حكمتيار.. المتمرد الأفغاني المنفي في انتظار العودة قريبًا

على وشك وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سلام مع حكومة الرئيس أشرف غني

رئيس الوزراء الأسبق والمتمرد الدائم قلب الدين حكمتيار (نيويورك تايمز)
رئيس الوزراء الأسبق والمتمرد الدائم قلب الدين حكمتيار (نيويورك تايمز)
TT

حكمتيار.. المتمرد الأفغاني المنفي في انتظار العودة قريبًا

رئيس الوزراء الأسبق والمتمرد الدائم قلب الدين حكمتيار (نيويورك تايمز)
رئيس الوزراء الأسبق والمتمرد الدائم قلب الدين حكمتيار (نيويورك تايمز)

منذ أيامه الأولى باعتباره زعيما لحرب العصابات المدعومة من الاستخبارات المركزية الأميركية ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في فترة الثمانينات، كان رئيس الوزراء السابق والمتمرد الدائم، قلب الدين حكمتيار، يبدو على الدوام محاولا التفاوض حول تحالفاته المقبلة.
والآن، وبعد نجاح حركة طالبان تقريبا في حجب الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار (68 عاما) عن الأضواء، فالرجل يسعى لعقد صفقة جديدة، لكن هذه المرة بغية التوفيق مع الحكومة الأفغانية وللمرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية في البلاد.
وبعد سنوات من المبادرات الفاشلة، فإن ممثلي السيد حكمتيار، غير المعروف مكانه على وجه التحديد، يقال إنهم على وشك وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سلام مع حكومة الرئيس أشرف غني، وفقا لممثلين مطلعين على الأمر من كلا الجانبين. وإذا ما أبرمت الاتفاقية، فسوف تسمح للسيد حكمتيار بالعودة إلى العاصمة كابول للمرة الأولى منذ عام 1996. وكان ذلك عندما طردته حركة طالبان منها، ونزعت عنه سلطاته فيها بعد الصفقة التي كان يتفاوض بشأنها، لكي يتولى رئاسة وزراء البلاد في مقابل إنهاء حركة التمرد التي يقودها ضد الحكومة.
وبالنسبة للسيد حكمتيار، فإن التاريخ يبدو أنه يعيد نفسه من جديد. لكن توقيت الجهود المبذولة هذه المرة لتحقيق السلام مع فصيل حكمتيار المتمرد الصغير قد أثارت كثيرا من التساؤلات في كابول، حيث تأمل حكومة السيد غني، التي فشلت في إقناع حركة طالبان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات خلال هذا الشتاء، في أن إبرام صفقة سريعة مع السيد حكمتيار، التي تجنبتها الحكومات الأفغانية السابقة، من شأنها أن تجلب بعضا من الأنباء السارة التي تشتد حاجة الحكومة إليها. ويحتاج المجلس الأعلى للسلام الحكومي الأفغاني إلى أن يقدم بعض النتائج مقابل مئات ملايين الدولارات من أموال المانحين التي أنفقها على عملية المصالحة.
يخشى كثيرون أن يتحول السيد حكمتيار، والمعروف عنه تخليه عن تحالفاته بمنتهى السهولة، إلى صداع سياسي كبير ومؤلم في كابول بأكثر مما يمثله من قوة عسكرية فاعلة في ميدان القتال، في الوقت الذي تتعثر فيه الحكومة الائتلافية بقيادة السيد غني وتقترب من حافة الاقتتال الداخلي. وعلى الرغم من الهجمات المتقطعة التي شنتها القوات التابعة للسيد حكمتيار، بما في ذلك تفجير السيارة المفخخة في عام 2013 الذي أسفر عن مصرع 16 شخصا من بينهم 6 من المستشارين الأميركيين، فإن قوات الحزب الإسلامي لم تعد أبدا من قبيل التهديدات الخطيرة مثل التي تمثلها قوات حركة طالبان أو شبكة جلال الدين حقاني.
ومع ذلك، يعبر حكمتيار عن عامل انقسام استثنائي، فهو متهم بالتسبب في وفاة الآلاف من المواطنين خلال الحرب الأهلية، بما في ذلك القصف العشوائي للعاصمة كابول، على غرار كثير من زعماء الحرب الذين يتحالفون في الوقت الراهن مع الحكومة أو تولوا مناصب معينة فيها. وبعد تلقي مساعدات نقدية سخية من الجانب الأميركي خلال الحرب ضد السوفيات، فلقد كان ضالعا في كثير من الأعمال مع بقايا الحكومة الشيوعية الأفغانية، ثم تعاون مع حركة طالبان، ثم مع تنظيم القاعدة. وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، ترددت الشائعات بأنه تعهد بالولاء والتحالف مع تنظيم داعش، على الرغم من أن مساعديه قد نفوا ذلك تماما في وقت لاحق.
وخلال كل ذلك، ظل حكمتيار من الكتاب غزيري الإنتاج، حيث كان كثيرا ما يرسل بالخطابات إلى قادته وينشر العشرات من الكتب حول القضايا السياسية والمسائل الدينية، مع عناوين منها «أفغانستان - فيتنام الأخرى لأميركا»، و«الأحلام والتفسيرات»، و«بوش ومملكة الكاذبين». وفي الآونة الأخيرة، انتقل إلى مجال رسائل الفيديو المسجلة، محاولا ضبط نبرة صوته ليشبه مذيعي التلفاز حالما يقرأ المحاضرات ويجيب عن الأسئلة.
يقول عبد القيوم سجادي، وهو من أعضاء البرلمان الأفغاني، إن الحكومة قد لجأت إلى التفاوض مع حكمتيار لأغراض سياسية وأخرى تتعلق بالرأي العام الداخلي في البلاد في أعقاب الفشل الذي عانت منه الحكومة في التفاوض مع حركة طالبان.
ويتابع السيد سجادي قوله: «قد لا يؤدي ذلك إلى تغييرات جذرية من حيث استعادة السلام والأمن في البلاد، حيث إن الرجل لا يسيطر في الآونة الأخيرة على أي جبهات تعارض الحكومة، ولكن مع ذلك، فإن استمالته إلى صفوف الحكومة أفضل كثيرا من استعدائه».
ولقد خفف الرجل من مطالبه المزمنة التي تضمنت الانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات الأجنبية كافة عن أراضي البلاد، إما لأنه يستشعر فرصة سانحة في حالة الضعف العام التي تعاني منها الحكومة، وإما لعله يشعر بإلحاح الموقف الراهن من تلقاء نفسه.
ووفقا لتصريحات المسؤولين من كلا الجانبين في المفاوضات، كانت بعض آخر نقاط الخلاف تتعلق بتوقيت برفع اسم السيد حكمتيار والحزب الإسلامي الذي يقوده من على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وما إذا كان السيد حكمتيار مستعدا للتخلي عن علاقاته بالجماعات المتطرفة خارج أفغانستان.
تطالب جماعة السيد حكمتيار برفع اسمها من على قائمة الإرهاب الدولي قبل التوقيع على الاتفاقية، في حين صرح المسؤولون الأميركيون بأن تلك العملية تستغرق وقتا، وقد تحدث بعد التقدم بطلب رسمي من الحكومة الأفغانية بعد التوقيع على الاتفاقية، وفقا لاثنين من المسؤولين الأفغان من ذوي الاطلاع على المحادثات اللذين رفضا الإفصاح عن هوياتهما نظرا لاستمرار أعمال المفاوضات.
وفي الأثناء ذاتها، طالب الجانب الأميركي السيد حكمتيار بقطع علاقاته مع الجماعات المتطرفة كافة في العالم. لكن ممثلي السيد حكمتيار قالوا إنهم معنيون بالعلاقات مع الجماعات التي تهدد أمن أفغانستان، لأنه ليس هناك تعريف عالمي لمصطلح الإرهاب.

* خدمة «نيويورك تايمز»



عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

عدم اليقين يخيّم على افتتاح قمة آسيا والمحيط الهادئ بعد فوز ترمب

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

حضر الرئيس الأميركي جو بايدن قمة زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي افتتحت، اليوم (الجمعة)، قبل اجتماع ثنائي له مع نظيره الصيني شي جينبينغ، في ظل حالة من الغموض الدبلوماسي، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات.

ومن المقرر أن يعقد بايدن وشي، الذي لم يكن حاضراً في الجلسة الافتتاحية للقمّة، الجمعة، محادثات السبت، فيما رجّح مسؤول في الإدارة الأميركية أنه سيكون الاجتماع الأخير بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، قبل أن يؤدي ترمب اليمين في يناير (كانون الثاني).

وقالت دينا بولوارتي، رئيسة البيرو الدولة المضيفة للقمة أمام الزعماء، الجمعة، إن التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزز «في ظلّ تفاقم التحديات المختلفة التي نواجهها مع مستويات عدم اليقين في المستقبل المنظور».

وأكّدت: «نحن بحاجة إلى مزيد من التشارك والتعاون والتفاهم، مع التقليل من التشرذم».

تأسست «مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» (آبيك) في عام 1989 بهدف تحرير التجارة الإقليمية، وهي تجمع 21 اقتصاداً، تمثل معاً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 في المائة من التجارة العالمية.

وكان من المقرر أن يركز برنامج القمة على التجارة والاستثمار للنمو الشامل، كما يُطلق عليه مؤيدوه، لكن عدم اليقين بشأن الخطوات التالية لترمب يخيم الآن على الأجندة، كما الحال بالنسبة لمحادثات المناخ (كوب 29) الجارية في أذربيجان، وقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، الأسبوع المقبل.

الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن يشاركان في الحوار غير الرسمي لزعماء «آبيك» في بيرو الجمعة 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ومع تبني الرئيس الجمهوري المنتخب نهج مواجهة مع بكين في ولايته الثانية، يحظى هذا الاجتماع الثنائي بمتابعة وثيقة.

والخميس، عقد وزراء منتدى آبيك، من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اجتماعاً مغلقاً في ليما لتحديد توجهات القمة.

وخلال الأسبوع، أعلن ترمب أنه سيعين محلّ بلينكن السيناتور ماركو روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة حيال الصين، وزيراً للخارجية. وينبغي لهذا التعيين أن يحظى بموافقة مجلس الشيوخ الأميركي.

ومن المرتقب أن يلقي بلينكن كلمة خلال حدث ينظّم على هامش هذه القمّة التي تستمر يومين.

وحضرت القمة أيضاً اليابان وكوريا الجنوبية وكندا وأستراليا وإندونيسيا، من بين دول أخرى، لكن سيغيب عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«أميركا أولاً»

تستند أجندة ترمب «أميركا أولاً» إلى اتباع سياسات تجارية حمائية، وتجنب الصراعات الخارجية، وتهدد بالتالي التحالفات التي بناها بايدن بشأن قضايا كالحرب في أوكرانيا والتجارة العالمية.

وهدّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية، تصل إلى 60 في المائة على واردات السلع الصينية، لتعديل ما يقول إنه خلل في التجارة الثنائية.

من جانبها، تواجه الصين أزمة إسكان مطولة وتباطؤاً في الاستهلاك، وهو ما سيزداد سوءاً في حال اندلاع حرب تجارية جديدة مع واشنطن.

لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن فرض رسوم عقابية سيضرّ أيضاً بالاقتصاد الأميركي، وباقتصادات دول أخرى.

عناصر شرطة حاملين الأعلام الوطنية يتوجهون إلى وزارة الثقافة في البيرو مكان انعقاد قمة منتدى «آبيك» في ليما 15 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الاستثمار الصيني

تعدّ الصين حليفة لروسيا وكوريا الشمالية، اللتين يشدد الغرب عقوباته عليهما، وتبني قدراتها العسكرية وتكثف الضغوط على تايوان التي تعدّها جزءاً من أراضيها. كما تعمل على توسيع حضورها في أميركا اللاتينية من خلال مشاريع البنية التحتية ومشاريع أخرى في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وافتتح شي، الخميس، أول ميناء موّلت الصين بناءه في أميركا الجنوبية، في تشانكاي، شمال ليما، على الرغم من دعوة مسؤول أميركي كبير دول أميركا اللاتينية إلى توخي الحذر حيال الاستثمارات الصينية.

ويجتمع شي جينبينغ بنظيره التشيلي غابرييل بوريتش، الجمعة، في حين يلتقي بايدن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهما حليفان رئيسيان للولايات المتحدة في آسيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، الذي يرافق بايدن، إن الدول الشريكة ستعلن إنشاء أمانة لضمان أن تحالفها «سيكون سمة دائمة للسياسة الأميركية».

والصين ليست الدولة الوحيدة في مرمى ترمب الاقتصادي، فقد هدّد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة أو أكثر على البضائع الآتية من المكسيك، وهي عضو آخر في منتدى آبيك، ما لم توقف «هجمات المجرمين والمخدرات» عبر الحدود.

ونشرت البيرو أكثر من 13 ألف عنصر من القوات المسلحة للحفاظ على الأمن في ليما، حيث بدأ عمال النقل وأصحاب المتاجر 3 أيام من الاحتجاجات ضد الجريمة والإهمال الحكومي.