أدوات مجانية لضمان خصوصيتك عبر الإنترنت

تخفف من تعقب الشركات لك على المواقع الإلكترونية

أدوات مجانية لضمان خصوصيتك عبر الإنترنت
TT

أدوات مجانية لضمان خصوصيتك عبر الإنترنت

أدوات مجانية لضمان خصوصيتك عبر الإنترنت

لنفترض أنك تبحث عبر الشبكة العنكبوتية بخصوص موضوع ما، مثل الإنفلونزا، ستجد أن أول شيء سيقابلك في الخطوة التالية ظهور إعلان عن علاج للإنفلونزا عبر متصفح الإنترنت الخاص بك، أو قد تبدأ خدمة البث الحي لمقاطع الفيديو لديك في تشغيل إعلان عن عقار مثل «تيلينول».
* تعقّب مستخدمي الإنترنت
حقيقة الأمر أن محتوى هذه الإعلانات لم يكن من قبيل المصادفة، ذلك أن الإعلانات الرقمية قادرة على تتبع الأفراد في مختلف أرجاء شبكة الإنترنت وذلك لاعتماد الجهات المعلنة في الغالب على أدوات تعقب غير مرئية على المواقع التي تزورها. ويتمثل هدف هذه الجهات من وراء ذلك في جمع معلومات تفصيلية حول جميع المواقع التي تزورها عبر الإنترنت واستغلال هذه البيانات في توجيه إعلانات معينة باتجاه الكومبيوتر أو الهاتف الذكي أو التلفزيون المتصل بالإنترنت الخاص بك.
ومن المعتقد أن مثل هذه المراقبة العالمية ذات الطابع التجاري للعملاء في طريقها للتوغل والاتساع مع تمديد شركات التقنية نشاطاتها على صعيد «إنترنت الأشياء»، وهي فئة تتضمن أجهزة كومبيوتر يمكن ارتداؤها وأجهزة منزلية متصلة بالإنترنت، مثل الثرموستات (منظم درجة الحرارة)، الذكية وأجهزة التبريد. وبالفعل، باستطاعة كيانات تجارية مثل «أمازون» و«إيباي» و«فيسبوك» و«غوغل» متابعة مستخدمين من جهاز لآخر لأن الأفراد يدخلون إلى خدماتها باستخدام ذات الهوية، عبر مجموعة متنوعة من الأجهزة.
وبالنسبة لبعض الشركات الأخرى المعنية بالتسويق، تحولت مسألة تعقب الأفراد عبر أجهزة متعددة مرتبطة بالإنترنت لما يشبه غاية مقدسة. وتتسم هذه العملية بقدر واضح من التعقيد نتيجة غياب عنصر العلاقة المباشرة مع الأفراد الذين يتعاملون بالفعل مع الشركات التقنية العملاقة. وتبعًا لدراسة صادرة عن شبكة «إي ماركيتر» البحثية، فإن نحو 6 في المائة فقط من المسوقين بإمكانهم تتبع حركة عميل ما عبر جميع الأجهزة التي يستخدمها. إلا أن الجهات الإعلانية تعكف على محاولة زيادة هذه النسبة.
في المقابل، علق جيرميا غروسمان، مؤسس شركة «وايت هات سيكيوريتي» وهي شركة معنية بأمن الإنترنت، بقوله: «تتعرض خصوصيتنا لهجوم كاسح عبر جميع تلك الأجهزة المتصلة بالإنترنت».
وعليه، أصبح الوقت الآن مناسبًا تمامًا للشروع في حماية نفسك ضد هذه المراقبة التي تتعرض لها من خلال الإنترنت. من جانبها، تعرض الكثير من الشركات أدوات للمعاونة في إخفاء بصمتك الرقمية أثناء تصفحك الإنترنت.
* تطبيقات مضادة
وقد بحثنا واختبرنا أربعة تطبيقات لصد أدوات التعقب ووجدنا النتائج متباينة للغاية. وخلصنا في النهاية إلى أن التطبيق «ديسكونيكت Disconnect» هو أداة صد التعقب المفضلة لدينا.
بوجه عام، يعتمد استهداف الأفراد بإعلانات رقمية على منظومة معقدة من أطراف ثالثة، مثل شبكات إعلانات أونلاين ووسطاء بيانات وشركات معنية بالتحليل، والتي تتولى تجميع معلومات حول المستهلكين.
عندما تزور مواقع على الإنترنت، تلتقط هذه الشركات بيانات المتصفح الخاص بك أو هاتفك عبر تقنيات مثل «كوكيز»، والتي تحوي بطاقات «أبجدية - عددية» فريدة تمكن أدوات التعقب من تحديد نشاطاتك مع انتقالك من موقع لآخر. ومن أجل بيع إعلانات موجهة لفئات معينة من المستهلكين، مثل الرجال والنساء غير المتزوجين الباحثين عن شريك حياة، فإن الشركات قد تعتمد على هذه البطاقات التعريفية للهوية لتحديد الأفراد وتمييزهم.
ويكمن الجانب السلبي في أن تاريخ تصفحك الإنترنت ربما يحوي معلومات حساسة حول اهتماماتك الصحية أو انتماءاتك السياسية أو مشكلاتك الأسرية أو معتقداتك الدينية أو عاداتك الجنسية.
وعن هذا، قال كوبر كونتين، أحد النشطاء المعنيين بحماية الخصوصية الذي يعمل لدى مؤسسة «إلكترونيك فرونتير فاونديشن» غير الهادفة للربح المعنية بالحقوق الرقمية: «هذا الأمر يتجاوز مجرد كونه مخيفا، إنه انتهاك مروع للخصوصية. يجب أن يكون الناس قادرين على قراءة أشياء وفعل أشياء والحديث عن كل الأمور من دون القلق حيال تعرضهم للمراقبة أو تسجيل ما يفعلونه من جهة ما».
* أدوات الخصوصية
وقد ألقينا من جانبنا نظرة متفحصة على أربع أدوات لضمان الخصوصية: «غوستري Ghostery» و«ديسكونيكت Disconnect» و«ريدمورف RedMorph» و«بريفاسي بادجر Privacy Badger». واختبرنا الأدوات الأربع مع متصفح «غوغل كروم» للإنترنت مع 20 موقعا إخباريا على الشبكة، ومنها «ياهو نيوز» و«سي إن إن» و«هافنغتون بوست» و«نيويورك تايمز».
والملاحظ أن التطبيقات المعنية بالتصدي للتعقب تعمل بصورة عامة بطرق متشابهة، حيث تقوم بتنزيل وتثبيت إضافة، لمتصفح إنترنت مثل «كروم» أو «موزيلا فايرفوكس». وتعمل الشركات المعنية بالتصدي للتعقب جميعها على تجميع قائمة بالنطاقات على الإنترنت التي تخدم المتعقبين أو تكشف عن مؤشرات على وجود خدمات تعقب. بعد ذلك، عندما يتصل المرء بموقع على الإنترنت، فإن تلك الأدوات تحول دون تحميل المتصفح أي عنصر يتوافق مع ما ورد في القائمة السوداء لها.
وقد اتسم «غوستري»، وهو أداة مشهورة لصد أدوات التعقب، بكونه الأكثر صعوبة في تثبيته وتشغيله، ذلك أنه عندما تنتهي من تنزيله على الجهاز، يطلب منك أن تختار بصورة يدوية جهات التعقب التي ترغب في إعاقتها. وتكمن مشكلة هذا التوجه في أن هناك المئات من جهات التعقب، وربما لا تعرف الغالبية العظمى من المستهلكين الجزء الأكبر منها، الأمر الذي يحمل المستهلك مسؤولية البحث عن الخدمات المحددة التي قد يرغب في إعاقتها.
من جهته، أوضح سكوت مير، الرئيس التنفيذي لشركة «غوستري» أن هذا الأمر كان متعمدًا من قبل الشركة، معللاً ذلك بأنه عندما تتم إعاقة جهات التعقب فإن هذا ربما يؤدي لعدم قدرة أجزاء من المواقع على شبكة الإنترنت على العمل. وعليه، رأت الشركة أن ترك حرية اختيار ما ستتم إعاقته للمستخدمين، سينطوي على إرباك أقل.
وأضاف: «إننا لا نعيق أي شيء تلقائيًا، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع ما تقوله الشركات الأخرى من أنها تغلق كل شيء وتترك للمستخدم حرية إعادة تشغيل ما يروق له. في الواقع، نرى أن هذا التوجه الأخير بالغ التعقيد بالنسبة للمستخدمين».
أما أداة «ريدمورف» لإعاقة التعقب فتتبع توجهًا معاكسًا، حيث تعوق جميع إشارات التعقب التي تتمكن من رصدها، وتسمح للأفراد باتخاذ قرار بخصوص من منها يسمح لها بالعمل. وبالنسبة للآباء والأمهات القلقين بخصوص استخدام أطفالهم للإنترنت، تعرض «ريدمورف» خدمة تنقية مواقع معينة أو إعاقة ألفاظ محددة قد يعتبرونها غير لائقة.
وعن ذلك، قال أبهاي إدلابادكار، الرئيس التنفيذي لـ«ريدمورف»: «عندما تعود للمنزل، فأنت تغلق الباب وتسدل الستائر ليلاً ـ ينبغي أن تتمتع بذات المستوى من السيطرة على خصوصيتك فيما يتعلق بنشاطاتك عبر الإنترنت».
خلال اختباراتنا، كان «ريدمورف» الأكثر دقة في إعاقة أدوات التعقب، حيث أعاق بالفعل 22 منها على موقع «يو إس إيه توداي»، بينما أعاق «بريفاسي بادجر» سبعة، وأعاق «ديسكونيكت» ثمانية، ورصد «غوستري» ثمانية.
في المقابل، نجد أنه خلال العمل تسبب «ريدمورف» في أكبر مستوى من الأضرار غير المسبوقة، حيث أعاق بعض الفيديوهات على مواقع «سي إن إن» و«يو إس إيه توداي» و«بليتشر ريبورت» و«نيويورك تايمز» و«ديلي نيوز». كما تسبب في كسر قائمة القراءة الموصى بها على موقع «بيزنس إنسايدر» وصندوق «تويتر بزفيد».
وبالنسبة للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في تحميل مواقع على الشبكة، تعرض الشركة زرا يحمل اسم «إيزي فيكس» لوقف إعاقة جهات التعقب بموقع ما. ومع ذلك، فإن هذا ليس حلاً مثاليًا لأنه يتسبب أحيانًا في توقف عدد هائل من المواقع عن العمل.
أما إدلابادكار من «ريدمورف»، فقال: «إن تطبيق إعاقة التعقب هذا يعوق بعض الفيديوهات وقوائم القراءة الموصى بها لأنه يجري تحميلها فقط بعد تحميل أداة تعقب أولاً».
* تطبيق يسير
وهذا يترك أمامنا «بريفاسي بادجر» و«ديسكونيكت». وأبدى «بريفاسي بادجر» قدرته على رصد نطاقات الطرف الثالث التي يتصل بها مستخدمون عندما يقومون بتحميل موقع ما على الشبكة، لكنه يعيق هذه النطاقات فقط عندما تتحرك لتعقبك. ويكشف التطبيق للمستخدم عن جهات التعقب التي رصدها، بحيث تظهر تلك التي تمت إعاقتها بالفعل باللون الأحمر، بينما الأخرى التي تظهر باللون الأخضر هي تلك التي ما تزال فاعلة.
ويتخذ «ديسكونيكت» توجهًا مشابهًا. وقد أعلنت الشركة من جانبها أن بعض أدوات الترقب كانت ضرورية كي يعمل موقع ما بصورة مناسبة ـ على سبيل المثال، موقع مثل «نيويورك تايمز» يعتمد على تحليلات لجمع معلومات عن القراء، مثلما يشرح الموقع في سياسته تجاه الخصوصية. ومع ذلك، فإن «ديسكونيكت» سيعوق أدوات التعقب من أطراف ثالثة التي تتولى جمع، أو الاحتفاظ، أو التشارك في مثل تلك البيانات. وعبر موقعها الرسمي، تنشر الشركة أدوات التعقب التي تعوقها والأخرى التي تسمح بها، مع شرح مفصل لسياستها.
وعن هذا، قالت كايسي أوبينهيم، الرئيسة التنفيذية لـ«ديسكونيكت»: «في الواقع، إننا نركز على الخصوصية أكثر من إعاقة الإعلانات التي تطرح بأسلوب لائق. ومن المهم أن نسمح للناشرين بالبقاء وجني المال. وأعتقد أن هناك حلاً وسطا يمكن الوصول إليه هنا».
في النهاية، وقع اختيارنا على «ديسكونيكت» باعتباره تطبيق إعاقة التعقب المفضل لدينا لأنه كان الأيسر في فهمه، حيث يتولى تنظيم أنماط طلبات التعقب التي يعوقها في فئات مختلفة: إعلانات وتحليلات وشبكات تواصل اجتماعي ومحتوى.

• خدمة «نيويورك تايمز»



«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
TT

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)

قبل نحو 9 أشهر، وخلال بحث جو تيدي، مراسل شؤون الأمن الإلكتروني في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن قصة صحافية جديدة، وجد نفسه مُضافاً إلى قناة كبيرة على تطبيق «تلغرام» تركز على بيع المخدرات، ثم تمّت إضافته إلى قناة تختص بالقرصنة، ثم أخرى تبيع كل الممنوعات من بطاقات الائتمان المسروقة حتى الأسلحة.

وأدرك تيدي وقتها أن إعدادات «تلغرام» الخاصة به جعلت من الممكن للأشخاص إضافته إلى قنواتهم دون أن يفعل أي شيء، وأبقى الإعدادات كما هي لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، وفي غضون بضعة أشهر تمّت إضافته إلى 82 مجموعة مختلفة.

وبعد أن غيّر إعداداته لإيقاف ذلك، وجد أنه «في كل مرة يقوم فيها بتسجيل الدخول يتلقى آلاف الرسائل الجديدة من عشرات المجموعات غير القانونية النشطة للغاية» وفق قوله.

وأشعل اعتقال بافيل دوروف، مالك ومؤسس «تلغرام»، في فرنسا نقاشاً حول الإشراف على تطبيقه.

وتم توجيه الاتهام إلى دوروف بالتواطؤ «المشتبه به» في السماح للمعاملات غير المشروعة، والاتجار بالمخدرات والاحتيال ونشر صور الاعتداء الجنسي على الأطفال، بالانتشار على موقعه.

الإنترنت المظلم

وحسب تيدي، فلا شك أن الجريمة تحدث على شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى أيضاً، لكن «تلغرام» يسهّل الأمر بصورة تجعل المشكلة «أوسع نطاقاً» وتسبب قلقاً متزايداً للعاملين في إنفاذ القانون.

ويصف مقدم البرامج المتخصصة في الأمن السيبراني، باتريك غراي، تطبيق «تلغرام» منذ أشهر بأنه «الويب أو الإنترنت المُظلم في جيبك». ويعدّ «الويب المظلم» جزءاً من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه إلا باستخدام برامج متخصصة، ويُستخدم في بيع السلع والخدمات غير القانونية.

وفي تعليقه على اعتقال دوروف، قال غراي إن «تلغرام كان ملاذاً للجريمة لفترة طويلة». وأضاف: «نحن نتحدث عن مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، ونتحدث عن بيع المخدرات، ونتحدث عن مستويات من الجريمة لا تحدث إلا على الويب المظلم ولا يفعل التطبيق شيئاً حيالها».

ويحب المجرمون شبكة الويب المظلمة؛ لأنها تسمح لهم بعدم الكشف عن هوياتهم، وهو ما يسمح به «تلغرام». ويقول الباحثون في شركة الأمن السيبراني «Intel471»: «قبل ظهور (تلغرام)، كان النشاط الإجرامي يتم بشكل أساسي باستخدام خدمات الويب المظلمة. لكن بالنسبة لمجرمي الإنترنت من المستوى الأدنى والأقل مهارة، أصبح (تلغرام) إحدى أكثر الوجهات شعبية عبر الإنترنت».

مواد إساءة معاملة الأطفال

تقول هيئة الإذاعة البريطانية: «في حين يستجيب (تلغرام) لبعض طلبات إزالة هذه المواد التي تقدم من الشرطة أو الجمعيات الخيرية، فإن التطبيق لا يشارك في البرامج التي تهدف إلى منع انتشار صور ومقاطع إساءة معاملة الأطفال جنسياً بشكل استباقي، ولا يبذل جهداً كافياً لمراقبة مواد إساءة معاملة الأطفال جنسياً»، وهو أحد الادعاءات الرئيسية من قبل المدعين العامين الفرنسيين.

بدوره، أخبر التطبيق هيئة الإذاعة البريطانية أنه يبحث «بشكل استباقي عن الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك إساءة معاملة الأطفال جنسياً». وقال إن إجراءات «غير معلنة» تم اتخاذها ضد 45 ألف مجموعة في أغسطس (آب) وحده.

عدم التعاون مع الشرطة

ويعد الإشراف على المحتوى جزءاً من المشكلة التي يواجهها «تلغرام»، لكن نهجهه في التعامل مع طلبات الشرطة بإزالة المحتوى غير القانوني أو «تمرير الأدلة» يعد مشكلة أخرى.

ويمكن لـ«تلغرام» قراءة كل المحتوى المتداول عليه، وتمريره إلى الشرطة إذا أراد ذلك، لكنه ينص في شروطه وأحكامه على ألا يفعل ذلك.

وأشارت السلطات الفرنسية، فيما يخص الاتهامات بشأن دوروف، إلى أن الشرطة في فرنسا وفي بلجيكا أيضاً «كانت تعاني تاريخياً» من «انعدام شبه كامل للاستجابة من (تلغرام) للطلبات القانونية».