الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يتحسر بسبب تصدر البلاد أخبار الفساد

السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية حمل السلطات مسؤولية قيام حركة انفصالية

الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يتحسر بسبب تصدر البلاد أخبار الفساد
TT

الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يتحسر بسبب تصدر البلاد أخبار الفساد

الجزائر: أقدم أحزاب المعارضة يتحسر بسبب تصدر البلاد أخبار الفساد

عبّر أقدم حزب معارض في الجزائر عن «حسرته لتصدر بلاده أخبار الفساد والجرائم الاقتصادية في العالم»، في إشارة إلى ضلوع مسؤولين كبار في البلاد في فضائح تتعلق برشاوى واختلاس المال العام، واتهم السلطات بـ«إدارة ظهرها» لمشروع طرحه منذ عامين، قال إنه يوفر مخرجا للأزمة السياسية في البلاد، سماه «الإجماع الوطني».
وقال محمد نبو، السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، في تجمع حضره مناضلو الحزب بأم البواقي أمس (500 كيلومتر شرق العاصمة)، إن تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي «كلفنا ثمنا غاليا.. ثمنا دفعه كل الشعب الجزائري طيلة الفترة الاستعمارية، خصوصا أثناء حرب التحرير الوطني. لكن هذا الوطن المحبوب أصابه التعفن من الداخل جراء الاستخفاف بالجرائم والفضائح»، في إشارة إلى وزير الطاقة سابقا شكيب خليل، الذي يقع تحت طائلة مذكرة اعتقال دولية، لاتهامه بتلقي رشوة بمائتي مليون دولار، لكنه لا يزال حرا طليقا، بعدما عاد الشهر الماضي من مكان إقامته بالولايات المتحدة الأميركية.
وذكر نبو أن «هناك جيلا من الجزائريين لا يعرف عن بلاده سوى مسلسل من العنف والفضائح.. وقد تم تسليم هذا البلد، الذي يضم 40 مليون رجل وامرأة، إلى أشخاص عديمي الكفاءة، وإلى سوء التدبير والرشوة ونهب الثروات المادية، كما هوجم بعنف في ثرواته المعنوية والرمزية»، مضيفا على وقع هتافات مئات المناضلين أن «أزمتنا سياسية وأخلاقية في المقام الأول، ثم هي أزمة اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالأزمة السياسية والأخلاقية هي التي أنتجت الديكتاتورية والاحتقار والمحسوبية والرشوة والإجرام بكل أشكاله. وعندما تحصى الرشوة وسوء التدبير بملايين الدولارات سنويا، فالمشكل أولا سياسي».
وبحسب مسؤول أقدم أحزاب المعارضة، فإنه «عندما يصدم المواطن يوميا بفضائح الرشوة، ولا تفعل السلطات شيئا لوضع حد بصورة جذرية لهذه الجرائم الاقتصادية، فإن استقلالية القضاء ليست هي أصل المشكلة، وإنما وجود الدولة أصلا يصبح على المحك».
وتابع نبو، مبرزا أن الاستخفاف بالجرائم الاقتصادية يعد مشكلا سياسيا كبيرا، «لأنه اعتداء صارخ على الدولة ينفذ من طرف قوي يعمل انطلاقا من مؤسسات الدولة ضد مؤسسات الدولة»، في إشارة إلى صراع قوي داخل النظام، تتحدث عنه الصحافة بشكل دائم، لكن لا أحد يعرف تفاصيله.
ويعاني نظام الحكم في السنوات الأخيرة من ضبابية كبيرة بخصوص الجهة التي تقود البلاد، خصوصا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يحدث الجزائريين منذ 4 سنوات بالضبط، بسبب إصابته بجلطة دماغية أفقدته التحكم في حواسه. ويشاع بأنه شقيقه وكبير المستشارين بالرئاسة هو الحاكم الفعلي حاليا، ولكنه لم يظهر أبدا ولم يصرح للصحافة ولا مرة واحدة، مما يزيد من حالة الغموض التي توجد فيها البلاد.
وتحدث نبَو عن حركة انفصالية بمنطقة القبائل (شرق) تثير جدلا كبيرا بنشاطها، وقال في هذا الصدد «يجب في هذا السياق من الانحراف العام وضع ظهور حركة انفصالية بالقبائل في سياقها العام. فهذه الحركة تشكل أقلية لحد الآن، لكن انحراف الدولة وغياب برنامج للتنمية بمنطقة القبائل، زاد من غلق آفاق المستقبل أمام شباب محروم من الحق في العمل، ومن ممارسة حرياته، ومن ازدهاره الاجتماعي والسياسي والثقافي».
ويرى نبو أن «نضال حزبنا وتعلقنا في جبهة القوى الاشتراكية، بالوحدة الوطنية وسلامة ترابنا قناعة لا تتزعزع، وهي مرتبطة بشكل وثيق بهويتنا السياسية، كما هو الشأن بالتزامنا من أجل الأمازيغية والعناصر الأخرى المكونة للشخصية الجزائرية وللهوية الوطنية»، مشيرا إلى أن مطلب تامازيغث (الاعتراف باللغة الأمازيغية) لا يمكن فصله عن الديمقراطية، إذ لا يمكن تصور تامازيغيث دون الحرية، والحرية مثل الديمقراطية هي مسألة وطنية» حسب تعبيره.
وتم مطلع العام وضع الأمازيغية في الدستور، بوصفها لغة رسمية بجانب العربية. لكن دعاة نشرها في التعليم يشككون في وجود إرادة سياسية من جانب السلطات لإعادة الاعتبار إلى هذه اللغة، وحجتهم في ذلك أن النظام المركزي الذي يميز شؤون الحكم في الجزائر يحول دون تعدد اللغات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.