وقف إطلاق النار يبدأ الليلة.. وهادي يجتمع بالفريق الحكومي للتفاوض

وزير الخدمة المدنية: نأمل في التزام المتمردين وفي تحويل الهدنة إلى وقف دائم للنار

مقاتلون يمنيون من قوات الشرعية الموالية لحكومة الرئيس هادي في معسكر في محافظة مأرب قبل تنفيذ وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)
مقاتلون يمنيون من قوات الشرعية الموالية لحكومة الرئيس هادي في معسكر في محافظة مأرب قبل تنفيذ وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)
TT

وقف إطلاق النار يبدأ الليلة.. وهادي يجتمع بالفريق الحكومي للتفاوض

مقاتلون يمنيون من قوات الشرعية الموالية لحكومة الرئيس هادي في معسكر في محافظة مأرب قبل تنفيذ وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)
مقاتلون يمنيون من قوات الشرعية الموالية لحكومة الرئيس هادي في معسكر في محافظة مأرب قبل تنفيذ وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

يبدأ عند منتصف ليل اليوم (الأحد) سريان وقف إطلاق النار في جبهات القتال في اليمن، في ضوء الاتفاق الذي أعدته الأمم المتحدة، تمهيدا لذهاب الأطراف اليمنية إلى جولة مفاوضات جديدة في دولة الكويت، في الـ18 من الشهر الحالي. وفي إطار استعدادات الحكومة اليمنية وتجاوبها مع المساعي والجهود الأممية لوضع حد للنزاع في اليمن، عقد فريق المشاورات الحكومي (فريق التفاوض) اجتماعا، أمس، في العاصمة السعودية الرياض، برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي وبمشاركة نائب الرئيس، الفريق الركن علي محسن الأحمر، ورئيس الوزراء، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، للمرة الأولى منذ تعيينهما في منصبيهما الجديدين.
وقال عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخدمة المدنية والتأمينات، إن اجتماع أعضاء الفريق السياسي والمشاورات، تركز على الفريق الذي سيمثل الشرعية اليمنية، في المشاورات مع طرف الانقلابيين في الكويت، مشيرًا إلى أن ظروف التغييرات الحكومية الأخيرة، أدت إلى تغيير في فريق المشاورات، حيث أضيف سالم الخنبشي، محافظ حضرموت الأسبق، بدلاً عن الدكتور أحمد بن دغر الذي ترأس مجلس الوزراء. وأضاف جباري، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إن رغبة الحكومة الشرعية في الجولة المقبلة، تتضمن السلام المبني على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والذي يؤكد على عودة مؤسسات الدولة، وتسليم الأسلحة، مشيرًا إلى أن الاجتماع بحث الجهود السياسية والأوضاع الميدانية، التي تجري في اليمن، ومعاناة المواطنين.
وأردف جباري: «نحن مع أي موقف ثابت في أي جهد يؤدي إلى تطبيق القرار 2216، ويحفظ حقوق اليمنيين بأكملهم، بما فيهم الحوثيون، ويضمن لهم العيش في كنف الدولة الشرعية اليمنية»، وأشار نائب رئيس الوزراء اليمني إلى أن الاجتماع تطرق إلى الهدنة الذي تبدأ في ساعة متأخرة من مساء اليوم (الأحد)، حيث ستصدر الرئاسة اليمنية، بيانا حول ذلك، مؤكدا أن الشرعية اليمنية «ملتزمة وموافقة على الهدنة، ووقف إطلاق النار، وأملنا أن يتم في هذه الهدنة الشروع في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، ونتمنى تحويل هذه الهدنة إلى وقف إطلاق النار دائمًا».
وأكد وزير الخدمة المدنية والتأمينات اليمني، أن «هناك لجنة عسكرية من الحكومة الشرعية، ستبدأ عملها مساء اليوم، أي بعد سريان الهدنة التي أعلنها، إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، وذلك لرصد التجاوزات إن كان هناك أي تجاوز، كما أن لجنة من وفد الانقلابيين، لرصد ما يجري، واللجنتان تعملان تحت مراقبة الأمم المتحدة، ولكن الأهم هو ترجمة كل هذه القرارات على أرض الواقع وتنفيذها». وذكر المسؤول اليمني البارز وهو عضو، أيضا، في فريق المشاورات اليمني إلى جولة المفاوضات في الكويت، أن «جدول أعمال المرحلة المقبلة في 18 أبريل (نيسان)، ثابت ولم يتغير منذ جنيف2، حيث نريد تطبيق مطالبنا على أرض والواقع، من إعادة مؤسسات الدولة، وتسليم الأسلحة، وإطلاق سراح المعتقلين».
في السياق ذاته، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن الحكومة اليمنية ستذهب إلى «المشاورات من أجل السلام وبروح الفريق الواحد لتنفيذ تلك التطلعات في وقف الحرب وتسليم الميليشيا للسلاح وغيرها من الالتزامات التي نص عليها القرار الأممي 2216، والشروع في استئناف العملية السياسية وتنفيذ الاستحقاقات الوطنية التي توافق عليها أبناء شعبنا اليمني، من خلال مخرجات الحوار الوطني، ومسودة الدستور التي كانت وستظل محل إجماع الشعب اليمني بمختلف بمكوناته السياسية، الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني، والمرتكزة على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية». وأضاف هادي: «لدينا الرغبة في السلام والسعي الحثيث لتحقيقه بما يحقق الأمن والأمان، وذلك انطلاقا من مسؤولياتنا الإنسانية والأخلاقية تجاه أبناء شعبنا اليمني كافة من المهرة وحتى صعدة».
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» أن هادي استعرض، خلال اجتماعه بفريق المشاورات، «مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية بشقيها الميداني والسياسي»، وكذا «الجهود والمساعي التي تبذل من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة لإحلال السلام في اليمن وفقًا للمرجعيات المتمثلة في تنفيذ القرارات الأممية وآخرها القرار 2216»، مشيدا ببطولة «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف مواقع الشرف والبطولة والدفاع عن الأرض والعرض بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة». ونسبت الوكالة إلى المجتمعين تأكيد «دعمهم لجهود القيادة السياسية الداعية والتواقة للسلام الذي يؤسس لمستقبل آمن بعيدًا عن المناورة والتكتيك وترحيل الأزمات، السلام الدائم المبني على قرارات الشرعية الدولية وخصوصا القرار الأممي رقم 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل».
ورغم اقتراب موعد وقف إطلاق النار، الذي اقترحه الأمم المتحدة وستشرف على تنفيذه، فإن الساحة اليمنية شهدت تصعيدا ميدانيا متسارعا، خاصة من جانب الميليشيات الانقلابية في معظم جبهات القتال، فقد واصلت الميليشيات تعزيز جبهاتها بالمقاتلين والمعدات العسكرية، حيث أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين أرسلوا المزيد من المقاتلين والآليات العسكرية من صعدة نحو محافظة الجوف المجاورة، في ظل استمرار تصعيدهم في محافظات: تعز والبيضاء وشبوة والجوف ومأرب وكرش في محافظة لحج.
وتشهد دولة الكويت اجتماعات مكثفة تستبق سريان هدنة وقف إطلاق النار، وبحسب ما أعلن فإن فريقين يمنيين يشاركان في عملية الإشراف على التهدئة ووقف إطلاق النار، والفريقان أحدهما يتبع الحكومة اليمنية، والآخر عُين من قبل المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، تحت إشراف مباشرة من فريق الأمم المتحدة. وفي ضوء ما سرب من معلومات ومقتطفات من مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، فإن على الفريقين الالتزام بمعايير عالية في الأداء المهني، إضافة إلى عدم الإدلاء بمواقف أو تعليقات، من أي نوع، لوسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي.
وقد تباينت ردود فعل الشارع اليمني إزاء وقف إطلاق النار المفترض، فما عكسته آراء عدد من المواطنين لـ«الشرق الأوسط»، يشير إلى عدم ثقة لدى قطاع واسع من اليمنيين في التزام المتمردين بوقف إطلاق النار. وتكاد كل الآراء تجزم بأن مرحلة التهدئة أو الهدنة، ليست سوى محطة بالنسبة للحوثيين لالتقاط الأنفاس، فيما أعرب آخرون عن أملهم في نجاح هدنة وقف إطلاق النار، لاعتقادهم أن ذلك يمثل نسبة كبيرة من نسب نجاح المفاوضات المقبلة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.