مصالحة بين الشقيقين المليارديرين أمباني في الهند

المال فرقهما ودفعهما للمحاكم.. وحفل زفاف عائلي أعاد جمعهما

مصالحة بين الشقيقين المليارديرين أمباني في الهند
TT

مصالحة بين الشقيقين المليارديرين أمباني في الهند

مصالحة بين الشقيقين المليارديرين أمباني في الهند

استمرت المعارك المريرة بين الشقيقين المليارديرين المنتميين إلى واحدة من أقوى العائلات التي تعمل في مجال التجارة في المحاكم وفي الإعلام وردهات القوى السياسية، لمدة ثمانية أعوام. كان ذلك قبل أن يتخذ موكيش أمباني وشقيقه الأصغر أنيل أولى الخطوات باتجاه العودة للعمل سويا. لم تدهش الخطوة، التي اتخذها الوريثان المتخاصمان لأكبر إمبراطورية في الهند، الجميع فحسب، بل سلطت أيضا الضوء على التطورات الجديدة في تاريخ المؤسسات التي تديرها العائلات في البلاد.
واختارت مجلة {فوربس} موكيش أمباني، الذي يمتلك نحو 21 مليار دولار، أغنى شخص في الهند. ومن بين الأعمال الكثيرة التي يديرها موكيش، يمتلك رخصة شركة اتصالات الجيل الرابع وخدمات الإنترنت فائق السرعة. ولدى شركة أخيه، التي تقدر بقيمة 6 مليارات دولار، أكثر من 150 مليون مشترك في خدمة الهواتف الجوالة، وأقامت شبكة من الألياف الضوئية طولها 75 ألف ميل وأنشأت عشرات الآلاف من أبراج الجوال في مختلف أنحاء الهند.
من عدة أوجه، كان العمل يبدو سهلا جدا. لذا عندما نشر يوم الثلاثاء خبر إبرام الشقيقين صفقة بقيمة 220 مليون دولار لتقاسم شبكة من الألياف الضوئية، بدا كثيرون على استعداد لتصديق أنهما أخيرا تجاوزا فترة الانفصال المؤلم عام 2005 والسنوات التي أنفقت في تبادل الاتهامات. وفي غضون دقائق من الإعلان، ارتفعت أسعار أسهم مؤسساتهما. واتصل وزراء بارزون بالشقيقين لتهنئتهما. وحلل المصرفيون ومديرو التمويل الخبر الذي يبدو أنه يذاع باستمرار على شاشة التلفزيون. وكان العنوان الذي تصدر صحيفة {إيكونوميك تايمز} يوم الأربعاء: {الأخوان أمباني يدعمان علاقتهما بحمية غنية بالألياف الضوئية}. وأثنى العنوان على الخطوة ووصفها بـ{فجر حقبة جديدة}.
تعد المؤسسات التي تديرها العائلات، العمود الفقري لعالم التجارة في الهند حيث تمثل 85 في المائة من الشركات في البلاد. ونشأت بعض هذه الشركات خلال الحقبة الاستعمارية، في حين نشأت أخرى بالقرب من فترة الاستقلال عام 1947، وأخرى، مثل شركات عائلة أمباني في الحقبة التي تسمى بـ{حقبة تنظيم القطاع الخاص} بين الستينيات والثمانينيات عندما كانت تعمل الشركات تحت وطأة قيود حكومية صارمة بحسب غيتا بيرامال مؤلفة Business Maharajas {مهراجات الأعمال}.
مع ذلك تشهد المؤسسات ذات الطابع العائلي، والتي تعد جزءا من نظام العائلة التقليدي في الهند، تغيرات بسبب الجيل الجديد من الورثة، الذين يحمل الكثير منهم شهادات في إدارة الأعمال من الغرب وتعرفوا على عالم التنافس الأجنبي، كما يقول مؤرخون في مجال الأعمال. وقالت غيتا بيرامال خلال مكالمة هاتفية من مومباي: {تعمل كل هذه العائلات التي تدير مؤسسات في بيئة تتسم بالتنافسية الشديدة اليوم، حيث يتم التنافس مع شركات عالمية من القطاعين الخاص والعام}.
اشترى موكيش أمباني عددا من أصول {شل} من الغاز في الولايات المتحدة، بينما استثمر أنيل أمباني في قطاعي الإعلام والترفيه هناك. وحصل الأخوان أمباني على إرث أبيهما وعملا على توسيع العمل بحيث يتوافق مع المعايير العالمية، لكن أن يعودا للعمل معا بعد فترة الانفصال، يعد أمرا غير عادي، كما ترى غيتا. حدث الانفصال بعد فترة قصيرة من موت رب الأسرة وصاحب الإمبراطورية العائلية، دهيروبهاي أمباني. ولا يوجد أي وجه شبه بين الأخوين، فأنيل الشقيق الأصغر كان متفاخرا ويهتم بإقامة العلاقات مع السياسيين وجعل أعمال الإمبراطورية تحت دائرة الضوء. أما موكيش، فكان يخجل من الظهور العلني ويشغل نفسه بوضع استراتيجيات العمل في الظل. وما بدت مجرد صفات غير مهمة أدت إلى انقسام وفرقة بينهما.
ومع ذلك أضرت معاركهما خلال السنوات القليلة الماضية بعملهما وسمعتهما بحسب قول محللين. وترزح شركة الاتصالات، التي يملكها أنيل أمباني، تحت وطأة الديون، ولا تزال محطات توليد الكهرباء تحت الإنشاء، وأمام الاستثمارات في البنية التحتية في الطرق السريعة وطرق مترو الأنفاق وقت طويل حتى تدرّ أرباحا. ولا تزال مؤسسة موكيش التي تعمل في مجال التنقيب عن الغاز والنفط والبتروكيماويات من أكثر الشركات التي تمتلك سيولة نقدية في الهند وتتجسد ثروته في المنزل الخلاب المذهل الذي بناه في مومباي، والذي يتكون من 27 طابقا وبلغت كلفته مليار دولار وبه ثلاثة مهابط للطائرات وحدائق عائمة وستة طوابق فقط مخصصة للركن في مدينة تضم عددا هائلا من الأحياء العشوائية ومنازل الصفيح.
ومع ذلك تعثرت مشاريعه في التجزئة ومحطات الغاز. والسؤال هو هل ما جمع الأخوين مرة أخرى هو منطق العمل أم الحب الأخوي؟. يقول براديب شاه، رئيس مجموعة {إندآسيا فاند} الاستشارية في مجال الاستثمارات: {إنها صفقة رابحة لكليهما. في الوقت الذي يمد فيه موكيش يد العون لأنيل، يستفيد أيضا موكيش من الأمر، حيث يحصل على بنية اتصالات جاهزة بثمن رخيص}. ولعبت العلاقات الأسرية دورا مهما أيضا في الأمر، فقد حاولت الوالدة منذ البداية مصالحة الأخوين على بعضهما البعض من خلال زيارة قرية الأجداد التي يرقص فيها الجميع معا مرتدين الملابس التقليدية. ومع ذلك بدأت محاولات السلام حقا أثناء الاستعداد لزفاف ابنة أختهما. وقال أحد المراقبين في العائلة رفض ذكر اسمه لعدم السماح له بالكشف عن التفاصيل: {بدأ التحضير للزواج منذ ثمانية أشهر وكان من أسباب ذوبان الجليد الذي تراكم بين الاثنين. وكذلك تزامن هذا مع بداية النقاشات المتعلقة بالاتصالات. لقد كان أول زفاف في العائلة منذ 22 عاما ويا لها من فرصة سعيدة. لقد كان الأخوان يلتقيان كثيرا من أجل التحضير للزفاف ولمناقشة كيفية تنظيم هذا الحدث. وبذلك توفرت الكثير من الفرص لعقد الاجتماعات الخاصة الخالية من التوتر}. ثم أضاف: {أي شخص يبحث عن إشارة تدل على قرب مصالحتهما كان يستطيع العثور عليها خلال حفل الزفاف}.
* خدمة {واشنطن بوست}
خاص بـ{الشرق الأوسط}



فرنسا تمنع إعلان «استقلال القبائل» لإنقاذ العلاقات مع الجزائر من الانهيار

الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

فرنسا تمنع إعلان «استقلال القبائل» لإنقاذ العلاقات مع الجزائر من الانهيار

الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما كانت العلاقات الجزائرية - الفرنسية تسير في منحى تصعيدي، بسبب النشاط اللافت لانفصاليي منطقة القبائل، قررت باريس في اللحظة الأخيرة، إلغاء حفل كان الانفصاليون يعتزمون تنظيمه، الأحد، لإعلان «دولة القبائل المستقلة»، وهو ما يعني إنقاذ العلاقات الثنائية من انهيار كامل وشيك.

وأفادت «حركة الحكم الذاتي في القبائل» النشطة بفرنسا، ليل السبت - الأحد، في بيان، أن «لجنة تنظيم إعلان استقلال القبائل أخذت علماً، وبأسف، بالقرار الصادر عن محافظة إيفلين (غرب باريس)، القاضي بمنع إقامة المراسم التي كان من المقرر تنظيمها يوم الأحد 14 ديسمبر (كانون الأول) 2025 في قصر المؤتمرات بفرساي».

فرحات مهني زعيم الحركة الانفصالية خلال تجمع سابق في باريس (متداول)

وحسب البيان، «يستند القرار إلى دوافع أمنية... وبرغم اطلاع اللجنة على هذا التعليل، فإنها تُبدي تحفظات جدّية بشأن الطبيعة الحقيقية لهذه المبررات، التي قد تكون ناتجة عن ضغوط مارستها السلطات الجزائرية»، مشيراً إلى أنه «تقرر رفع دعوى استعجالية، تحت إجراء حماية الحريات، من أجل الحصول على تعليق عاجل لهذا القرار طبقاً للأحكام القانونية المعمول بها».

وأضاف بيان الانفصاليين: «في حال إلغاء القرار من طرف القضاء الإداري، ستُقام المراسم كما كان مخططاً لها في الأصل. أما في حال عدم إلغاء القرار، فسيتم إعلان استقلال القبائل هذا الأحد، في صيغة أكثر محدودية وفي مكان غير مُعلن. وسيُبث الإعلان علناً عبر وسائلنا الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي ابتداءً من الساعة السادسة مساءً».

ولفت البيان نفسه إلى أن «ضيوفاً أجانب مرموقين كانوا سيحضرون الحفل، إلى جانب مناضلين ومتعاطفين قطعوا مسافات طويلة للمشاركة في هذه المراسم التاريخية».

ويشار إلى أن التنظيم الانفصالي، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، وضعته الجزائر على لائحة «الإرهاب» عام 2021، وأطلق قضاؤها مذكرة اعتقال دولية ضد زعيمه المطرب الأمازيغي اللاجئ بفرنسا فرحات مهني، بعد إدانته بالسجن 20 سنة بتهمة «الإرهاب».

براغماتية سياسية

ويفهم قرار منع تظاهرة «إعلان دولة القبائل المستقلة» على أنه «مبادرة ودية» من جانب فرنسا تجاه الجزائر، في تقدير مراقبين، خصوصاً أنها أظهرت حرصاً كبيراً على ترميم العلاقات مع مستعمرتها السابقة، التي شهدت تدهوراً غير مسبوق منذ أكثر من عام على خلفية غضب الجزائر من انحياز «الإليزيه» للمغرب في نزاع الصحراء.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة)

وجاء هذا المنع في سياق ترتيبات جارية منذ أسبوعين، لزيارة وزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز إلى الجزائر للبحث في ملفات متعلقة بالأمن والهجرة غير النظامية... ولم يكن ممكناً، في تقدير المراقبين، أن تسمح فرنسا بمبادرة كانت ستتسبب في انهيار التقارب الذي شهدته العلاقات الثنائية في المدة الأخيرة.

وحول هذا الموضوع، كتب الناشط السياسي الجزائري المقيم بفرنسا، خالد فرحات، بحسابه بالإعلام الاجتماعي: «إن قرار محافظة إيفلين بمنع حركة الحكم الذاتي في القبائل، من تنظيم حفل موقع عمومي، لا يندرج في إطار الحفاظ على النظام العام، بل يعكس خياراً سياسياً واضحاً ومتعمداً. فقد أدركت فرنسا تماماً أن السماح للتنظيم الانفصالي بإعلان استقلال القبائل علناً على أراضيها، سيُعدّ عملاً سياسياً بالغ الخطورة، قد تترتب عليه تداعيات جسيمة على أي مسعى مستقبلي لتطبيع العلاقات أو تعزيز التعاون الدبلوماسي مع الجزائر».

وصرح الناشط بأن السلطات الفرنسية «حرصت، من خلال هذا المنع، على تجنب استفزاز الدولة الجزائرية، وهي تدرك أن مثل هذا الحدث كان سيُفسَّر على أنه اعتراف ضمني بحركة انفصالية. ويُجسّد هذا القرار مرة أخرى واقع البراغماتية السياسية الفرنسية، حيث تتقدّم المصالح الاستراتيجية والدبلوماسية على المبادئ المعلنة لحرية التعبير والتعددية السياسية».

تظاهرة في منطقة القبائل رافضة للانفصال (ناشطون)

وأضاف: «بهذا، اختارت فرنسا منطق الوقاية من الأضرار الدبلوماسية، معترفة ضمنياً بأن القضية القبائلية ملف شديد الحساسية، وقادر على زعزعة العلاقات الثنائية. كما يُظهر هذا الرفض أنه عندما ترتفع الرهانات الجيوسياسية، تصبح الحقوق السياسية مشروطة وانتقائية». وتابع الناشط قراءته للحدث: «بالنسبة إلى القبائل، يؤكد هذا الحدث أن مطلبها في تقرير المصير لا يصطدم فقط بالقمع الداخلي، بل كذلك بالقيود التي تفرضها التوازنات الدولية، حيث يتغلب الاستقرار الدبلوماسي على عالمية الحقوق».

داخلياً كانت السلطات قد شنّت في الأيام الأخيرة، حملة عنيفة ضد فرنسا عن طريق وسائل الإعلام، واتهمتها بـ«التساهل مع حركة تبحث عن تقسيم الجزائر»، وبأن «ما عجزت فرنسا عن تحقيقه خلال فترة الاستعمار (1954-1962) تسعى اليوم لاستدراكه بواسطة خونة ومرتزقة يعيشون بكل حرية فوق أرضها».

استنكار حزبي

كما اتخذت أصوات كثيرة مواقف رافضة للمغامرة الانفصالية لحركة «ماك»؛ إذ أثار مشروعها الانفصالي موجة استنكار غير مسبوقة، حيث جدّد كلٌّ من «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«حزب العمال»، وهي ثلاثة أحزاب راسخة الحضور في منطقة القبائل، تمسّكها بوحدة الجزائر.

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية في بيان السبت، إنها «تابعت ببالغ الاستنكار والرفض، الانزلاقات الخطيرة والمناورات اليائسة الصادرة عن كيان (ماك) المصنف إرهابياً، وما يروج له من دعوى انفصالية، تندرج ضمن مخططات تقسيم وتفكيك الوحدة الوطنية وضرب استقرار الجزائر، خدمة لأجندات خارجية معادية مرتبطة بالخلفيات الاستعمارية والمشاريع الوظيفية».

متظاهر من «ماك» (ناشطون)

من جهته، كتب المؤرخ والمثقف محمد أرزقي فراد، المعروف بكتاباته عن تراث وتاريخ منطقة القبائل، في مقال نشره موقع «الخبر» الأحد: «لا شكّ أنّ النزعة الانفصالية بذرة غريبة عن مجتمعنا، خرجت من رحم المخابر الكولونيالية في القرن الـ19 في إطار سياسة فرّق تسد وقد تصدى لها أجدادنا بنجاح طيلة فترة الاحتلال الفرنسي، لكنها لم تلبث أن عادت إلى الواجهة بعد استرجاع السيادة الوطنية، لأسباب كثيرة، منها إقصاء العنصر الأمازيغي من الشخصية الوطنية، وهو خطأ ارتكب في مطلع الاستقلال حسب شهادة الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي»، وزير الثقافة والتعليم بين 1965 و1970 الذي توفي في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2025.


جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
TT

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

مع ختام أعمال الدورة الـ5 من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، يمكن النظر إليها على أنها الأفضل بين دورات المهرجان منذ إنشائه.

الأفلام المشتركة هي أحد أبرز أسباب تميُّز هذه الدورة إجمالاً؛ فقد كانت مختارة بعناية، رغم أن معظمها سبق عرضه في مهرجانات أخرى. غير أن هذا الأمر ليس سلبياً إلى حدّ كبير، إذ إن الجمهور المحلي لا يستطيع السفر لحضور تلك المهرجانات، وبالتالي يؤدي هذا المهرجان، كما سواه في العالم العربي، خدمة مهمة لجمهوره.

دراما نفسية

مارست إدارة المهرجان عناية فائقة في تصنيف الأفلام ضمن أقسامها المناسبة، رغم أن تعدد الأقسام، كما أشرنا في رسالة سابقة، ليس دليلَ نجاح بحد ذاته، خصوصاً مع تشابه بعضها مع البعض الآخر.

ومن الأمور التي ما زالت تتكرَّر في كل دورة؛ مسألة التأخير في مواعيد بعض العروض الرئيسية. تمر دقائق طويلة والجمهور جالس في الانتظار، وعندما يظهر المقدّم (أو المقدّمة) لا يُقدَّم اعتذارٌ؛ بل يُسرد كلام مطوّل عن محاسن الفيلم، وهي أمور يُفترض أن يكتشفها المشاهد بنفسه، فيُصاب بخيبة أمل إذا لم تأتِ النتائج على قدر التوقعات.

في أحد هذه العروض، وبعد 23 دقيقة من التأخير، ظهر المقدّم وتحدث لدقائق، مستهلاً كلامه بعبارة: «أنا سعيدٌ جداً جداً بهذا الفيلم»، ومن ثَمَّ كررها مرات قبل أن يقدِّم فريق العمل. الفيلم كان «غرق» للمخرجة الأردنية زين دريعي، التي تحدَّثت عن عملها وباختصار، لكن التأخير كان قد امتدَّ لنحو 45 دقيقة قبل أن ينطلق عرضه... ومن دون اعتذار.

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «غرق»

«غرق» فيلم مهمٌ لم يحز على أي جائزة، لكن ذلك لا يقلِّل من جودته. يُقدِّم الفيلم حكاية غير مألوفة في السينما العربية: عائلة مؤلفة من أم وأب وولدين وابنة تعيش في رخاء اقتصادي ووئام شامل، باستثناء أحد الأبناء، باسل (محمد نزار)، الذي يعاني خللاً نفسياً ويختزن داخله عداءً مكبوتاً يتحوَّل لاحقاً إلى عنف واضح. تشعر والدته ناديا (كلارا خوري) بحالته وتدافع عنه، وهو يلجأ إليها بحثاً عن الراحة والحنان، في حين تبدو علاقته بوالده (وسام طبيلة) متوترة رغم محاولات الأب للتواصل.

تعرض المخرجة وضع الأم تجاه ابنها الذي يعاني مشكلات نفسية وعاطفية تؤثر على دراسته وإهماله لامتحان نهاية السنة. نراه يطلب من والده أن يصطحبه في إحدى رحلاته، لكن انشغال الأب يترك في نفس باسل شعوراً بالغضب، تحاول والدته احتواءه قدر المستطاع. ومع تطورات الحكاية، تتبلور مواقف تُهدد حياة الأم على يد ابنها، ويأتي المشهد الحاسم محمّلاً بإشارات وملامح فرويدية واضحة.

ليس الفيلم صعباً، ولا هو من ناحية أخرى يعدّ عملاً متميزاً فنياً؛ لكنه بالتأكيد يقدم طرحاً جديداً ضمن إطار الدراما العائلية.

مهاجرون بعيداً

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «أرض مفقودة»

الفيلم الفائز بجائزة «اليُسر الذهبية» هو الصيني «أرض مفقودة» (أو «ضائعة»، كما اختيرت ترجمة العنوان (Lost Land)، الذي تناولناه في صفحة السينما يوم الجمعة الماضي. هو دراما عن الهجرة من بلد إلى آخر، والمخاطر التي يتعرض لها النازحون. يروي قصة صبي في الرابعة من العمر وشقيقته ذات التسعة أعوام من بنغلاديش، يقرران خوض رحلة شاقة للانضمام إلى والديهما اللذين يعيشان في مخيم لاجئين بماليزيا. لا يتوقف الفيلم كثيراً عند أسباب هذا الانفصال، لكن مخرجه أكيو فوجيموتو يوسِّع حكاية الهجرة غير الشرعية عبر إدخال شخصيات مهاجرة أخرى، قبل أن يعود إلى قصة الشقيقين بعناية واضحة.

شيرين دعيبس مع الجائزة «الفضية» عن فيلمها «اللي باقي منك» (أ.ف.ب)

فيلم شيرين دعيبس «اللي باقي منك» (الذي تناولناه سابقاً أيضاً) نال الجائزة الفضية بوصفه أفضلَ فيلم. تخلق المخرجة مساحة زمنية تمتد من عام 1948 إلى عام 2022، للحديث عن 3 أجيال من الفلسطينيين الذين عانوا، ولا يزالون، من طغمة الاحتلال. هذا الفيلم أفضل أعمالها حتى اليوم، وقد استحق، كما «أرض مفقودة»، الجائزة التي نالها.

جائزة لجنة التحكيم ذهبت إلى أحد أفضل الأفلام العربية لهذا العام، وهو «هجرة» للسعودية شهد أمين. فيلمٌ مفصلي ومهم في تاريخ السينما السعودية، يتناول موضوعاً إنسانياً كبيراً عن جدة تبحث عن حفيدتها بمرافقة حفيدة أخرى. يزخر العمل بمعطيات اجتماعية وإنسانية متعددة، ضمن انسياب زمني ومكاني مميّزين.

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «يونان»

فيلمان من إخراج سينمائيين عربيين فازا بجائزتين مهمتين. الأول هو «يونان» لأمير فخر الدين، الذي حصد جائزتين: أفضل إخراج، وأفضل ممثل، التي مُنحت لبطله جورج خبّاز.

يروي الفيلم حكاية كاتب لبناني يعيش في ألمانيا، يعاني اكتئاباً وفقداناً للهوية والأمل، ويُقرِّر الذهاب إلى بلدة صغيرة جداً لينتحر فيها. يأخذ المخرج والممثل مساحتهما الفكرية والفنية، ويقدمان نتيجة متماسكة، مع تصوير رائع يُعمِّق عزلة المكان، وبالتالي عزلة الشخصية الرئيسية.

أما الفيلم الثاني فهو «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وقد فاز بجائزة أفضل سيناريو. وهي جائزة صعبة، نظراً لوجود أعمال أخرى ذات نصوص قوية، لكن ما يقدمه هذا الفيلم العاطفي، في سبره لأوضاع الماضي والحاضر اللبنانيين، يُبرر استحقاقه للجائزة.

نسبة جيدة ولكن...

المخرجة السعودية شهد أمين تتسلَّم جائزة فيلم «هجرة» (المهرجان)

لا بد من الاعتراف بأن السينما السعودية هذا العام، وباستثناء «هجرة»، لم تقدّم أعمالاً بمستوى ما شهدته الدورات السابقة. لم تخلُ الساحة من المحاولات، غير أن غالبيتها جاءت ضمن قسم «أفلام سعودية جديدة»، واشتملت على فيلمين تسجيليين هما «المدّ البشري» لديڤيد وورك، و«سبع قمم» لأمير الشنّاوي. كما برزت 3 أفلام أخرى على نحو محدود؛ هي «رأي رسم الرمال» لعبد الله الحمدي، و«دوائر الحياة» لخالد الدسيماني، و«نور» لعمر المقرّي.

وعلى صعيد أفلام المسابقة، لُوحظت نسبة جيدة من المشاركات العربية، لكن باستثناء الأفلام الفائزة، مرَّت الأعمال الأخرى من دون ضجيج يُذكر؛ من بينها «القصص» لأبو بكر شوقي (مصر)، و«إركالا: حلم كلكامش» لمحمد جبارة الدراجي (العراق)، و«بارني» لمحمد شيخ (الصومال).


مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

شاحنات قرب معبر جابر الأردني في طريقها نحو العاصمة السورية ضمن الجسرين الجوي والبري السعوديين بداية العام (واس)
شاحنات قرب معبر جابر الأردني في طريقها نحو العاصمة السورية ضمن الجسرين الجوي والبري السعوديين بداية العام (واس)
TT

مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

شاحنات قرب معبر جابر الأردني في طريقها نحو العاصمة السورية ضمن الجسرين الجوي والبري السعوديين بداية العام (واس)
شاحنات قرب معبر جابر الأردني في طريقها نحو العاصمة السورية ضمن الجسرين الجوي والبري السعوديين بداية العام (واس)

أظهرت تحديثات جديدة كشفت عنها المنصة الإلكترونية لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» تسجيل أرقام جديدة حول مشاريع المركز المنجزة وتلك التي على قيد التنفيذ في سوريا، عكست الدعم السعودي لسوريا على جميع الأصعدة، وشملت الدعم الإنساني والتنموي، والإغاثة العاجلة.

وبحسب الأرقام، تضاعفت مشاريع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» بأكثر من 100 في المائة عن عام 2024، حيث سجّلت في عام 2024 عدد 51 مشروعاً بتكلفة إجمالية قاربت 54 مليون دولار، بينما وصلت في عام 2025 وفقاً لآخر تحديث، اليوم 14 من ديسمبر (كانون الأول)، 103 مشروعات بتكلفة إجمالية تجاوزت 98 مليون دولار، بينما وصل إجمالي المشاريع التي نفّذها المركز أو قيد التنفيذ في سوريا، منذ تأسيس المركز 465 مشروعاً، بتكلفة تجاوزت 553 مليون دولار.

فريق قافلة المساعدات السعودية في معبر نصيب الحدودي جنوب سوريا (واس)

بذلك أصبحت سوريا في المرتبة الثانية ضمن لائحة مشاريع المركز المُنجزة والتي يجري تنفيذها لعام 2025، لتسجِّل تقدُّماً عن السنوات السابقة؛ ما يعكس اهتماماً سعوديّاً كبيراً بتنمية جميع القطاعات في سوريا، خصوصاً في ظل مرحلة التعافي وتجاوز الأزمة التي مرت بها البلاد لأكثر من عقد إبّان الحرب الأهلية، ثم سقوط نظام بشار الأسد.

وتصدّر القطاع الصحي قائمة أكثر المشاريع، بواقع 159 مشروعاً، تلاه الأمن الغذائي والزراعي بـ110 مشاريع، ثم الإيواء والمواد غير الغذائية بعدد 76 مشروعاً، ثم قطاعات التعليم والتعافي المبكر والمياه والإصحاح البيئي، والأمن والحماية... وغيرها.

ومع ذلك، استمرت سوريا في المرتبة الرابعة بالنسبة لأعلى الدول تلقياً للمساعدات السعودية بحسب «منصة المساعدات السعودية» التابعة لـ «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، ووصل إجمالي المساعدات السعودية إلى سوريا وفقاً للمنصة، أكثر من 7 مليارات دولار، وجاءت في الترتيب بعد مصر التي تتصدر القائمة، ثم اليمن، وباكستان، وتتقدّم على العراق، وفلسطين.

جانب من المساعدات السعودية التي تتدفق نحو دمشق عبر مطار دمشق الدولي (واس)

وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وصلت 18 طائرة إغاثية، و839 شاحنة ضمن الجسرين الإغاثيين الجوي والبري السعوديين إلى سوريا، ويبلغ وزن إجمالي الجسرين أكثر من 14 ألف طن من المواد الغذائية والطبية والإيوائية، فضلاً عن إجراء 1738 عملية جراحية ضمن برنامج أمل التطوعي السعودي في سوريا، إلى جانب تقديم برامج تدريبية ومبادرات للتمكين الاقتصادي والدعم النفسي.

وصول المساعدات السعودية لمتضرري الزلزال في تركيا وسوريا فبراير 2023 (الشرق الأوسط)

السعودية أكدت منذ وقت مبكّر أنه «لا يوجد سقف محدد» للمساعدات التي ترسلها إلى دمشق عبر جسرَين، بري وجوي؛ إذ ستبقى مفتوحة حتى تحقيق أهدافها على الأرض في سوريا باستقرار الوضع الإنساني، وفق توجيهات القيادة السعودية؛ لتخفيف معاناة المتضررين.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، أعلنت السعودية وقطر عن تسديدهما الديون المستحقة على سوريا للبنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار، على ما أفاد به البلدان في بيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).

وفي الشهر الذي يليه، أعلن البلدان أيضاً عن مبادرة مشتركة مع «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» لتقديم 89 مليون دولار دعماً لسوريا وللمساعدة في الحفاظ على الخدمات العامة الأساسية. وهي حزمة تمتد 3 أشهر وممولة من «الصندوق السعودي للتنمية» و«صندوق قطر للتنمية»، وتهدف إلى ضمان استمرارية الخدمات العامة الأساسية من خلال المساعدة في تغطية جزء من رواتب موظفي الحكومة.