الجبوري يحمل الخلافات السياسية انتشار الإرهاب في الرمادي

المدينة تطلق دعوة دولية لإعادة إعمارها وتقتل 8 عناصر لـ«داعش»

رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري خلال مؤتمر صحافي في مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري خلال مؤتمر صحافي في مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الجبوري يحمل الخلافات السياسية انتشار الإرهاب في الرمادي

رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري خلال مؤتمر صحافي في مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري خلال مؤتمر صحافي في مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)

حمل رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري أمس الخلافات السياسية والاجتماعية في محافظة الأنبار انتشار الإرهاب والمتطرفين من «داعش» الأمر الذي أدى لنزوح السكان من المحافظة.
ووجه الجبوري نداءه إلى أصحاب الحكمة والرأي بأن يفعلوا دورهم الاجتماعي والإنساني بإزالة كافة الخلافات والبدء بصفحة جديدة أساسها التعاون والوئام، ومحاربة التطرف.
ووصف الجبوري حجم الدمار الذي شهدته مدينة الرمادي التي تعتبر مركزا لمحافظة الأنبار بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش بأنه كان «هائلاً»، داعيا في مؤتمر صحافي عقده مع محافظ الأنبار صُهيب الراوي، المجتمع الدولي إلى «الالتفات إلى مدينة الرمادي في ظل ما تشهده من دمار كبير، والعمل لإعادة الاستقرار للمدينة».
وأكد الجبوري أن العمليات العسكرية ما زالت مستمرة في بعض المناطق، إلا أن الحكومة لا بد أن تعمل على إعادة الاستقرار للمدينة، كاشفا أنه حصل على بعض التطمينات والوعود للأهالي وعودتهم وذلك بجهود أبناء المحافظة، والتي تأتي بعد أن تمكنت الجهات الرسمية من إيصال وتوزيع المياه لجميع مناطق الرمادي.
إلى ذلك أكد محافظ الأنبار صُهيب الراوي أن محافظة الأنبار بحاجة ماسة إلى عملية إعمار كبيرة على أن تكون بجهود دولية، وقال الراوي «إن إعادة إعمار المحافظة بحاجة إلى جهد دولي كبير مقرون باستقرار أمني ليتمكن النازحون من العودة»، كاشفا عن صندوق لإعادة إعمار المناطق المتضررة، بالتنسيق مع الجهات الحكومة لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المتضررة التي تم تحريرها من قبضة «داعش».
وأوضح الراوي أنه أطلع رئيس البرلمان على الكثير من المشاكل التي تواجهها المدينة، ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من تشغيل مشروع المياه في الرمادي الذي يغذي أغلب مناطق المدينة، معلنا عن قرب تجهيز الرمادي بمولدات كهرباء، إضافة إلى تأهيل المراكز الصحية.
وفي سياق متصل، كشف مجلس محافظة الأنبار أول من أمس، عن عمليات هروب جماعي لمسلحين من تنظيم داعش غربي الأنبار باتجاه الأراضي السورية.
وقال المتحدث الرسمي لمجلس محافظة الأنبار عيد عمّاش لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر تنظيم داعش هربوا من مناطق القائم والمناطق الغربية التي منها هيت، وكبيسة، متجهين إلى الأراضي السورية، بعد الانهيار الكبير الذي حدث بين صفوف التنظيم الإرهابي وفقدانهم السيطرة على الأرض ليتكبدوا خسائر كبيرة».
وأوضح عماش أن «داعش» خسر القاعدة التي كان يستخدمها مركزا للتمويل والدعم لصفوفه أثناء شن الهجمات، وهو ما تمكنت منه القوات العراقية بحسب عماش لتعمل القوات العراقية على تأمين الشريط الحدودي بين العراق وسوريا لقطع إمدادات التنظيم القادمة من الأراضي السورية.
على صعيد آخر أعلن رئيس ديوان الوقف السني ورئيس اللجنة العليا لإعادة النازحين الدكتور عبد اللطيف الهميّم أن «مدينة الرمادي ستكون جاهزة لعودة أهلها في العاشر من أبريل (نيسان) المقبل»، فيما وجه إلى الإدارات الهندسية ببناء جامع الرمادي الكبير بعد أن فجره تنظيم داعش.
وقال الهميّم في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن أعمال إزالة العبوات الناسفة والألغام وتنظيف الأحياء السكنية وشوارع مدينة الرمادي تعمل بشكل سريع إذ تمكنت من تنظيف نحو 80 في المائة من المناطق في الرمادي، لتستقبل النازحين منها خلال الشهر المقبل.
وعن نسبة الدمار الذي خلّفه تنظيم داعش والعمليات العسكرية في مدينة الرمادي، قال الهميّم إن «هناك نسبة دمار كبيرة تعرضت لها البنى التحتية والأحياء السكنية وصلت نسبتها 80 في المائة حسب التقديرات الأولية». وبين أن الكثير من الأحياء السكنية تعرضت للهدم بالكامل وخصوصًا الأحياء السكنية في جنوب المدينة بينما هناك نسب أضرار متفاوتة في المناطق الغربية والشمالية، في حين لم تتعرض المناطق الشرقية للمدينة لأي أضرار كبيرة.
ميدانيًا، كشف مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن اسمه، في جهاز مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط» عن عملية إلقاء القبض على المنسق العشائري لـ«داعش» مع العائلات النازحة بسيارة نوع كيا محملة بالأغنام. وأضاف المصدر أن: هناك الكثير من عناصر تنظيم داعش تم إلقاء القبض عليهم أثناء هروبهم من مناطق قروية، وتخفيهم مع العائلات التي تم نقلها إلى المناطق الآمنة، في الوقت الذي أعلن فيه مصدر أمني مقتل 8 من عناصر «داعش» بينهم انتحاري يرتدي حزاما ناسفا أثناء محاولتهم الهجوم على مخفر حدودي غربي الأنبار.
إلى ذلك، قال لـ«الشرق الأوسط» مسؤول محلي في الرمادي، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، إن «هناك خلافات بين (جماعة الحزب الإسلامي)؛ ومنهم محافظ الأنبار صهيب الراوي، والجماعات الأخرى خارج (الحزب الإسلامي)، وهو ما انعكس على عمل لجنة إعادة الإعمار التي بدأت تعمل باتجاهين؛ اتجاه يمثله رئيس اللجنة الهميم المكلف من العبادي، الذي أعطى تعهدا بعودة النازحين خلال فترة أقصاها 120 يوما، و(الحزب الإسلامي) الذي يمثله هناك المحافظ صهيب الراوي الذي لم يعط وقتا محددا لإعادة النازحين، وهو ما كرره سليم الجبوري خلال زيارته (أمس الأحد) إلى المدينة».
وأوضح المصدر أن «الجبوري ترأس اجتماعا للجنة الاستقرار والإعمار اقتصر على المحافظ ومسؤولين محليين، بينما لم يحضره رئيس اللجنة الهميم أو وزير الكهرباء قاسم الفهداوي». وكان الجبوري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ الأنبار، دعا من سماهم «أصحاب الحكمة والرأي السديد إلى أن يفعلوا دورهم بإزالة كل الخلافات والبدء بصفحة جديدة أساسها التعاون والوئام ونبذ كل الخلافات السياسية والاجتماعية، لأن هذه الخلافات أوردت المحافظة ما رأيناه من وجود الإرهاب والنازحين».
في سياق ذلك، وطبقا لما أعلنته «خلية الإعلام الحربي»، فإن «آلاف الأسر نزحت من هيت وكبيسة باتجاه الأجهزة الأمنية، بعد وصول جهاز مكافحة الإرهاب إلى تقاطع العكبة». كما أعلن قائمقام قضاء الرطبة بمحافظة الأنبار عماد أحمد عن انسحاب تنظيم «داعش» من القضاء بالكامل، مطالبا القوات الأمنية باستعادة القضاء، لأنها «فرصة لا تعوض».
وبشأن أهم الأسباب التي أدت إلى انسحاب «داعش» من المدن الواقعة على نهر الفرات وصولا إلى الحدود العراقية – السورية، قال عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الرئيسي وراء ذلك هو بدء القوات العراقية حملة للتوجه غربا، مما يعني في حال بقاء عناصر التنظيم في هذه المدن، لا سيما هيت، أنها نهايتهم الكاملة، لا سيما أن عناصر (داعش) كانوا ارتكبوا مزيدا من المجازر البشعة ضد كثير من العشائر في هذه المنطقة، وهو ما يعني أنهم سوف يواجهون حربا مطبقة عليهم»، وأضاف أن «انسحابهم من هذه المدن يؤشر لبداية هزيمة كبرى لهم، لكنه من جانب آخر يكشف أنهم يسعون إلى الخروج إلى مناطق مفتوحة، وهو ما يتطلب الحذر والحيطة من خططهم المستقبلية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.