مستشار هادي لـ «الشرق الأوسط» : الشراكة بين الجنوب والشمال.. وليست مع الحوثيين

تشكيل لجنة عسكرية لحماية المنظمات الدولية حتى تعود للعمل

جنود يحرسون معسكرًا في المكلا التي تحررت مؤخرًا من عناصر «القاعدة» (أ.ف.ب)
جنود يحرسون معسكرًا في المكلا التي تحررت مؤخرًا من عناصر «القاعدة» (أ.ف.ب)
TT

مستشار هادي لـ «الشرق الأوسط» : الشراكة بين الجنوب والشمال.. وليست مع الحوثيين

جنود يحرسون معسكرًا في المكلا التي تحررت مؤخرًا من عناصر «القاعدة» (أ.ف.ب)
جنود يحرسون معسكرًا في المكلا التي تحررت مؤخرًا من عناصر «القاعدة» (أ.ف.ب)

أعلن عضو بارز في وفد الحكومة اليمنية إلى مشاورات السلام اليمنية ـ اليمنية الجارية في الكويت تحت رعاية أممية، رفض الوفد لمطالب وفد الانقلابيين (الحوثي – صالح) بخصوص تقاسم السلطة والشراكة. وقال ياسين مكاوي، مستشار الرئيس اليمني، عضو وفد الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الشراكة يفترض أن تكون بين جنوب وشمال اليمن وليس بين الحوثيين وأتباعهم، من جهة، والشعب اليمني من جهة أخرى.
ويأتي هذا الموقف من المسؤول اليمني البارز في وقت يتمسك وفد الانقلابيين إلى مشاورات السلام بمطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية، دون تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي والانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن والمؤسسات وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، وأضاف ياسين أنه عندما انقلب الحوثيون وحلفاؤهم على الشرعية، كانوا حينها شركاء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وانقلبوا عليه وعلى مخرجاته وعلى الشرعية برمتها. واتهم مكاوي الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالسعي إلى السيطرة الكاملة على اليمن.
وكشفت مصادر عسكرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تشكيل لجنة عسكرية من 4 محافظات جنوبية، هي عدن ولحج وأبين والضالع، تكون مختصة في توفير الحماية الأمنية للمنظمات الدولية التي من المزمع لها العودة إلى ممارسة مهامها من المدن الجنوبية، إلى جانب مهام تطبيع الأوضاع الأمنية بتلك المحافظات.
ويأتي تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية التي تضم محافظي المحافظات الجنوبية الأربع وقائد المنطقة العسكرية الرابعة؛ لما من شأنه توفير الأجواء الأمنية المستتبة لضمان عودة المنظمات الدولية للعمل من مدينة عدن. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أكدت خلال لقاء لها مع محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي رغبتها في إعادة فتح مكتبها بعدن بعد تطمينات المحافظ الزبيدي، وإبدائه كامل الاستعداد لتوفير الحماية الأمنية اللازمة.
إلى ذلك قالت مصادر أمنية بمدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت إن القوات الأمنية بعاصمة المحافظة تمكنت من إحباط عملية تفجير إرهابية بسيارة مفخخة كانت تستهدف نسف جسر المكلا.
وأوضحت المصادر أن وحدة أمنية متخصصة في تفكيك المتفجرات من المنطقة العسكرية الثانية نجحت في إفشال عملية إرهابية وتفكيك سيارة مفخخة للجماعات الإرهابية كانت تخطط لتفجير جسر المدينة التي كانت الجماعات الإرهابية تسيطر عليها لأكثر من عام، التي تم تحريرها أواخر أبريل (نيسان) المنصرم.
وتشهد مدينة المكلا وعموم مدن ساحل حضرموت أوضاعًا أمنية مستتبة بعد التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت عاصمة المحافظة، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى من جنود القوات العسكرية والأمنية؛ حيث شددت القوات العسكرية إجراءاتها الأمنية، وسط عودة مرافق الشرطة والأمن للعمل في مدن الساحل بعد توقف استمر لأكثر من عام.
وعلى صعيد آخر قال مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، إن استمرار الصراع، في شمال اليمن، بين الانقلابين والحكومة اليمنية، قد يمنح الجنوبيين المطالبين بالانفصال حكما ذاتيا في الجنوب خلال المرحلة المقبلة بهدف إعادة البناء وحماية الجنوب من الانزلاق صوب الفوضى من جديد.
«مسارات»، وهو مركز دراسات وإعلام ينشط في العاصمة عدن، توقع أن يستجيب الإقليم والعالم للمطالب الجنوبية في حدودها الواقعية، ويعمل على دعم فكرة الحكم الذاتي في إقليم الجنوب في حال استمر الصراع في شمال اليمن، وسيطرة الجماعة الانقلابية على العاصمة صنعاء. وأوضح مسارات في آخر تقرير له صدر أول من أمس أن الخطوة المنتظرة التي سيترتب عليها تشكيل حكومة محلية مستقلة لإدارة شؤون الجنوب ودعم استقلالية البنك المركزي في العاصمة عدن، وإنشاء شركات اتصالات خاصة، وإعادة بناء مؤسستي الجيش والأمن على أسس سليمة. وأشار إلى أن الهدف منها حماية الجنوب من أي غزو عسكري جديد أو السقوط في يد الإرهاب، والتسريع بعجلة التنمية والإعمار في هذا الجزء المهم من اليمن؛ للحفاظ على المصالح العربية والدولية وحماية خطوط الملاحة العالمية، وقطع يد إيران من الوصول إلى باب المندب والإضرار بالمنطقة العربية.
«مسارات» أوضح أن من أهم العوامل التي تدعم إنجاح فكرة الحكم الذاتي في الجنوب، هو فشل محادثات الكويت واستمرار هيمنة الانقلابين على السلطة في الشمال، فضلا عن حاجة الجنوب المحرر إلى حكومة قوية تدير شؤونه من الداخل، وتعمل بمساعدة التحالف العربي على إعادة تطبيع الأوضاع وتحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة البناء والإعمار.
ولفت تقرير «مسارات» إلى أن مطالب أبناء الجنوب تهدف إلى استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، لكن هذا لن يتحقق في هذه المرحلة؛ نظرا إلى الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها اليمن والمنطقة العربية، التي تواجه تحديات ومؤامرات كبيرة. وأكد مركز الدراسات والإعلام أن المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد تتطلب مزيدا من التماسك لمواجهتها، وهو ما يجعل فكرة الحكم الذاتي أقرب إلى التحقق بدعم من التحالف العربي وتحت إشرافه.
واستبعد «مسارات» أن تتمكن قوات الانقلابين من العودة مرة أخرى إلى الجنوب على الرغم من التحشيد الكبير الذي تقوم به؛ نظرا إلى تغير موازين القوى على الأرض لصالح الجنوب، الذي بات يمتلك جيشا منظما ومقاومة مدربة وعتادا كبيرا من السلاح الثقيل والمتوسط، ووقوف قوات التحالف إلى صفه.
وأشار التقرير إلى وجود رغبة شعبية كبيرة في الجنوب للانخراط في القتال إلى جانب الجيش والمقاومة، ويعد الجنوبيون أي معركة قادمة مع القوات الشمالية الغازية في الجنوب هي معركة فاصلة ونهائية لن يعود فيها اليمن كما كان. وفي تقريره ثمن مركز «مسارات» الجهود التي تقوم بها دول التحالف العربي، في جنوب اليمن، لاسيما جهود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الرامية إلى محاربة الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار، وإنعاش قطاع الخدمات، وبناء الجيش والأمن، ودعم الجانب الإنساني والتنموي، وإعادة تصحيح وتقويم الجوانب الإدارية والقانونية لمؤسسات الدولة. وطالب «مسارات» دول التحالف العربي بتكثيف جهودها لتحرير ما تبقى من مناطق الجنوب، والتنسيق المستمر مع القيادات المحلية والعسكرية؛ لتنفيذ المهام الأمنية والعسكرية وإصدار القرارات المهمة التي تهدف إلى خدمة المواطن وتساعد على إعادة تطبيع الأوضاع.
ونبه إلى ضرورة توحيد القوات العسكرية والأمنية على الأرض، وربطها بجهة ومرجعية وطنية واحدة تحت إشراف التحالف العربي تفاديا للخروقات والاختراقات التي يهدف أصحابها لنشر الفوضى وخلط الأوراق لاسيما أن المعركة مع الأعداء ما تزال مستمرة بصور وأشكال مختلفة.
وأشاد المركز بجهود السلطات المحلية في كل من: عدن، وحضرموت، ولحج، والضالع، الهادفة إلى تطبيع الأوضاع، واستعادة الأمن، داعيا إلى مزيد من التكاتف والتلاحم المجتمعي والرسمي لإنجاح كل الجهود وتحقيق جميع التطلعات المنشودة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».