مواقف متضاربة في روسيا حول نتائج تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها بمحادثات جنيف

نفت أن تكون طائراتها قد تعرضت لطائرات إسرائيلية وثمنت المحادثات مع نتنياهو

مواقف متضاربة في روسيا حول نتائج تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها بمحادثات جنيف
TT

مواقف متضاربة في روسيا حول نتائج تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها بمحادثات جنيف

مواقف متضاربة في روسيا حول نتائج تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها بمحادثات جنيف

رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن أحدًا لن يخسر نتيجة تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها في محادثات جنيف لتسوية الأزمة السورية. وخلال مؤتمر صحافي في العاصمة الأرمينية يريفان يوم أمس الجمعة وصف لافروف قرار وفد «الهيئة» بأنه «عملية معافاة للمفاوضات السورية»، معربًا عن اعتقاده بأنه «إذا غادر ساحة المفاوضات أولئك الذين يرفضون الاعتراف بالأسس التي أقرها مجلس الأمن الدولي، فإن أحدًا سواهم لن يخسر جراء ذلك» حسب تعبيره. إلا أن لافروف بدا يناقض نفسه حين أشار إلى أن ما يقصده بالأسس التي أقرها مجلس الأمن هو أن «السوريين وحدهم فقط يقررون خلال المفاوضات بشأن القضايا المتعلقة بمصير بلدهم»، متجاهلاً أن «الهيئة العليا للمفاوضات» كيان سوري وطرف مفاوض باسم المعارضة السوري بصفة رسمية، بموجب نص الدعوة التي وجهها إليه الوسيط الأممي ستيفان دي ميستورا، وأنها تطرح القضايا المصيرية وفق ما نصت عليه القرارات الدولية، وفي إطار المفاوضات السورية - السورية.
وفي تكرار شبه حرفي لتصريحاته التي أطلقها منذ أيام، عاد لافروف وذكّر خلال مؤتمره الصحافي يوم أمس بأن روسيا كانت تطالب بضم «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» إلى قائمة الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية، إلا أنها قبلت بالحلول الوسط ومنحتهما فرصة من أجل التوصل السريع لوقف إطلاق النار في إطار الاتفاقات ضمن المجموعة الدولية لدعم سوريا، حسب قوله. وكرّر اتهاماته لكل من «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» بأنهما «يثبتان تشاطرهما بما فيه الكفاية الأساليب المعادية للإنسانية التي يتبناها داعش وجبهة النصرة الإرهابيان».
من جهة أخرى، تحدث لافروف حول انسحاب شخصيات من «الهيئة» بسبب ما ادعى أنه «اعتراضهم على وجود للمتطرفين ضمن الهيئة بما في ذلك قادة جيش الإسلام»، وهو الأمر الذي نفاه قلبا وقالبا أكثر من متحدث باسم «الهيئة» ومن أكثر من تيار معارض ممثل فيها. وبالأسلوب ذاته واصل لافروف انتقاداته لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» مقللاً من شأنها حين زعم أن صفة «هيئة عليا» أطلقوها هم على أنفسهم، مضيفًا أنهم «ليسوا مجموعة المعارضة الوحيدة، وهناك مجموعات موسكو والقاهرة ومجموعة المعارضين من مطار حميميم، فضلاً عن مجموعة مستقلة من الشخصيات المعارضة المحترمة صاحبة النفوذ»، كما حث المبعوث الأممي دي ميستورا على مواصلة المفاوضات واللقاءات مع الوفود الأخرى.
ولكن على النقيض من موقف لافروف المقلل من أهمية وتأثير قرار «الهيئة العليا للمفاوضات» بتعليق مشاركتها في جنيف، كان مجلس الأمن القومي الروسي أكثر موضوعية في تعامله مع الأمر، وإدراكه لخطورة الموقف. فلقد عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس اجتماعًا مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي وهم: رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية ومديرون الأجهزة الأمنية، ورؤساء مجلسي البرلمان، وغيرهم، وأعرب هؤلاء خلاله عن «بالغ قلقهم» بسبب «التدهور الخطير للوضع» في المفاوضات السورية في جنيف، حسب قول دميتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي.
بيسكوف الذي وإن لم يوضح ما الذي دفع مجلس الأمن القومي الروسي لاعتبار أن الوضع في المفاوضات يشهد تدهورًا خطيرًا، كان واضحًا تماما أن القصد كان تعليق «الهيئة العليا للمفاوضات» مشاركتها في مفاوضات في جنيف. وإلى ذلك، وفي شأن متصل، نفت روسيا على لسان بيسكوف المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية حول إطلاق مقاتلات روسية النيران مرتين على طائرات إسرائيلية، وأكد بيسكوف في تعليقه على تلك الأنباء أن «معلومات الصحافة الإسرائيلية بعيدة تمامًا عما كان في الواقع»، دون أن يوضح ما الذي كان أو جرى في الواقع.
وبخصوص محادثات بوتين مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يوم أول من أمس في الكرملين، أشار بيسكوف إلى أنها «تناولت بصورة رئيسية الوضع في سوريا فضلاً عن الوضع في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام»، موضحًا أن المحادثات جرت ضمن ثلاثة أطر، هي «محادثات في إطار ضيق، ومحادثات بحضور الوفود من الجانبين، وكذلك محادثات وجها لوجه بين بوتين ونتنياهو».
أما نتنياهو، الذي وصل إلى موسكو حاملاً معه ما وصف بجملة الهواجس الأمنية لإسرائيل على ضوء تطورات الوضع في سوريا، وتزايد النفوذ الإيراني هناك، فقد أعرب عن ارتياحه لنتائج محادثاته مع بوتين. وقال إنه حقق خلالها «إنجازين كبيرين، الأول في مجال الأمن، والثاني في المحال الاجتماعي». ووفقا لتوقعات المراقبين فإن النتائج التي يشير إليها نتنياهو في مجال الأمن قد تظهر قريبا بشكل أو بآخر في سوريا، وتحديدًا فيما يخص النفوذ الإيراني هناك، ذلك أن نتنياهو عبر بوضوح في مستهل محادثاته مع بوتين عن قلقه من احتمال وصول أسلحة متطورة إلى ما يسمى «حزب الله» عبر سوريا والعراق، وأن تتحوّل الجولان إلى جبهة جديدة مع إسرائيل. ويرى مراقبون أن نتنياهو يشير ضمنًا إلى إيران التي تزود ما يسمى «حزب الله» بأسلحة وتحاول قلب المعادلة في المنطقة بما يخدم مصالحها عبر دفع ما يسمى «حزب الله» وميلشيات طائفية أخرى لإشعال جبهة الجولان مع العدو الصهيوني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.