دي ميستورا لا يتوقع نتائج حاسمة قبل الأسبوع المقبل

قال إنه يضغط على وفد النظام للدخول في قلب العملية التفاوضية.. وإن زيارة كيري للموسكو «مفصلية»

ديمستورا خلال مفاوضات جنيف امس (إ.ب.أ)
ديمستورا خلال مفاوضات جنيف امس (إ.ب.أ)
TT

دي ميستورا لا يتوقع نتائج حاسمة قبل الأسبوع المقبل

ديمستورا خلال مفاوضات جنيف امس (إ.ب.أ)
ديمستورا خلال مفاوضات جنيف امس (إ.ب.أ)

انتهى الأسبوع الأول من الجولة الثانية من محادثات جنيف التي انطلقت يوم الاثنين الماضي بيوم ماراثوني من الاجتماعات واللقاءات، التي حفل بها قصر الأمم، بناء على رغبة المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا الذي أراد الالتقاء بالجميع قبل استراحة نهاية الأسبوع.
وفي لقاء صحافي بنهاية اليوم الطويل، قام المبعوث الدولي بعرض ما تحقق بعد خمسة أيام من المحادثات المكثفة وما يريده أن يتحقق في الأيام الثلاثة المتبقية من الجولة الراهنة من المحادثات. وأكد دي ميستورا أن الهدف المنشود للأسبوع المقبل، هو «بلورة منصة (قاعدة) لمجموعة المبادئ»، التي تم التوصل إليها من خلال المحادثات غير المباشرة، والبحث فيما سماه «المناطق الرمادية» الخاصة بعملية الانتقال السياسي. بيد أن المبعوث الدولي اعتبر أن الأيام الثلاثة المتبقية «لن تكون حاسمة» وأن المفاوضات الأكثر عمقًا ستجري في الجولة اللاحقة المفترض أن تنطلق مبدئيًا بعد الأسبوع الأول من شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وكما فعل بالأمس، فإن المبعوث الدولي لم يتردد في الضغط مجددًا على وفد الحكومة السورية منتقدًا إياه ضمنًا بالتأخر كثيرًا عند المسائل الإجرائية وتلافي الدخول إلى صلب المحادثات التي تشكل العميلة الانتقالية لبنتها الأساسية. وفيما يبدو أنه انتقاد مباشر، شدد على أنه «لا يتعين أن نتجاهل المسائل الإجرائية ولكن علينا أن نتداول بالشؤون الأساسية لأن الناس لا يتمسكون بالإجراءات». وفي سياق متصل، أفاد دي ميستورا أيضًا بأنه قال لوفد النظام الذي التقاه بعد ظهر أمس إنه يتوقف كثيرا عند المبادئ العامة التي سبق للوفد أن سلم بشأنها ورقة قبل ثلاثة أيام. وكشف المبعوث الدولي مازحًا أنه أعطى الوفدين «فروضًا كثيرة واستجوابات» تنتظر الأجوبة. وفيما أعلن أنه يترك لوفد النظام حرية تحديد تاريخ تقديم الوثيقة التي ينتظرها حول تصوره لعملية الانتقال السياسي، عبر عن تمنيه بأن يحصل على إجاباته الأسبوع المقبل. وبحسب مصادر وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارض، فإن الوفد سيسلم المبعوث السوري أجوبته يوم الاثنين المقبل، حتى يكون له الوقت الكافي للإجابة عنها بما تتطلبه من جدية.
وفي أي حال، فإن دي ميستورا كال المديح مجددًا لوفد الهيئة وللاجتماع «المعمق والمنتج» الذي أجراه معه.
ويريد دي ميستورا التقدم وليس المراوحة، وهو قال أمس: «نحن في عجلة من أمرنا» ويريد الاستفادة من الأيام الثلاثة المقبلة لإيجاد «الأسس الدنيا من التصورات المشتركة»، التي تمكنه مع فريقه من التقدم وعدم المراوحة خصوصًا في الموضوع الأساسي الذي يشدد عليه، أي عملية الانتقال السياسي. ولذا، فإن دعا الحكمة السورية إلى مزيد من الجهد من أجل الكشف عن أفكارها وتصوراتها بينما ما زال وفدها يبحر في العموميات والإجراءات الشكلية.
وكشفت مصادر غربية متابعة أن دي ميستورا، خلال لقائه عددًا من السفراء، اعتبر أن موقف وفد النظام في المحادثات «سلبي جدا»، وأنه سيتعاون مع الطرف الروسي للضغط عليه. ونقلت أوساط وفد الهيئة العليا لـ«الشرق الأوسط» أن دي ميستورا امتنع عن تسليم ورقة النظام للمعارضة لأنها «ستصاب بالصدمة». والشعور السائد في جنيف أنه بينما يريد وفد المعارضة كما قالت بسمة قضماني، «الإسراع» في الوصول إلى المسائل الجوهرية، والدخول في مفاوضات مباشرة، فإن وفد النظام «يسعى لكسب الوقت» بمناورات «إجرائية».
ويراهن المبعوث الدولي، وكذلك أعضاء مجموعة الدعم لسوريا على الزيارة التي سيقوم بها الأسبوع المقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى العاصمة الروسية، ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف. ووصف دي ميستورا الزيارة بأنها «مفصلية» وستساعد في مرحلة المفاوضات المباشرة.
اللافت، أمس، أن رئيس وفد النظام السفير بشار الجعفري خرج متجهمًا من الاجتماع مع دي ميستورا الذي دام أكثر من المتوقع. وكان المبعوث الدولي ينتظر «إجابات» على الأسئلة التي طرحها والتي تتناول كيفية تصور كل طرف للمرحلة الانتقالية انطلاقا من الأوراق التي كان قد تلقاها سابقًا. وعلى عكس عادته، اكتفى الجعفري بتصريح قصير للغاية رفض عقبه الإجابة عن أي سؤال. ورغم التوتر البادي، فقد عمد الجعفري إلى وصف المحادثات مع دي ميستورا بـ«المفيدة» وأنه جرى التركيز خلالها على ورقة «العناصر الأساسية للحل السياسي» التي كان قدمها الاثنين الماضي. وأضاف الجعفري أن إقرار الورقة من شأنه أن يفضي إلى «حوار سوري - سوري جاد، بقيادة سوريا ودون تدخل خارجي أو شروط مسبقة».
وبعكس وفد النظام، بدا وفد الهيئة العليا للمفاوضات مرتاحًا من نتائج اجتماعه مع المبعوث الدولي وهو ما قاله رئيس الوفد أسعد الزعبي. وفيما تتكاثر الجهات والأشخاص التي يستشيرها المبعوث الدولي، حرص الزعبي على التأكيد أنه «لن تكون هناك طاولة مستديرة» عندما يتم الانتقال من المحادثات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة، بل سيكون هناك وفد المعارضة بمواجهة وفد النظام وليس أي وفد آخر بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي عاد إليه أيضًا دي ميستورا. ورفض الزعبي تقديم أي «تنازلات» فيما خص مصير الرئيس السوري داعيًا إياه ومجموعته إلى الرحيل «من غير أي ثمن»، إذ إن الشعب السوري هو الذي «قدم أكبر وأغلى التنازلات» في إشارة لما أصاب سوريا من قتل وتدمير.
وفي السياق عينه، أشارت بسمة قضماني إلى أن «الخطوط الحمراء» التي يتمسك بها وفد المعارضة منصوص عليها في الوثيقة المقدمة إلى المبعوث الدولي. وقالت قضماني إن المعارضة تريد من وفد النظام أن يفعل ما فعلته هي، أي أن يقدم تصوره للمرحلة الانتقالية التي لا تريد المعارضة أن تزيد على ستة أشهر من أجل أن تقوم الهيئة الانتقالية المفترض أن تنقل إليها كل الصلاحيات التنفيذية، أكانت الخاصة بالحكومة أو بالرئاسة.
واليوم «الطويل» و«المكثف» انطلق بلقاء دي ميستورا مع «مجلس النساء السوريات» تبعه لقاء مع «مجموعة معارضة الداخل» التي كانت قد وصلت إلى المدينة السويسرية من موسكو مباشرة. وفي حين وصف مكتب دي ميستورا الوفد بأنه «معارضة الداخل»، فإنه بالواقع يتشكل مما يسمى «معارضة حميميم» وهو اسم القاعدة الجوية التي يستخدمها الطيران الحربي الروسي على الشاطئ السوري، والتي تنطلق منها طائراته في عملياتها. وفي هذه القاعدة سعى عسكريون ودبلوماسيين روس إلى الدفع باتجاه عقد مصالحات محلية بين قوى النظام وشخصيات محلية. وأبرز أعضاء الوفد «الرابع» (بعد وفد النظام ووفد الهيئة العليا للمفاوضات ووفد القاهرة - موسكو) رئيسه أليان مسعد ومحمود مرعي (رئيس هيئة العمل الوطني) وهاني الخوري وعبد القادر عبيد، من الحزب السوري القومي الاجتماعي.. وبذلك يكون المبعوث الدولي قد أنهى أسبوعًا من المحادثات بلقاء جميع الأطراف السورية الموجودة في جنيف فضلا عن لقاءات جانبية مع سفراء مجموعة الدعم لسوريا التي تواكب عن قرب ما يحصل في جنيف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.