«داعش» يستعيد حركته في جنوب سوريا مستفيدًا من انشغال «الحر» بمواجهة النظام

الغارات الجوية دفعته للتسلل من البادية إلى المحافظة.. وحركة «مبايعات» تنشط لصالحه

«داعش» يستعيد حركته في جنوب سوريا مستفيدًا من انشغال «الحر» بمواجهة النظام
TT

«داعش» يستعيد حركته في جنوب سوريا مستفيدًا من انشغال «الحر» بمواجهة النظام

«داعش» يستعيد حركته في جنوب سوريا مستفيدًا من انشغال «الحر» بمواجهة النظام

استعادت ألوية مؤيدة لتنظيم داعش الإرهابي المتطرف حركتها في جنوب سوريا، في تطور لافت في أعقاب انكفاء للتنظيم دام أكثر من ثلاثة أشهر، وتمثل منذ مطلع الأسبوع الحالي في تعزيزات دفع بها لواء «شهداء اليرموك»، المؤيد للتنظيم، إلى مناطق سيطر عليها حديثا، بموازاة «اختراقات» حققها تنظيم داعش في شرق محافظة درعا، عبر التسلل من منطقة اللجاه آتيًا من البادية المتصلة بريف دمشق الشرقي. وبموازاة تسلل «داعش»، نشطت وتيرة الاغتيالات التي استهدفت القادة العسكريين في الفصائل المعتدلة في جنوب سوريا، من غير وجود أي دليل على الجهات التي نفذت تلك العمليات.
تسارعت هذه التطورات المتزامنة على جبهات محافظة درعا الغربية والشمالية والشرقية، خلال هذا الأسبوع وحده. فعلى المداخل الشرقية للمحافظة، وتحديدًا في منطقة اللجاه، رصد قيادات «الجيش الحرّ» تسللاً لقوات «داعش» من البادية الشرقية باتجاه محافظة درعا. وقال مصدر معارض في درعا لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما تمثل درعا حلمًا بالنسبة لتنظيم داعش الذي يسعى لأن يكون له موطئ قدم فيه، كما أنه يعتقد بأن الكثافة السكانية في المنطقة، تمثل حماية له، لذلك يحاول عبر جميع الوسائل الدخول إلى المحافظة، ولعل أحدثها محاولة التقدم من ريف دمشق الجنوبي الشرقي، باتجاه اللجاه والعبور إلى درعا، بغرض التسلل بين المدنيين وحماية نفسه من القصف».
وحاليًا، يسيطر التنظيم المتطرف على منطقة بئر قصب بريف دمشق الشرقي المتصل بريف درعا، ويتعرّض لقصف مركز من قبل طائرات النظام، إلى جانب معارك يخوضها «جيش الإسلام» ضده في منطقة ميدعا قرب بئر قصب، وهو ما يدفعه للاحتماء بالمناطق المأهولة للنفاذ من القصف الجوي، كون منطقة بئر قصب صحراوية ومكشوفة، ولا يسكنها إلا البدو والرعاة.
ولقد نشطت حركة «داعش» في غرب المحافظة، وريفها الشمالي الغربي، منذ يومين. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» أمس، بأن لواء «شهداء اليرموك» عزّز قواته في محيط بلدتي حيط وسحم الجولان الخاضعتين لسيطرة المعارضة بريف درعا الغربي، حيث استقدم المزيد من الآليات العسكرية الثقيلة، استعدادًا منه للسيطرة على البلدتين. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من سيطرته على بلدتي تسيل وعابدين المجاورتين، إثر اشتباكات عنيفة استمرت لساعات مع فصائل المعارضة، أبرزها: «جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام الإسلامية»، كما استهدف اللواء بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة بعض المناطق المحيطة وتل جموع «الاستراتيجي» القريب من مدينة نوى ثاني كبرى مدن المحافظة بعد مدينة درعا.
وتحرك لواء «شهداء اليرموك» خلال هذا الأسبوع، بعد ثلاثة أشهر من انكفاء إلى معقله في سحم الجولان ومنطقة حوض اليرموك، مستفيدًا من موقع المنطقة الاستراتيجي الذي يمنع مهاجمته، كونها منطقة قريبة من حدود هضبة الجولان السورية المحتلة، وتخضع لاتفاقية فض الاشتباك مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، كانت قوات المعارضة السورية التي قاتلته خلال الأشهر الماضية، منشغلة في معارك مع قوات النظام على جبهات الشيخ مسكين وريف درعا الشمالي. وتعزز الهدوء إثر انتقال عدد من قيادات «جبهة النصرة»، خصم «داعش» السياسي، من المحافظة باتجاه الرقة أواخر العام الماضي.
غير أن تجدد وجود حركة داعش في الجنوب، من خلال «مبايعات» للتنظيم، وحركة عناصره من البادية باتجاه اللجاه، بعثت الكثير من الأسئلة لدى فصائل المعارضة في الجبهة الجنوبية. وقالت مصادر معارضة في درعا لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الحركة الجديدة «تعود بشكل أساسي إلى غياب الدعم عن فصائل الجنوب، وهو ما يدفع كثيرين منها إلى مبايعة التنظيم بهدف الحصول على الذخيرة، أو تأمين استمراريتهم في المعارك المتواصلة مع النظام»، مشيرة إلى أن التنظيم «يستغل انشغال قوات المعارضة في معاركها مع النظام، بهدف تجديد حركته وتحقيق تقدم في المنطقة». وقالت إن الحركة الأخيرة «مشبوهة وخطرة، بسبب غياب القدرة على مواجهتها».
من جهته، كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أفاد الاثنين بمقتل 18 شخصًا إثر اشتباكات بين فصيل مقرب من تنظيم داعش مع فصائل إسلامية ومقاتلة في مدينة طفس بريف درعا. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الفصيل المتشدد «بايع تنظيم داعش، وحقق تقدمًا في المنطقة، ولا يزال موجودًا رغم الاشتباكات مع قوات المعارضة المعتدلة التي تصدت له».
وبموازاة ذلك قتل القائد العسكري لـ«جبهة النصرة» في الجنوب خلال اشتباكات عنيفة اندلعت بين «النصرة» والفصائل الإسلامية من جهة، ولواء «شهداء اليرموك» المبايع لتنظيم داعش في بلدة تسيل وتل جموع بريف درعا الغربي، إثر هجوم نفذه لواء «شهداء اليرموك» تمكن خلاله من السيطرة على بلدة تسيل. وتزايدت قدرة «داعش» على التحرك، إثر انسحاب عدد من مقاتلي «النصرة» من المنطقة، علما بأن هؤلاء كانوا يشكلون رأس الحربة في الاشتباكات مع «شهداء اليرموك»، كما يقول مصدر معارض في درعا لـ«الشرق الأوسط»، موضحًا أن «الخلايا النائمة رتبت أوضاعها بعد انسحاب (النصرة) في ضوء انشغال الفصائل المعتدلة بالحرب مع النظام وتفككها إلى حد ما إثر غياب الدعم العسكري، وهو ما سهّل محاولة تمدّد (داعش)»، لكنها أشارت إلى أن هذا التمدد عبر حركة «المبايعات» لا يعتبر «استراتيجيًا» كون قوات الجبهة الجنوبية قادرة على احتوائه وتصفيته، في حال توفرت لها الإمكانيات العسكرية، فضلاً عن أن فصائل «داعش»: «لا تجد بيئة حاضنة لها في بلدات وقرى درعا المعروفة بأن المعتدلين يسيطرون عليها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».