وحدة خاصة في «سكوتلانديارد» تتفوّق على برامج الكومبيوتر في تحديد ملامح المجرمين

أُسّست خلال أحداث الشغب التي اجتاحت لندن عام 2011

صورة أرشيفية لرجال شرطة جدد انضموا إلى «سكوتلانديارد» في مارس 2015 (واشنطن بوست)
صورة أرشيفية لرجال شرطة جدد انضموا إلى «سكوتلانديارد» في مارس 2015 (واشنطن بوست)
TT

وحدة خاصة في «سكوتلانديارد» تتفوّق على برامج الكومبيوتر في تحديد ملامح المجرمين

صورة أرشيفية لرجال شرطة جدد انضموا إلى «سكوتلانديارد» في مارس 2015 (واشنطن بوست)
صورة أرشيفية لرجال شرطة جدد انضموا إلى «سكوتلانديارد» في مارس 2015 (واشنطن بوست)

تنبأ تقرير صدر مؤخرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن «الروبوتات» سوف تحل محل البشر في نحو 5 ملايين وظيفة، بحلول عام 2020. غير أن هناك وحدة ذات طبيعة خاصة داخل شرطة لندن «سكوتلانديارد» لن يستطيع الروبوت أن يحل محل البشر فيها.
تلعب مجموعة صغيرة من الضباط ممن يطلقون على أنفسهم اسم «مدققي الملامح» دورا كبيرا ومتزايد الأهمية في حل لغز الجرائم في العاصمة البريطانية. سلاح هؤلاء الضباط هو ذاكرتهم وخيالهم، إذا أنهم يتمتعون بذاكرة فوتوغرافية تساعدهم على تذكر الوجوه وعلى تصور كيف تبدو ملامحهم من زوايا مختلفة.
ويعد استخدام تلك الموهبة البشرية في مكافحة الجريمة أمرا فريدا وجديدا على شرطة لندن، وفق مايك نيفيل، رئيس فريق المحققين بالوحدة. ولدى سؤاله عن الصفات الفريدة التي يتميز بها مدقق الملامح، أشار نيفيل إلى أن هناك عدة ميزات، إذ إنك «لا تنظر فقط إلى الوجه لكي تحدد المشتبه به»، فالأمر أكبر من هذا لأن عدة عناصر تجتمع سويا ومن الصعب جدا علميا أن تقول أي تلك العناصر أصعب، فالعقل البشري يضع تلك العناصر إلى جوار بعضها البعض».
من جهته، قال جوش ديفيس، باحث بجامعة «غرينتش» بلندن أجرى اختبارا عبر الإنترنت لمدققي الملامح، إن «مدققي الملامح قادرون على استخدام عقولهم بطريقة أفضل من غيرهم»، وأن نسبة أقل من واحد في المائة من الناس يمكن أن تجتاز اختبارا كهذا للعمل في تلك الوظيفة.
وجرى تأسيس الوحدة أثناء أحداث الشغب عام 2011 وضمّت ضبّاط شرطة عاديين ممن لوحظت قدرتهم على تمييز الوجوه. وكانت قد اجتاحت أعمال الشغب بعض أحياء لندن وغيرها من المدن الإنجليزية، وأصبحت شرطة «سكوتلانديارد» فجأة مطالبة بتحديد ملامح آلاف من المشتبهين خلال فترة زمنية قصيرة، وكان العون الذي تقدمه أجهزة الكومبيوتر محدودا.
وقد تكون برامج الكومبيوتر مفيدة في تحديد الوجوه فقط في حالة تصوير الشخص من الزاوية نفسها وبإضاءة مماثلة للصورة التي تقارن بها، مثل التأكد من صور جواز السفر في المطار مثلا.
وبحسب شرطة «سكوتلانديارد»، استطاعت برامج الكومبيوتر تحديد ملامح صورة واحدة فقط من أصل 4000 صورة لمشتبهين في أعمال الشغب، في حين أنها تمكن مدققي الملامح البشريين من تحديد باقي الصور. ففي واحدة من أكثر الحالات تعقيدا، استطاع فريق مدققي الملامح بشرطة سكوتلانديارد تحديد ملامح لص منازل حكم عليه لاحقا بالسجن لست سنوات، على الرغم من أن كاميرات المراقبة لم تسجل سوى وجهه المقنّع. وأفادت سكوتلانديارد أن أحد مدققي الملامح استطاع تحديد عيني اللص في مقطع مصور آخر مما أدى إلى القبض عليه.
وبمقدور التحريات في المملكة المتحدة الاعتماد على عدد ضخم من الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة، حيث يوجد هناك عدد من الكاميرات يفوق تلك الموجودة في أي دولة أوروبية أخرى.
غير أن الاهتمام بتلك الوحدة الشرطية ظهر في غيرها من الدول. فبعد العشرات من حوادث اعتداء الرجال على النساء في محطة القطار الرئيسية في كولونيا بألمانيا، ليلة رأس السنة، واجه المحققون الألمان وضعا يشبه ذلك الذي واجهته شرطه سكوتلانديارد عام 2011، ما جعل العدد الكبير للمشتبهين بهم والضحايا الضباط يواجهون صعوبة في تحليل صور المقاطع المصورة، خصوصا تلك التي التقطتها كاميرات الهواتف المحمولة. عندها سافر محققو سكوتلانديارد إلى كولونيا لمساعدة زملائهم الألمان.
وصرّح الضابط أندرو أيليز، أحد الضباط الذين توجهوا لكولونيا، قائلا: «قد أتعامل مع شخص ما مرة واحدة، لكن قد يبدو الأمر مثل النظر لقريب أو صديق، وحينها أتذكر أنني أوقفته في شارع ما، أو أنني بحثت عنه في ذلك الشارع، وعندها أعود للسجلات القديمة للعثور على اسمه».
وقد تساعد تلك المهارات في العثور على العشرات من المجرمين، بيد أن ذلك قد يتسبب في بعض المواقف المحرجة للمدقق نفسه. وقد يحدث مثلا أن يحيّي المدقق شخصا ما في الطريق بذكر اسمه أو تاريخ ميلاده، وقد يكون هذا الشخص لا يعرف سبب معرفة المدقق لتلك البيانات عنه فيصاب الأخير بالذهول.
*خدمة صحيفة «واشنطن بوست» خاص لـ«الشرق الأوسط»



ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
TT

ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)

في تطور مفاجئ يعكس تدخلاً زائداً في السياسة البريطانية، دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك السياسي البريطاني نايجل فاراج إلى التنحي عن قيادة حزب الإصلاح اليميني.

وقال ماسك، الذي سيقود إدارة الكفاءة الحكومية بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عبر منصته الاجتماعية «إكس» إن «حزب (الإصلاح) يحتاج إلى قائد جديد. فاراج لا يملك المقومات اللازمة». ويمثّل هذا التصريح انقلاباً في موقف ماسك، الذي صرّح مراراً بأن فاراج وحده قادر على «إنقاذ بريطانيا»، ونشر صورة معه الشهر الماضي. كما لمّح ماسك إلى احتمال تقديمه دعماً مالياً كبيراً لحزب «الإصلاح» لمساعدته في منافسة حزبي «العمال»، و«المحافظين» المهيمنيْن في بريطانيا، قد يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (124 مليون دولار).

فاراج ينأى بنفسه

يشنّ ماسك منذ أسابيع حملة مكثفة ضد الحكومة البريطانية التي يقودها رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، الذي يتّهمه بتقييد حرية التعبير. كما يطالب ماسك بإطلاق سراح ستيفن ياكسلي - لينون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة، المعروف باسم تومي روبنسون، والمناهض للهجرة وللإسلام. ويقضي روبنسون حالياً حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.

ونأى فاراج بنفسه عن تصريحات أدلى بها ماسك دعماً لروبنسون. وقال زعيم حزب «الإصلاح» تعليقاً على أحد منشورات ماسك: «حسناً، هذا مفاجئ! إيلون شخصية استثنائية، لكنني للأسف أختلف معه في هذا. موقفي لا يزال أن تومي روبنسون غير مناسب لحزب (الإصلاح)، ولن أتخلى أبداً عن مبادئي».

ماسك «مخطئ في تقديره»

يستند ماسك في حملته ضد الحكومة البريطانية والإعلام التقليدي، والدعوات للإفراج عن روبنسون، إلى تعامل الحكومة مع فضيحة تاريخية تتعلق باستغلال الأطفال. وفي الأيام الأخيرة، شارك ماسك وتفاعل مع منشورات على منصته «إكس» تنتقد الحكومة البريطانية بعد رفضها الدعوة لإجراء تحقيق عام في فضيحة الاستغلال، بمدينة أولدهام شمال إنجلترا. كما اتّهم ماسك ستارمر بالفشل في تحقيق العدالة فيما يسميه البعض «عصابات الاغتصاب»، عندما كان مدير النيابة العامة بين عامي 2008 و2013. ووصف ماسك الفضائح بأنها تمثل «جريمة هائلة ضد الإنسانية».

وبينما وصف وزير الصحة، ويس ستريتنغ، آراء ماسك بأنها «مخطئة في تقديرها ومُضلّلة بالتأكيد»، إلا أنه دعا أغنى رجل في العالم والمقرب من الرئيس الأميركي المنتخب للعمل مع الحكومة في معالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال. وقد جادلت الحكومة بأنه يجب على أولدهام أن تحذو حذو المدن الأخرى، وتُكلّف لجنة خاصة بها للتحقيق في الاعتداءات التاريخية التي طالت الفتيات بشكل رئيس.

وخلص تقرير صدر عام 2022، حول إجراءات حماية الأطفال في أولدهام بين عامي 2011 و2014، إلى أن الوكالات المحلية خذلت الأطفال، لكنه لم يجد أدلة على تستر رغم وجود «مخاوف مشروعة» من أن اليمين المتطرف سيستغل «الإدانات عالية المستوى لمجرمين من أصول باكستانية في جميع أنحاء البلاد».

وقال ستريتنغ، في مقابلة مع شبكة «آي تي في» الإخبارية إن الحكومة تأخذ قضية الاستغلال الجنسي للأطفال «على محمل الجد للغاية»، وإنها تدعم إجراء تحقيق في فضيحة أولدهام، لكن يجب أن يُدار محلياً. وأضاف: «بعض الانتقادات التي وجهها إيلون ماسك، أعتقد أنها خاطئة في تقديرها ومضللة بالتأكيد، لكننا مستعدون للعمل مع إيلون ماسك، الذي أعتقد أن له دوراً كبيراً يلعبه مع منصته الاجتماعية لمساعدتنا، والدول الأخرى، في معالجة هذه القضية الخطيرة. لذا، إذا أراد العمل معنا (...) فسوف نرحب بذلك».

مظاهرات اليمين المتطرّف

يبدي ماسك اهتماماً كبيراً بالمشهد السياسي البريطاني منذ فوز حزب «العمال» اليساري بأغلبية ساحقة في انتخابات يوليو (تموز) 2024، التي أنهت 14 عاماً من حكم المحافظين.

وقد أعاد ماسك نشر انتقادات لستارمر، ووسم TwoTierKeir - وهو اختصار لادعاء بأن بريطانيا لديها «نظام شرطة من مستويين»، حيث يتم التعامل مع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين بشكل أكثر صرامة من المتظاهرين في قضايا دعم حقوق للفلسطينيين، أو حركة «حياة السود مهمة»، أو حتى قضايا حماية النساء من العنف.

كما قارن ماسك المحاولات البريطانية لمواجهة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بممارسات الاتحاد السوفياتي، ووصل به الأمر إلى ترجيح اندلاع «حرب أهلية» في المملكة المتحدة خلال أعمال العنف المناهضة للمهاجرين، الصيف الماضي.

ودعا ماسك، يوم الجمعة، أيضاً إلى إجراء انتخابات عامة في المملكة المتحدة، بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات الأخيرة. وكتب: «الشعب البريطاني لا يريد هذه الحكومة على الإطلاق. انتخابات جديدة»، ملتمساً الملك تشارلز الثالث لحلّ البرلمان.

غضب ألماني من تدخلات ماسك

تثير تدخلات ماسك الخارجية، ولا سيّما في أوروبا، غضباً متصاعداً. وقبل أيام، ندّد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ«التصريحات المتنافرة» التي صدرت عن ماسك، وبدعم الأخير لحزب اليمين المتطرّف «البديل من أجل ألمانيا».

وفي مقابلة مع مجلّة «شتيرن»، صدرت السبت، عدّ شولتس أنه «لا بدّ من التسلّح بالهدوء» في وجه تصريحات ماسك، الذي نعت المسؤول الأميركي بـ«المجنون» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، و«المخبول غير الكفؤ» في 20 ديسمبر (كانون الأول) قبل أن يهاجم الرئيس الألماني فرنك - فالتر شتاينماير، واصفاً إيّاه بـ«الطاغية».

وقبل شهر ونصف الشهر من انتخابات تشريعية مبكرة في 23 فبراير (شباط)، قال المستشار الألماني: «في ألمانيا، تجري الأمور وفق إرادة المواطنين، لا وفق تصريحات متنافرة لملياردير أميركي». وشدّد شولتس في المقابلة على أن «الرئيس الألماني ليس طاغية مناهضاً للديمقراطية، وألمانيا ديمقراطية متينة ومستقرّة، مهما قال ماسك». وبالنسبة إلى المستشار الاشتراكي الديمقراطي، يُعدّ الدعم الذي يقدّمه ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي «يدعو إلى التقارب مع روسيا بوتين، ويريد إضعاف العلاقات الأوروبية - الأميركية، أكثر جدلية بكثير من إهاناته».

وأقرّ «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يحتّل المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء مع 19 في المائة من نيات التصويت، خلف المحافظين (33 في المائة)، في تصريحات لـ«دير شبيغل» بأنه على تواصل منتظم مع طاقم الملياردير الأميركي. وسيعقد ماسك (53 عاماً) دردشة مع الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، عبر «إكس» الخميس المقبل. وقال شولتس، ردّاً على سؤال من مجلّة «شتيرن» حول نيّته دعوة ماسك إلى محادثة: «لا أظنّ أنه ينبغي خطب ودّ السيد ماسك. وأترك الأمر لعناية آخرين». وذكّر المستشار الألماني بأنه التقى إيلون ماسك في مارس (آذار) 2022، في مناسبة افتتاح مصنع «تسلا» في براندنبورغ قرب برلين، «في فترة كان الفرع المحلي لحزب (البديل من أجل ألمانيا) يحتجّ على إقامة المصنع».