الطيران الإسرائيلي يقصف أهدافًا في غزة لليوم الثالث على التوالي

اجتماع طارئ للحكومة في تل أبيب.. ومخاوف من تدهور أمني كبير

دباية إسرائيلية تجوب الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة خلال عملية البحث عن الأنفاق أمس (أ.ف.ب)
دباية إسرائيلية تجوب الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة خلال عملية البحث عن الأنفاق أمس (أ.ف.ب)
TT

الطيران الإسرائيلي يقصف أهدافًا في غزة لليوم الثالث على التوالي

دباية إسرائيلية تجوب الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة خلال عملية البحث عن الأنفاق أمس (أ.ف.ب)
دباية إسرائيلية تجوب الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة خلال عملية البحث عن الأنفاق أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي ما تزال فيه الساحة السياسية في إسرائيل منشغلة بتقرير مراقب الدولة العبرية يوسف شبيرا، الذي أدان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب إخفاقاته في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تصاعد التوتر في اليومين الأخيرين جراء قصف القذائف الصاروخية الفلسطينية، والرد عليها بغارات شرسة، وهو ما دفع نتنياهو إلى الدعوة إلى اجتماع طارئ للمجلس الوزاري الأمني المصغر في حكومته، بحث آخر التطورات، وتقرر على إثره البقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة خطر تدهور الأوضاع الأمنية.
ومع أن المراقبين يجمعون على أن الحكومة الإسرائيلية وقيادة حماس لا يسعيان إلى التصعيد في هذه المرحلة، لكنهم يخشون حدوث «خطأ يقودهما إلى تدهور حربي لا يرغبان فيه». وفي هذا الصدد قال الخبير العسكري ألون بن ديفيد: «إن الطرفين يديران لعبة حرب صبيانية»، مضيفا أن «حماس تتعمد إطلاق صواريخ غير صائبة نحو قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في المنطقة الشرقية من القطاع (داخل تخوم السيادة الفلسطينية الواقعة تحت حكم حماس). والتجربة السابقة تدل على أنها قادرة على إصابة أهداف دقيقة، لكنها تتعمد الخطأ في التصويب لكي تبقي اشتعال الوضع على نار خفيفة. وبالمقابل فإن إسرائيل ترد بالطريقة نفسها. فهي تقصف أهدافًا بعيدة ومواقع فارغة. وبالمصادفة فقط تقع إصابات في صفوف الفلسطينيين».
واستغل أفيغدور لبرمان، وزير الخارجية السابق ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، هذا الوضع ليهاجم حكومة نتنياهو «التي تستخف بعقول المواطنين وتضللهم. فهي لم تقرر الخروج إلى الحرب ولا تعطي الجيش أوامر واضحة للحرب؛ لأنها معنية بحكم حماس».
وكان مراقب الدولية الإسرائيلي شبيرا قد أعد مسودة تقرير لتلخيص الحرب الأخيرة ضد غزة (الجرف الصامد)، خرج فيها باستنتاج مفاده أن الجيش لم يكن جاهزًا بشكل حقيقي لمواجهة الأنفاق التي شقتها حماس، التي تمتد في عمق الحدود الإسرائيلية، موضحا أن «رئيس الحكومة ووزير دفاعه موشيه يعلون، ورئيس الأركان السابق للجيش بيني غانتس، أداروا الحرب في حينه بشكل منفرد، وأخفوا معلومات كثيرة عن الوزراء وعن المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة، وهذا تعبير عن خلل في تركيبة القيادة».
وما أن تسربت معلومات عن هذا التقرير إلى الصحافة حتى تدفقت ردود الفعل الغاضبة ضد الثالوث المذكور بقيادة نتنياهو؛ إذ قال الوزير السابق غدعون ساعر، وهو من حزب نتنياهو، إن الحرب على غزة في صيف 2014 كانت «حربًا فاشلة»، مضيفًا أن «المشكلة هي أن رئيس الحكومة لا يسمع ولا يصغي، ويهاجم كل من يلفت نظره إلى الخطأ». فيما قال ليبرمان: «إن نتنياهو يرفض اتخاذ القرار الوحيد الذي يخدم مصالح إسرائيل، وهو قرار اجتياح غزة وإسقاط حكم حماس».
ومن جهته، رد نتنياهو ويعلون على التقرير بوصفه بأنه «غير جدي وغير مهني»، وأوضحا أن المراقب يمارس «ملاحقة سياسية» ضدهما. وقد أذهل هذا الهجوم على المراقب الحلبة السياسية في إسرائيل؛ لأن شبيرا اختاره نتنياهو لمنصب المراقب بنفسه. ومنذ تعيينه أقدم على خطوات كثيرة لصالح نتنياهو وحكومته؛ مما جعل جدعون ساعر يقول بهذا الخصوص إن «هذا هو مصير كل من يخلص لنتنياهو، حيث إليه يدير ظهره».
والجدير بالذكر أن التصعيد الأخير بدأ عندما أعلنت إسرائيل عن اكتشاف نفق شقته حركة حماس داخل حدودها، وأتبعت ذلك بدخول القطاع بحثًا عن أنفاق أخرى. وعندما اقتربت من نفق آخر، حاول نشطاء حماس مهاجمتها بقصف قذائف مدفعية، فردت إسرائيل بغارات جوية. وبعد ذلك أعلنت أنها اكتشفت نفقًا ثانيًا ودمرته، فيما تواصل التفتيش عن أنفاق أخرى.
وأول من أمس أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) أن أحد عناصر حماس، يدعى محمود عطاونة (29 عامًا)، اعتقل في مطلع أبريل (نيسان) الماضي بعد عبوره السياج الحدودي إلى داخل إسرائيل، وأنه كشف خلال التحقيق معه عن أسرار كثير من الأنفاق. وقال الجهاز إن عطاونة، عضو في كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، منذ عشر سنوات، وسبق له أن تورط في كثير من العمليات ضد القوات الإسرائيلية، لكن معظم عمله كان في حفر الأنفاق. وقد قدم «معلومات ثمينة كثيرة» حول مسارات الأنفاق في شمال قطاع غزة، وعن أساليب عمل حماس في حفر الأنفاق، وعن استخدام حماس لمنازل خاصة ولمؤسسات عامة من أجل حفر الأنفاق. كما قدم معلومات عن المواد التي تستخدمها حماس في عمليات الحفر»، وهو ينتظر الحكم النهائي بالسجن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».