المحكمة الإسرائيلية تقرر السجن مدة عام على طفل فلسطيني في الحادية عشرة

أصغر سجين في العالم.. واحد من 400 قاصر فلسطيني في سجون الاحتلال

المحكمة الإسرائيلية تقرر السجن مدة عام على طفل فلسطيني في الحادية عشرة
TT

المحكمة الإسرائيلية تقرر السجن مدة عام على طفل فلسطيني في الحادية عشرة

المحكمة الإسرائيلية تقرر السجن مدة عام على طفل فلسطيني في الحادية عشرة

رفضت محكمة إسرائيلية في القدس، أمس، طلب عائلة الطفل علي علقم (11 عامًا)، الذي يعد أصغر أسير في العالم، إطلاق سراحه، وقررت إبقاءه في حجز داخل مؤسسة داخلية مغلقة لمدة عام، عقابا له على تنفيذه عملية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ففي حينه، حاول الطفل برفقة طفل آخر، هو ابن عمه معاوية، طعن فتى إسرائيلي. وقد أطلق جنود حرس الحدود الإسرائيليون النار عليه وأصابوه بجروح خطيرة، في حين اعتقل معاوية. ونقل علي إلى مستشفى «هداسا عين كارم»، في القدس الغربية، حيث مر بعلاج طويل، انتهى الأسبوع الحالي، وكان يفترض إطلاق سراحه، إذ إن القانون الإسرائيلي لا يجيز اعتقال أطفال دون سن الرابعة عشرة. وقد جرى سن قانون جديد يجيز الاعتقال لأطفال تحت سن 14 عاما، حتى جيل 12 عاما. ويبدو أن حكم محكمة الصلح في القدس، بإبقاء الطفل المذكور في الحجز، يستهدف الانتظار حتى بلوغه السن القانونية، ومن ثم محاكمته من جديد. وعلى الرغم من سنه الصغيرة، وإجماع العلماء على أن طفلا في هذا العمر لا يكون مسؤولا عن تصرفاته، قررت المحكمة التعامل معه باعتباره إرهابيا بكل معنى الكلمة. وجاء في قرارها، أنه وبعد سنة، سيُجرى نقاش آخر في المحكمة، حول مصير الطفل علقم، وسيتقرر بناء على وجهة نظر المؤسسة، ما إذا سيتم الإبقاء عليه أم لا.
أمّا فيما يخص الطفل معاوية علقم (14عامًا)، الذي كان مع «علي» وقت الحادثة، فقد أفاد محاميه يوسف حداد، بأنه من المقرّر أن تُعقد جلسة استماع للشهود من قبل الطرفيْن، في الـ18 من الشهر الحالي. وأشار إلى أنه سيسعى لإثبات أن الطفل معاوية لم تكن لديه النية للقتل كما تدّعي النيابة العامة، حيث اعترف بنفسه أنه كان ينوي فقط «أن يضرب لا أن يقتل». وأضاف، أن معاوية رفض أن يكون في مؤسسة مغلقة، وفضّل أن يكون داخل سجن إسرائيلي، حيث كان في معتقل «هشارون»، واليوم يقبع في سجن «مجدو». ورأى المحامي حداد، أن الاحتلال يسعى للانتقام من ذوي الأطفال، ويضع مصلحة «الدولة» فوق كل شيء، لذلك يعتبر (الاحتلال) وجود «علي» في الخارج خطرًا.
وكانت منظمات الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، مثل «نادي الأسير الفلسطيني» وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، قد أعلنت، أمس، أن إسرائيل تعتقل أكثر من 400 طفل وقاصر فلسطيني في سجونها. وكشفت أن أعمار هؤلاء الأطفال تتراوح بين 12 و17 عاما، من بينهم 16 فتاة أصغرهن ديما الواوي (12 عاما) من محافظة الخليل. وأوضحت أن من بين المعتقلين من يقضون أحكاما بالسجن الفعلي، وآخرين رهن التوقيف، فيما صدر بحق عدد آخر أوامر اعتقال إداري، وهم موزعون على اثنين من السجون المركزية الإسرائيلية «عوفر» و«مجدو». وأشارت إلى أنه منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي شهدت قضية الأطفال تحولا على صعيد ارتفاع عدد من اعتقلوا، أو من خلال ما أقره الاحتلال من قوانين عنصرية بحقهم، أو مشاريع قوانين. وطالب نادي الأسير المؤسسات الحقوقية الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، بذل جهود أكبر لحماية الأطفال الفلسطينيين. ومنذ الأول من أكتوبر الماضي، تتواصل موجة توتر بين الفلسطينيين وإسرائيل أدت إلى مقتل 201 فلسطيني من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، و34 إسرائيليا، بحسب إحصائيات رسمية.
وقالت هيئة الأسرى، إن الأطفال الفلسطينيين «يحتجزون في ظروف قاسية ومخالفة لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحدثت عن ضرورة إعطاء الأطفال حقوقهم، واحترام خصوصيتهم، والسماح لهم بالعيش بحرية وأمان». وأضافت الهيئة، في بيان لها، بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، الذي صادف أمس: «في هذا اليوم، يتوجب أن نتحدث بكل واقعية ومنطقية، بأن استمرار الهجمة الشرسة على الأطفال القصر، بهذا الشكل وبهذه الطريقة، ينذر بخطورة كبيرة ويدفعنا إلى تحمل مسؤولياتنا حتى نتمكن من الضغط على هذا المحتل بكل طاقاتنا، للتخفيف عن أطفالنا وما يرتكب بحقهم من جرائم مستمرة». وطالبت الهيئة المؤسسات الدولية والحقوقية كافة بتحمل مسؤولياتها تجاه الأطفال الفلسطينيين، وبأن يكون للصليب الأحمر والأمم المتحدة، وكل العاملين في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية: «دور حقيقي في مساءلة إسرائيل عن ممارساتها وتصرفاتها اللاأخلاقية واللاإنسانية».
من جهتها، قالت حركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إن «إسرائيل» قتلت 45 طفلا بالضفة الغربية وقطاع غزة، منهم 5 طفلات منذ بداية انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر الفائت حتى بداية الشهر الجاري، إلى جانب آلاف المصابين. بينما لا تزال قوات الاحتلال تحتجز جثماني الطفلين حسن مناصرة ومعتز عويسات، منذ استشهادهما قبل نحو خمسة أشهر. وقالت الحركة، إن سلطات الاحتلال استغلت أيضا الهبة الشعبية لسن قوانين واتخاذ إجراءات تزيد من تغولها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، تمثل ذلك بحملة تحريضية على القتل، كانت الترجمة الفعلية لها في تطبيق سياسة الإعدامات الميدانية بحق الأطفال.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».