في بغداد نصبت المشانق في ساحة التحرير تهديدًا للمسؤولين الفاسدين

قيادية في مظاهرات التيار المدني: اعتصامات البرلمانيين «نكتة»

متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد يلوحون بالأعلام العراقية ويهتفون ضد الفساد والرئاسات الثلاث (أ.ف.ب)
متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد يلوحون بالأعلام العراقية ويهتفون ضد الفساد والرئاسات الثلاث (أ.ف.ب)
TT

في بغداد نصبت المشانق في ساحة التحرير تهديدًا للمسؤولين الفاسدين

متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد يلوحون بالأعلام العراقية ويهتفون ضد الفساد والرئاسات الثلاث (أ.ف.ب)
متظاهرون عراقيون في ساحة التحرير ببغداد يلوحون بالأعلام العراقية ويهتفون ضد الفساد والرئاسات الثلاث (أ.ف.ب)

تعم العاصمة العراقية فوضى المظاهرات والاعتصامات، حتى إن هذه الاعتصامات تشابكت وتداخلت، وصار المتابع للأحداث لا يعرف من يعتصم ضد من، ومن يتظاهر ضد من.
الشعب العراقي منذ 2011 يتظاهر ويعتصم في ساحة التحرير ببغداد وفي شوارع بقية المدن العراقية ضد الحكومة، بسبب الفساد والمحاصصة الطائفية وغياب الخدمات، ونواب في البرلمان يعتصمون في مبنى مجلس النواب ضد رئاسة المجلس التي تضم رئيس البرلمان، سليم الجبوري ونائبيه، ورئيس الحكومة، حيدر العبادي مطالبين بتغييرهم ظاهرا، وبعضهم طامعون لأنفسهم وكتلهم السياسية ومكوناتهم الطائفية بتلك المناصب، ومناصب أخرى تشمل حقائب وزارية ووكلاء وزراء ورؤساء الهيئات المستقلة وسفراء.
ومنذ يوليو (تموز) الماضي خرجت مظاهرات كبيرة قادها التيار المدني الديمقراطي المستقل، وتكررت كل يوم جمعة، وبدأت الأعداد تنحسر حتى دخول مقتدى الصدر وتياره (الصدري) على خط المظاهرات التي تحولت إلى اعتصامات منذ أكثر من أسبوعين، ليرتفع اليوم عدد المعتصمين والمتظاهرين الذين يتجمعون من كل المحافظات العراقية إلى مئات الآلاف.
الاعتصامات حولت الصدر، الذي كان، هو الآخر، قد اعتصم داخل المنطقة الخضراء أربعة أيام، من زعيم ديني إلى سياسي ثوري، مع الحفاظ على موقعه الديني، إذ يتمتع «الصدر» بنفوذ بين طبقات الفقراء وينظر إليه أتباعه، بصفته رمزا مدافعا عن هذه الفئات المحرومة، وهو اليوم من يضع خطط حركة المعتصمين، فقبل أكثر من أسبوع أنهى اعتصامهم عند حدود المنطقة الخضراء ليعود قبل ثلاثة أيام ويجمعهم في ساحة التحرير أمام بعض الوزارات للضغط على الوزراء لتقديم استقالاتهم. وبلغ الحماس ببعض أتباع الصدر أن ينصبوا المشانق في ساحة التحرير، مما خلق حالة من الاستياء لدى غالبية العراقيين، واعترض كل من التيار المدني الديمقراطي والتيار الصدري على وضع المشانق، أول من أمس، حيث تم رفعها أمس.
وإذا كان حراك غالبية العراقيين - خاصة المتظاهرين والمعتصمين - الشعبي السلمي هذا مشروعا ومن أجل تحقيق مطالب طبيعية، فإنهم يسخرون من اعتصامات البرلمانيين واصفيهم بأنهم «تحركوا دفاعا عن مصالحهم ولركوب موجة الاحتجاجات الشعبية ولدفع تهم الفساد عن غالبيتهم»، كما تؤكد الناشطة المدنية انتصار جبار.
وقالت جبار «نحن خرجنا متظاهرين في 2011 ضد حكومة نوري المالكي مطالبين بإنهاء حالات الفساد والمحاصصة الطائفية وتوفير الخدمات والأمن والاستقرار وإرساء قواعد دولة مدنية لا يتدخل رجال الدين في سياستها»، مشيرة إلى أن «المالكي قمع بالقوة مظاهرات 2011 مستخدما كل وسائل العنف ضدنا، لكننا عدنا في يوليو (تموز) الماضي إلى ساحة التحرير بعد أن استفحلت سرقات المسؤولين للمال العام، وغابت الخدمات وأوشكت الدولة على الإفلاس، ولم نحصل سوى على الوعود من رئيس الحكومة(العبادي)».
وحول دخول التيار الصدري وزعيمه على خط الاعتصامات، قالت انتصار، وهي قيادية في تنسيقية بغداد للمظاهرات «نحن والتيار الصدري ننسق مواقفنا ومظاهراتنا ولسنا متحالفين معهم، وعندما وجدنا مطالبهم تتناسب وتلتقي مع مطالبنا، وإن جميعهم من الطبقات الفقيرة والمسحوقة والذين ندافع عنهم»، مشيرة إلى أن «هناك لجنة تنسيقية تتفق مع منسقي اعتصامات التيار الصدري، فهم أعدادهم كبيرة تبلغ مئات الآلاف ولم تحدث أي تقاطعات أو إملاءات من قبلهم».
ووصفت جبار اعتصامات البرلمانيين بـ«النكتة» وقالت «نحن لم نؤيدها، أين كانوا طوال هذه السنوات؟ لماذا لم يحاربوا الفساد، لماذا لم يتنازلوا عن امتيازاتهم طوال هذه السنوات ويستقيلوا وينضموا إلينا»؟ وأضافت: «بين البرلمانيين المعتصمين فاسدون، وسرقوا الملايين، ومنهم من اعترف علنا بأنه تسلم رشاوى، مثل مشعان الجبوري، وحنان الفتلاوي التي اعترفت في برنامج تلفزيوني أنها والجميع تقاسموا الكعكة (الكيكة)، وتقصد الامتيازات، وغيرها، واليوم عندما ارتفعت درجة حرارة المظاهرات وأوشك بركان الشعب على الانفجار اعتصموا في بناية مجلس النواب، وهو اعتصام ذو خمس نجوم». منبهة على أن «هناك 50 نائبا من كتلة دولة القانون التي يتزعمها المالكي الذي يمني نفسه بالولاية الثالثة لرئاسة الوزراء ولكن هيهات أن يحصل هذا».
وعن الحلول التي تعتقدها مناسبة لتحقيق طلباتهم، قالت «نحن نريد محاكمة الفاسدين واسترجاع المال العام وإرساء أسس دولة مدنية توفر الحقوق والفرص للجميع وإنهاء حكم الحزب الواحد، وأعني حزب الدعوة بزعامة المالكي الذي خرب العراق وأشاع الفساد والسرقات والاعتقالات وأفسد القضاء».
في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية، انتشرت خيام المعتصمين الذين يهتفون تارة ضد الفساد وتغيير الرئاسات الثلاث، وتارة يستريحون ليدخلوا في نقاشات سياسية مطولة، وقال المعتصم رضا حسين من مدينة الصدر (الثورة) لـ«الشرق الأوسط»، «أنا خرجت في مظاهرات 2011، ومنذ يوليو (تموز) الماضي وأنا مع مجموعة كبيرة من شباب المدينة نخرج في مظاهرات مع التيار المدني الديمقراطي، نعم أنا من أنصار الصدر، وزعيم التيار حريص على خدمة العراقيين ونحن هنا نعتصم من أجل تحسين ظروفنا الصعبة بسبب فساد المسؤولين وسرقاتهم لأموالنا وإهمالهم لحقوقنا»، مشيرا إلى أن «الخراب يعم كل شيء، المستشفيات والمدارس والجامعات والبنى التحتية ناهيك عن سوء الأوضاع الاقتصادية».
وأضاف حسين، قائلا «ما نقوم به إجراء دستوري وقانوني ونحن هنا للضغط على الحكومة لتشكيل وزارة تكنوقراط ومحاكمة الفاسدين، ولن نرتاح قبل أن نرى حيتان الفساد في قفص الاتهام أمام قضاء نزيه فنحن لسنا مع وجود مدحت المحمود، رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي غير مصير العراق بقراراته الفاسدة بعد أن قبض الثمن، وغدا (اليوم) سنتظاهر أمام مجلس القضاء ضد وجود رئيسه وأعضائه».



برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.