خلافات حادة في اجتماع الرئاسات الثلاث والكتل السياسية العراقية

قيادي في المجلس الأعلى: طلبنا من العبادي تشكيل حكومة من حزبه فقط

أنصار التيار الصدري يؤدون الصلاة أثناء اعتصامهم عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
أنصار التيار الصدري يؤدون الصلاة أثناء اعتصامهم عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
TT

خلافات حادة في اجتماع الرئاسات الثلاث والكتل السياسية العراقية

أنصار التيار الصدري يؤدون الصلاة أثناء اعتصامهم عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
أنصار التيار الصدري يؤدون الصلاة أثناء اعتصامهم عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)

عقب اجتماع الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) وزعماء الكتل السياسية العراقية، مساء أول من أمس، الذي فشل في الارتفاع إلى مستوى التحديات الخطيرة التي تواجهها البلاد، فإن كثيرا من القوى والكتل السياسية عبرت عن خيبة أملها من البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع.
ورغم أن واشنطن قدمت ما يفهم على أنه دعم لرئيس الوزراء حيدر العبادي بتأكيد السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز في مؤتمر صحافي ببغداد أمس عزم بلاده الاستمرار في تقديم الدعم له مع القناعة بإمكانية نجاحه في الإصلاحات، فإن رئيس الوزراء يبدو محاصرا الآن بسبب التلكؤ في الإصلاحات واعتصامات التيار الصدري عند بوابة المنطقة الخضراء. وقال جونز إن بلاده «تدعم الإجراءات الحالية» للعبادي، مؤكدا في الوقت نفسه «عدم تدخل واشنطن في أي تغيير وزاري مرتقب».
وبينما اتفقت الرئاسات الثلاث وزعامات الكتل السياسية على تشكيل لجان ساندة للعبادي من أجل تحقيق التغيير المطلوب على أن تنهي عملها في غضون أسبوع، بالإضافة إلى لجنة أخرى مهمتها إجراء مفاوضات مع قيادة المعتصمين، فإن كثيرا من القوى السياسية رأت أن هذه الإجراءات لا ترتقي إلى مستوى التحديات.
وفي هذا السياق، هاجم التحالف المدني الديمقراطي الرئيس فؤاد معصوم، واصفا إياه بأنه «رمز المحاصصة والتدخل الإقليمي». وقال التحالف في بيان إن «أسباب الفساد لا يمكن أن تكون أدوات التغيير والإصلاح، وإن رئاسة الجمهورية لا يحق لها احتضان بؤرة المحاصصة الفاسدة بحجة الإصلاح، ورئيس الجمهورية هو رمز المحاصصة والتدخل الإقليمي»، داعيا إلى «الانحياز للشعب والإصلاح، ورفض جريمة المحاصصة وحماتها المشبوهين».
من جهته، دعا زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي إلى تشكيل مجلس إنقاذ للإشراف على العملية السياسية وتشكيل حكومة جديدة. وقال علاوي في مؤتمر صحافي إن «ائتلاف الوطنية طرح خلال اجتماع الرئاسات الثلاث ورقة إنقاذ تتضمن ستة بنود، أهمها إصلاح العملية السياسية، وإجراء مصالحة وطنية، وتنفيذ مطالب المعتصمين». ودعا علاوي إلى «تشكيل مجلس إنقاذ يتكون من الرئاسات الثلاث والكتل السياسية ولجنة من المعتصمين، للإشراف على تشكيل حكومة جديدة باختيار وزراء أكفاء وتلبية مطالب المعتصمين»، مؤكدًا دعمه «للاعتصامات السلمية». وطالب علاوي «بتغيير نظام الانتخابات لضمان نزاهتها وضمان مشاركة الجميع، وتشريع قانون للأحزاب»، عادًا أن «الانتخابات السابقة انطوت على خلل كبير». وشدد علاوي على ضرورة «إشراك العشائر العربية في العملية السياسية وإجراء مصالحة وطنية حقيقية»، مشيدًا «بدور (قيادة عمليات بغداد) في حماية المتظاهرين والمعتصمين».
وفي وقت أكد فيه المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، سعيه لتشكيل جبهة سياسية جديدة من أجل الإصلاح مع رفض السياسات الحالية لرئيس الحكومة، فإن «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي جدد تأييده للمطالب المشروعة للمعتصمين شريطة أخذ الأوضاع الأمنية الحالية بنظر الاعتبار.
وقالت عضو البرلمان العراقي عن الائتلاف، إقبال عبد الحسين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قضية الإصلاح معقدة وشاملة، وهي ليست مسؤولية رئيس الوزراء، رغم أنه رأس السلطة التنفيذية»، مشيرة إلى أن «المشكلة يتحملها الجميع دون استثناء، لأن جميع الكتل تدافع عن وزرائها ومسؤوليها ولا تحاسبهم، وبالتالي لا نستطيع اتهام شخص واحد أو طرف واحد بالتقصير أو الفساد، بل أستطيع القول إن الفساد نخر الكتل السياسية كلها، وإن الأمر لا يقتصر على الوزراء فقط، فهناك الوكلاء والمديرون العامون». ورأت أن «الإشكالية التي تؤخذ على العبادي أنه لم يتصرف بحزم عندما أوكلت له الجماهير مهمة الإصلاح، حيث كان الشارع معه، لكنه لم يتمكن من فعل ما كان يتمنى الشارع تحقيقه».
من جهته، أكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فادي الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم لم يكن راضيا عن النتائج التي خرج بها اجتماع الرئاسات ورؤساء الكتل السياسية؛ حيث لم تكن مخرجات الاجتماع تتناسب مع التحديات التي تمر بها البلاد، ولم تكن الرؤية واضحة للأسف، والحلول التي يراد طرحها لا تزال ترقيعية، بينما نحن بحاجة إلى حلول جذرية». وكشف الشمري عن طرح الحكيم «مجموعة من الخيارات الأساسية خلال الاجتماع، وبعضها كان قد طرح في وقت سابق على العبادي، وتتمثل هذه الخيارات في أنه إذا كان العبادي يريد وزراء مستقلين، فإن عليه هو نفسه الاستقالة من حزب الدعوة ويتم تشكيل حكومة جديدة وبوزراء تكنوقراط ومستقلين، أو يحصل تغيير جزئي في الكابينة الوزارية وعلى مراحل يتم الاتفاق عليها، شريطة أن تشمل وكلاء الوزارات والهيئات المستقلة والمديرين العامين، أو يقدم رئيس الوزراء استقالته من (الدعوة) ويعلن ذلك على الملأ، أو ننسحب نحن من الحكومة ومن يريد معنا الانسحاب ويشكل العبادي حكومة من حزب الدعوة فقط، وسوف نقوم بالتصويت عليها على أن يتحمل هو وحزبه النتائج، ونتحول نحن إلى المعارضة البرلمانية».
وردا على سؤال بشأن الخيارات المطروحة خلال المرحلة المقبلة، قال الشمري: «إننا ندرس الآن مجموعة من الخيارات المهمة؛ من بينها تشكيل جبهة واسعة من أجل الإصلاح تكون عابرة للطائفية والعرقية، وقد بدأت التحرك على القوى السياسية، حيث بدأت ملامح هذه الجبهة الواسعة بالتشكل، بمن في ذلك القوى السنية والكردية». وحول ما إذا كان التيار الصدري منسجما مع هذه الرؤى، قال الشمري: «لدينا تفاهم جيد مع التيار الصدري في كل هذه الأمور، وهناك توافق وتفاهم على كل المسائل المطروحة، بما فيها الاعتصامات؛ حيث حصلنا على ضمانات من الإخوة في التيار الصدري بأن تبقى الاعتصامات سلمية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».