، وهو يقف وراء ساتر أرضي عملاق بُني لصد طلقات نيران قناصة «داعش» على بعد ميلين: «لدينا معلومات دقيقة من داخل المدينة تفيد بأنه كان متواجدا هناك في زيارة إلى زعيم داعشي (نصب نفسه) واليا على القرية».
وإلى جانب حمزة، كانت هناك 3 مقابر جماعية، تضم رفات نحو 150 امرأة يزيدية، وهن اللاتي اعتبرهن مقاتلو التنظيم الإرهابي «غير صالحات» لأن يكنّ جواري، عند اجتياحهم السابق لإقليم سنجار، انطلاقا من البعاج والبليج في أغسطس (آب) عام 2014. وقال حمزة إنه «يلقى تأييدا من العشائر هناك. إنهم موالون جدا له. ونحن نعرف متى يتواجد في البلدة. وفي إحدى الأيام، صادروا كل الهواتف من سكان البلدة كافة قبل عدة ساعات من وصوله، حتى لا يجري أحد مكالمات هاتفية».
إلى جانبه، كان يقف عنصر من قوات البيشمركة، كانت مهمته تحديد الإحداثيات المناسبة للضربات الجوية عبر جهاز تحديد المواقع العالمية «GPS». وكان يرتدي جهازا كبيرا يشبه الساعة على معصم يده، وللجهاز شاشة كبيرة، وكان يتلقى الأوامر في أغلب الأيام لاستدعاء المقاتلات للهجوم على أعضاء «داعش».
وبعد مرور عامين على القتال ضد «داعش»، لقي أكثر من 15 عضوا من أعضاء التنظيم مصرعهم بواسطة الغارات الجوية. وكان من بينهم النواب السابقون لأبو بكر البغدادي: أبو مسلم التركماني، وأبو علي الأنباري، وعمر الشيشاني، المشرف على برنامج الأسلحة الكيميائية للتنظيم الإرهابي في العراق، وأبو مالك، وغيرهم كثير من القادة الميدانيين في محافظات الأنبار ونينوى.
وكشفت المقابلات الصحافية التي أجرتها صحيفة «الغارديان» خلال العام الماضي أن حدّة الإصابات التي تعرض لها البغدادي بعد إصابته البالغة بواسطة الغارة الجوية، لا تزال من بين أكثر الأسرار المحاطة بكتمان شديد لدى التنظيم.
ولقد تمكن التحقيق الصحافي لدى «الغارديان» من تجميع تفاصيل الهجوم، والنقاهة البطيئة للبغدادي، وعودته الأخيرة إلى البروز داخل المجتمعات الداخلية في التنظيم، وحول الجهود الحثيثة الحالية لضمان أن الغارة الجوية التالية سوف تكون أكثر استهدافا ونجاحا.
وتعرض البغدادي للغارة بالقرب من بلدة عراقية صغيرة على نهر دجلة، وهي تبعد نحو 190 ميلا (300 كيلومتر) إلى الشمال من العاصمة بغداد، كما أكد أحد ضباط الاستخبارات العراقيين. وتواصلت الصحيفة البريطانية مع 8 مصادر على دراية مباشرة بإصابات البغدادي. ولقد أفادوا جميعهم بأنه تعرض لإصابات بالغة في منطقة أسفل الظهر، تلك التي قللت من حركته كثيرا لعدة شهور قبل فترة النقاهة الطويلة.
وأثناء تلقيه للعلاج، كان هناك عدد قليل للغاية من الأطباء ومساعديهم كانوا يعرفون حقيقة حالته الصحية. وفي داخل التنظيم نفسه، كان عدد قليل أيضا خارج دائرة القيادة العليا للتنظيم ممن يعلمون بحقيقة الأمر. حتى المقربون من الرجل، ممن كانوا على معرفة سابقة بالبغدادي قبل بزوغ نجم التنظيم الإرهابي، تركوا لتخميناتهم الشخصية سبب الغياب المطول لقائدهم عن الاجتماعات التي كان تواجده فيها متوقعا ومطلوبا.
ونما إلى علم أحد كبار مسؤولي «داعش» وبعض من كبار المسؤولين العراقيين في وقت سابق، أن الغارة الجوية المذكورة قد وقعت بالقرب من الحدود السورية في 18 مارس العام الماضي. ولقد وقعت الغارة الجوية التي أصابت البغدادي في نفس الوقت تقريبا، ولكنها كانت على مسافة 100 ميل إلى الشرق.
ويدعى أحد المصادر الذين استجوبتهم الصحيفة حامد خليلوف، وهو عضو بارز في الفيلق الخارجي للتنظيم من أوزبكستان. وكان موقعه على مقربة من دابق في سوريا مع الشيشاني قائد التنظيم في شمال سوريا، والذي لقي مصرعه في غارة جوية قبل شهرين ماضيين. ولقد ألقي القبض على خليلوف في البليج، بالقرب من الشرقات، في أغسطس عام 2015. وتحدث عن اجتماع ضم البغدادي والشيشاني في بلدة البعاج في شمال غربي العراق، حيث كان البغدادي يتلقى العلاج. وأدلى خليلوف بتفاصيل تتعلق بلقائه مع البغدادي إلى ضباط الاستخبارات العراقيين.
وهناك سجين ثان، أدلى بمعلومات مفصلة حول إصابات البغدادي إلى مسؤولي الاستجواب العراقيين والأميركيين. كما أدلى رجل ثالث، كان على اتصال مباشر بزعيم التنظيم، بمعلومات أصر من خلالها على إخفاء اسمه وهويته. ولقد تمكنت صحيفة «الغارديان» من التحقق من هوية الرجل بصورة مستقلة. وكان هناك مصدر رابع وهو من كبار أعضاء «داعش»، والذي حافظت صحيفة «الغارديان» على تواصلها الوثيق معه عبر عدة سنوات.
وتأكدت الصحيفة من المعلومات المقدمة من المصادر الأربعة المذكورة، عبر أحد كبار ضباط الاستخبارات الإقليميين، وحكومتين غربيتين على اطلاع ودراية بتفاصيل الغارتين الجويتين وتعافي البغدادي من إصاباته. ولم يفضل أي طرف ذكر اسمه ضمن المعلومات، مشيرين إلى حساسية العلاقات مع مختلف شركاء الاستخبارات. وقال أحد المصادر الاستخباراتية: «علمت بإصابته. لقد كانت حادثة، ولم تكن الإصابة قاتلة. إنه يتحرك مجددا الآن، ولكن الأمر استغرق وقتا طويلا. ولدينا فكرة جيدة حول تحركاته بأكثر مما كان عليه الأمر من قبل».
ويقول دكتور هشام الهاشمي، أحد المؤلفين والباحثين العراقيين في شؤون «داعش»: «إن ذلك الأمر أصبح معروفا على نطاق واسع داخل دوائر الاستخبارات العراقية. ولقد استغرق الأمر وقتا طويلا حتى تأكدت المعلومات من طرف الأميركيين وغيرهم، ولكنها تأكدت الآن».
واشترك كبار أجهزة الاستخبارات الغربية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزلندا، وبين مختلف الشركاء أيضا في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأكراد، والعراق، تفاصيل إصابة البغدادي.
ومع ذلك، لا يزال النزاع قائما بين مسؤولي الاستخبارات الذين يريدون الإفصاح عن التفاصيل وبين صناع السياسة الذين يرغبون في بقائها طي الكتمان. ويقول أحد كبار المسؤولين من ذوي الدراية التامة بما حدث: «لا أستطيع أن أخبركم على وجه الحقيقة لماذا لا يريد الناس الحديث عن ذلك، وعلى الرغم من كل شيء، فإنه كانت هناك مناقشات مستمرة حول ما إذا كنا سنعلن الأمر ومدى استفادته منه؛ لأنه يمكنه القول إنه نجا من الغارة ببساطة وأنه على قيد الحياة». وأضاف المسؤول الكبير: «ما نعرفه جميعا هو أنه عاد مرة أخرى للتحرك منذ أواخر العام الماضي».
وفي بيان إلى صحيفة «الغارديان»، واصل أحد المسؤولين الأميركيين نفيه التام معرفته بالغارة الجوية التي استهدفت البغدادي، وقال: «ليست لدينا معلومات مؤكدة تفيد بتعرض البغدادي للإصابة بسبب إحدى الغارات الجوية. وإن مجتمع الاستخبارات الأميركي يعتبر أبو بكر البغدادي الزعيم الأول لتنظيم داعش، وهو المسؤول الأول عن القيادة فيه، بما يتسق تماما مع دوره الموضح من خلال دعاية التنظيم وأدبياته».
ويعتقد المسؤولون في الشمال الكردي من العراق وفي أوروبا، أن البغدادي وبعد تعافيه التام، بات يتحرك بانتظام في مختلف أرجاء شمال العراق وشمال شرقي سوريا. وخلال الأشهر الستة الماضية، كانت هناك مشاهدات مؤكدة للرجل في بلدة شدادي السورية وبلدة البوكمال القريبة من الحدود، كما أن هناك اعتقادا جازما أنه قام بزيارة قرية البعاج، والعباسية، وتلعفر في شمال غربي العراق، إلى جانب مدينة الموصل، وهي التي نصب نفسه فيها «خليفة» على ما يسمى إعلاميا بـ«داعش» والشام في يونيو (حزيران)، من عام 2014، في ظهور علني له في مسجد النوري بالمدينة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.