مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق: إيران تستخدم «مكافأة» النووي للتآمر على السعودية

روبرت جوزيف قال لـ«الشرق الأوسط» إن التاريخ سيذكر للرئيس أوباما فشله في وقف البرنامج النووي الإيراني

في الإطار السفير روبرت جوزيف (غيتي) - أميركيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق بالشوارع بعد انهيار مبنى التجارة العالمي إثر هجمات 11 سبتمبر في نيويورك (غيتي)
في الإطار السفير روبرت جوزيف (غيتي) - أميركيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق بالشوارع بعد انهيار مبنى التجارة العالمي إثر هجمات 11 سبتمبر في نيويورك (غيتي)
TT

مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق: إيران تستخدم «مكافأة» النووي للتآمر على السعودية

في الإطار السفير روبرت جوزيف (غيتي) - أميركيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق بالشوارع بعد انهيار مبنى التجارة العالمي إثر هجمات 11 سبتمبر في نيويورك (غيتي)
في الإطار السفير روبرت جوزيف (غيتي) - أميركيون يعاينون آثار الدمار الذي لحق بالشوارع بعد انهيار مبنى التجارة العالمي إثر هجمات 11 سبتمبر في نيويورك (غيتي)

قال روبرت جوزيف، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الحد من التسلح النووي والأمن الدولي، إن إيران تستخدم «مكافأة» الاتفاق النووي، مع أميركا والغرب، من أجل الضغط و«التآمر» على السعودية، مشيرا إلى أن التاريخ سيذكر للرئيس أوباما بأنه فشل في وقف البرنامج النووي الإيراني. وقال جوزيف الذي عمل رئيسًا لفريق المفاوضين الأميركيين في ليبيا عام 2003، وأقنع العقيد معمر القذافي بالتخلي عن برامجهم للحصول على أسلحة دمار شامل، إن حلفاء الولايات المتحدة في الخليج باتوا يشككون بشدة في مصداقية الولايات المتحدة، جراء العجز عن التصرف بحزم في سوريا، وبشأن الاتفاق الإيراني المعيب، وأضاف: «لو كنت مستشارًا للأمن القومي السعودي فسوف أفكر بجدية بالغة في امتلاك قدرات نووية رادعة للتهديد والابتزاز الإيراني». يوصف جوزيف بأنه مهندس المبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي، وهو حاليًا عالم في المعهد الوطني للسياسات العامة، وأستاذ في جامعة ولاية ميسوري.

* قدمت شهادة تفصيلية أمام مسؤولين أميركيين منتخبين بشأن الاتفاق النووي الإيراني وآثاره. فما هي بعض النقاط الأساسية التي ذكرتها؟
- أدليت في الصيف الماضي بشهادتي ثلاث مرات، وجميعها أمام لجان مجلسي النواب والشيوخ بشأن الاتفاق الإيراني، معارضا للاتفاق الإيراني. وفي كل مرة أشرت إلى عدد من أوجه القصور التي أعتقد أنه سيكون لها تأثيرات واضحة على احتمالات حدوث مزيد من الانتشار للسلاح النووي في المنطقة.
أحد الأخطاء الرئيسية في الاتفاقية هو السماح لإيران باستعادة بنيتها التحتية النووية الواسعة، التي، إذا كنت تنظر من جهة السعودية أو أي قوة إقليمية أخرى، تقدم لإيران إمكانية الاختراق، إذا اختارت ممارسة الغش في المنشآت الخاضعة للمراقبة، أو التسلل، حيث يمكنها الغش في المواقع المشتبه بها. وكما تعلم فإن الاتفاق معيب في الأساس بسبب إقراره للإطار الذي تُمنع فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش المواقع التي أعلن القادة الإيرانيون أنه ممنوع دخولها، مثل المواقع العسكرية أو المتعلقة بالأمن القومي، التي حددوها بأنفسهم. وهي مواقع لها تاريخ اشتباه بوجود أنشطة تسليح وفقا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وتقارير أخرى تالية.
هناك أيضًا هذه الفكرة الخاطئة عن تغيير زمن الاختراق الذي قال (وزير الخارجية جون) كيري إنه بدلا من شهرين إلى ثلاثة، أصبح 12 شهرًا، وهي فترة أعتقد أنها وهم محض، لأنه ليس من المرجح أن نعلم متى سوف تتخذ إيران قرارها بتصنيع سلاح نووي، ولا نعرف ما هو الخط الأساسي الذي ستبدأ منه. أي أننا لا نعرف النقطة التي ستبدأ منها خطواتها لتصنيع قنبلة، نظرًا لأنه سُمح لإيران بعدم التعاون مع تحقيقات الوكالة الدولية حول أنشطة عسكرية ممكنة أو محتملة كانت الوكالة تشتبه في ممارسة إيران لها.
كذلك أحد الأخطاء الأساسية أن الصواريخ الباليستية ليست مغطاة، وهو ما يتضح أمامنا اليوم. تستمر إيران في تجربة الصواريخ الباليستية ومنها صواريخ ذات مدى منطقي فقط لحمل سلاح نووي. وتم تخفيض العقوبات على أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية وسحبها تدريجيًا. أما آخر قرارات مجلس الأمن فهو أضعف بكثير، وهو في الحقيقة لا يمنع إيران قانونًا من ممارسة تلك الأنشطة.
ولدينا أيضًا ما يسمى بمكافأة التوقيع الممثلة في مليارات الدولارات- من 100 إلى 150 مليار دولار وأكثر- التي أصبحت متاحة للنظام نتيجة للاتفاقية. يستخدم النظام تلك الأموال لتمويل برنامجها الصاروخي، وبرنامجها النووي، والأنشطة الإرهابية، والتآمر على دول المنطقة في مقدمتها السعودية ثم البحرين واليمن. أعدت إيران عدتها للحرب مرة أخرى، وهي الآن تستخدم هذا الكنز النقدي لتوسعة نفوذها ووجودها- انظر إلى نفوذ إيران ووجودها العسكري في سوريا على سبيل المثال. استغلت إيران الاتفاق النووي ضوءًا أخضر لمتابعة تنفيذ أجندتها بعدوانية. وفكرة أنك يمكن أن تعيد فرض العقوبات واهمة، فالوضع ليس كذلك ببساطة.
* في تقديرك، ما نتائج توقيع الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني حتى الآن؟
- عندما تنظر كيف تطورت الأحداث منذ يوليو (تموز) الماضي، ستجد أن إيران تمضي قدمًا في أبحاث وتطوير جيل جديد من أجهزة طرد مركزي، أكثر من نماذج الجيل الأول. وفي حين أنه من الأفضل بالتأكيد أن تشغل إيران من 5 إلى 6 آلاف جهاز طرد مركزي وليس 19000. إلا أن تلك الأجهزة من الجيل الأول. ولا تنسَ أن إيران لم تفكك جهازا واحدا. بل وضعت ببساطة الأجهزة الإضافية في المخازن، وتستطيع الوصول إذا رغبت. وضعت إيران خطا أحمر بعدم تفكيك أي شيء ببرنامج الطرد المركزي، وفي الواقع لم تفعل.
فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، هم مستمرون في إجراء التجارب الصواريخ الباليستية. احتجت الولايات المتحدة، ولكن هناك أساس قانوني ضعيف للغاية يمكن الاستناد إليه بعد أن وافقت الولايات المتحدة قرار مجلس الأمن الجديد. بدلا من إعادة فرض عقوبات فعالة بسبب أنشطتها الصاروخية، تفعل إدارة أوباما كل ما في وسعها لإرضاء إيران عن طريق تخفيف العقوبات. وكل ذلك لحماية ما يعده الرئيس إرث إنجازات الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني. ومن المرجح أن يتضمن ذلك تعاملات بالدولار الأميركي. قد تكون تلك المعاملات خارجية، ولكن رغم ذلك سوف تملك طهران فرصة للدخول إلى النظام المالي الأميركي. الأهم من ذلك أن العقوبات التي يتم رفعها لم تُفرض فقط بسبب أنشطة إيران النووية، ولكن أيضًا ردًا على برنامجها الصاروخي، ودعمها للإرهاب وعلى سجلها الشائن في حقوق الإنسان. إنه واحد من أكثر الأنظمة الشمولية القمعية في العالم اليوم، ولكننا نخفف عنه جميع العقوبات القائمة.
* في ضوء خبرتك في قضايا منع انتشار السلاح النووي، أرجو أن توضح مضامين الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني فيما يتعلق بسبب منع دول أخرى من تطوير أو تقوية برامجها النووية.
- أعتقد أن هناك تداعيات مهمة للغاية في مجال الانتشار النووي. عندما أنظر إلى تلك القضايا من منظور منع الانتشار، أرى أن هذا الاتفاق ومتابعة تنفيذه- والتنازلات الأخرى التي تتم- تشجع على مزيد من الانتشار النووي. لو كنت مستشارًا للأمن القومي السعودي، لشعرت بقلق بالغ من قدرة إيران على الحصول على سلاح نووي في غضون فترة قصيرة للغاية، ومن تمكنها من حملها على صاروخ باليستي. سوف أفكر بجدية بالغة في امتلاك قدرات نووية كوسيلة رادعة للتهديد والابتزاز النووي الإيراني.
قد تجري دول أخرى في المنطقة حسابات مشابهة. وبعيدًا عن الخليج والشرق الأوسط الكبير، أعتقد أن ناشري السلاح النووي المحتملين سوف ينظرون إلى هذا الاتفاق ويقولون: يمكننا أن نحصل عليه جميعا. يمكننا أن نملك سلاحا نوويا وصواريخ باليستية ونتخفف من العقوبات. وفي الحقيقة، ما رأيناه أخيرا يتجاوز كثيرا تخفيف العقوبات. يتردد الآن أن الولايات المتحدة تساعد في برنامج إيران النووي من خلال شراء مواد نووية. من وجهة نظر منع انتشار السلاح النووي، يعد ذلك كارثة بكل المقاييس.
يجب النظر إلى سلوك كوريا الشمالية- من بياناتها بالإضافة إلى تجاربها الصاروخية والنووية- ضمن هذا الإطار الواسع. ببساطة لا يوجد مخاوف في بيونغ يانغ من وقوع تبعات كبيرة نتيجة لنشاطها النووي. قد تجرأت كوريا الشمالية بسبب رد الفعل الأميركي والدولي على برامج إيران النووية والصاروخية.
* وما تأثير ذلك على مصداقية الولايات المتحدة كصاحبة رأي في منع انتشار السلاح النووي؟
- أعتقد أن حلفاءنا في الخليج، وفي آسيا، وفي كل مكان يشككون بشدة في مصداقية الولايات المتحدة. في الخليج على وجه التحديد، تسبب الفشل المتعلق بالخط الأحمر الذي وضع على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا في ضرر بالغ لسمعة الولايات المتحدة كحليف جدير بالثقة. كذلك التخلي عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والعجز عن التصرف بحزم في سوريا، والاتفاق الإيراني المعيب، كلهم بعثوا برسالة قوية تفيد بأنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة للوفاء بضماناتها الأمنية، وسوف يكون لذلك تأثير كبير على انتشار السلاح النووي المحتمل.
* في تقديرك، ما الخطوات التي سوف تتخذها القوى النووية حاليا من أجل برامجها الخاصة في ضوء «النموذج الإيراني»؟
- أعتقد أنه من المرجح أن تسعى عدد من الدول إلى نوع مشابه من «البرنامج النووي السلمي» الذي أرادته إيران. بمعنى أنهم سوف يسعون إلى الحصول على قدرات نووية تتيح لهم اختراقًا سريعًا. وما فعلته الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني هو إضعاف السياسة الأميركية لحظر انتشار السلاح النووي الممتدة منذ عقود وترجع إلى عهد جيمي كارتر، التي منعت أصدقاء وحلفاء وآخرين من الحصول على قدرات إعادة المعالجة أو التخصيب. كما أننا نشارك باستمرار في تثبيط الدول عن ممارسة هذا النوع من الأنشطة. وبمجرد أن منحنا ختم القبول إلى إيران لكي تستكمل نشاط التخصيب، كيف يمكننا أن نقول بجدية لدول أخرى، وخصوصًا أصدقاءنا، إنهم لا يجب أن يفعلوا ذلك. لقد تمت التضحية بسياسة أميركية قديمة الأزل لصالح إرث سيتركه الرئيس الحالي.
* وما الدول التي ترى أنها تندرج تحت تلك الفئة؟
- أعتقد أن السعودية والإمارات قد تنضمان إلى تلك الفئة. وبعيدا عن الشرق الأوسط، إذا نظرت إلى استطلاعات الرأي في كوريا الجنوبية على سبيل المثال، فسوف تجد أن غالبية المشاركين يشيرون إلى وجوب امتلاك كوريا الجنوبية لقدرات نووية خاصة لردع كوريا الشمالية. هناك عدة أمثلة على أصدقاء وحلفاء لأميركا ممن يشككون في مصداقيتنا. ولا يريدون أن يفعلوا ذلك علنا، ولكنهم لن يخجلوا من أن يفعلوا ذلك علنا.
في نصف الكرة الغربي، لا توجد مخاوف ملحة من انتشار السلاح النووي. توجد قضايا قديمة مرتبطة بالبرازيل والأرجنتين، ولكن لا يبدو أن أيًا من الدولتين ستمضي قدما في برنامج للسلاح النووي. كانت كلتاهما مهتمة في الماضي، ولكن بسبب تغيير العلاقات الأمنية الخاصة بينهما، تخلتا عن السعي إلى أسلحة نووية. قد يتغير ذلك في المستقبل لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أو رغبة في النفوذ. من يدري ماذا سيحدث في المستقبل. ولكن تلك ليست مشكلة تثير اهتماما ملحا.
* شاركت بقوة في عملية نزع برامج أسلحة الدمار الشامل في ليبيا أثناء حكم القذافي. فهل هناك تناقض جدير بالدراسة بين التجربتين الليبية والإيرانية؟
- من المفيد المقارنة بين إيران وليبيا. من الواضح أن إيران وليبيا ليستا متشابهتين. هناك اختلافات كثيرة يجب وضعها في الاعتبار. ولكن هناك عدد من الدروس المهمة المستفادة في التجربة الليبية التي فشلنا في تطبيقها مع إيران. في ليبيا، أصررنا على صدور قرار استراتيجي من جهة القذافي للتخلي عن برامجه للحصول على أسلحة دمار شامل. وأرسلنا سفينة حملنا عليها مئات الأطنان من المعدات النووية، وكل شيء مرتبط بأجهزة الطرد المركزي وجميع معدات التحويل ومكونات برنامج الأسلحة. كان البرنامج أكبر كثيرا وأكثر تطورا مما كنا نعتقد. وأخذنا جميع تلك المواد خارج ليبيا ومعها صواريخها طويلة المدى. وهكذا تصبح المقارنة مع إيران صارخة للغاية، حيث قالوا: إن قوتهم الصاروخية غير قابلة للتفاوض، وكذلك أيضًا مع تفكيك أجهزة الطرد المركزي. وفي الحالتين، وفي غيرهما، وضعت إيران خطا أحمر وتمسكت به. وقدمت الدول 5+1 بقيادة الولايات المتحدة تنازلا تلو الآخر.
وفي مفارقة، على الرغم من أننا كنا نتفاوض من موقع قوة، وافقنا على نتيجة أعتقد أنها كارثية من وجهة النظر الداعية إلى منع انتشار السلاح النووي. إنه اتفاق يشجع على انتشار السلاح.
كانت العقوبات فعالة. وكان الاقتصاد متدهورا، مما يقوض شرعية النظام الإيراني. ولطالما كانت وجهة نظري أن الأنظمة القمعية الشمولية، مثل إيران، أكثر ما يخيفها شعبها قبل أي تهديدات أخرى. انظر مثلا نظام شاوتشيسكو في رومانيا. كان الخوف من انتفاضة الشعب بسبب الاقتصاد الذي أوشك على الإفلاس هو ما دفعهم إلى طاولة المفاوضات. ولكن بدلا من استمرار الضغط، خففناه عند طاولة المفاوضات. وأثبت الإيرانيون أنهم كمفاوضين أفضل ممن يجلسون أمامهم على الطاولة. كنا في حاجة ملحّة إلى الاتفاق. وحصل الإيرانيون على كل ما أرادوه، مقابل بعض التنازلات الظاهرية. لقد خالفنا جميع مبادئنا التي وضعناها للتفاوض فيما يتعلق بالنتائج. فلم نضع نهاية لبرنامجهم ولم نقيد صواريخهم الباليستية. تذكر مناقشة «أي شيء في أي وقت». لقد أخفقنا في تأكيد الحقيقة أو العودة إلى فرض عقوبات قوية. فشلنا في إجبار إيران على «تعديل سلوكها» بهذه الاتفاقية. في الواقع، ما حدث هو العكس. أصبحت إيران أكثر عدوانية وأكثر قدرة نتيجة للاتفاقية.
* ما أكثر الخيارات السياسية الواقعية المتاحة أمام الرئيس الأميركي القادم فيما يخص إيران؟
- بالتطلع إلى الرئيس المقبل، إذا أصررنا على الالتزام الصارم ببنود الاتفاقية، فسيكون هناك طريق لإلغاء الاتفاقية بناء على سلوك إيران. الخيانة موجودة في جينات القادة الإيرانيين. وإذا كنا جادين بشأن التنفيذ فسوف نطالبهم به، وسوف يؤدي ذلك إلى حل الاتفاقية. مثال واحد على ذلك، في حين أن الصواريخ الباليستية ليست مغطاة، لماذا يمكن أن يسعى أحد إلى امتلاك قدرات صاروخية طويلة المدى فائدتها الوحيدة هي حمل سلاح نووي. سيكون ذلك غباء من جانب الزعماء الإيرانيين، وهم ليسوا أغبياء.
الحل الوحيد للتحدي النووي الإيراني هو تغيير النظام. ويجب أن يأتي تغيير النظام من الداخل. لا يمكننا أن نفرض تغييرا على النظام في إيران. ولكن يمكننا بالتأكيد دعم قوات المعارضة التي تؤيد وجود إيران ديمقراطية غير نووية. يمكننا أن نعيد فرض عقوبات أميركية والضغط من أجل فرض عقوبات في الأمم المتحدة. سوف يستغرق ذلك وقتا وجهدا، ولكنه ممكن وواجب. وسيكون لذلك أثر في تقويض أكبر لشرعية نظام آية الله في طهران. لا نحتاج إلى أن نكون استفزازيين، ولكن يجب أن نكون أقوياء، وأن نلتزم بكلمتنا وندعم أصدقاءنا. يجب أن يكون لدينا وجود عسكري بقدرات كاملة في المنطقة لطمأنة حلفائنا والدفاع عن مصالحنا في منطقة ذات أهمية قصوى لأمننا القومي. يجب أن يعرف قادة إيران أن هناك تداعيات خطيرة لسلوكهم، وهو أمر غير موجود مطلقا في حساباتهم حاليا. بل يحصلون على مكافآت مقابل سلوكهم السيئ. وقد أوضح وزير الخارجية كيري لقادة إيران أنهم عندما يطلبون شيئا، فسوف يبحثون عن وسيلة ليعطيهم إياه.
* ما الذي ترى أنه «إرث أوباما» في السياسة الخارجية الأميركية؟
- سوف يذكر التاريخ الرئيس أوباما بأنه الرجل الذي فشل في وقف البرنامج النووي الإيراني وأسهم في مزيد من الانتشار للسلاح النووي في المنطقة، وقد يؤدي إلى تفكك منظومة منع انتشار السلاح النووي بالكامل، وهو مناقض تماما للأولوية التي حددها لإدارته.
* إذا رغب حلفاء أميركا التقليديون من العرب في السعي إلى برامج سلاح نووي خاص بهم، ما السياسات الأميركية التي ترى أنها ستكون ملائمة؟
- من أجل تجنب مزيد من الانتشار للسلاح النووي في الشرق الأوسط، نحتاج إلى أن نكون جديرين بالثقة في دعمنا لأصدقائنا وحلفائنا. يجب أن نقدم لهم ما يطمئنهم بأن أمنهم وأمننا لا يتجزآن، وأنهم يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة وقدراتها العسكرية. يجب أن ندعم أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدلا من تقويضها. وقد أفسدت الاتفاقية النووية مع إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما تأكد ذلك من تجاوز الوكالة لإيران عن أنشطتها السابقة في التسلح. أعتقد أن الوكالة أصبحت متواطئة في هذا الانهزام. يجب أن نعود مرة أخرى كدولة تعني ما تقول، وتقول ما تقصد. يجب أن ندافع عن أصدقائنا، وأن نثني أعداءنا ونردعهم.
ولكن إذا قررت دول أخرى أن تمضي قدما للحصول على أسلحة نووية، سيكون لدينا عالم يزداد فيه انتشار السلاح النووي. وإذا استطاعت دولة مثل كوريا الشمالية الحصول على ترسانة نووية متنامية وكبيرة نسبيا، تستطيع أي دولة أن تفعل ذلك.
انظر إلى باكستان. كنا نفرض عقوبات كل فترة على باكستان، وخصوصا في أوقات لم تكن فيها باكستان ذات أهمية في حسابات أمننا القومي. وفي ظل الحرب على الإرهاب، بل وقبل ذلك مع الغزو السوفياتي لأفغانستان، زاد احتياجنا لباكستان. كان هناك شعور بالإذعان. عندما كشفت باكستان عن امتلاكها لقدرات نووية، فرضنا عليها عقوبات مرة أخرى. ولكن مع أحداث 11 سبتمبر (أيلول) رضخنا. وسوف يعتمد ردنا على الانتشار النووي في المستقبل على الظروف وعلى الدولة.
* ينشر بالتزامن مع الشقيقة مجلة «المجلة»



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».