عزا مختصون في قطاع الإنشاءات زيادة تضخم أسعار العقارات بالسعودية أحيانا إلى نقص الخبرة في تقدير تكاليف البناء، ما يجعلهم عرضة لتحايل شركات مقاولات غير محترفة تفتقر إلى التنظيم، في ظل غياب مكاتب الاستشارات الفعّالة، أو عدم لعبها دورًا كبيرًا في تحديد تكلفة البناء، داعين إلى إنشاء جهة رقابية حكومية تقيس كمية المواد التي يحتاجها البناء، وتقدر التكلفة.
وأشار المختصون إلى أن الحكومة تعمل للسيطرة على الأسعار عبر فرض قرارات في هذا الخصوص، إلا أنها لم تتخذ بعد إجراءات لتنظيم عملية البناء، وإلزام جميع الأطراف بوجود إشراف حكومي عليها، موضحين أن عمليات نصب واستغلال كثيرة يقع فيها كثير من الراغبين في البناء، تصب في نهاية المطاف في خانة رفع أسعار العقار.
وأكد إبراهيم المسعود، الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، أن معظم المواطنين يقعون ضحية لعمالة تلعب على وتر جهل الراغبين في إنشاء المنازل بالتكلفة الحقيقية أو طلب مواد البناء بكميات كافية لا زيادة فيها، لافتًا إلى أن عددًا كبيرًا من الراغبين في البناء يتم التلاعب بهم وتحميلهم تكاليف إضافية يمكن تجنبها.
ودعا إلى فرض جهة رقابية حكومية، لتكون فيصلاً بين المقاول والمستهلك، يتلخص عملها في تحديد التكلفة، وقياس حجم المواد التي يحتاجها البناء، معتبرًا أن الإسراف في توفير مواد البناء له انعكاسات أكثر خطورة من مجرد تحميل قيمتها للمستهلك، إذ تلقي بظلالها سلبًا على حجم استيراد السعودية من مواد البناء التي تشهد ارتفاعات سنوية، مؤكدا وجود فائض كبير يتم التلاعب به أو إعادة تدويره، وهو ما يخلق سوقا سوداء لبيع مواد البناء، رغم انخفاض الطلب على العقارات، ويؤثر على حجم الإنشاءات.
إلى ذلك، أشار المستثمر العقاري عبد اللطيف العبد اللطيف، إلى أن غياب الرقابة على شركات المقاولات، خصوصًا الصغرى والمتوسطة، وهي التي يعتمد عليها أكثر من 80 في المائة من الراغبين في البناء، هي وجه آخر لفساد يشهده قطاع محلات البناء التي يرتبط بعضها بعلاقات وثيقة مع هذه الشركات التي تتلاعب بحجم الكميات، نتيجة عدم وجود جهة استشارية محايدة تحدد الكمية المطلوبة لكل عملية إنشاء.
وحول ما يتعلق بتصنيف المقاولين، قال العبد اللطيف إن «تصنيف المقاولين غير معترف به إلا بالورق، والواقع يحكي عن عدم اعتراف الراغبين في البناء بها، بدليل ازدياد الشركات المخالفة في السوق».
وأضاف أن المشكلة تكمن في أن بعض المشترين يعاب عليهم ضعف الخبرة وعدم معرفتهم بما يحتاجون إليه بالضبط من مواد البناء، فيشترون مواد البناء التي قد لا تفيدهم أحيانا، وتزيد من أعبائهم عند إنشاء البنايات، لافتًا إلى أن ضعاف النفوس يستغلون هذه النقطة، ويحملون المستهلك أموالاً إضافية، غير ملزم بدفعها.
ويأتي ذلك في ظل تفاقم حالة الركود العقاري التي تسيطر على السوق العقارية المحلية منذ نحو عامين، خصوصًا خلال الأسبوع الماضي، الذي سجلت السوق فيه انخفاضا بإجمالي الصفقات للأسبوع الخامس على التوالي بلغت نسبته 12.4 في المائة، مقارنة بانخفاضه الأسبق بنسبة 2.9 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات عند مستوى 3.99 مليار ريال فقط (1.06 مليار دولار)، ويعد أدنى مستوى أسبوعي جديد لإجمالي صفقات السوق العقارية تسجله منذ عام 2011، بعد المستوى الأدنى السابق المسجل خلال الأسبوع الأسبق عند أدنى من 4.6 مليار ريال (1.23 مليار دولار).
إلى ذلك، أكد إيهاب طبارة، المدير العام لشركة مخزن الخليج لبيع مواد البناء، أن حجم سوق مواد البناء يصل إلى ملياري دولار، مع أنه لا يزال يستوعب كثيرا بسبب التوجه الحكومي والشخصي للمشاريع والبنى التحتية والاستثمارات وغيرها كذلك، لافتًا إلى أن أسعار مواد البناء تشهد ارتفاعا مستمرًا، وإن كان بشكل مقيد على غالبية المواد، إلا أن بعضها بقي سعره مستقرا على ما هو عليه لفترة طويلة.
وقدّر نمو السوق بـ15 في المائة سنويا منذ عام 2007، وذلك رغم تفاوت أداء السوق.
وعن حالات الغش وضعف جودة مواد البناء التي بدأت تطغى على القطاع، اعتبر طبارة أن حالات الغش في قطاع تجارة مواد البناء المستوردة لا يكاد يذكر، وذلك بسبب الحملات المستمرة والتفتيش الدائم التي تقوم بها الجمارك على الحدود، وتشديد الرقابة على كل ما يدخل للسعودية، إلا أن هذا الأمر على ما فيه من حسنات أسهم في تأخر تسليم البضائع، وهذا الأمر يضر بالمستهلك والمستورد، لافتًا إلى أن هناك منافسة من الصناعات المحلية التي بدأت تدخل السوق بقوة، لكن الأجنبي وبالتحديد الصيني هو المسيطر، يليه الألماني والأميركي، مع تسجيل حضور للمنتج الإماراتي مؤخرًا.
وكان مؤشر أسعار الأراضي السكنية سجل خلال الأسبوع الماضي ارتفاعا بلغت نسبته 1.8 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبق بنسبة 0.3 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 832.0 نقطة، بينما سجل متوسط المؤشر ذاته خلال الفترة الماضية منذ مطلع 2016 حتى تاريخه، انخفاضا بلغت نسبته 5.3 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 660.7 نقطة.
وبلغت نسبة انخفاض متوسط أسعار الأراضي السكنية مقارنة بقيمته المسجلة خلال عام 2014، وعام 2013 نحو 17.8 في المائة، ونحو 29.1 في المائة على التوالي.
نقص الخبرة في قطاع الإنشاءات يزيد تضخم أسعار العقار بالسعودية
خبراء دعوا إلى تأسيس جهة رقابية تقيس احتياج البناء وتقدر التكلفة
نقص الخبرة في قطاع الإنشاءات يزيد تضخم أسعار العقار بالسعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة