إذن كان جون كارفر على صواب رغم كل شيء. قبل ما يزيد قليلا على العام، زعم مدرب نيوكاسل المؤقت أن أي مدرب، ولو كان من الطراز العالمي، سيعاني في ملعب سانت جيمس بارك (معقل نيوكاسل)، ولا شك تماما بأن المدرب المؤقت الحالي رفائيل بينيتيز قد أكد هذه النظرية.
عندما تولى بينيتيز المسؤولية، قبل شهرين، خلفًا لستيف ماكلارين، كان أمامه 10 مباريات ليبقي نيوكاسل في الدوري الممتاز (البريميرليغ)، وكان يعتقد لسبب وجيه، أنه يمكن أن ينجح في هذا. لكن بعد 9 مباريات - فاز في اثنتين وخسر 3، وتعادل في 4 – هبط الفريق، غير أن هذا السقوط المدوي وبثمن باهظ إلى الدرجة الثانية (الأولى في الدوري الإنجليزي - تشامبيونشيب)، ليس خطأ المدرب الإسباني إلى حد بعيد. لقد أدى بينيتيز بشكل جيد جدًا في ظل هذه الظروف. يحافظ فريقه الذي تحسن كثيرا على سجله خاليا من الهزائم على مدار 5 مباريات، لكن عيوب الفريق ثبت أنها أكبر من ألا يهبط مدرب ليفربول وريال مدريد السابق على يد سام ألاردايس مدرب سندرلاند.
ولو كان تعيين بينيتيز جاء في وقت مبكر قليلا، لكانت اختلفت الأمور، لكن كما هو الحال، يفكر الرجل الآن فيما بين الاستعانة بشرط لفسخ تعاقده الممتد لـ3 سنوات والهروب، أو يستمر لموسم في الدرجة الثانية مع ناد وقع بالفعل فيما يشبه الغرام معه. بعدما حصل، على ما يبدو، على صلاحية اختيار الصفقات الجديدة وكذلك الضوء الأخضر لإصلاح أكاديمية الناشئين، والقسم الطبي، وملعب التدريب، تقول المؤشرات بأنه قد يقول «نعم» لمايك أشلي، مالك نيوكاسل.
وفي حال أصبح هذا الموقف واقعًا قبل مباراة اليوم التي يخوضها نيوكاسل على ملعبه أمام توتنهام هوتسبير، فإن أولئك المشجعين الذين خططوا للذهاب بأعداد كبيرة وأن يناشدوا بينيتيز ألا يرحل من خلال الهتاف باسمه على مدار الـ90 دقيقة، سيجدون ما يسكن ألم الهبوط. ومع هذا، ففي حال رحل الرجل، فسيتبخر الإحساس بأن الفريق سينتظر عاما واحدا فقط في الدرجة الثانية، من أجعل العودة من جديد للقتال على مكان في دوري أبطال أوروبا. من المتوقع أن يتصاعد الغضب إلى جانب حالة خيبة الأمل، بالنظر إلى أن المدرب الجديد - اسمه ستيف بروس مدرب هال سيتي ذكر بالفعل – يعتبر تقريبا خطوة كبيرة إلى الوراء.
وبالنظر إلى أن هذا هو الهبوط الثاني لنيوكاسل في 7 سنوات، فإن إخفاق مجلس النادي في إدراج بنود في عقود اللاعبين تخفض مرتباتهم بنحو 50 في المائة في حالة الهبوط، يبدو من قبيل الإهمال. وإذا كان هناك من يريد مثالا على الغطرسة، فلن يحتاج إلا أن ينظر إلى مجلس إدارة سانت جيمس بارك.
وتجعل الرواتب المرتفعة التخلص من الأفراد غير المرغوب فيهم أمرا أكثر تعقيدا. ومن الأمثلة على ذلك لاعب الوسط السنغالي هنري سايفت، الذي تم التعاقد معه في إطار سياسة التعاقدات القديمة لنيوكاسل، حين لم يكن للمدرب أي رأي حقيقي فيمن يأتي ومن يرحل، وكانت الفكرة هي التعاقد مع لاعبين في الـ25 من العمر أو أقل، ويتمتعون بقدرات من شأنها زيادة قيمتهم عند بيعهم. وكلف لاعب الوسط المدافع النادي نحو 5 ملايين جنيه، وهو يحصل على راتب قيمته 35 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع. لم يكن لماكلارين دور إلى حد بعيد في التعاقد معه، ولا يرى بينيتيز غير المقتنع بأدائه أنه يستحق مكانا على مقاعد البدلاء، ومن الصعب أن يكون هناك تنافس كبير من جانب الأندية على ضمه.
إن كل الأندية تقع في أخطاء فيما يتعلق بسوق الانتقالات، لكن نيوكاسل، في ظل تولي غراهام كار، كبير الكشافين، ولي تشارنلي، الرئيس التنفيذي، مسؤولية التعاقدات، ارتكب أخطاء أكبر بكثير من معظم الأندية. والأسوأ من هذا أن النادي يبدو غريبا على مفهوم بناء فريق، بسبب اقدامه جمع مجموعة من الأفراد المنفصلين وغير المنسجمين. كان هذان المسؤولان عن التعاقدات يتصرفان كمشترين يجمعون قطعا متنوعا من القماش الفاخر المكلف من أجل تفصيله، من دون أن يدرسوا ما إذا كانت هذه القطع متماشية مع بعضها بعضًا أو ما إذا كانت الألوان متناسقة، ولهذا فقد شكلا في نهاية المطاف النموذج المعاكس لليستر سيتي.
بماذا أيضًا تفسر هذا الواقع الصادم وهو أنه رغم إنفاق النادي 80 مليون جنيه على اللاعبين الجدد هذا الموسم - ليس هناك من أنفق أكثر من هذا الرقم سوى مانشستر سيتي - انتهى الحال بالفريق في هذه الفوضى.
في حين أنفق سام ألاردايس 15 مليون جنيه على المدافع الألماني يان كيرشوف والمدافع الدولي الإيفواري لامين كونيه ولاعب الوسط التونسي وهبي الخزري في يناير (كانون الثاني)، فقد أغدق كار وتشارنلي الأموال على فريق ماكلارين، من خلال إنفاق 30 مليون جنيه على سايفت، ولاعب الوسط جونجو شيلفي والجناح أندروس تاوسند، وكذلك على المهاجم الإيفواري سيدو دومبيا المعار من فريق روما الإيطالي. ومن بين هذا الرباعي، ليس هناك من يلعب أساسيا في عهد بينيتيز سوى تاوسند، أما دومبيا فلم يعد يسافر مع الفريق.
ومن الـ50 مليون جنيه التي أنفقت في الصيف، أعيد الجناح فلوريان توفين الذي تكلف التعاقد معه 12 مليونا، إلى مرسيليا على سبيل الإعارة، وما زال كل من لاعب خط الوسط الهولندي جورجينيو فينالدوم والمهاجم الصربي أليكساندر ميتروفيتش لم يقدما ما يستحق للحكم عليهما. ومع هذا فالإدانة الكبرى، هي بأن فريقا يعاني بالفعل من وجود عدد مبالغ فيه من اللاعبين الفرنكفونيين، كان مع هذا مليئا بالثغرات في هيكله. وخلال مبارياته الأولى مع الفريق اضطر بينيتيز إلى توظيف لاعبي وسط الملعب في مركز الظهير الأيسر.
وإذا لم يكن من قبيل المبالغة القول بأن النادي خسر وجوده في البريميرليغ بسبب افتقاره لظهير أيسر، فإن حماقة عدم التفكير في التعاقد مع لاعبيه في نهاية العشرينات من العمر فأكبر، تتضح من خلال الأداء البطولي لجيرمين ديفو، صاحب الـ33 عاما، مع سندرلاند. صحيح أن مهاجم منتخب إنجلترا لا يمثل قيمة عالية عند إعادة بيعه، ولكن بفضل نجاحه في تأمين البقاء لفريقه، فإن أهدافه تساوي 100 مليون جنيه على الأقل بالنسبة إلى سندرلاند.
إن قرار أشلي تفويض مسؤوليات كرة القدم إلى تشارنلي وكار، بينما يستعين بمستشاره للعلاقات العامة، كيث بيشوب، كوسيط بينهما، قد جاء بمردود عكسي للغاية. وإذا كانت هناك أسئلة لا بد وأن تطرح بشأن مستقبل تشارنلي كار - رغم أنه يعتقد بأن أشلي قد يعفي الأخير - فسيكون من عدم الحكمة أن يحاول مالك النادي وبيشوف أن يفرضا شروطهما على بينيتيز، فوراء هذا الوجه الودود للمدرب صاحب الـ56 عاما، مفاوض سياسي ماهر، ربما بنفس مستوى المدير الرياضي. وعلى خلاف ماكلارين أو الآن باردو، فإن بينيتيز ليس من النوع الذي من السهل ترويضه، وموقعه الإلكتروني يوحي بأنه قد يلقن بيشوب درسا أو اثنين في العلاقات العامة.
وعلى خلاف جاره سندرلاند، الذي أظهرت حساباته الأخيرة تعرضه لخسائر بلغت 35 مليون جنيه، فإن حسابات نيوكاسل الأخيرة تظهر أرباحا بـ32 مليون جنيه، وسوف يستفيد من أرباح الموسم القادم المقدرة بـ37 مليون جنيه، والتي تتوفر تلقائيا للأندية التي هبطت من البريميرليغ. كما ينتظر أن يحصل النادي على مزيد من الأموال نظير بيع لاعبين من أمثال موسى سيسوكو، فينالدوم، وبابيس سيسيه وتاوسند - رغم أن مسؤولي سانت جيمس قد يقاتلون للاحتفاظ بالأخير - وهو ما يضع نيوكاسل في وضعية جيدة لبناء فريق قادر على العودة مباشرة إلى أضواء البريميرليغ.
يريد شيلفي، القادم من سوانزي سيتي مقابل 12 مليون جنيه، أن يبقى ويمكن أن يكون مؤثرًا للغاية على مستوى الدرجة الأولى، لكن ما كان ينبغي أن يصل حال الفريق إلى هذا، خاصة بعد أن أنفق 80 مليونا في موسم واحد. ومع هذا، فما يهم الآن هو إقناع بينيتيز بطريقة أو بأخرى بالبقاء، قبل السماح له بتنفيذ عملية إصلاح واسعة النطاق. وعدا هذا، سيكون البديل مؤلما، بما يصعب تخيله.
نيوكاسل.. إدارة فاشلة قادته إلى المجهول
سقط الفريق في هذا المستنقع رغم إنفاق 80 مليون إسترليني على اللاعبين الجدد هذا الموسم
نيوكاسل.. إدارة فاشلة قادته إلى المجهول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة