اتفاقية تعيين الحدود بين السعودية ومصر ضربة في وجه المشككين في عمق العلاقات

بعد التوقيع ترفع إلى الجهات الدولية لتوثيقها

اتفاقية تعيين الحدود بين السعودية ومصر ضربة في وجه المشككين في عمق العلاقات
TT

اتفاقية تعيين الحدود بين السعودية ومصر ضربة في وجه المشككين في عمق العلاقات

اتفاقية تعيين الحدود بين السعودية ومصر ضربة في وجه المشككين في عمق العلاقات

أجمع متخصصون في الشأن السياسي، على أن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية ومصر، التي وقعها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، تؤكد على أن هناك إرادة سياسية بين البلدين لحل كل الموضوعات العالقة، ورسم صورة واضحة لأهمية العلاقة بين الجانبين على المدى البعيد.
وأكد الخبراء السياسيون، أن هذه الاتفاقية لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، تؤسس لمرحلة قادمة من الأمن والاستقرار لعموم المنطقة العربية، وتبعث رسائل قوية عن عمق العلاقات السعودية المصرية، وخصوصا أن مثل هذه الاتفاقيات ترفع للمنظمات الدولية وتوثق في الجهات القضائية.
وأشار إبراهيم آل مرعي، الخبير الاستراتيجي، إلى أن ترسيم الحدود بين الدول بصفة عامة، هو أحد عوامل الاستقرار، سواء كان بريا أو بحريا، وإبرام هذه الاتفاقية لملف عالق بين السعودية ومصر، يشير إلى إنهاء هذا الملف بشكل أخوي من قبل القيادتين في مصر والسعودية، وهي الطريقة الواضحة والموثقة في حل بعض الملفات العالقة بين الدولتين، لافتا إلى أن هذه الاتفاقية سترفع إلى الأمم المتحدة والجهات القانونية في المجتمع الدولي، لتثبيتها لتكون وثيقة قانونية رسمية.
وشدد آل مرعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن توقيع الاتفاقيات الحدودية من أهم عوامل الاستقرار بين الدول، ونرى كثيرا من الحروب التي نشبت أو الخلافات أو النزاعات، يعود إلى أن هناك حدودا لم ترسم، واستمر الحال لسنوات تجاوزت 40 عاما، لذلك فإن القيادتين في السعودية وفي مصر تدركان حساسية مثل هذه الملفات، فسارعتا في إيجاد الحلول لها، من خلال توقيع هذه الاتفاقية، موضحا أن الكثير من الدول في العالم العربي لم ترسم حدودها، فأصبحت هناك ملفات عالقة بين الأشقاء، لذا السعودية حريصة على أن يكون هناك ترسيم للحدود البرية والبحرية مع كافة الدول، حتى لا يكون هناك خلافات مع الدول الشقيقة، ومن أهمها مصر.
وحول بيان «الإخوان المسلمين»، أكد آل مرعي، أن السعودية عندما تتعامل مع مصر فهي تتعامل مع جمهورية مصر العربية، أيا كان الرئيس؛ لأن مصر بشعبها وأرضها وعمقها الاستراتيجي هي التي تتعامل معها السعودية، فأي بيان، أو أي اعتراض على ما وقعته السعودية ومصر، يعد غير مهم ولا ينظر إليه، فهناك من يريد ويسعى إلى أن تكون هناك علاقات متوترة بين السعودية ومصر، سواء كانت تلك الجهات أحزابا، أو دولا، لا تريد هذا التقارب السعودي المصري الذي سيضمن الاستقرار في العالم العربي. وهذه الاتفاقية بين دولتين، وليست بين حزبين أو فئتين، وستبقى هذه الاتفاقية ثابتة وراسخة وقوية، لتؤكد تقارب الإرادة السياسية، ولا يوجد هناك من يلغي هذه الاتفاقيات التي تؤسس لمرحلة مقبلة من الأمن والاستقرار.
من جهته، قال الدكتور عبد الله العسكر، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحدود البحرية مع مصر لم ترسم منذ سنوات، وكانت هناك اتفاقيات جانبية لم تفعل، وخصوصا أن السعودية تمتلك كثيرا من الجزر في البحر الأحمر كانت موضع خلاف، بعد أن سلمتها السعودية لمصر إبان حربها مع إسرائيل، لتستفيد منها مصر بشكل مؤقت، لافتا إلى أن هذه الاتفاقية بين القيادتين السعودية والمصرية، ستعجل بحل كل المشكلات الحدودية البحرية.
وأكد الدكتور العسكر، أن السعودية تمتلك كل الوثائق التاريخية التي تؤكد امتلاكها كثيرا من الجزر في البحر الأحمر، وهو ما يعرف بالجغرافيا السياسية، ولم تحدث حول هذه الجزر مشكلات في وقت سابق بين السعودية ومصر، وهذا هو الوقت الملائم لتصحيح المسار بتوقيع هذه الاتفاقية التي ستتيح للجان ما بين البلدين وضع كل الأطر القانونية التي تضمن حقوق الجانبين.
ولفت إلى أن هناك عوائد استراتيجية كبيرة، كون هذه الجزر مهمة لاعتبارات عدة، منها أنها تعطي قيمة مضافة إلى البلد مالكة هذه الجزر، لكونها في البحر الأحمر، وتشكل ممرا مائيا استراتيجيا دوليا مهما جدا، فكونك تملك جزرا على البحر، ليس بالأمر السهل، إذ يمكنك أن تقيم عليها مدنا صناعية وسياحية، وموانئ لإعادة الشحن والتصدير، وهذه من الفوائد الاقتصادية بخلاف الفوائد السياسية.
وأضاف الدكتور العسكر، أن العامل الثاني يتمثل في ضرورة توقيع مثل هذه الاتفاقيات، وفي هذه المرحلة التي تشهد تعاقبا في الحكومات واختلافا في الرؤى في عموم المنطقة العربية، فلا يكون هناك مدخل للمشكلات بين الدول أو ملجأ للإرهاب، أو تستولي عليها إحدى الدول الراعية للإرهاب، أو إسرائيل، لتكون ذريعة لتحتك بشكل مباشر أو غير مباشر مع السعودية.
وأكد عضو لجنة الشؤون الخارجية، أن هذا الاتفاق على تعيين الحدود، نابع من إرادة سياسية لحلها، قد يكون هناك نقاط يطول الاتفاق عليها، فيكون هناك الاحتكام للحقوق التاريخية، وإن اختلفوا توجهوا إلى المحكمة الدولية، كما حدث ما بين البحرين وقطر، إلا أن المبدأ لحل الملفات العالقة يؤكد على أهمية العلاقات بين البلدين.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.