مصادر فرنسية: كيري سيشارك في اجتماع باريس لدول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة

باريس دعت رياض حجاب وهدفها «تعبئة الأسرة الدولية» والتحضير لاجتماع «مجموعة الدعم» لسوريا

مصادر فرنسية: كيري سيشارك في اجتماع باريس لدول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة
TT

مصادر فرنسية: كيري سيشارك في اجتماع باريس لدول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة

مصادر فرنسية: كيري سيشارك في اجتماع باريس لدول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة

أكدت الخارجية الفرنسية أمس، حضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتماع ما يسمى «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية، الذي دعت فرنسا إليه، والذي سيلئتم في عاصمتها يوم الاثنين القادم. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الغرض الأول للاجتماع الذي دعا إليه رياض حجاب، منسق الهيئة العليا للمفاوضات، سيكون التحضير لاجتماع «مجموعة الدعم» لسوريا، الذي يرجح انعقاده في فيينا، وثمة من يقول ببرلين في السابع عشر من الشهر الحالي بعد طول انتظار، إضافة إلى «شد أزر» المعارضة، وتقويم الموقف السياسي والميداني، وحث الهيئة العليا للعودة إلى طاولة المحادثات في جنيف. وأضافت الخارجية الفرنسية أن باريس تسعى كذلك عبر الاجتماع المذكور إلى «تعبئة الأسرة الدولية» حول المسألة السورية.
ومع تأكد مشاركة كيري في الاجتماع، وهو ما امتنع الناطق باسم الخارجية الأميركية عن تأكيده أمس عند عرضه لجولة الأيام الأربعة التي سيقوم بها الوزير الأميركي في أوروبا «فرنسا وبريطانيا» ابتداء من مطلع الأسبوع القادم، فإنه يرتدي أهمية إضافية بالنظر للدور الذي لعبه الأخير في التوصل إلى اتفاق مع نظيره وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف لمد الهدنة حتى تشمل مدينة حلب، ولاحترامها، ولوجود رغبة خليجية - أوروبية في دفع كيري لممارسة مزيد من الضغوط على الجانب الروسي ليكون ضامنا جديا للهدنة وحافزا لاستئناف محادثات جنيف عن طريق تأثيره الكبير على النظام السوري. وستكون لكيري في باريس لقاءات ثنائية مع نظيره الفرنسي جان مارك أيرولت، ومع وزراء آخرين أكدوا حضورهم. وسيضم الاجتماع، إلى جانب كيري وأيرولت، وزراء خارجية بريطانيا وإيطاليا وألمانيا ونظراءهم الخليجيين (المملكة السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة) إضافة إلى الأردن وتركيا. وسبق لكيري أن التقى قبل أيام الوزيرين عادل الجبير وناصر جودة في جنيف في أوج أزمة حلب.
بيد أن تصريح الناطق باسم الخارجية الأميركية مارك تونر الذي قال فيه إن واشنطن تعد «مجموعة الدعم لسوريا هي التي تلعب الدور الأول»، يمكن أن يفهم منه أن الجانب الأميركي لم يكن متحمسا لهذا الاجتماع. لكن تونر سعى للتخفيف سلفا من وقع قوله بالتأكيد أن بلاده «تدعم جميع الجهود، خصوصا تلك التي يقوم بها الشركاء والحلفاء من أجل سوريا».
سبق لمصادر دبلوماسية أوروبية أن «اشتكت» من رغبة واشنطن وموسكو في تشكيل الثنائية التي تدير الملف السوري، في حين تريد فرنسا - ومعها بريطانيا وألمانيا - أن «تكون لها كلمتها» فيه إلى جانب واشنطن، رغم قناعتها أن الولايات المتحدة الأميركية هي «الأقدر» على التأثير على موسكو. وفي الوقت عينه، لا ترى هذه الأطراف أن «انخراط واشنطن كاف» لا، بل إن باريس، كما أفادت مصادرها أكثر من مرة لـ«الشرق الأوسط»، تبقى «حذرة» من طريقة تعاطي الوزير كيري مع الملف السوري. وآخر الأمثلة التي تسوقها، أن الأخير قبل، في مرحلة أولى، ألا تشمل الهدنة حلب ونزل بذلك عند رغبة نظيره لافروف. وحجة الوزير الروسي أن تنظيم «النصرة» غير المشمول في الهدنة هو الموجود في حلب، وأن ضربه يأتي في سياق محاربة الإرهاب. لكن سقوط مئات القتلى، خصوصا قصف مستشفى «القدس» الذي أوقع نحو سبعين قتيلا، جعل واشنطن تعدل موقفها وتؤكد أن الهدنة ليست مجموعة «هدنات محلية» بل تشمل المناطق كافة بما فيها حلب.
بموازاة ذلك، أصدرت الخارجية الفرنسية بيانا طالبت فيه بوضع حد للانتهاكات التي تتعرض لها الهدنة، وبتحسن الوضع الإنساني المتدهور الذي تعاني منه عشرات المدن والقرى السورية، بسبب ممارسات النظام الذي يمنع الهيئات المحلية والدولية من إيصال المساعدات لها، وهو ما نددت به الأمم المتحدة بشدة أول من أمس. وبحسب باريس، فإن هذين الشرطين ضروريان من أجل استئناف محادثات السلام سعيا وراء عملية الانتقال السياسي. وسيوفر الاجتماع الفرصة لرياض حجاب ليعيد التأكيد على مطالبة المعارضة بتوافر هذه الشروط، التي يمكن أن يضاف إليها معالجة موضوع المعتقيلن والموقوفين لقبول العودة إلى جنيف التي «علق» وفد الهيئة مشاركته فيها، حتى لا يكون «شاهد زور» وفق تعبير حجاب نفسه.
وأمس انضمت باريس إلى المنظمات والدول المنددة بقصف مخيم اللاجئين في شمال سوريا، واصفة إياه بالعمل الذي «لا يمكن قبوله» وبأنه يمثل «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية»، وبالتالي يتعين إحالة مرتكبيه إلى المحكمة الجنائية الدولية. كذلك طالبت باريس بتحقيق دولي مستقل ومحايد لجلاء ظروف الهجوم على المخيم المذكور. ومن جانب آخر، أكدت فرنسا حصول «مجزرة» في معتقل حلب، حيث غالبية نزلائه من «السجناء السياسيين المنتمين للمعارضة». وبهذا الخصوص، حثت باريس الأطراف الداعمة للنظام على التدخل من أجل تلافي مجزرة إضافية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».