«ضيافة» هو الموقع الإلكتروني الجديد الذي أطلقته وزارة السياحة في لبنان، بهدف الترويج للسياحة الريفية. ويهدف هذا الموقع الذي يشبك 30 بيتا للضيافة معا، موزّعة على مختلف المناطق اللبنانية، إلى إبراز خصائص كل منها، وتسهيل خيارات السائح الشغوف في التعرف إلى معالم ومواقع سياحية بيئية في لبنان وفق ميزانية معقولة.
فأسعار الإقامة في تلك البيوت التي يحمل كل منها مشهدا من مشاهد عمارة لبنان التراثية أو طبيعته الساحرة، تتراوح بين 30 و80 دولارا في الليلة الواحدة، وذلك حسب حداثة الخدمات التي يقدمها.
* 30 بيت ضيافة بمتناول يديك من خلال موقع «Diyafa.org»
«بيت الياسمين» و«أوبرج بيتي» و«بيت الأشقر» و«بيت عيتنيت» و«بيت الألف» و«بيت الهنا» و«بيت الكروم»، هي بعض بيوت الضيافة التي في إمكانك التعرف إليها عن كثب من خلال موقع «Diyafa.org». فبمجرد أن تدخله من جهازك الحاسوب، تظهر أمامك أسماء 30 بيتا للضيافة في لبنان، مما يسمح لك وبأسلوب واضح وسهل الاطلاع على خصائص كل منها، من حيث النشاطات التي بإمكانك ممارستها فيها، أو من خلال الخدمات السياحية المتوفرة لديها. فبدءا بمواصفات المنامة وكلفتها ومرورا بأنواع رياضات معينة وصولا إلى نوعية الأطباق المقدمة، هي المعلومات التي يزودك بها الموقع عن كل بيت ضيافة ينتسب إلى عائلتها. وقد أرفقت هذه المعلومات بصور فوتوغرافية تلقي الضوء على الهندسة المعمارية لها والأجواء الطبيعة المحيطة بها. وتنتشر هذه البيوت على مناطق لبنانية عديدة كصور، والبقاع، والشوف، وزحلة، وجبيل، وحدث الجبة، وغيرها. ولإنجاز هذا الموقع والتابع لمشروع (LIDCD)، تم التعاون فيه مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (usaid)، ووزارة السياحة في لبنان لإطلاقه. أما الجهة المنفذة له فهي مؤسسة (أنيرا) التي أخذت على عاتقها إبراز هذه المواصفات، بعدما استعانت بنتائج دراسة قامت بها على حوالي 12 بلدا أجنبيا، تناولت فيها العناصر الأساسية التي ترتكز عليها السياحة الريفية، والتي تشكل مصدرا أساسيا في مجال الخدمات الترويجية في تلك البلدان أمثال جنوب أفريقيا وفرنسا. وتؤكد ميسون قربان، مديرة مؤسسة (أنيرا)، أن أهم العناصر التي تم إدراجها في هذا المشروع أخذت بعين الاعتبار المواصفات العالمية التي على أساسها يتم تسمية بيوت الضيافة لديها بصورة رسمية. وقالت: «هي بيوت تشبهنا بهويتها وأجوائها، وتشكل عمودا من أعمدة السياحة الداخلية الناجحة. كما أنها مع الوقت ازدادت تطورا على صعيد الخدمات التي تقدمها، أو على صعيد المواصفات التي تتمتع بها لتواكب حياتنا اليوم».
* «بيت الضيافة» أفضل من الفندق أم العكس صحيح؟
لا يمكن مقارنة خدمات بيوت الضيافة بتلك التي تقدمها الفنادق، فهي لا تشبه بعضها كما أنها لا تختلف أجواؤها عن تلك التي يبحث عنها السائح في المناطق الريفية. فالأصالة والعودة إلى الجذور هما العنوانان العريضان لتلك البيوت، التي تعرف نازليها عن لبنان القرية وطبيعتها الخلابة، إضافة إلى معالم ومواقع أثرية وسياحية تكتنف بعضها. كما تدخلنا في صلب الحياة القروية وبتفاصيلها اليومية، بحيث يمكن لروادها أن يشاركوا أهل القرى بقطاف الزيتون والعنب والتفاح مثلا، كما تفتح لهم فرصة الاحتكاك المباشر بأهالي تلك القرى من خلال جلسات السهر والسمر التي تدور معهم، أو من خلال أطباق تحضر لهم بأياد ربات منازل يقيمون في تلك القرية. هذه العناصر مجتمعة تولد علاقات وطيدة بين السائح وأرض لبنان، تترجم بتفاصيل صغيرة تحدث الفرق ما بينها وبين الإقامة في فندق خمسة نجوم.
وتشير ميسون قربان إلى أن هذه الحميمية التي تفرضها تلك البيوت بين نازليها وأصحابها، تولد ذلك الشعور القوي بالحنين إلى تلك الأماكن، حتى بعد مغادرتها من قبل السائح. «هي تحمل في طياتها حياة اجتماعية من نوع آخر، ترتكز على البساطة والابتعاد عن قواعد البروتوكول والإتيكيت التي تتحكم في إقامتنا في الفنادق، ذلك لا يعني أننا هنا بصدد العيش في أجواء بدائية، بل استرجاع أيام كانت فيها ممارسة رياضة المشي، أو العمل في الحديقة وتناول أطباق الكشك والمجدرة ومفروكة البطاطا من أهم أركانها؛ حياة يعمها سلام الطبيعة وهدوء الليل ونوم عميق في أحضان جبل أو واد مع أفراد العائلة، بعيدا عن الضغوط الحياتية اليومية التي نعيشها في عصرنا الحالي تشكل العناوين الرئيسية لها» تضيف ميسون قربان لـ«الشرق الأوسط».
* نشاطات وتسالٍ
تتنوع النشاطات وأنواع التسالي التي تقدمها لك بيوت الضيافة في لبنان. فبينها ما يؤمن لك دليلا سياحيا ليرافقك في جولاتك في المنطقة التي تختارها، بحيث تتعرف على معالمها الأثرية ومواقعها القديمة والزراعة المشهورة فيها، كما في استطاعتك أن تمضي ساعات جميلة في ممارسة رياضة المشي في أزقتها وزواريبها الحجرية الضيقة، أو في دروب استحدثت ضمن الطبيعة لممارسة هوايتك هذه فيها. وبعض تلك البيوت تؤمن لك أماكن تسلية، بحيث تستطيع أن تقضي أوقاتا رائعة مع أفراد عائلتك، وأنت تمارس رياضة السباحة أو الدراجة الهوائية وغيرها من الرياضات التي تتناسب والسياحة الريفية عامة.
ومن النشاطات الأخرى التي في استطاعتك إدخالها على روزنامة برنامجك اليومي، تناول الطعام في أحد المطاعم المتخصصة في تقديم أطباق من المطبخ اللبناني العريق، الذي يصب في خانة العودة إلى الجذور.
لا تغيب في بعض تلك البيوت ملامح الحياة العصرية، فصحيح أن بعضها يستقبلك في غرف نوم من العقد أو الحجر الصخري، وفي أجواء بعيدة عن التقنيات الإلكترونية، لكن بعضها الآخر أخذ في عين الاعتبار حاجات ملحة يطالب بها النازل أثناء إقامته فيها كالأجهزة الإلكترونية والكهربائية.
* سياحة ريفية
أحد الأهداف التي تصب في الترويج للسياحة الريفية، هو تنمية دور المرأة في القرية اللبنانية، فالأعمال الحرفية التي تتقنها إضافة إلى الأطباق الغذائية التي تحضّرها، أخرجتها من القوقعة التي كانت تعيشها في الماضي. فوجود سياح من ناحية وزوار دائمين لتلك البيوت من ناحية ثانية، دفعها إلى إبراز مواهبها الدفينة في مجال العمل، ولو في مساحة محلية صغيرة، بحيث استطاعت غالبية تلك النساء اللاتي هن بمجملهن ربات منازل، أن توفرن دخلا إضافيا إلى بيوتهن الزوجية يساعدهن في عيش حياة كريمة. وقد تعاونت الجامعة الأميركية مع مؤسسة (أنيرا) في هذا الصدد، بحيث وضعت لوائح بنوعية الأطباق التي تقدم في تلك البيوت، والمصنوعة من مواد طبيعية بعيدا عن أي مكونات صناعية، لدعم المرأة العاملة في المناطق الريفية في مجال الطهي.
** لمحة عن بعض «بيوت الضيافة» في لبنان
* من المتوقع أن ينضم إلى لائحة بيوت الضيافة (30 بيتا) الموجودة حاليا على شبكة موقع «ضيافة» الإلكتروني، بيوت أخرى قد يصل عددها إلى الستين، بعد أن تنجز اختبارا تطبيقيا تفرضه عليها مؤسسة (أنيرا). هذا الاختبار الذي يشمل التدريب على تأمين مواصفات الجودة في تلك البيوت من خلال نظافة العاملين فيها أو مستوى تقديم خدماتها، إضافة إلى سلامة الغذاء في أطباقها، تشكل الخطوط العريضة التي يجب أن تتمتع بها.
وهنا نذكر أسماء بعض بيوت الضيافة المندرجة على لائحة موقع «ضيافة» الإلكتروني، للتعرف إلى بعض من مواصفاتها.
«بيت الكروم»: يقع بيت الكروم في مدينة زحلة البقاعية، ويبعد خمس دقائق عن ساحتها الرئيسية. ميزته تكمن في أجوائه المتأثرة بشخصية صاحبته إيرين معلوف البرازيلية واللبنانية الأصل، والتي جمعت الثقافات التي تعرفها في هذا البيت المضياف. يتضمن «بيت الكروم» مساحات شاسعة في الهواء الطلق؛ حيث تحلو الجلسات الصيفية. كما يتميز بتقديمه نشاطات مسلية، كالقيام بجولات في الشوارع القديمة لمدينة زحلة وزيارة مواقعها الأثرية، إضافة إلى زيارات سياحية لبلدات مجاورة كعنجر وكسارة وغيرهما. كما تقدم وجبات غداء وعشاء تتضمن أطباقا تقليدية محضرة بخضار مقطوفة من سهل البقاع، وأخرى عالمية ترضي جميع الأذواق. أما كلفة تمضية ليلة واحدة فيها فتبلغ 70 دولارا للشخص الواحد.
* منتزه أرز أهمج: يقع في وسط بلدة إهمج، ويديره مجموعة من الشباب اللبناني التابع لجمعية التنمية لغابة الأرز في إهمج. تشرف بلدية إهمج على جميع النشاطات التي يقدمها المنتزه، بحيث تؤمن دليلا سياحيا لزائرها ليختار ما يرغب فيه من نشاطات رياضية وأخرى مسلية تدور في المنتزه نفسه أو في بلدة إهمج. كما تقدم له لائحة بأسماء المطاعم والوجبات المعروفة في البلدة. أما سعر الإقامة فيه فهي 30 دولارا للشخص الواحد.
* «بيت باز» للضيافة: يقع في بلدة بعدران الشوفية، وهو كناية عن موقع تراثي بامتياز، بعد أن حوله صاحبه نزيه باز من منزل لأجداده إلى بيت ضيافة عريق.
في «بيت باز» للضيافة ستسنح لك الفرصة بتمضية وقت بعيد كل البعد عن ضوضاء المدينة، هناك في إمكانك تناول طعامك في الهواء الطلق في أحضان الطبيعة، وكذلك التعرف على أكبر مجموعة أعشاب مزروعة في محيطه، وزيارة مصانع تقليدية (لصناعة الحرير مثلا)، والوقوف أيضا على طبيعة الأرض والمعالم الأثرية المتخصص بها صاحب البيت. الإقامة في بيت باز ولليلة واحدة تبلغ كلفتها 35 دولارا للشخص الواحد.
* «بيت الهنا»: يقع في بلدة معاصر الشوف، وهندسته المعمارية وأجواء الطبيعة المحيطة به تنقلك بصورة مباشرة إلى الريف اللبناني الأصيل. اختار صاحبه سليم نصر تفاصيل صغيرة ليستثمرها في استضافة السائح الذي يقصده، من خلال غرف «العقد» القديمة التي حولها للمنامة أو للاستقبال، أو من خلال الأثاث القديم الذي وزعه على طريقة أهل القرية في أنحاء البيت؛ مما جعله مدموغا بلمسة عراقة وأصالة نفتقدها في بيوتنا في المدينة. جلسات جميلة تحت خيم طبيعية صنعتها أشجار الكرمة أو السنديان والحور، تلفتك في «بيت الهنا»؛ حيث تمضي لحظات جميلة ومريحة في أحضانه. ويقوم سليم نصر بتنظيم جولات سياحة داخلية في منطقة الشوف لمحبي التعرف على طبيعة لبنان الغنية، كما يوفر لهم وجبات غداء وعشاء في غرفة الطعام الخاصة بالبيت، أو في أحد المطاعم الكثيرة الموجودة في منطقة الشوف، التي تقدم أشهى الأطباق اللبنانية الأصيلة.