هيت ثاني أكبر مدينة في الأنبار تستعيدها القوات العراقية من «داعش»

إجلاء 10 آلاف عائلة من المدينة والعمليات مستمرة على أطرافها

قوات مكافحة الإرهاب العراقية في وسط هيت (رويترز)
قوات مكافحة الإرهاب العراقية في وسط هيت (رويترز)
TT

هيت ثاني أكبر مدينة في الأنبار تستعيدها القوات العراقية من «داعش»

قوات مكافحة الإرهاب العراقية في وسط هيت (رويترز)
قوات مكافحة الإرهاب العراقية في وسط هيت (رويترز)

تمكنت القوات الأمنية العراقية من تحرير مدينة هيت، ثالث أكبر مدن محافظة الأنبار بعد الرمادي والفلوجة، وأصبحت بذلك ثاني المدن الكبيرة التي تم تحريرها بالكامل من سيطرة تنظيم داعش بعد الرمادي. وأعلنت «قيادة العمليات المشتركة» عن دخول قوات مكافحة الإرهاب، وأحد ألوية الفرقة 16. إلى مركز مدينة هيت، ومطاردة مسلحي تنظيم داعش الذين خسروا المعركة وتكبدوا الكثير من الخسائر البشرية والمادية.
وقال المتحدث الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول الزبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية العراقية تمكنت وبإشراف وتخطيط قيادة العمليات المشتركة من تحرير مدينة هيت بالكامل ورفع العلم العراقي فوق مبانيها، بعد أن وصل أبطال قوات جهاز مكافحة الإرهاب واللواء 73 الفرقة 16 إلى مركز مدينة هيت». وأضاف الزبيدي: «إن القوات الأمنية هي الآن في مركز هيت، وإن مقاتلينا يواصلون المعارك المشرفة، والعمليات مستمرة لتحرير كل المناطق المجاورة للمدينة».
وأشار الزبيدي إلى أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من إجلاء أكثر من 10 آلاف عائلة نزحت من مدينة هيت باتجاه قطعات الجيش وتسهيل نقلهم إلى مناطق كبيسة»، فيما نصحت قيادة العمليات الأهالي المتبقين بالابتعاد عن كل مواقع «داعش» في المناطق المتبقية، قائلة: «إنها أهداف للطيران العراقي».
إلى ذلك، بدأت العائلات النازحة من مدينة الرمادي في العودة إلى مناطقها بعد غياب عن المدينة تجاوز أكثر من سنة. وقال محافظ الأنبار صهيب الراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من 12 ألف عائلة نازحة عادت إلى مناطقها السكنية في مدينة الرمادي خلال الأيام الماضية بعد إكمال تطهير المدينة وتنظيف مناطقها من الألغام والعبوات والمخلفات الحربية، وتم استقبال العائلات من قبل اللجنة الأمنية التي شكلناها لهذا الغرض من أجل سلامة عودة الأهالي دون تسلل الإرهابيين بينهم».
وأضاف الراوي: «إن كثيرا من المناطق التي حررتها القوات العراقية من قبضة تنظيم داعش الإرهابي لم تتعرض إلى دمار كبير وتتوفر فيها بنى تحتية جعلتها مؤهلة لاستقبال النازحين العائدين، ومن بينها الأجزاء الشرقية من مدينة الرمادي، مثل أحياء الصوفية والصديقيّة والسجارية». وأشار الراوي إلى تشكيل لجان من الحكومة المحلية وقوات الأمن لتسهيل إجراءات عودة النازحين، مشيرا إلى توفير بعض الخدمات الأساسية للعائلات النازحة.
إلى ذلك، طالب عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، راجع بركات العيساوي، قيادة عمليات بغداد بسماح عبور العائلات العالقة في نقطة تفتيش منطقة الشعب، مبينا أن هذه الأسر تسعى إلى التوجه إلى المحافظة، وهناك من يعرقل دخولها إلى بغداد للتوجه منها إلى الرمادي. وقال العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «إن أكثر من 100 أسرة من أهالي الأنبار عالقة في سيطرة الشعب ببغداد تمنع عمليات بغداد عبورها»، مبينا أن «تلك الأسر نازحة وتروم العودة إلى مناطقها المحررة، وهناك من يتعمد منعهم من الدخول إلى العاصمة ثم التوجه إلى الرمادي».
إلى ذلك، أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، عن تشكيل «لواء الفلوجة» من أبناء العشائر لتحرير المدينة والسيطرة على الأرض، لافتة إلى أن تدريب اللواء وتسلحيه بإشراف التحالف الدولي في قاعدة الحبانية. وقال عضو اللجنة علي داود إن «رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وافق على تشكيل لواء الفلوجة من أبناء مدينة الفلوجة حصرا»، مبينا أن «الهدف منه المشاركة بتحرير المدينة ومسكها بعد التحرير». وأضاف داود، أن «اللواء قوامه 2500 مقاتل وتم إدخال فوجين منه في دورات تدريبية في قاعدة الحبانية العسكرية 30 كيلومترا (كلم) شرق الرمادي ولمدة أسبوعين». وأكد داود «إن اللواء ستشرف على تدريبه وتسليحه وتجهيزه قوات التحالف الدولي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.