مصادر: توني بلير وقف وراء مبادرة توسيع الحكومة الإسرائيلية لقبول {الحل الإقليمي}

تنقل منذ عدة شهور ما بين تل أبيب ورام الله والقاهرة لينقل الرسائل

أربعة شبان فلسطينيين تعرضوا لقصف  إسرائيلي في شرق غزة فقدوا على إثره أرجلهم  (إ.ب.أ)
أربعة شبان فلسطينيين تعرضوا لقصف إسرائيلي في شرق غزة فقدوا على إثره أرجلهم (إ.ب.أ)
TT

مصادر: توني بلير وقف وراء مبادرة توسيع الحكومة الإسرائيلية لقبول {الحل الإقليمي}

أربعة شبان فلسطينيين تعرضوا لقصف  إسرائيلي في شرق غزة فقدوا على إثره أرجلهم  (إ.ب.أ)
أربعة شبان فلسطينيين تعرضوا لقصف إسرائيلي في شرق غزة فقدوا على إثره أرجلهم (إ.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن عدة جهات دولية، على رأسها رئيس الحكومة البريطانية السابق، ومبعوث الرباعي الدولي السابق، توني بلير، وقفت وراء الحراك الأخير في المنطقة والذي كان يفترض أن يفضي إلى ضم يتسحاق هرتسوغ إلى حكومة بنيامين نتنياهو والانطلاق في مبادرة سياسية لمفاوضات سلام تقودها مصر وتعمل على تسوية إقليمية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعربي.
وقالت هذه المصادر إن هذه المحاولة، التي فشلت حاليا بعدما فضل نتنياهو دخول أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة بدلا من هرتسوغ، بدأت منذ عدة شهور بتدخل مكثف غير مسبوق تقريبا، لجهات دولية في المنظومة السياسية في إسرائيل. وحسب مصدرين في الحلبة الحزبية فإن بلير الذي عمل بالتنسيق مع رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ ومع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، هو الذي دفع وشجع الرئيس المصري على توجيه الدعوة يوم الثلاثاء الماضي، إلى «الأحزاب في إسرائيل، التوصل لاتفاق قومي حول الحاجة إلى دفع السلام مع الفلسطينيين، ودعوة الفصائل الفلسطينية إلى مصالحة. وبلير، الذي أنهى مهمته كمبعوث للرباعي إلى الشرق الأوسط، في السنة الماضية بعد شبهات مختلفة، واصل العمل بشكل مستقل في محاولة لدفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وبين إسرائيل والعالم العربي. وقد وصل (بلير) إلى إسرائيل ودول المنطقة كل أسبوعين - ثلاثة، والتقى في كل مرة تقريبا مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومع هرتسوغ وعدد من القادة العرب، ونقل الرسائل وساهم في صياغتها. وكانت الرسالة الدائمة التي أحضرها بلير معه إلى إسرائيل، وفقا لتلك المصادر، هي رغبة واستعداد الدول العربية السنية لتحقيق اختراق في العلاقات مع إسرائيل، ولكن بشرط أن يتم تنفيذ خطوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، تظهر جدية إسرائيل في دفع حل الدولتين.
وأشارت جهات سياسية مطلعة على الموضوع، وطلبت التكتم على هوياتها، إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، وبشكل خاص، على خلفية التفاهمات بين نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون، في موضوع ميزانية العامين، فهم بلير بأن الحكومة في إسرائيل ستبقى مستقرة حتى عام 2019، وحسب هذه الجهات، فقد اعتقد بلير أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها دفع خطوة سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، بمشاركة دول عربية، تكمن في دخول «المعسكر الصهيوني» المعارض بقيادة هرتسوغ، إلى الائتلاف. وقبل عدة أسابيع، وعلى خلفية الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، بدأ بلير محادثات معهما في محاولة لإعداد جدول عمل مشترك لهما من أجل دفع خطوة سياسية إقليمية بعد انضمام هرتسوغ وحزبه إلى الحكومة. وكان نشاط بلير هو الخلفية لتصريحات هرتسوغ بشأن «الفرصة الإقليمية النادرة» لدفع العملية السلمية.
وقد كشفت «القناة العاشرة» للتلفزيون الإسرائيلي، وفقا لمصادر أخرى، أن بلير زار القاهرة، الأسبوع الماضي، وأجرى محادثات مع مسؤولين مصريين كبار من أجل تجنيدهم للخطوة. وأنه هو الذي اقترح على الرئيس المصري إلقاء خطاب ينطوي على رسالة للجمهور الإسرائيلي وللأحزاب الإسرائيلية بشأن الحاجة إلى دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وحسب المصدر فقد نسق بلير مع هرتسوغ خطواته مع الرئيس المصري. كما نسق بلير خطواته مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأطلعه على اتصالاته مع هرتسوغ ونتنياهو والرئيس المصري. وقال مصدر سياسي إنه في أعقاب ذلك فكر كيري بإمكانية تأجيل نشر تقرير الرباعي الدولي إلى أن يتضح ما إذا سيدخل المعسكر الصهيوني إلى الحكومة. ومن المفروض أن يتم نشر التقرير الذي ينطوي على انتقادات شديدة للمستوطنات، في 25 مايو (أيار) الحالي، قبل يومين من افتتاح الدورة الصيفية للكنيست. وبعد زيارته إلى القاهرة، وصل بلير إلى البلاد والتقى ثانية مع نتنياهو وهرتسوغ. وعمل خلال الزيارة على مساعدة هرتسوغ لتجنيد الدعم داخل المعسكر الصهيوني للانضمام إلى الحكومة.
وحسب صحيفة «هآرتس»، حاول بلير تعيين لقاء مع رئيسة حزب الحركة، تسيبي ليفني، لكن مكتبها أوضح أنها لا تستطيع ذلك لأنها كانت تجلس في مأتم شقيقها. ولكن بلير أصر على ذلك، والتقى ليفني في ساعة مبكرة في منزلها في تل أبيب، وعرض أمامها الخطوة السياسية التي يحاول حياكتها. وبدا أن هذه الخطة ستتكلل بالنجاح، وستقوم في إسرائيل حكومة وحدة مع المعسكر الصهيوني، فقد ألقى السيسي الخطاب الذي يحمل الرسائل التي اتفق عليها مع بلير، وسارع هرتسوغ إلى نشر بيان رحب فيه بالخطاب ودعا إلى عدم تفويت الفرصة السياسية. وبعد عدة دقائق نشر نتنياهو بيانا مشابها قال فيه إنه مستعد للتعاون مع خطوة سياسية تقودها مصر. لكنه في الساعات التي تلت ذلك وصلت المفاوضات بين نتنياهو وهرتسوغ إلى باب موصد وانفجرت بعد منتصف الليل، نتيجة للمصاعب التي يواجهها كل من هرتسوغ ونتنياهو في حزبه. فقد خشي نتنياهو من هجوم رفاقه في اليمين المتطرف. بينما خشي هيرتسوغ من الانطباع بأنه لم يحقق أي إنجاز جدي لتغيير سياسة الحكومة. ورغم أن هرتسوغ حصل على تعهدات شفهية من نتنياهو بشأن تجميد البناء في المستوطنات واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وهما عاملان أساسيان كانا سيسمحان بدفع الخطوة الإقليمية بالتعاون مع الدول العربية، فإن نتنياهو رفض التوقيع على تعهد خطي. وفي المقابل أوضحت مصادر في الليكود أن نتنياهو فهم أن هرتسوغ لا يحظى بدعم من جانب غالبية أعضاء كتلته ولذلك لم يرغب في المخاطرة وتقديم التزامات سياسية بعيدة المدى.
وهنا تدخل ليبرمان عارضا نفسه للدخول إلى الحكومة، فأحرج نتنياهو أمام حلفائه في اليمين. فتراجع عن تعهداته لهرتسوغ ورضخ لرفاقه واختار توسيع حكومته بواسطة لبرمان وضحى بوزير دفاعه، موشيه يعلون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».