صدى تطبيق «رسوم البيضاء» يدوّي في معرض الرياض للعقار

خبراء: خفض دفعة تملك العقار بالآجل إلى 15 % لم يكن مغريًا

جانب من معرض الرياض للعقار والإسكان والتطوير العمراني «ريستاتكس» في الرياض (تصوير: خالد الخميس)
جانب من معرض الرياض للعقار والإسكان والتطوير العمراني «ريستاتكس» في الرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

صدى تطبيق «رسوم البيضاء» يدوّي في معرض الرياض للعقار

جانب من معرض الرياض للعقار والإسكان والتطوير العمراني «ريستاتكس» في الرياض (تصوير: خالد الخميس)
جانب من معرض الرياض للعقار والإسكان والتطوير العمراني «ريستاتكس» في الرياض (تصوير: خالد الخميس)

اعتبر عقاريون شاركوا في معرض الرياض للعقار والإسكان والتطوير العمراني «ريستاتكس»، أن عدد الحضور أقل من المتوقع بكثير هذا العام، عازين ذلك إلى أن رسوم الأراضي البيضاء فرضت نفسها على خريطة المعرض الأكبر في السعودية، وأدت إلى ضعف الإقبال، وهو ما يعكس حال سوق العقار التي تشهد ركودًا في الوقت الذي تضيق فيه الحكومة الخناق على السوق لإجبارها على الانخفاض.
وطغى عرض الأراضي على الحالة العامة لشركات التطوير العقاري المشاركة في المعرض، إذ جرى تسييل الكثير من المخططات العقارية في المعرض، وتسيدت عروض الأراضي المطورة جميع الأفرع العقارية، وهي سابقة تسجل كأول رد فعل على أرض الواقع بعد فرض رسوم الأراضي البيضاء، كما شهد المعرض تناقصا في المعروض من المشاريع الأخرى، تصاحب مع نقص في الحضور، ما لخص حال السوق التي شهدت انخفاضا بسيطًا في قيمتها، لم يكن مغريًا للراغبين في تملك الأراضي.
وذكر فهد العبيد الذي يدير أحد الأجنحة المشاركة في المعرض، لـ«الشرق الأوسط» أن المشاريع التي طرحت في المعرض أقل من المتوقع، كما هو حال الإقبال، ولا تعكس حجم الطلب سوى مشاركة شركات قليلة بعدد من المشاريع الكبرى، مؤكدًا أن حال المعرض يكشف أداء السوق، فالعرض منوع لكن لا يلامس قدرة المستهلك بسبب ارتفاع الأسعار.
وتطرق إلى مشكلة في الثقافة السكنية للمواطنين إذ يصرون على التصاميم القديمة التي تحتوي على مساحات أكبر في الغرف ومقدمة واسعة أمام المنزل، وهي من النوع المكلف الذي لا يستطيع المستهلك مجاراته، لافتًا إلى أن الثقافة السائدة هي أن معظم الراغبين لا يؤمنون بأن توفير السكن هو خطوة للاستقرار ولا يعكس الحالة المادية للمستهلك.
وتابع العبيد: «رغم الانخفاض النسبي للأسعار ومشاركة الكثير من البنوك والجهات التمويلية في المعرض، فإنها لم تنعكس على الإقبال بشكل ملحوظ. فلا يزال التركيز على نتائج رسوم الأراضي مسيطرًا على الإقبال، ورغم النقص الحاصل في الإقبال فإن نسب المبيعات تعتبر جيدة وإن كانت أقل من المتوقع، ما يوضح حجم الركود الذي يلف القطاع العقاري ككل»، موضحًا أن ما يميز هذا العام هو عدول «ساما» عن قرارها اشتراط توفير نسبة 30 في المائة لدفعة تملك العقار بالآجل، وتخفيضها إلى 15 في المائة، إلا أن ذلك لم يكن بذلك التأثير المرجو.
إلى ذلك، أوضح بدر السعيد وهو مستثمر عقاري وشريك مطور مشارك في المعرض، أن الإقبال هذا العام أقل من العام الماضي، كما أن المنتجات أيضا أقل من العام الماضي رغم تنامي الحاجة.
وأكد أن فرض الرسوم التي ستطبق مطلع شهر رمضان المقبل أثرت بشكل ملحوظ على الجميع، وأعادت صياغة أداء السوق بشكل عام والمعرض تباعًا، موضحًا أن الرياض تحتاج إلى مئات آلاف الوحدات السكنية في حين أن المعروض في معرض الرياض العقاري بسيط مقابل الحاجة وليس الطلب، والإشاعات المنتشرة أثرت سلبًا على حال السوق.
وعن الطريقة المثلى لخفض الأسعار، ذكر أن أفضل طريقة هي زيادة المنتجات بشكل قياسي وفرض رقابة على أسعارها، لأن الوحدات الجاهزة حاليا والقديمة لن تتأثر.. وإذا تأثرت فإنه سيكون بشكل محدود. معتقدًا بأنهم يجهلون القياس الحقيقي لما سيفضي إليه تطبيق الرسوم على أرض الواقع وأنهم ينتظرون كغيرهم آثار الأمر.
وحول دور وزارة الإسكان في خفض الأسعار أو حتى في تغطية الطلب، أكد السعيد أن شراكة الوزارة مع المطورين مهمة جدًا وتنعش القطاع العقاري، وهي ما تفعله الوزارة الآن، مشيرًا إلى أن مشكلة ارتفاع الأسعار هي أن المطور يبيع الوحدات الجاهزة على التاجر، والتاجر يعيد بيعها على تاجر آخر، حتى يأتي المشتري الذي يشتريها بأسعار عالية نتيجة استخراج كل تاجر فائدته، لكن دخول الوزارة كمنافس سيؤدي إلى بيع المطور مباشرة إلى الوزارة التي ستبيع للمستهلك، متوقعًا المزيد من الازدهار للقطاع العقاري في المستقبل.
واعتبر أن خيار نزول الأسعار لا يزال افتراضيا، قد يحدث وقد يحدث العكس، وأن ضعف الإقبال لا يعني بشكل أو بآخر وجوب الانخفاض فضعف حركة العقار أكملت عقدًا ولم تنخفض الأسعار بالشكل الكبير كما كان متداولا.
وفي شأن متصل، أوضح عبد الرحمن الصالح الخبير العقاري والمستشار لعدد من شركات التطوير العقاري، أن معظم المشاريع المطروحة هي للأراضي المطورة، حيث يلاحظ مدى تأثير قرار فرض الرسوم على تسييل ملايين الأمتار في المعرض العقاري، إلا أنها لم تسهم في خفض حالي للأسعار، مشيرا إلى أن خطوة خفض الأسعار قادمة عندما يتم تطبيق الرسوم على أرض الواقع.
وقال الصالح: «للمرة الأولى منذ سنوات يطغى فرع الأراضي البيضاء على المشاريع الجاهزة، سواء كانت عبارة عن فيلات صغيرة أو شقق، مما يوضح التوجه الجديد للشركات الكبرى ولرجال الأعمال على ضخ الكثير من الأراضي ذات المساحة الشاسعة التي يمتلكونها في السوق في محاولة للحاق بركب ارتفاع الأسعار قبل أن تطبق الضريبة وتنخفض الأسعار رغما عن الجميع».
وعن توقعاته لانعكاسات الطلب الضعيف على مستقبل السوق، أشار إلى أن المعرض هو بيئة مصغرة لعالم القطاع العقاري في الخارج، حيث صدم الكثير من المطورين من ضعف الإقبال رغم تواجد الكثير من قطاعات التمويل مثل البنوك والشركات العقارية، مشيرًا إلى أن القرارات الأخيرة أثرت بشكل ملحوظ على ضعف الإقبال الذي برهنه وبشكل فعلي قلة الإقبال على المعرض.
ورأى أن انخفاض الأسعار هي البداية الحقيقية لعودة السوق لقوتها ونشاطها، وأن المراهنات على الأشياء الأخرى ستثبت فشلها عاجلا أو آجلا، متوقعًا أن يحدث تطبيق الرسوم وتداعياته ما يفرح المواطن بانخفاض الأسعار مهما روج عكس ذلك.
وتوفر وزارة الإسكان لزوار المعرض الاطلاع على مشاريعها الحالية والمستقبلية وبرامجها وخططها التي تستهدف توفير السكن لجميع المواطنين بخيارات متنوعة وجودة عالية وسعر مناسب، إلى جانب البرامج التي يتيحها صندوق التنمية العقارية في إطار ضخ القروض العقارية التي تمكّن المواطنين من بناء وشراء المساكن التي يرغبون فيها ويحظى بنسب كبيرة من الزيارات والاستفسارات.
كما يتيح جناح «الإسكان» لزوار المعرض التعرّف على تفاصيل المشاريع السكنية التي تتوزع في جميع مناطق المملكة، وتشمل الوحدات السكنية الجاهزة من فيلات وشقق وأراضٍ مطوّرة جاهزة للبناء، تتكامل فيها جميع المرافق الخدمية اللازمة من مساجد ومدارس ومراكز صحيّة وأمنية وتجارية وترفيهية وغيرها، إضافة إلى استعراض البرامج التي أطلقتها الوزارة في سبيل دعم وتنظيم قطاع الإسكان ورفع معدلات العرض وتحقيق التوازن الأمثل في السوق المحلية. ومن بين ذلك تأسيس مركز خدمات المطوّرين الذي يهدف إلى تحفيز المطوّرين المحليين والدوليين ذوي الكفاءة في مجال الإنشاء والتعمير للإسهام في ضخّ المزيد من الوحدات السكنية التي تتناسب مع جميع فئات المجتمع، ونظام الرسوم على الأراضي البيضاء الذي يقترب من التطبيق النهائي بعد اكتمال العمل على لائحته التنظيمية.
ويذكر أن القطاع العقاري السعودي يعاني فجوة ملحوظة بين الأسعار الحالية وبين قدرات المستهلكين، الذين يعجزون عن تملك المساكن في ظل وصول الأسعار إلى نسب كبيرة من الارتفاع، ما انعكس بشكل مباشر على الإقبال في المعرض، ويطمح كثيرون إلى أن تتأثر الأسعار بشكل كبير من نتائج فرض الرسوم وهو السيناريو الذي يعتبرونه الفرصة الأخيرة لعودة الأسعار إلى طبيعتها.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».