تجمع عربي بمصر يحذر من خطر الخطاب التدميري لـ«داعش» عبر مواقع التواصل الاجتماعي

أكد أن أغلب عمليات تجنيد الشباب يتم عبر «تويتر» لترسيخ عبارة «التنظيم يتمدد»

إحدى جلسات ملتقى «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» («الشرق الأوسط»)
إحدى جلسات ملتقى «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» («الشرق الأوسط»)
TT

تجمع عربي بمصر يحذر من خطر الخطاب التدميري لـ«داعش» عبر مواقع التواصل الاجتماعي

إحدى جلسات ملتقى «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» («الشرق الأوسط»)
إحدى جلسات ملتقى «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» («الشرق الأوسط»)

حذر تجمع عربي بمصر أمس، من خطر الخطاب التدميري الذي تبثه جماعات الإرهاب، وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعيا لأهمية «الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لتوضيح الصورة الصحيحة للإسلام، وتبرئته من ممارسات جماعات التطرف والإرهاب». وأكد المشاركون في التجمع العربي في ختام فعالياته بمصر أهمية نشر ثقافة الحوار مع الآخر في الغرب وأوروبا، من خلال «فيسبوك» و«تويتر»، لافتين إلى أن أغلب عمليات تجنيد «داعش» للشباب تتم عبر «تويتر» لترسيخ عبارة «التنظيم يتمدد».
المراقبون أكدوا أن «داعش» الإرهابي ينشر يوميا ما يقرب من ربع مليون تغريدة على «تويتر» و«فيسبوك»، لتوصيل رسالة بأن عدد الداعمين للتنظيم ولأفكاره، خاصة من الشباب، في تزايد مُستمر.
واختتمت في القاهرة أمس، فعاليات مُلتقى «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين.. وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار» الذي نظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، والذي عُقد لمدة 3 أيام بالعاصمة المصرية، تم خلالها تناول أهم مرتكزات التعايش السلمي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للوصول للآخر.
واتفق المشاركون في المُلتقى على أن للحوار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تأثيرا كبيرا في ترسيخ ثقافة الحوار بين الشباب العربي بمختلف توجهاته، مشددين على أهمية نشر ثقافة الحوار والتعايش المشترك بين الشباب، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمية إشاعة الوسطية والاعتدال وتقبل الآخر خلال الحوار، بوصفه أساس نجاح أي حوار أو نقاش عام، والابتعاد عن التشبث بالفكر الخاص بجماعات التطرف دون تفهم للآخر وفكره.
وشارك في التجمع نحو 60 شابا وفتاة من دول عربية عدة، يمثلون أطياف الأديان والطوائف كافة، لتبادل الخبرات واستفادة بعضهم من تجارب بعض، بهدف تطوير الحوار المُتبادل بغض النظر عن العِرق أو الدين، وبهدف خلق جيل شاب قادر على مواجهة التحديات ونشر ثقافة الحوار على مستوى شامل.
ويستهدف المُلتقى - بحسب مصادر في مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار - تحصين الشباب ضد فكر الجماعات الإرهابية المُتطرفة، عن طريق قيام المركز بتدريب أكثر من 300 متدرب ومتدربة من الشباب، على مستوى الوطن العربي.
وقال الخبير الإعلامي سعيد أحمد، أحد المشاركين في التجمع العربي، إن «أغلب عمليات تجنيد «داعش» للشباب والفتيات تتم عبر «تويتر»، وأن الفكرة التي يحاول التنظيم ترسيخها في أذهان أفراده تحمل دائما عنوان «باقية وتتمدد» في إشارة منهم لزعم أرض الخلافة المزعومة»، موضحا أن التنظيم يُحاول منح انطباع بانتشاره عالميا وخصوصا بعد هروب كثير من عناصره المُقاتلة، مُستخدما في ذلك إنشاء حسابات مزيفة تدعم التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتهاز فرصة الاهتمام الإعلامي بأخبار التنظيم حول العالم، بنشر أخبار كاذبة أو ادعاء مسؤولية التنظيم عن بعض الأعمال الإرهابية والتخريبية، التي لا علاقة له بها من قريب أو بعيد.
ويهدف مُلتقى القاهرة إلى دعم وتعميق مفهوم المواطنة المشتركة، وترسيخ التعايش السلمي والتفاهم والتعاون في الدول التي يتعايش فيها أتباع الأديان والثقافات المتنوعة، وذلك حفاظا على التنوع الديني والثقافي من خلال تطوير طرق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتسخيرها لخدمة أهداف الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وقال الدكتور محمد عبد الفضيل، أحد المشاركين في المُلتقى: «ترجع أهمية الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، إلى توضيح الصورة الصحيحة للإسلام وتبرئته من ممارسات جماعات التطرف والإرهاب»، مُحذرا من خطر الخطاب التدميري الذي تبثه هذه الجماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويرى المراقبون أن «داعش» يعتمد اعتمادا كليا على ما يطلق عليهم «الهاكرز» لاختراق حسابات رواد التواصل الاجتماعي لجذب مزيد من المتابعين والتأثير عليهم، كما أن «الهاكرز» يقومون بتصوير الحياة في ظل «مزاعم دولة الخلافة» بأنها حياة طبيعية، متجاهلين فيديوهات القتل والذبح والوحشية التي يرتكبها عناصر التنظيم، فـ«داعش» يمتلك جيشا إلكترونيا لنشر الفيديوهات المصورة عبر دول العالم لزيادة شعبيته، خاصة في الدول الأوروبية.
وأكد عبد الفضيل، وهو أستاذ في جامعة «الأزهر»، «أهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر خطاب وسطي فاعل، يؤكد قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة».
يذكر أن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار، عقد في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014 مؤتمرا دوليا في العاصمة النمساوية فيينا، بعنوان «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين»، وتم التركيز على ما يفعله تنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا. وتعهد المركز بدعم مُبادرات في مجالات الترابط الاجتماعي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتربية الحاضنة للتنوع الديني والثقافي.
وأوضح المراقبون أن «الإرهاب الإلكتروني شكل من أشكال الإرهاب، يتزامن مع تطور وسائل الاتصالات والثورة التكنولوجية الهائلة التي أضرت بالبشرية أضعاف ما أفادت منها»، لافتين إلى أن «داعش» يُحاول الاستفادة من هذه التكنولوجيا، لذلك فهو يطور من خلالها حيله ومكره لتجنيد كثير من الشباب، سواء داخل الأراضي التي يسيطر عليها، أو الأراضي الجديدة التي ينتشر فيها، أو في أماكن بعيدة بمختلف أنحاء العالم، لنشر أفكاره لإقناع شباب جُدد بأهدافه، بطريقة ممنهجة ومنظمة.
من جانبه، أكد فهد أبو النصر، مدير مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار، خلال الملتقى، أن «التجمع العربي يسعى إلى دعم التنوع والتعايش المشترك وتعزيز الحوار والمواطنة وقبول الآخر في المنطقة، إضافة إلى تأهيل قيادات دينية ومؤسسية، وبناء شبكة محلية وإقليمية من المدربين الشباب ونشطاء الحوار».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.