تونس: جمعة يطالب الولاة باستعادة هيبة الدولة وتحييد الإدارة والمساجد

تأجيل النظر في قضية السفارة الأميركية.. و«النهضة» تنتقد أحكام الإعدام ضد إخوان مصر

تونس: جمعة يطالب الولاة باستعادة هيبة الدولة وتحييد الإدارة والمساجد
TT

تونس: جمعة يطالب الولاة باستعادة هيبة الدولة وتحييد الإدارة والمساجد

تونس: جمعة يطالب الولاة باستعادة هيبة الدولة وتحييد الإدارة والمساجد

حث رئيس الحكومة التونسية المؤقتة المهدي جمعة أمس الولاة الجدد (المحافظون) بالعمل على استعادة هيبة الدولة وتحييد الإدارة في الجهات وكل المساجد تمهيدا لإجراء انتخابات شفافة.
والتقى رئيس الحكومة أمس الولاة الجدد وعددهم 18 من بين 24 جرى تنصيبهم مؤخرا، عملا ببنود خارطة الطريق للحوار الوطني والمتعلقة بتحييد الإدارة والمساجد ومراجعة كل التعيينات الحزبية خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
وقال جمعة: «الولاة ملتزمون في إطار مهامهم بتحييد المساجد وردع الخارجين عن القانون، وقدرنا أن نعمل جميعا من أجل معالجة كل الإشكالات في البلاد مهما كانت صعوباتها وتعقيداتها».
وأضاف أن «أول تحييد إداري يجب أن يشمل المعتمدين والعمد وأن كل معتمد أو عمدة له لون سياسي حتى وإن كان كفؤا يجب تغييره».
وأوضح المهدي جمعة، في كلمة له، أن المهمات الموكلة للولاة في هذا الظرف الحساس تعد «صعبة ومعقدة» وستقوم أساسا على استعادة هيبة الدولة وإنفاذ القانون بشكل صارم «مع ضمان احترام حقوق وحريات المواطن».
وزادت أزمة الاقتصاد التونسي مع تعطل عمليات إنتاج وشحن الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة من حين إلى آخر بسبب الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بالتشغيل، مما أدى إلى خسارة الدولة لنحو ملياري دينار بين عامي 2011 و2012 وهبوط الإنتاج بنحو 70 في المائة. ويواجه جمعة مهمات متعددة في الجهات إلى جانب توفير مناخ ملائم لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة، وهي النهوض بالمشاريع التنموية وتقليص حدة البطالة المتفشية في المناطق الفقيرة والتي يمكن أن ترتفع إلى أكثر من 40 في المائة مقابل 15 في المائة على المستوى الوطني.
وطالب جمعة الولاة في الجهات بالكف عن تشكيل اللجان وعقد الاجتماعات والاهتمام بدفع التنمية وتفعيل المشاريع المعطلة في الجهات عبر تذليل كل الصعوبات البيروقراطية والإدارية.
على صعيد آخر، أجلت محكمة تونسية أمس إلى 27 مايو (أيار) القادم النظر في قضية يلاحق فيها 20 تونسيا متهمين بالمشاركة في هجوم استهدف في 2012 السفارة والمدرسة الأميركيتين بتونس.
وقال منعم التركي محامي المتهمين في قضية السفارة الأميركية إن «محكمة الاستئناف بالعاصمة تونس أجلت النظر في القضية إلى 27 مايو، لأن 13 من بين المتهمين العشرين لم تصلهم استدعاءات من النيابة العامة للمثول أمام المحكمة».
وأوضح أن سبعة فقط من المتهمين مثلوا اليوم أمام المحكمة في حين لم يحضر البقية «لأن النيابة العامة لم توجه إليهم استدعاءات».
وهذه ثاني مرة يتم فيها تأخير القضية للسبب نفسه. وكان يفترض أن تنظر محكمة الاستئناف، أول مرة في القضية في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي إلا أنها أجلتها إلى 25 مارس (آذار) الحالي.
وفي 28 مايو 2013، قضت محكمة تونس الابتدائية بسجن المتهمين العشرين، عامين مع تأجيل التنفيذ.
وقد انتقدت السفارة الأميركية في بيان أصدرته في 29 مايو 2013 الأحكام التي قالت إنها «لا تتطابق على نحو ملائم مع جسامة وخطورة الخسائر والعنف اللذين حصلا يوم 14 سبتمبر (أيلول) 2012».
وفي 31 مايو 2013 أعلن نذير بن عمو، وكان حينها وزير العدل أن النيابة العامة استأنفت الحكم القضائي الابتدائي الذي اعتبره «مخففا» و«مخالفا للقانون» التونسي.
وفي 14 سبتمبر 2012، هاجم مئات من السلفيين السفارة والمدرسة الأميركيتين احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة.
وأحرق المهاجمون وخربوا بشكل جزئي مبنى السفارة الأميركية والسيارات التي كانت في مرآبها، ورفعوا داخلها علم تنظيم القاعدة، كما أحرقوا ونهبوا المدرسة الأميركية.
وفي العاشر من يناير الماضي قالت السفارة الأميركية بتونس في بيان: «نواصل حث الحكومة التونسية على تقديم مرتكبي هجوم 14 سبتمبر 2012 ضد سفارة الولايات المتحدة والمدرسة الأميركية إلى العدالة». وأضافت أن تنظيم «أنصار الشريعة بتونس» الجهادي «تورط (..) في الهجوم ضد سفارة الولايات المتحدة والمدرسة الأميركية في تونس يوم 14 سبتمبر 2012 وهو ما عرض حياة أكثر من مائة موظف بالسفارة الأميركية للخطر».
وفي العاشر من يناير الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إدراج جماعة «أنصار الشريعة بتونس» على لائحتها للتنظيمات «الإرهابية». كما صنفت مؤسس الجماعة سيف الله بن حسين (48 عاما) الملقب بـ«أبو عياض» والهارب في ليبيا «إرهابيا دوليا مصنفا خصيصا».
وفي 27 أغسطس (آب) 2013 أعلنت الحكومة التونسية التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية، تصنيف جماعة أنصار الشريعة بتونس تنظيما «إرهابيا» وإصدار بطاقة جلب دولية ضد «أبو عياض».
واتهمت الحكومة، وقتئذ، الجماعة باغتيال المعارضين شكري بلعيد في 6 فبراير (شباط) 2013 ومحمد البراهمي عضو المجلس التأسيسي (البرلمان) في 25 يوليو (تموز) 2013 وبقتل أكثر من 20 من عناصر الجيش والأمن سنة 2013.
من جهة ثانية وفي ردود الفعل على حكم الإعدام الذي طال 528 من أعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر، دعت حركة النهضة الإسلامية في تونس السلطات المصرية للتراجع عنه وحذرت من أن استعمال القضاء لسحق أي طرف سياسي يهدد وحدة مصر ويعمق الانقسام.
وأحالت محكمة مصرية يوم الاثنين أوراق 528 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها إلى المفتي تمهيدا للحكم بإعدامهم بعد إدانتهم بهجوم على مركز للشرطة وقتل ضابط خلال احتجاج عنيف أعقب فض اعتصام للجماعة في القاهرة في أغسطس.
وأثار الحكم وهو أحد أشد الأحكام في تاريخ مصر موجة انتقادات واسعة من واشنطن والاتحاد الأوروبي.
وعبرت حركة النهضة في بيان عن «إدانتها الشديدة لهذا الحكم الظالم» الذي وصفته بأنه «تصعيد خطير في مواجهة أنصار الشرعية».
ودعا زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي السلطات المصرية للتراجع عن هذه الأحكام، مضيفا أن «استعمال القضاء لسحق طرف سياسي أصيل في الساحة المصرية يعمق الشرخ الاجتماعي والانقسام السياسي ويضاعف الأخطار التي تهدد مصالح مصر ووحدة المصريين». كما أبدى الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام (منظمة حقوقية مستقلة) استغرابه تجاه العدد المهول من أحكام الإعدام الصادر بحق مصريين ينتمون لنفس البلد، وقال الحبيب مرسيط، رئيس الائتلاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنها «سابقة خطيرة في مصر وفي العالم العربي وهي لن تزيد الأوضاع المصرية المعقدة إلا تعقيدا وتدهورا». وطالب المحاكم المصرية بإعادة النظر في هذه القضية وتغيير أحكام الإعدام بعقوبات بديلة وعدم تنفيذها في حالة إقرارها بصفة نهائية.
وفي نفس السياق، أدان عصام الشابي، المتحدث باسم الحزب الجمهوري تلك الأحكام وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها جائرة وهي وجه من وجوه القمع الأعمى» وهي تؤكد «مدى تدهور أوضاع الحريات في مصر»، على حد تعبيره.
ودعا الحزب الجمهوري الحكومة التونسية إلى المبادرة بتفعيل الدبلوماسية التونسية وكل المنابر الحقوقية الأممية للحيلولة دون تنفيذ هذه الأحكام وحمل السلطات المصرية على التراجع عنها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.