أباطرة المال ومليارات البث التلفزيوني داهما آرسنال من حيث لم يتوقع

من ملعب هايبري إلى استاد الإمارات.. الهوة تزداد اتساعًا

لقطة من مباراة آرسنال وليستر سيتي في دوري عام  2004 (آرسنال فاز باللقب وسيتي هبط للدرجة الأدنى) (الشرق الأوسط)
لقطة من مباراة آرسنال وليستر سيتي في دوري عام 2004 (آرسنال فاز باللقب وسيتي هبط للدرجة الأدنى) (الشرق الأوسط)
TT

أباطرة المال ومليارات البث التلفزيوني داهما آرسنال من حيث لم يتوقع

لقطة من مباراة آرسنال وليستر سيتي في دوري عام  2004 (آرسنال فاز باللقب وسيتي هبط للدرجة الأدنى) (الشرق الأوسط)
لقطة من مباراة آرسنال وليستر سيتي في دوري عام 2004 (آرسنال فاز باللقب وسيتي هبط للدرجة الأدنى) (الشرق الأوسط)

كانت لندن ساطعة ومشرقة في اليوم الأخير للموسم قبل 12 عاما. أدى لاعبو آرسنال رقصة الكان كان على ملعب هايبري (ملعب آرسنال السابق في ضاحية هايبري بلندن) وهم يغنون: «نحن لا نقهر». وبعد شوط أول كانت فيه المباراة سجالا، فاز الفريق 2-1، لإكمال موسم كامل من دون خسارة في الدوري.
في أعقاب هذا الإنجاز المجيد كان هناك حديث مثير عن هجوم على أوروبا باعتبارها الساحة الأخيرة التي يطمح الفريق إلى اقتحام حدودها. وصف آلان هانسن (لاعب أسكوتلندي لمع مع ليفربول سابقا كقلب دفاع ومعلق رياضي حاليا) آرسنال في ذلك الوقت بأنه «أكثر فريق متدفق ومدمر رأته الجزر البريطانية». وتساءلت آمي لورنس (محررة رياضية في صحيفة في «الأوبزرفر البريطانية): «هل هناك أفضل من هذا؟» نعم. بالنسبة إلى آرسنال، نعم كان هناك أفضل من هذا، رغم أن قليلين هم آنذاك من كانوا يعتقدون ذلك.
كان كيفين ماك كارا في «الغارديان» واحدا من القلة الذين رفعوا صوت التحذير، وتساءلوا عما إذا كان الانتقال إلى ملعب جديد يمكن أن يقيد الإنفاق على الانتقالات بشدة. على مسافة ما يقرب من 7 أميال إلى الجنوب الغربي، كان كلاوديو رانييري (مدرب ليستر سيتي حاليا) يراقب فريق تشيلسي وهو يفوز على ليدز يونايتد 1-0. ومع هذا، فقد كان مصيره قد حسم بالفعل. قال الوداع «تحسبا»، لكن بينما كان يطوف حول الملعب في جولة شرفية مثيرة للمشاعر ويهتف الجمهور باسمه، كان الجميع يعرفون أنه كان في طريقه للرحيل. قال رانييري: «أنا حزين لأنني كنت أتمنى لو أكملت المهمة. لكن الأساسات والروح قد تم غرسهما في هذا النادي والفجوة تضيق مع آرسنال. لاعبو فريقي أقوياء ومقاتلون، ويمكنهم أن يتحسنوا من دوني. وربما كان مستقبل جيد ينتظر تشيلسي». وكان هذا صحيحا.
لكن ما لم يكن أحد يتخيله آنذاك كان احتمال أن يفوز رانييري بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) قبل آرسين فينغر (مدرب آرسنال الحالي)، وأنه في المرة التالية التي يعود فيها إلى ستامفورد بريدج، في اليوم الأخير للموسم، بعد 12 عاما، يمكن أن يحصد لقب الدوري الإنجليزي. ولا شك في أن أحدا لم يفكر في أنه يمكن أن يحقق هذا مع الفريق الذي خسر على ملعب هايبري في ذلك اليوم؛ فريق كان قد تأكد هبوطه قبل أسبوعين في ذلك الوقت: ليستر سيتي.
إن أسباب حالة الركود التي يمر بها آرسنال كثيرة وقتلت بحثا، من فكر فينغر المتحفظ إلى الوداعة المفرطة لهذه المجموعة من اللاعبين، لكن انظر إلى السنوات الـ12 الماضية وستجد في التفاصيل قضية كبرى أيضا. وليس معنى هذا أن نقول إن هذا هو التفسير الوحيد أو حتى التفسير الأقوى، لكن عند الإجابة على سؤال كيف وصل آرسنال من تلك الحال إلى هذه، يبرز الإطار الأوسع: لقد وجد آرسنال نفسه في الجانب الخاطئ من اقتصاديات كرة القدم، وإن كان هذا ليس خطأه. لن يكون هناك تعاطف كبير مع النادي الذي يملك سابع أعلى عائدات في العالم – ولا ينبغي أن يكون هنالك مثل هذا التعاطف. لكن هذا لا يغير من حقيقة أن آرسنال وجد نفسه عالقا في مفارقة تتعلق بالتوقيت. كان الانتقال إلى ملعب الإمارات الحالي ضروريا؛ ولا يمكن لأحد أن يشكك في هذا؛ حيث كان هايبري، على ما فيه من سحر، ضيقا لدرجة أن آرسنال كان يضطر لطلب خوض مباريات دوري أبطال أوروبا على ملعب ويمبلي لمدة سنتين لأن تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بالإعلانات تتناقض مع الحضور الجماهيري المحدود في ملعب هايبري.
قبل 12 عاما كان الانتقال إلى ملعب أكبر مع ما يفتحه من أبواب واسعة للعائدات، يبدو الطريق الوحيد أمام النادي لتحسين وضعه بين نخبة الأندية الثرية. لقد كان من المفترض أن يؤدي الانتقال إلى ملعب الإمارات في 2006 لردم الهوة بين آرسنال ومانشستر يونايتد وأندية النخبة الأوروبية. لكن في 2003 وصل رومان إبراموفيتش، وأحدث ثورة في الخريطة المالية لكرة القدم الإنجليزية. لم يكن إبراموفيتش أول ثري يدخل عالم كرة القدم الإنجليزية، لكنه كان أول شخص يملك ثروة كان يبدو، في سياقها الزمني، أن ليس لها آخر. كل ذلك البناء والتخطيط لاستثمارات جديدة، تقلص بفعل حدث خارجي لم يكن من الممكن التنبؤ به. قد يبدو عاديا الآن أن يشتري مليارديرات أجانب أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) لكن لم يكن الأمر كذلك في ذلك الوقت. وقد واصل الشيخ منصور (الشيخ منصور بن زايد آل نهيان مالك مانشستر سيتى) ما بدأه إبراموفيتش.
ومع هذا، يظل من الأفضل أن تمتلك ملعبا جديدا، ولهذا ينتقل وستهام إلى ملعب جديد، وكذلك يقوم تشيلسي وتوتنهام بعملية إعادة تطوير، ولهذا يعمل ليفربول على توسعة ملعب أنفيلد ولهذا يود إيفرتون الانتقال إلى استاد جديد. إن آرسنال مستفيد من هذا، بوضوح. وفقا لأحدث تقرير لمركز ديلويت (واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم)، لا يجني أي ناد في العالم عائدات من يوم المباراة أكثر من آرسنال، وإن كانت هذه العائدات تظل أقل من أموال البث التلفزيوني والإعلانات. وهنا كان التوقيت حاسما، فبينما كرس آرسنال أموال الملعب للاحتفاظ بأفضل لاعبيه وجعل الإنفاق على الصفقات ممكنا – رغم أن فينغر لا يزال يعارض هذا من حيث المبدأ – زادت عائدات البث التلفزيوني لدرجة أن عائدات الملعب، إن لم تكن غير ذات صلة، فإنها تبدو بلا شك أقل أهمية عما كانت عليه.
سوف يضمن اتفاق البث التلفزيوني المحلي بقيمة 5.1 مليار جنيه إسترليني أن للنادي الذي يحتل قاع الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) في الموسم القادم أن يحصل على 100 مليون جنيه، بينما تحصل الأندية صاحبة المراكز الأولى على أكثر من 150 مليون جنيه. أضف إلى هذا عائدات بقيمة 1.1 مليار جنيه في الموسم من حقوق البث الخارجي التي سيتم تقسيمها، وستصبح الـ100 مليون جنيه التي يحققها آرسنال من عائدات يوم المباراة أقل أهمية. إن الأمر لا يتعلق بدقة الأرقام، بل بحجمها. إذا كانت كل الأندية ستصبح غنية جدا، فميزة صغيرة نسبيا أن تكون غنيا جدا جدا، خاصة في عالم يفضل فيه النجوم من الفئة الأولى اللعب في إسبانيا بوجه عام.
لقد تلقى المشروع الذي تم البدء فيه عندما قرر آرسنال الانتقال إلى ملعب الإمارات ضربات اثنين من التطورات الاقتصادية التي لم يكن ممكنا من الناحية الواقعية استشرافها. وليس معنى هذا القول أنه كان بمقدور آرسنال وفينغر تقديم ما هو أفضل من هذا، لكن من المهم بنفس الدرجة أن ننظر إلى السياق ونحن نتأمل كيف أن المستقبل بالنسبة إلى فينغر ورانييري يمضي في طريق مغاير لما بدا أنه يتجه إليه قبل 12 سنة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».