عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي: العلاقات الثنائية تعيش أفضل فتراتها التاريخية منذ مجيء الملك سلمان

شان ويردي لـ «الشرق الأوسط» : أنقرة والرياض انتقلتا إلى «تحالف متعدد الجوانب»

البرلماني فوزي شان ويردي
البرلماني فوزي شان ويردي
TT

عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي: العلاقات الثنائية تعيش أفضل فتراتها التاريخية منذ مجيء الملك سلمان

البرلماني فوزي شان ويردي
البرلماني فوزي شان ويردي

رأى عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، فوزي شان ويردي، أن العلاقات بين تركيا والسعودية «تشهد واحدة من أفضل فتراتها طوال تاريخ البلدين»، مشيرا، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى أن العلاقات الثنائية «اتخذت اتجاهًا إيجابيًا بشكل أكبر، بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في السعودية على وجه الخصوص، واليوم، نجد أن العلاقات بين البلدين، ليست قائمة فقط على علاقات ثنائية متبادلة، بل يمكننا القول إنها وصلت إلى مستوى التحرك بشكل مشترك من أجل إيجاد حلول للقضايا الإقليمية»، معتبرا أن العلاقات بين تركيا والسعودية «قد تحولت من علاقات حذرة إلى تحالف متعدد الجوانب». وأعرب النائب التركي عن اعتقاده «بأن العلاقات بين البلدين ستسير في اتجاه إيجابي في المستقبل. في الواقع، وبالنظر إلى حجم التأثير والوزن الذي يملكه كلا البلدين في العالم الإسلامي».
وفيما يأتي نص الحوار:
* ماذا تتوقعون من قمة منظمة التعاون الإسلامي التي ستعقد في إسطنبول؟
- يجب بداية التركيز على المواضيع التي ستتناولها القمة، سيما أن انعقادها تحت شعار «الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام»، وبالتزامن مع حالة الفوضى والأحداث التي يشهدها عموم المنطقة الإسلامية بفعل الأنظمة الظالمة، يكسبها أهمية خاصة في هذا السياق. إن العالم الإسلامي بات اليوم في أمس الحاجة إلى تحقيق السلام، والتخلص من الأزمات وأجواء الحروب التي شهدها في السنوات الخمس الأخيرة على وجه الخصوص.
إنه لمن المهم جدًا، تناول أعمال القمة مواضيع تشمل ربط الإسلام بالإرهاب في الغرب، والإسلاموفوبيا، والأضرار التي لحقت بالعالم الإسلامي بسبب التنظيمات الإرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة، والتوترات التي ظهرت بين البلدان الإسلامية، بسبب مرحلة الربيع العربي، وكذلك التوترات التي تصاعدت في المنطقة جراء التنافر المستند إلى أسباب طائفية بين الشيعة والسنة، لأن تقييم هذه القضايا، التي تعد أهم المشكلات الرئيسية التي تواجه العالم الإسلامي، والبدء في بذل الجهود لاتخاذ التدابير اللازمة، سيشكلان خطوة إيجابية على صعيد تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ومما لا شك فيه أن سفر وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إسطنبول، ومشاركته في أعمال القمة، يشكلان تطورًا مهمًا، فضلاً عن أن هذه الزيارة إلى تركيا، ستكون الأولى من نوعها لوزير مصري بعدما شهدته مصر عام 2013م. وبطبيعة الحال، فإن هذا التطور يوفر مساهمة إيجابية في تطبيع العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، يجب ألا يعد هذا الحدث على أنه تغيير في موقف تركيا تجاه ما حصل، سيما أن الموقف التركي تجاه الانقلابات العسكرية ليس في مصر وحدها، بل في جميع أنحاء العالم، واضح للغاية، فالتاريخ أظهر مرارًا وتكرارًا، أن الانقلابات العسكرية تشكل أكبر عقبة أمام الديمقراطية والتقدم. وعليه، فأنا أعتقد ضرورة تقييم مشاركة وزير الخارجية المصري، ضمن إطار تسليم مصر الرئاسة الدورية لمنظمة التعاون الإسلامي لتركيا لمدة سنتين.
* كيف تنظرون إلى العلاقات بين دول العالم الإسلامي؟ وما الذي تحتاجه هذه العلاقات لتصبح على المستوى المطلوب؟
- للأسف، لم يتحقق السلام والاستقرار في أرجاء العالم الإسلامي، منذ إزالة الدولة العثمانية من المسرح العالمي وحتى الآن. لقد استهدفت وحدة المجتمع المسلم فور تفكك الدولة العثمانية، وقد نجحوا في ذلك ولو جزئيًا. أما الآن، فتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة قدر الإمكان، وبالتالي ضمان عدم رأب الصدع وعودة التحام مجتمعاتها مجددًا. وأعتقد أننا بحاجة إلى تقييم وصول كل من العراق وسوريا وليبيا إلى نقطة مواجهة خطر التقسيم، في هذا الإطار.
رغم جميع هذه الصعوبات فإنني أعتقد بأن المشكلات القائمة في المنطقة تشكل فرصة حقيقية بالنسبة إلى شعوبها، فالأحداث الجسام التي شهدتها المنطقة الإسلامية كشفت القوى الطامعة في هذه المنطقة ونياتها، إلا أنها ساهمت في الوقت عينه في شحذ همم هذه المجتمعات وعودة روح التضامن إليها. ولعل العملية العسكرية التي جرت بمشاركة 14 بلدًا إسلاميًا ضد جماعة الحوثيين والجماعات الإرهابية الأخرى المدعومة من قبل إيران في اليمن لخير مثال على ذلك التعاون. إضافة إلى ذلك، أرى ضرورة تناولنا الحديث اليوم عن تشكيل جيش إسلامي ضد الإرهاب في ذات الإطار، ذلك لأن التجربة في أفغانستان والعراق وسوريا، وجميع التجارب الأخرى أظهرت بأن لا توجد أي قوة في المنطقة قادرة على حل جميع المشكلات التي يمر بها الإقليم بمفردها. وعليه، فإن أخذ بلدان المنطقة زمام المبادرة وتوحدهم لحل المشكلات القائمة في هذه المرحلة على وجه التحديد، بات يشكل حاجة مُلحة لدول وشعوب المنطقة.
* كيف تنظرون إلى الزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى تركيا؟
- لقد شكلت العلاقات التركية السعودية موضوع نقاش لفترة طويلة من الزمن، وركزت تلك النقاشات على شكل تلك العلاقات، وإذا ما كانت تنافسية بين الطرفين، أو شكلا من أشكال التعاون.
ومع ذلك، فإن شكل تلك العلاقات كانت في إطار التعاون المتبادل، أكثر من كونها تنافسية، رغم أنها شهدت صعودًا وهبوطًا من وقت إلى آخر، بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة عامة.
ووفق قناعتي، فإن العلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية، تشهد واحدة من أفضل فتراتها طوال تاريخ البلدين، وقد اتخذت العلاقات الثنائية اتجاهًا إيجابيًا بشكل أكبر، بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في السعودية على وجه الخصوص، واليوم، نجد أن العلاقات بين البلدين ليست قائمة فقط على علاقات ثنائية متبادلة، بل يمكننا القول إنها وصلت إلى مستوى التحرك بشكل مشترك، من أجل إيجاد حلول للقضايا الإقليمية، ولعب دورٍ ريادي ضمن دول المنطقة، سيما أن تناول الجانبين التركي والسعودي مواضيع إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، في إطار الزيارة التي يجريها العاهل السعودي إلى تركيا، يشكل نقطة مهمة للغاية في هذا السياق، خصوصا أن المقاربة السعودية القريبة جدًا من المقاربة التركية حيال أزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية واليمنية، تلقى ترحيبًا كبيرًا من قبل تركيا. وأعتقد أن دفاع البلدين عن وجهات نظر مشتركة سيقدم مساهمة كبرى في وضع حلول للأزمات، ومكافحة الإرهاب، والتقارب بين الدول الإسلامية.
* ما مستقبل العلاقات التركية - السعودية؟ وما سبل التعاون بين البلدين؟
مما لا شك فيه أن العلاقات بين تركيا والسعودية قد تحولت من علاقات حذرة إلى تحالف متعدد الجوانب، وأعتقد أن العلاقات بين البلدين ستسير في اتجاه إيجابي في المستقبل. في الواقع، وبالنظر إلى حجم التأثير والوزن الذي يملكه كلا البلدين في العالم الإسلامي، نستطيع القول بأن مثل هكذا خطوة تعد مسألة ضرورية، خصوصا أن إحدى القوى الأربع في المنطقة، أي مصر، تعاني من وطأة صعوبات اقتصادية خطيرة، وهي بحاجة إلى فترة طويلة لكي تحقق الاستقرار السياسي اللازم، أما القوة الأخرى، وهي إيران، فإن سياساتها باتت محط انتقاد شديد لكثير من الخبراء في المنطقة، الذين باتوا يعدون أن سياساتها الطائفية خصوصا في اليمن وسوريا، تشكل تهديدًا كبيرًا على المنطقة. وهكذا، وفي مثل هذه الأجواء، أصبح التحرك المشترك لتركيا والسعودية، الدولتين القويتين الأخريين في المنطقة، يكتسب بعدًا أكثر أهمية.
وإلى جانب كل ذلك، أصبحت تركيا بفضل السياسات التي وضعتها الحكومات المتعاقبة لحزب العدالة والتنمية، مركز جذب موثوق للاستثمارات، وهو ما زاد من اهتمام رجال الأعمال السعوديين الراغبين في الاستثمار بتركيا. في الواقع، انعكس كل ذلك على مستوى التجارة بين البلدين، فوصل حجم الاستثمارات السعودية المباشرة في تركيا خلال السنوات الخمس الماضية، إلى 558 مليون دولار أميركي. وإلى جانب ما سبق، فإن تخطيط المملكة العربية السعودية الراغبة في تطوير البنى التحتية للحد من الاعتماد على النفط وتوفير تنمية اقتصادية متوازنة، لتنفيذ مشاريع تضمن توفير فرص للعمل، وإقامة مشاريع استثمارية بقيمة 613 مليار دولار حتى عام 2020. يعني أنها ستكون سوقًا مهمة جدًا بالنسبة إلى الشركات التركية ورجال الأعمال الأتراك، خلال السنوات المقبلة، سيما أن الانخفاض في أسعار النفط، دفع السعودية نحو مجالات جديدة، وتركيا من جهتها توفر فرصًا مهمة وواعدة في هذا الصدد.
* هل سترفع تركيا من حجم مشاركتها في القوة الإسلامية لمكافحة الإرهاب؟ وهل تعتقدون أن هذا التحالف قادر على تغيير الأوضاع في المنطقة؟
- تركيا، بلدٌ كافح الإرهاب لسنوات طويلة، وطالما أكدت أيضًا على أن مكافحة الإرهاب غير ممكنة من خلال قيام دولة واحدة بذلك، خصوصا أن التنظيمات الإرهابية، وللأسف، باتت تتلقى دعمًا على نطاق عالمي، إلى جانب اكتسابها القدرة على التحرك بالتنسيق مع ديناميات مختلفة جدًا، وأن نماذج مثل «القاعدة» و«داعش» لخير دليل على ذلك، فضلاً عن أن حرص العالم الغربي على محاربة الإرهاب بما يتناسق فقط مع مصالحه، وعدم وضعه نهج مكافحة فعّالة للإرهاب، شجَّع تلك الظاهرة وأكسبها مستوى أكبر من العدوانية.
عندما نأخذ جميع هذه الحقائق في عين الاعتبار، نجد أننا بتنا في حاجة ماسة إلى البدء في حركة ضد المنظمات الإرهابية، التي باتت تتوسع في المنطقة الإسلامية. نحن اليوم في حاجة إلى وحدة عسكرية، أكثر من أي يوم مضى، سواء كان اسمها الجيش الإسلامي لمكافحة الإرهاب أو اسما آخر. تركيا مستعدة لدعم أي إرادة لمكافحة الإرهاب، كما دعمت التحالف الإسلامي العسكري و«عاصفة الحزم»، لذلك أعتقد أن اجتماع القمة، والزيارة التي أجراها العاهل السعودي إلى أنقرة، قد استحوذتا على قدر عالٍ من الأهمية، سيما أن مشاركة 56 بلدًا إسلاميًا في اجتماع قمة يتناول في أحد مواضيعه مكافحة الإرهاب تعد حدثًا مهمًا وواعدًا يبعث على الأمل والتفاؤل بأن تتمخض عنه قرارات ملموسة.
وبطبيعة الحال، فإن قدرة التشكيل العسكري المزمع إنشاؤه على انتهاء ظاهرة الإرهاب والمشكلات التي تعاني منها المنطقة مسألة مفتوحة للنقاش، ولكن من المؤكد أن ذلك الإجراء سيقلص المسافات وسيشكل ورقة ضغط على الدول التي تقف موقف المتفرج إزاء مكافحة الإرهاب. ولذلك، ستعمل تركيا بكل حزم لمكافحة الإرهاب داخل حدودها وفي المنطقة، وستدعم التشكيلات التي ستسير على هذا النحو.
* ما سبل التعاون في شأن الملف السوري وإنهاء معاناة السوريين؟
لقد كشفت أحداث سوريا ملفات إيران الطائفية والإمبريالية في المنطقة، كما أظهرت مرة أخرى سياسات الكيل بمكيالين للدولة بالمعنى العالمي، وقد فتح الموقف الغربي مما يحدث في سوريا نقاشات تتمحور حول الإرهاب الجيد والإرهاب السيئ.
اتخذت تركيا موقفًا مبدئيًا من هذه القضية، ووقفت إلى جانب الشعب السوري، ودافعت عن ضرورة رحيل نظام الأسد الذي هو مصدر المشكلة، واقترحت أيضًا إنشاء منطقة آمنة ضمن سوريا وفرض منطقة حظر جوي. لكن المقترح التركي ولسوء الحظ لم يلق قبولاً. والآن علينا أن نسأل العالم أجمع السؤال التالي، لو أن المقترح التركي حول سوريا لقي قبولاً هل كنّا لنتحدث اليوم عن كل هذه الخسائر في الأرواح؟ وهل كانت مشكلة اللاجئين لتتحول إلى مشكلة عالمية؟ وهل كان العالم ليشاهد الأجساد الغضّة وهي تضرب شواطئ البحار؟ بالطبع، وباعتراف كثير من الدول التي لم توافق على ذلك المقترح، لو أن العالم استمع إلى تركيا وقتئذ، لما وصلت معاناة الأبرياء في سوريا إلى هذا الحد.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».