كان بالاس يحتل المركز الخامس عشية رأس السنة الجديدة، وكانت تفصله 4 نقاط عن توتنهام صاحب المركز الرابع، وهو ما زاد من آمال جمهوره في أن تنتقل الكرة الأوروبية إلى ملعب سيلهيرست بارك الموسم القادم. ومع هذا، فمنذ بداية العام الجديد، لم يحقق الفريق فوزا واحدا، وتحول الأمر، في هذا الجزء من جنوب شرقي لندن، من الحديث عن دوري الأبطال إلى الحديث عن الدرجة الأولى «تشامبيونشيب». ما زال شبح الهبوط بعيدا، لكن لا يمكن استبعاده، بالنظر إلى حالة بالاس الحالية. إن الفريق بحاجة إلى طفرة.
يمكن لرجال مدرب بالاس، آلان باردو، أن يستمدوا الأمل من مسيرتهم في كأس الاتحاد الإنجليزي، حيث وصل بالاس إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ 21 عاما، بعد تغلبه على عدد من أندية الدوري الانجليزي الممتاز «البريميرليغ»، ساوثهامبتون وستوك سيتي، ثم الفوز الأبرز على توتنهام في ملعب وايت هارت لين، معقل فريق توتنهام. ومع هذا، فبالنظر إلى أن الفريق لم يكرر مثل هذه النتائج في مباريات الدوري التي لعبها بعد ذلك مباشرة، فليس هناك أي سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن نتائج كأس الاتحاد سيكون لها تأثير إيجابي على مسيرته في الدوري الآن.
وفقا لبيانات من شركة «أوبتا» للإحصاءات الرياضية، يملك كريستال بالاس ثالث أقل معدل للتسجيل، بالنسبة التسديدات في البريميرليغ منذ بداية العام (9.18)، ورابع أقل معدل لدقة التصويبات (36.73 في المائة)، وثالث أقل عدد من التمريرات (2.973)، وتلقى بالمشاركة أكبر عدد من الأهداف، وأقل عدد من المباريات، من دون أن يدخل مرماه أهداف.
وهناك تراجع في كل فئة من هذه الإحصاءات منذ الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي حين أن الإحصاءات لا توضح كل شيء، إلا أنها تكشف الكثير. ولنقولها بصراحة، فقد أصبح أسوأ من ناحيتي الهجوم والدفاع وأسوأ قليلا في الوسط.
يقول جيم دالي، مقدم برنامج «خطة الخمس سنوات»: «السؤال الأساسي بالنسبة لنا، نحن مشجعي بالاس، والذي نسأله لبعضنا البعض هو: لماذا يؤدي الفريق بشكل جيد جدا في كأس الاتحاد لكنه يعاني في الدوري؟ أثرت الإصابات بالسلب، حيث غاب الجناح الكونغولي يانيك بولاسي، ولاعب الوسط جيمس ماك أرثر، والمهاجم جيسون بانشيون، والمهاجم كونور ويكهام، وكان الفريق يحتاج إليهم بشدة، بينما لم يكن البدلاء بالمستوى المطلوب، وهذا رغم أننا في بداية الموسم، كنا نتساءل عما إذا كان هذا أفضل فريق في تاريخ بالاس. ربما لا يزال كذلك، لكنه بحاجة لأن يتحسن إذا كان له أن يستمر، وأن يكون فريقا قويا ضمن الـ10 الأوائل».
أدى تراجع كريستال بالاس إلى صب الاهتمام نحو باردو. عندما كان «النسور» متألقين، كان هناك حديث عن باردو باعتباره من المرشحين لقيادة منتخب إنجلترا في المستقبل؛ والآن وفي ظل معاناة الفريق حاليا يتحول الحديث بشكل أكبر للتركيز على سجله مع الأندية التي تراجع مستواها تحت قيادته. خلال قيادته لنيوكاسل، تعرض الفريق لـ14 هزيمة في 20 مباراة، في النصف الثاني من موسم 2013-2014، وهو ما قضى على آماله في التأهل للمنافسات الأوروبية، بينما أثناء توليه قيادة تشارلتون، سرعان ما توقفت البداية المعقولة في موسم 2008-2009، مع عجز الفريق عن تحقيق أي انتصار على مدار 8 مباريات، وهو ما جعل الفريق المنتمي لجنوب شرق لندن ينزلق إلى قاع الدرجة الأولى «تشامبيونشيب»، وأدى لإقالة باردو.
وقبل هذا، أقيل باردو من تدريب وستهام بعد سلسلة من الهزائم في 11 مباراة، خلال أول 17 مباراة للفريق في موسم 2006-2007، وكانت هي أسوأ نتائج للفريق منذ أكثر من 70 عاما، وهو ما جعل الفريق الذي كان في الموسم السابق لهذا الموسم يحتل المركز التاسع، ووصل لنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، يصارع الهبوط بشكل مفاجئ. يسمي البعض هذا بـ«تراجع باردو»، والمغزى أننا أمام مدرب يصبح تائها بمجرد أن يصل فريقه لمرحلة من التألق القوي، وفيما يتعلق بحلوله التكتيكية خاصة. وقد كان هذا واضحا مع بالاس تحديدا أمام ليستر في المرحلة قبل الأخيرة من مسابقة الدوري، حيث كان الحل الذي لجأ إليه مع تأخر فريقه في الشوط الثاني، هو إرسال الكثير من العرضيات إلى منطقة جزاء المنافس. وبدا هذا الأسلوب بائسا، كما أدى إلى الحد من قدرة بولاسي وويلفريد زاها، على تشكيل أي خطورة من خلال سرعتيهما ومهارتيهما في المساحات الخالية، كما حرم الفريق من دهاء يوهان كاباي في وسط الملعب. لم يكن الفرنسي في أفضل حالاته هذا الموسم، ولكنه يظل صانع ألعاب مؤثر إذا تم توظيفه بشكل سليم.
كذلك أظهرت الهزيمة أمام ليستر، إلى أي مدى غابت الثقة عن لاعبي بالاس، وهذا بدوره يقود إلى أسئلة بشأن قدرة باردو على رفع معنويات لاعبيه. لم يكن هناك أي إساءة لفظية للمدرب المنافس أو اعتداء بدني على لاعب من الفريق المنافس، ولكن عصبية باردو لا تزال موجودة، وقد ظهرت أوضح ما يكون في طريقة رد فعله على فوز ليفربول 2-1 على بالاس في 6 مارس (آذار) الماضي، والحقيقة أنه كرس جزءا كبيرا من تصريحاته خلال المؤتمر الصحافي قبل مباراة ليستر، بعد ما يقرب من 13 يوما، للحديث عن ضربة الجزاء المشكوك في صحتها، والتي ساعدت ليفربول على اقتناص النقاط الثلاث. وقال إنه يشعر بأن فريقه تعرض للسرقة بضياع النقاط الثلاث في مباراته أمام ضيفه ليفربول. وقال باردو: «أشعر بأننا سرقنا بعض الشيء. ولكننا قد نكون أطلقنا النار على أقدامنا قليلا». وأوضح: «عندما تقلص فريق ليفربول إلى عشرة لاعبين، كان علينا أن نضغط عليهم بعض الشيء».
كما احتوت نفس التصريحات على وجهة نظر غريبة في نجاح ليستر، حيث تحدث باردو عن كيف أن «النجوم ائتلفت» لتدفع ليستر سيتي إلى القمة، وأنه لو كان بالاس محظوظا مثل ليستر في عدم التعرض للكثير من الإصابات، وكذلك في الحصول على الكثير من ضربات الجزاء لكان يحتل قمة الدوري الآن. وقد كشف هذا عن غطرسة من جانب رجل، باعترافه هو، لا يفتقر إلى الأنانية، وأعاد إلى الأذهان ما قاله أحد مدربي البريميرليغ السابقين يوما ما، بأن قليلا من النجاح يجعل باردو «خطيرا».
وإحقاقا للحق، فإن باردو ليس أول مدرب تتعرض الفرق التي يقودها لتراجع في الأداء، أو يعجز عن السيطرة على انفعالاته، أو يعطي الانطباع بأنه لا ينسى أبدا أن يحملق لنفسه في المرآة قبل أن يغادر منزله. وكذلك فإنه لا ينبغي نسيان أنه صعد ببالاس من المركز الـ17 إلى الـ10 عند توليه مسؤولية النادي، خلفا لنيل وارنوك، قبل 14 شهرا، كما أعطى النادي أملا حقيقيا في الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لأول مرة، منذ سجل هو نفسه هدفا ضد ليفربول في نصف النهائي عام 1990.
ليس من قبيل المفاجأة إذن ألا نسمع الكثير من الكلام عن احتمال أن تتم إقالة باردو، حيث يصر جيم دالي، مقدم برنامج «خطة الخمس سنوات» ،على أن «المشجعين السلبيين» هم فقط من يريدون رحيل لاعب خط وسط بالاس الأسبق. ومع هذا فالصورة يمكن أن تتغير بشكل دراماتيكي إذا ما استمر تراجع الفريق من الآن وحتى مواجهة واتفورد في نصف نهائي كأس الاتحاد، على ملعب ويمبلي في 24 أبريل (نيسان) الحالي. خلال هذه الفترة سيتوجه بالاس أيضا لملاقاة أرسنال ومانشستر يونايتد، وكذلك سيستضيف نورويش وإيفرتون. ويبدو الفريق في مهمة صعبة خلال ما تبقى له من مباريات، حيث تعد أهمها المباراة التي سيخوضها على ملعبه أمام فريق أليكس نيل نوريتش سيتي في 9 أبريل (نيسان) الحالي هي الأهم؛ حيث لن تكون الهزيمة من فريق يصارع الهبوط كذلك مقبولة أبدا.
قال دالي: «من يعرفون هذا النوع من الأمور يعتقدون أن هناك فرصة بنسبة 5 في المائة لأن يهبط بالاس، وربما كان هذا بسبب أن هناك 4 فرق أسوأ من بالاس في الدوري». وختم قائلا: «لكن المشجعين القدامى سيتذكرون 1993، عندما كان النسور يعتقدون أنهم في مأمن من الهبوط في الأسبوع قبل الأخير من الموسم، ومن ثم قاموا بالركض حول ملعب سيلهيرست بارك احتفالا، لكنهم هبطوا في الأسبوع التالي».
وكان كريستال بالاس أول المتأهلين إلى الدور نصف النهائي من مسابقة كأس إنجلترا، إثر فوزه على مضيفه ريدينغ من الدرجة الأولى 2 - صفر، في دور الثمانية. وكانت المباراة تسير نحو التعادل السلبي، قبل أن يحصل كريستال بالاس على ركلة جزاء مرفقة ببطاقة حمراء للمدافع جايك كيبر، سددها الفرنسي يوهان كاباي بنجاح في شباك الحارس العماني علي الحبسي، مفتتحا التسجيل في الدقيقة 86. واستغل كريستال بالاس النقص العددي وضاعف غلته في الوقت بدل الضائع، بعدما أضاف البديل فرايزر كامبل الهدف الثاني بتسديدة من مسافة قريبة، في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع.
آلان باردو.. مدرب يتوه ويغفو عندما يصل فريقه لمرحلة من التألق
الثقة غابت عن لاعبي كريستال بالاس.. والمدير الفني فشل في إعادتها
آلان باردو.. مدرب يتوه ويغفو عندما يصل فريقه لمرحلة من التألق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة