المعارضة تعول على الوعود الأميركية بتحريك ملف المعتقلين قبل العودة للمفاوضات

معلومات عن حصول دي ميستورا على لوائح بـ150 ألف اسم.. وحقوقي يعتبر أن تسليمها يضر بهم

المعارضة تعول على الوعود الأميركية بتحريك ملف المعتقلين قبل العودة للمفاوضات
TT

المعارضة تعول على الوعود الأميركية بتحريك ملف المعتقلين قبل العودة للمفاوضات

المعارضة تعول على الوعود الأميركية بتحريك ملف المعتقلين قبل العودة للمفاوضات

لا يزال ملف المعتقلين السوريين في سجون النظام عالقًا من دون أن يتمَّ إحراز أي تقدم يُذكر منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومن ثم انطلاق الهدنة في سوريا قبل نحو شهر، اللذين ينصان في أبرز بنودهما على إطلاق سراحهم، ولا سيما منهم النساء والأطفال. وبينما أشارت معلومات إلى تسلّم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال مفاوضات جنيف الأخيرة قوائم بأسماء نحو 150 ألف معتقل في السجون السورية، تؤكد المعارضة أنّه ليس هناك أي خطوات ملموسة في هذا الاتجاه لغاية الآن. غير أنها، مع ذلك، تأمل أن تأخذ الخطوات التنفيذية طريقها قريبًا، قبل الموعد المقبل للجولة الثانية من المفاوضات، لا سيما أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن بعد الاجتماع الذي جمعه كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الطرفين اتفقا أيضًا على التعاون في الإفراج عن معتقلين في السجون السورية. وللعلم، فإن المعارضة ممثلة بـ«الهيئة العليا التفاوضية» كانت قد شاركت في مفاوضات جنيف الأخيرة بناء على وعود بأن تكون هذه القضية قيد التنفيذ.
وفي هذا الإطار، يقول مصدر في «الائتلاف الوطني» المعارض أنّ أسماء المعتقلين الموثقة لدى كل المنظمات الإنسانية تصل إلى مائتي ألف، ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تسلّم دي ميستورا قوائم بأسماء ما لا يقلّ عن 150 ألف معتقل ومفقود، مشيرا إلى وجود عدد كبير من المعتقلين الذين لا يصرّح أهلهم عنهم خوفًا عليهم. وأعرب المصدر المعارض عن تفاؤله في أن تشهد المرحلة المقبلة قبل الجولة التالية من المفاوضات تقدمًا في هذا الملف، وذلك بناء على الوعود التي تلقتها المعارضة من الجانب الأميركي ومن المبعوث الدولي الذي أبدى حرصًا، لافتًا على بذل الجهود لإطلاق سراح المعتقلين. كذلك رأى المصدر أن ما أعلنه كيري بعد اجتماعه مع لافروف يعكس إيجابية في هذا الإطار، لا سيما أن النظام كان حتى يرفض الحديث عن هذا الموضوع.
وعن المعتقلين الذين يطالب النظام بالإفراج عنهم، قال المصدر الذي كان موجودًا في جنيف، «رئيس وفد النظام التفاوضي بشار الجعفري، يقول إن هناك 7500 معتقل لدى الفصائل، ورغم عدم تأكدنا من صحة هذا العدد، فإننا أبدينا استعدادنا لدي ميستورا بالتعاون في إطلاق سراح أي سوري معتقل حتى خارج إطار أي اتفاق تبادل، شرط أن نلقى تجاوبا أيضًا من طرف النظام». من جهته، يشير مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني، إلى أن القوائم الموجودة لدى الشبكة فقط توثّق 110 آلاف معتقل موزعين لدى كل الأطراف، 2000 منهم موزعون بين حزب الاتحاد الديمقراطي (1400 شخص) وتنظيم داعش والفصائل الأخرى، والبقية جميعهم في سجون النظام. ويلفت عبد الغني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لوائح المعتقلين موثقة بالاسم ومكان الاحتجاز، مضيفًا: «إنما نرفض تسليمها لأي جهة، قبل أن يتم التفاوض على هذه القضية بشكل نهائي، خوفًا على سلامة المعتقلين وأهلهم، لا سيما أن النظام نفسه لا يملك (داتا) مركزية شاملة بأسماء المعتقلين لديه، بل تلك المرتبطة بكل مركز أو سجن على حدة. وبالتالي فان تسليمنا القوائم ستكون بمثابة عمل استخباراتي».
وأوضح عبد الغني أيضًا أن «على النظام أن يسلّمنا أولا لوائح بالأسماء الموجودة لديه لتعرض عندها على المنظمات الإنسانية التي تعمل في هذا المجال والتدقيق بها»، مضيفًا: «بعد ذلك يتم تسليم اللوائح على دفعات وبأعداد محددة وفقًا للاتفاق وكيفية إطلاق سراحهم من قبل النظام الذي لا يزال يرفض الاعتراف بوجود معتقلين لديه في الأساس». وفي حين رأى عبد الغني انه لغاية الآن لا يبدو أن هناك أي أفق لحل هذه القضية، أمل أن يتم تحريك القضية قبل موعد جولة المفاوضات المقبلة، مضيفًا: «فليطلق على الأقل سراح النساء والأطفال أو يكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين كبادرة حسن نية».
هذا، وفي تقرير لها، كانت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» قد أكدت أن حصيلة المحتجزين تجاوزت الـ215 ألف شخص، تم توثيق 110 آلاف منهم، فيما لا يزال مصير عشرات الآلاف مجهولاً. ويبلغ عدد المدنيين منهم نحو ستة آلاف شخص بينهم نحو 4 آلاف طفل وألفي امرأة».
وأشارت الشبكة إلى أنه ونتيجة عدم اتساع مراكز الاحتجاز التابعة للنظام، من السجون والمراكز والأفرع الأمنية، لجأ منذ عام 2012 إلى تحويل المدارس والملاعب الرياضية وبعض الأبنية والفيلات إلى مراكز احتجاز سرية، خاضعة لسلطة ميليشيات «جيش الدفاع الوطني» و«اللجان الشعبية»، وأكبرها ما يعرف بـ«معسكر دير شميل» الواقع في الريف الشمالي الغربي لحماه، ويقدّر عدد المعتقلين فيه بـ2500 شخص، بينهم 400 امرأة و250 طفلاً. ويشير التقرير إلى اعتماد النظام على 46 أسلوبًا في تعذيب المعتقلين لديه، نتج عنها أكثر من 11 ألف ضحية ماتوا تحت التعذيب، بينهم 157 طفلاً و62 امرأة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».