الطلاب الدوليون يلتقطون خيوط «الحلم الأميركي».. في فلينت

تحظى جامعات المدينة بإقبال متزايد كونها غير باهظة التكلفة

هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
TT

الطلاب الدوليون يلتقطون خيوط «الحلم الأميركي».. في فلينت

هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة

بعد شهور قلائل من رحيل أبهيشيك واي أوتيكار عن مومباي بالهند، كي يشارك في برنامج ماجستير إدارة الأعمال بجامعة ميتشيغان في فلنت، رافقه صاحب البناية التي استأجر بها مسكنًا له، دينيس براونفيلد، في جولة عبر أرجاء منزله الجديد. وجاء ذلك انطلاقًا من حرص براونفيلد على الاهتمام بالمستأجرين لديه، ورغبته في أن يتفهم أوتيكار طبيعة الحياة داخل مدينة غالبًا ما تسيطر عليها أجواء التراجع وتلاشي الطابع الصناعي.
وحملت سيارته الدرس الأول، وهي طراز «هوندا سيفيك»، حملت لوحة ترخيص كتب عليها «رحلت جي إم»، في إشارة إلى الـ700.000 وظيفة بمجال صناعة السيارات التي اختفت من المدينة على مر السنوات، رغم كون المدينة مسقط رأس «جنرال موتورز» العملاقة في صناعة السيارات.
خلال جولتهما، توقفا عند ساحة خالية مخصصة للسيارات بين المكتبة الرئيسة بالمدينة و«سنترال هاي سكول»، وهي عبارة عن مبنى ضخم أغلقت أبوابه بسبب انخفاض أعداد الملتحقين بالمدرسة وإجراءات خفض الميزانية المخصصة لها. حينئذ نبه براونفيلد مرافقه قائلاً: «اربط حزام الأمان بحرص الآن لأني سأريك واحدة من العادات الأميركية»، ثم انطلق في حركات جنونية بالسيارة جعلت محركها يزأر بعنف من تطرف الاتجاهات التي يتحرك نحوها مقود السيارة. وشرح براونفيلد ما فعله بأنه: «أسلوبنا في التسلية داخل ميتشيغان».
في قرارة نفسه، شعر أوتيكار بالاضطراب والانبهار معًا، وأدرك في تلك اللحظة أن حياته داخل هذه المدينة الأميركية ستختلف كثيرًا عما اعتاده بالهند.
تعد الصدمة الثقافية من الأمور المعتادة في صفوف الطلاب الدوليين الساعين لنيل درجات علمية من داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، تبقى بعض المناطق أكثر إثارة لهذه الصدمة عن البعض الآخر.
وتعد فلينت، الواقعة على بعد 60 ميلاً شمال غرب ديترويت، واحدة من أخطر المدن الأميركية. علاوة على ذلك، فقدت المدينة كثيرا من سكانها منذ ستينات القرن الماضي، تبعًا لما كشفه مكتب الإحصاء السكاني. ومؤخرًا، تراجعت أعداد السكان لما دون مائة ألف نسمة للمرة الأولى منذ قرابة قرن. ونجم عن ذلك ترك آلاف المنازل مهجورة - والتي عادة ما تتعرض للسلب من قبل لصوص يبحثون عن قطع معدنية. كما تشيع بالمدينة مسألة إضرام النيران بالمنازل، ما يضفي على بعض الأحياء شعورًا مخيفًا بالخراب. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت وزارة الصحة بالمقاطعة حالة الطوارئ العامة في أعقاب اكتشاف مستويات رصاص مرتفعة في المياه.
ورغم أن هذه المدينة ليست من المناطق التي يمكن للطالب الاستمتاع بتلقي العلم داخلها، لا يزال الطلاب الأجانب يفدون إلى فلينت للالتحاق بالتعليم الجامعي بها. هذا العام، وفد إلى فلينت أكثر من 700 طالب أجنبي، أكبر عدد من نوعه على الإطلاق، حيث يدرسون في «يو إم فلينت»، وهي مدرسة تضم قرابة 8.500 طالب بمرحلتي ما قبل وما بعد التخرج. وهناك مائتان تقريبًا يرتادون «كيتيرينغ»، وهي جامعة خاصة أصغر وأكثر انتقائية في اختيار طلابها تركز دراساتها على هندسة السيارات.
ورغم أن الأعداد قد تبدو متواضعة نسبيًا، فإنه من اللافت بالأمر أن هذه المدينة تشهد نزوحًا من قبل سكانها. وينتمي هؤلاء الطلاب إلى السعودية والهند والصين وكوريا الجنوبية ونيجيريا وأكثر من 40 دولة أخرى، ورغم توافر مئات الاختيارات أمامهم، فإنهم فضلوا فلينت.
ويبقى التساؤل هنا، بطبيعة الحال، لماذا؟
تتسم بعض الأسباب بالعملية، فعلى سبيل المثال، توفر الجامعتان سالفتا الذكر درجات علمية بمجالات علمية تلقى إقبالاً من جانب الطلاب الأجانب - الهندسة وإدارة الأعمال وعلوم الحاسب الآلي والرعاية الصحية. علاوة على ذلك، فإن مصاريف الدراسة في «يو إم فلينت» غير باهظة مقارنة بجامعات أخرى، في وقت تتسم تكاليف المعيشة داخل فلينت بانخفاضها. مثلاً، يبلغ إيجار شقة مؤلفة من غرفتين قرب وسط المدينة، قرابة 500 دولار شهريًا، شامل المرافق.
والملاحظ أن مثل هذه الجامعات تعمل بجد على اجتذاب طلاب لها من الخارج، إضافة إلى شروط الالتحاق بها الميسرة. بجانب ذلك، فإنه مع الارتفاع المستمر في أعداد الطلاب الدوليين أو الأجانب داخل الولايات المتحدة منذ قرابة عقد، إلى ما يقرب من 886.000 طالب، فإنه قد يكون من الحتمي توجه بعضهم إلى مدن مثل فلينت.
ومن خلال حديثنا إلى العشرات من الطلاب الأجانب في «يو إم فلينت» و«كيتيرينغ»، توصلنا إلى سبب آخر، وهو أن هدفهم الرئيس هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة، بغض النظر عن الجامعة تحديدًا. وعليه، فقد قادت الصدفة المحضة كثيرين منهم إلى فلينت. وهناك البعض منهم يحمل بداخله الأمل في الهجرة إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإنه بمجرد قدومهم إلى هنا، يشرع البعض منهم في التذمر والشكوى من حنينهم إلى وطنهم وبرودة الطقس. ومع ذلك، تظل الغالبية منهم متمسكة بتحقيق هدفها، حيث تشير الإحصاءات الصادرة عن «يو إم فلينت» إلى أن 57 في المائة من الطلاب الدوليين ينالون درجاتهم العلمية في غضون أربع سنوات، و86 في المائة منهم في غضون خمس سنوات، وهي نسب مثيرة للإبهار. وذكر الطلاب أنهم في خضم هذه الرحلة نجحوا في التوصل لتفهم أفضل للوجه الحقيقي لأميركا وعايشوا شعورًا غير متوقع بالانتماء إليها.
من جهته، أوضح أوتيكار، الطالب الهندي، أنه وصديقته اشتريا مؤخرًا منزلاً على مساحة 1.344 قدم مربع مقابل 9.800 دولار، وشرعا في إعادة تجديده. وبعد إنجاز دراسته الجامعية، عام 2013، عمل أوتيكار في شركة محلية للبرمجيات لمدة عام معتمدًا على فيزا الطلاب «إف 1» التي يحملها.
ويذكر أن القانون يتيح للطلاب والخريجين حديثًا العمل أو التدرب لفترة تتراوح بين 12 و29 شهرًا في ظل «برنامج التدريب العملي الاختياري»، وذلك في وظائف على صلة بتخصصهم الدراسي.
وتشير الأرقام إلى أن قرابة نصف خريجي «يو إم فلينت» يستفيدون من هذا البرنامج، لكن من غير المعروف عدد الذين ينجحون منهم في الاستقرار إلى الأبد داخل الولايات المتحدة.
وعن فلينت، قال أوتيكار: «ربما كنت محظوظًا فحسب، لكن الحقيقة أنني التقيت أناسًا رائعين هنا في فلينت. وأحب هذه المدينة».
والمؤكد أن مسؤولي فلينت يسعدون بسماع مثل هذه العبارة، نظرًا للجهود الدؤوبة التي بذلوها على امتداد العقد الماضي لجعل المدينة أكثر جاذبية أمام الطلاب. ومن بين الجهود التي بذلوها تجديد الممر الواصل بين جامعة ميتشيغان و«كيتيرينغ» وتغيير اسمه إلى «يونيفرسيتي أفنيو». كما جرى تحويل «هيات ريجينسي هوتيل» بقلب المدينة إلى مسكن للطلاب.
بالنسبة للتجار، يوفر الطلاب دفعة اقتصادية لمدينة تعاني من ارتفاع معدلات البطالة بها. وتبعًا للأرقام الصادرة عن «اتحاد المعلمين الدوليين»، فإن الطالب الدولي ينفق في المتوسط قرابة 30.000 دولار سنويًا لتغطية نفقات الدراسة ومصاريف المعيشة. ويترجم ذلك لما يزيد على 25 مليون دولار سنويًا بالنسبة للمجتمع المحلي.
وعليه، من غير المثير للدهشة أن نجد أن ستة من مسؤولي جامعة «يو إم - فلينت» يقومون بجولات منتظمة بمختلف أرجاء العالم بهدف اجتذاب طلاب جدد. وكثيرًا ما يسافر دان آدامز، مدير المركز الدولي التابع للجامعة، إلى دبي وسنغافورة في إطار هذه الجهود.
في المقابل، يتبع كيب دارسي، نائب رئيس شؤون التسويق والاتصالات والالتحاق داخل «كيتيرينغ»، توجهًا مركزًا حيال اجتذاب الطلاب الجدد، حيث شرح أنه: «نركز على الهند والصين لأنهما يشكلان سوقا ضخمة للطلاب الآملين في الدراسة داخل الولايات المتحدة، علاوة على وجود صناعات سيارات ناشئة بهما».
وقد بدأت «كيتيرينغ» العمل داخل الصين العام الماضي عبر وسيط يعمل على معاونة الطلاب في عملية التقدم للجامعة. وترتبط الجامعة بالفعل بتعاقدات مع قرابة 20 وسيط في دول متنوعة بمختلف أرجاء العالم. وعلاوة على الحصول على رسوم من الطلاب، يحصل الوسطاء على 1.000 دولار مقابل كل طالب ينجحون في إقناعه بالالتحاق بالجامعة لمدة فصلين دراسيين على الأقل.
ومن الممكن أن يترك الوسطاء على الطلاب تأثيرا هائلاً، وذلك من خلال توجيههم باتجاه جامعات وكليات بعينها، سواء كانت مناسبة أم لا. من بين هؤلاء نيلام غاير، 24 عامًا، والتي كانت بحاجة ماسة للتوجيه.
كانت غاير تأمل في دراسة الطب بالهند، لكن أصابها الرعب على أبواب لجنة امتحان القبول وانسحبت. وعن ذلك الموقف قالت: «كنت أجلس بالسيارة بجانب والدتي أشاهد الأفراد يتدفقون على المبنى لخوض الاختبار. وأخبرتها حينها أنه ليس بمقدوري القيام بذلك. وشعرت بسعادة كبيرة لدى رحيلنا عن المكان». وقد شجعتها والدتها على الدراسة داخل الولايات المتحدة. وبالفعل، استعانت بوسيط مقابل 500 دولار ليقترح عليها الجامعات المناسبة ويعاونها على ملء استمارة الالتحاق والاستعداد للمقابلة الشخصية التي تحصل على أساسها على تأشيرة دخول الولايات المتحدة.
كانت «يو إم - فلينت» أول من قبلها، رغم أن غاير لم تكن سمعت من قبل عن ميتشيغان، ناهيك بفلينت. إلا أنه رأيت أن الخيارات الأخرى المتاحة، مثل جامعة ولاية نيويورك، كانت قريبة من مكان دراسة صديقها السابق في نيوجيرسي. لذا خشيت مقابلته مصادفة هناك!
وقالت غاير إنها عندما شاهدت مسكن الطلاب داخل الجامعة شعرت بالصدمة بسبب خلو المكان من الحركة. وعن قلب المدينة، قالت: «صدمت من عدم وجود مبان شاهقة. لقد كانت أشبه بقرية. لقد شاهدت في صورة للمدينة أناسًا يجلسون على العشب ويتبادلون أطراف الحديث، وتساءلت في نفسي: أين هم؟!».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.