بكلمات موزونة وحماس حذر، قيم المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بريت ماغيرك نتائج الحملة العسكرية المتواصلة على التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، وعد امتداده الجغرافي وتأثيره الأيديولوجي أبرز تحدٍ أمام المجهودات الدولية للقضاء عليه.
وأكد ماغيرك في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، أمس، في لندن أن التحالف الدولي ضد «داعش» حقق مكاسب استراتيجية مهمة ضد التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا، يتمثل أهمها في قطع الاتصال بين مقاتليه في الموصل والرقة؛ حيث لا يستطيعون السفر بين المدينتين، مضيفا: «ذلك إلى جانب التقدم الذي أحرزناه على الأرض (الذي أعلن عنه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي)، وشمل 40 بالمائة في العراق، و20 بالمائة في سوريا». وشدد المبعوث الأميركي، الذي تزامنت زيارته إلى العاصمة البريطانية مع زيارة الرئيس باراك أوباما، على أهمية «المدن الاستراتيجية التي حررت من قبضة (داعش)، وأبرزها الرمادي».
وبينما أعرب ماغيرك عن قناعته بقدرة التحالف الدولي على محاصرة «داعش» في سوريا والعراق، لم يبد الحماس نفسه حول آفاق القضاء عليه وعلى أيديولوجيته المتطرّفة نهائيا في المدى المتوسط والطويل. وأشار في هذا السياق إلى أن حربا شاملة ضد «داعش» تستوجب مواجهة سبل التجنيد التي يعتمدها على مختلف المستويات، التي تشمل التجنيد من خلال الترغيب وتصوير حياة رفاهية وهناء فيما يسمى بـ«أرض الخلافة»، والتجنيد من خلال نشر مقاطع عنف وإعدامات بشعة، فيما تعتمد طريقة التجنيد الثالثة على نشر أيديولوجيته المتطرفة. وأشاد ماغيرك بهذا الصدد بدور السعودية القيادي الذي ركز على تصحيح المفاهيم (الدينية) ومواجهة الحرب الأيديولوجية التي يشنها أعضاء التنظيم الإرهابي عبر منشوراتهم ووسائل التواصل الاجتماعي.
ولم ينكر ماغيرك، الذي أوفده الرئيس أوباما مبعوثا للتحالف الدولي لمحاربة «داعش» في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 خلفا للجنرال جون ألين، أن طريق القضاء على «داعش» طويلة ومحفوفة بالمصاعب، وحدّد الاستراتيجية المتبعة في الحرب ضد التنظيم الإرهابي في ثلاثة مستويات أساسية؛ الأول يتمثل في تقليص حجم الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم وإمكانياته القتالية، فيما يركز الثاني على مصادر تمويله، أما الثالث فيتعلق بالشبكات العالمية والمقاتلين الأجانب والجماعات الإرهابية التابعة له.
وعن المستوى الأول، قال ماغيرك إنه بالإضافة إلى التقدم الميداني الذي حقق في الأشهر الأخيرة، يستهدف التحالف قيادات التنظيم بشكل خاص؛ حيث «يتم القضاء على قائد بارز كل 3 أيام»، ذاكرا أن أبرز من قتل في غارات التحالف أخيرا أبو عمر الشيشاني وحجي إمام. إلى ذلك، حرص التحالف على استهداف مصادر تمويل التنظيم لإضعاف قدراته القتالية، وهو أمر يتطلب عملا استخباراتيا كبيرا لتجميع معلومات حول أماكن تخزين الأموال، وطرق تداولها. وساهمت عملية قامت بها وحدة قوات أميركية خاصة في سوريا في مايو (أيار) من العام الماضي استهدفت أبو سياف، المسؤول عن العمليات المالية وعمليات بيع وتهريب النفط والغاز، في تجميع كم كبير من المعلومات حول طرق نقل الأموال وتداولها وأخرى حول إنتاج النفط وتصديره. وأضاف: «قمنا باستغلال هذه المعلومات وحولناها إلى حملة عسكرية محكمة. وفي الموصل، تمكن التحالف من تحديد مخازن الأموال التي يصرفها التنظيم لمقاتليه على شكل رواتب، وحطمنها».
واعتبر المبعوث الأميركي أن المستوى الثالث يطرح تحديات كبيرة، ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك طابع التنظيم العالمي؛ حيث يصل عدد المقاتلين الأجانب في صفوفه - وفقا للإحصاءات الرسمية - إلى 40 ألف مقاتلا وفدوا من 110 دولة. لكنه لفت إلى أن قيادات التنظيم أصبحت تدعو مجنديها الجدد، من خلال كتاباتهم، إلى الانضمام إليهم في ليبيا، وأرجع السبب إلى أن سبل الدخول إلى الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» أصبحت محدودة للغاية بعد تشديد تركيا مراقبة حدودها. وأضاف أن هناك جهودا قائمة لتشديد المراقبة على الحدود السورية. واعتبر المسؤول الأميركي هذا التوجه الجديد للتنظيم الإرهابي دليلا على نجاح عمليات التحالف (إلى حد ما). من جهة أخرى، أكد ماغيرك أن «فرص مغادرة المقاتلين الأجانب الأراضي السورية والعراقية، بهدف تنفيذ اعتداءات إرهابية في بلدانهم الأصلية أو لأسباب أخرى، أحياء أصبحت ضئيلة للغاية».
وعن علاقة العائدين من صفوف التطرف في سوريا والعراق بالاعتداءات الإرهابية التي شهدتها أوروبا أخيرا، شدّد ماغيرك على أهمية تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خاصة بعد أن اتضح أن مهندس اعتداءات باريس الثلاثية التي أودت بحياة 130 شخصا عبد الحميد أباعود كان معروفا لدى جهات استخباراتية لنشاطه ضمن التتظيم في الرقة السورية.
أما فيما يتعلق بتنقل القيادات الإرهابية من العراق وسوريا إلى ليبيا بغرض التجنيد، أوضح ماغيرك أن عبورهم للحدود يسهل تعقبهم وبالتالي استهدافهم والقضاء عليهم. وأكد المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة تراقب التطورات الليبية عن كثب.
وقال ماغيرك إن مشاوراته في لندن ستشمل سبل دعم حكومة الوفاق الليبية في طرابلس ودعمها في مكافحة الإرهاب.
وفي هذا السياق، كان الكولونيل ستيف وارن، المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا والعراق، قد حذر في جلسة صحافية مغلقة بلندن في شهر فبراير (شباط) الماضي، من أن تتحول ليبيا إلى وجهة مقاتلي «داعش» الجدد، وقال: إن أبرز سبب لذلك هو أن «العراق لم يعد آمنا للإرهابيين أبدا.. فإن كنت من المقاتلين المتطرفين والتحقت بالتنظيم في العراق، فتأكد أن أيامك معدودة». وكشف الكولونيل عن وجود نحو 3600 جندي أميركي و2700 من 18 دولة مختلفة في التحالف بالعراق يهتمون بتدريب القوات العراقية المحلية، وأشار إلى أنه تم تدريب 20 ألف جندي عراقي وألفي شرطي، فضلا عن 5 آلاف مقاتل في صفوف القوات المحلية السنية.
ماغيرك لـ «الشرق الأوسط»: هجرة «داعش» إلى ليبيا دليل على نجاحنا
المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي أشاد بقيادة السعودية للحرب الأيديولوجية ضد التنظيم
ماغيرك لـ «الشرق الأوسط»: هجرة «داعش» إلى ليبيا دليل على نجاحنا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة