انتقد المغرب بشدة تقريرا أميركيا حول أوضاع حقوق الإنسان، جاء فيه أنه «رغم التقدم الذي شهدته المملكة المغربية في المجال الحقوقي من خلال إصدار دستور متقدم، فإن الحقوق والحريات تبقى مغيبة على أرض الواقع المغربي»، وأن «هناك فجوة بين ما هو على الورق وما هو عملي».
وقالت وزارة الداخلية المغربية في بيان صدر الليلة قبل الماضية: «إن التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية مؤخرا (افترائي)»، مشيرة إلى أنه انتقل من تقريب المعلومة إلى اختلاقها جملة وتفصيلا، ومن التقييم المغلوط إلى «الكذب» الموصوف، وشددت على أن «المغرب يجد نفسه مجبرا على اللجوء إلى كافة السبل الممكنة لفضح انزلاقات هذا التقرير».
وذكر البيان، أن الحكومة المغربية لم تفتأ تثير انتباه السلطات الأميركية منذ سنوات عدة إلى افتقار تقرير الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان للدقة، وإلى طابعه المنحاز والبعيد عن الحقائق، مبرزا أن المصادر الحصرية المستخدمة غالبا ما كانت غير موثوقة بما يكفي، ومعادية سياسيا، فضلا عن كون المعلومات المتضمنة غير دقيقة، والتقييمات لا أساس لها من الصحة، والاستنتاجات كانت عامة ومتسرعة، والإسقاطات جاءت مبالغا فيها بناء على حالات معزولة، حسب البيان.
وأضاف البيان: «إن المغرب، الواثق من تطور نموذجه المجتمعي الذي تمت بلورته ويجري تفعيله من قبل المغاربة ومن أجلهم، والذي لا يقبل تلقي دروس من أي كان، لم يشعر قط بأي حرج من النقد البناء أو من المؤاخذة المعللة والموضوعية»، بيد أنه لا يمكن أن يقبل (المغرب) «أن يتم (اختلاق) وقائع و(فبركة) حالات بالكامل، وإثارة مزاعم مغلوطة تحركها دوافع سياسية غامضة».
كما سجل بيان وزارة الداخلية المغربية، أنه «وبسبب طغيان الذاتية الصرفة عليه؛ وخاصة لما ينطوي عليه من ضرر، فإن هذا التقرير كان خلال الأسابيع الماضية موضوع اجتماعات بين وزير الداخلية محمد حصاد، وسفير الولايات المتحدة بالمغرب السيد داويت بوش».
وأشار البيان إلى أنه جرى أيضا «عقد جلسات عمل تقنية بين الوزارات المغربية المختصة وأعضاء السفارة الأميركية المعنيين، حيث تم استعراض كل الحالات المشار إليها، وتم تقديم البراهين المعززة بالحجج على أنها لا ترتكز على أي أساس، فضلا عن تقديم أدلة ملموسة لتأكيد الطابع المغلوط للمزاعم التي وردت في التقرير».
وأضاف البيان ذاته: إن «السلطات المغربية سجلت أن هناك توجها في التقرير ينزع نحو نوع من اجترار مزاعم متقادمة، كانت مع ذلك موضوع التفسيرات والتوضيحات الضرورية»، وعدّ أن «ممارسة حشو من هذا القبيل تندرج، في سياق منهجية تفتقر للدقة وتقلب الحقائق، ضمن مسعى استهداف معاد للمغرب بشكل مجاني، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات».
وتساءلت وزارة الداخلية في بيانها عن مصداقية التقرير «حينما يعده أولئك الذين حرروه من داخل مكاتب في واشنطن، بعيدا بشكل تام عن حقائق المغرب؟ وأين تكمن موثوقيته حينما تكون تقديراته لا تتماشى مع تلك التي عبرت عنها مؤسسات أميركية رسمية أخرى، تعد أكثر مصداقية وأكثر اطلاعا على الحقائق؟ وما قيمته حينما يتنكر للواقع ويرتكز على تقارير سلمت للمسؤول المعني (مكتب) في الخارجية الأميركية من طرف بعض الأشخاص الذين لا يتمتعون بأي مصداقية، أو لحفنة من المغاربة المعروفين منذ سنوات عدة بمناوأتهم للنظام الحالي؟».
وأشار البيان إلى أنه رغم ذلك «تم إرساء مسلسل للحوار، الوحيد من نوعه بالمنطقة منذ سنة 2006. مع السلطات الأميركية المختصة، وهذا المسلسل كان بطلب من المغرب في الكثير من المرات، رغم أنه لم يكن مجبرا على القيام بذلك، ولا على تقديم تفسيرات لأي بلد أجنبي». وذكر البيان أن هذا المسلسل «يمكن من الرد بشكل سريع، وطيلة السنة على الأسئلة المطروحة، وتقديم معطيات كاملة حول الحالات التي تمت إثارتها، ووضع رهن الإشارة كافة الوثائق المطلوبة، واليوم أصبح من المشروع التساؤل حول وجاهة وفائدة حوار من هذا القبيل».
وأضاف البيان، أنه «للأسف لم يعد التقرير اليوم أداة للإخبار بالنسبة للكونغرس، بل أصبح أداة سياسية بين أياد تعوزها أي دقة وموضوعية»، مبرزا أنه أمام عجز المحاورين الأميركيين الرسميين عن الرد بوضوح على الحجج والاحتجاجات المتكررة للسلطات المغربية منذ سنوات عدة، يجد المغرب نفسه مجبرا على اللجوء إلى كافة السبل الممكنة لفضح انزلاقات هذا التقرير، مضيفا أنه بسبب الضرر الكبير الذي تتسبب فيه هذه التقارير، فإن المملكة المغربية مستعدة للذهاب إلى أبعد حد، بل وحتى اللجوء إلى السلطات العليا في مختلف المؤسسات الوطنية الأميركية.
وخلص البيان إلى أن المغرب «يأمل في أن يتعاون الشركاء الأميركيون في المستقبل مع الحكومة المغربية من أجل إظهار الحقيقة التي نطالب بها بإلحاح، وأن تتم إدانة عمليات الاستغلال والكذب».
وتأتي هذه الجولة الجديدة من التوتر بين الرباط وواشنطن بعد جولة سابقة، أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته الجزائر ومخيمات جبهة البوليساريو في تندوف بداية مارس (آذار) الماضي، التي وصف فيها المغرب بأنه «محتل» للصحراء؛ الأمر الذي خلق أزمة بين الرباط والأمانة العامة للأمم المتحدة، وتبين من خلال الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس في القمة الخليجية - المغربية في الرياض في 20 من أبريل (نيسان) الماضي، أن أميركا تقف وراء تلك الأزمة التي ما زالت تداعياتها مستمرة.
المغرب يعتبر تقريرًا أميركيًا حول أوضاع حقوق الإنسان فيه «افترائيًا»
الداخلية قالت إن المملكة لا ترفض النقد البناء..لكنها لا تقبل «اختلاق» وقائع
المغرب يعتبر تقريرًا أميركيًا حول أوضاع حقوق الإنسان فيه «افترائيًا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة