صالح يظهر لأول مرة في مكان عام ويهاجم «الشرعية» ومجلس الأمن الدولي

وصل إلى ميدان السبعين بحماية نسائية

صالح يظهر لأول مرة في مكان عام ويهاجم «الشرعية» ومجلس الأمن الدولي
TT

صالح يظهر لأول مرة في مكان عام ويهاجم «الشرعية» ومجلس الأمن الدولي

صالح يظهر لأول مرة في مكان عام ويهاجم «الشرعية» ومجلس الأمن الدولي

شهدت المحافظات اليمنية احتفاء واحتفالات بذكرى مرور عام على انطلاق «عاصفة الحزم»، وقد تصدرت تلك الاحتفالات المشهد في اليمن، رغم استمرار المواجهات في جميع جبهات القتال، ورغم محاولات المتمردين تنظيم مسيرات ومظاهرات في المناسبة ورفع شعارات وخطابات تؤكد على استمرار التمرد ورفض الرضوخ لقرارات مجلس الأمن الدولي، بحسب المراقبين.
وقد ظهر المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، لأول مرة منذ اندلاع الحرب، قبل أكثر من عام، في حشد من أنصاره وسط ميدان السبعين يومًا في جنوب العاصمة صنعاء، وذلك في تحد لقرارات الشرعية الدولية التي فرضت عليه عقوبات أممية بسبب عرقلته للتسوية السياسية في اليمن في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، من خلال المشاركة في الحرب عبر قوات الحرس الجمهوري (سابقًا) وقوات الأمن الخاصة الموالية له، في حين تحقق لجنة أممية في مصدر ثروة صالح التي تجاوزت 60 مليار دولار، طوال 3 عقود ونيف، مدة حكمه لليمن، وقد وصل صالح إلى ميدان السبعين في سيارة واحدة، وسط حماية من عشرات النساء.
وجاء ظهوره بشكل مفاجئ وسط الميدان الذي حشد إليه الموظفون والطلاب من المدارس من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي تخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية وقوات صالح، بعد أن ظل مختفيًا طوال عام كامل عن الأنظار، ولا يتحدث سوى عبر أشرطة فيديو تبثها وسائل الإعلام التابعة له.
ودعا المخلوع صالح، في كلمة مقتضبة من وسط الميدان، مجلس الأمن الدولي، إلى إصدار قرار «قوي»، حسب وصفه، لوقف الحرب. وانتقد صالح المجلس واعتبر أنه لم يحرك ساكنًا تجاه الأوضاع في اليمن، وجدد المخلوع صالح دعوته إلى حوار مباشر مع السعودية. وقد كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن المهرجانيين اللذين أقامهما المخلوع والحوثيين في صنعاء صباح ومساء أمس منفردين، جرى التنسيق لهما في اللحظات الأخيرة بين الطرفين، بعد خلافات عاصفة حول إقامة أنصار صالح لمهرجان مستقل عن الحوثيين، وقالت المصادر إن الاتفاق جرى على أن يقام المهرجانان بالحضور نفسه والمشاركين أنفسهم، وذلك في محاولة لإظهار نوع من التأييد الشعبي لهما في المناطق التي يسيطرون عليها.
وقلل الحوثيون من الشعبية التي يتمتع بها علي عبد الله صالح في صنعاء، وقال القيادي الحوثي، يوسف الفيشي، عضو ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، وهي بمثابة حكومة مصغرة في صنعاء، إن حركتهم دعمت حزب المؤتمر بمتظاهرين، وأضاف في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «منذ يومين ونحن نجهز الآلاف من الشباب لندفع بهم صباح يومنا هذا السبت (أمس) إلى ميدان السبعين دعمًا لإخواننا في حزب المؤتمر المتظاهرين هناك ليظهروا بحجم قوي، وقد أكدنا عليهم أن لا يرفعوا أي شعارات سوى العلم الجمهوري فقط تجنبًا لأي احتكاك، وكذلك وجهناهم أن ينسجموا مع الهتافات التي ترفع في السبعين دون رفع أي هتافات أخرى»، حسب تعبيره.
وحشد الحوثيون أنصارهم، عصر أمس، في حي الروضة جوار الكلية الحربية، وهم يرددون شعار «الصرخة» الإيراني، وسط تأكيدات على استمرار الحرب، ودون إشارات إلى التزامهم بقرارات الشرعية الدولية، رغم إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أن الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، التزموا بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216، بشأن إنهاء الانقلاب، في وقت لاحظ المراقبون تراجعًا محدودًا في نسبة الحدة في الخطاب السياسي للمتمردين الحوثيين.
ويأتي حشد المخلوع صالح والحوثيين لأنصارهم في العاصمة، وصنعاء تعيش وطأة المعاناة جراء سيطرة الميليشيات عليها وعلى مقدراتها ومؤسسات الدولة ومصادرة حرية المواطنين وإقفال الصحف وحظر وحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية ومنع المظاهرات للأطراف الأخرى غير المؤيدة، وكذا استمرار الاعتقالات والملاحقات للناشطين المناوئين لانقلاب الحوثي وصالح على الشرعية. كما تأتي مظاهرات صالح والحوثي في وقت تدور فيه مواجهات بين قوات الشرعية، الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، والمسلحين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح، في مديرية نهم، على بعد نحو 40 كيلومترًا شرق صنعاء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.