قال الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني إن أغاني بعض المسلسلات الدرامية الحالية، تفتقر إلى النغمة الموسيقية التي تلامس إحساس المشاهد فتدخل قلبه. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي تمر اليوم مرور الكرام فبالكاد يتنبه لها المشاهد، فبرأيي أن موسيقى الأفلام والأعمال الدرامية تشكل روح العمل، فإذا لم تكن على المستوى المطلوب يولد العمل معها ميتا»، وأوضح: «لطالما أخذ هذا النوع من الموسيقى حيزًا كبيرًا من قبل منتجي أعمال السينما والدراما، ولذلك كانوا يبحثون عمن يحيي العمل الذي يقدمونه، بموسيقى تسكن ذاكرة المشاهد وهو أمر ليس بالسهل أبدًا».
وعن سبب تحويله موسيقى فيلم «دمي دموعي وابتسامتي» (بطولة نور الشريف ونجلاء فتحي) التي وضعها عام 1973، وتلك الخاصة بمسلسل «آلو حياتي» (بطولة عبد المجيد مجذوب وهند أبي اللمع) الذي أنتج عام 1967 إلى ناطقة، بعد أن غناها أخيرًا الممثل اللبناني غسان سالم في كليب مصور أجاب: «هي موسيقى حفرت في ذهن الناس رغم مرور أكثر من أربعين عامًا عليها. فما زلت ألتقي حتى اليوم بأشخاص يسألوني عنها، ويستوضحوني عن موسيقى أفلام أخرى وضعتها مثل (أميرة حبي أنا) و(أجمل أيام حياتي) وغيرها. وعندما جاءني الممثل اللبناني غسان سالم يطالبني بغنائها، راقت لي الفكرة خصوصًا، وأنه يتمتع بصوت دافئ وجميل يليق بهاتين الأغنيتين اللتين كتبت كلماتهما بنفسي».
وأكد إلياس الرحباني أنه في تحويل تلك الموسيقى إلى ناطقة بحث عن الكلام الذي يتناغم معها بحيث لا يفقدها أهميتها، بل يبرز نغمتها الموسيقية ويثريها بدفء الأداء.
وعما إذا هو يعد نفسه نقطة تواصل ما بين جيلي الماضي واليوم، من خلال موسيقاه التي لطالما اصطبغت بالشبابية، أجاب: «لقد تميزت في نوع موسيقى كانت بمثابة هويتي الفنية، كما أن عدد القطع الموسيقية التي ألفتها فاق الـ6500، والذي وصفه الفرنسيون عندما كرمت من قبلهم بأنه عدد يفوق الطبيعة، فهي تحكي عني وتترجم رؤيتي الخاصة للموسيقى التي ميزتني عن غيري»، وتابع: «أتذكر جيدًا الراحل وديع الصافي عندما جاءني في أحد الأيام قائلا لي: (يا عمي بدي منك أغنية على ذوقك وعلمني كيف تريدني أن أؤديها)، يومها لحنت له أغنية (يا قمر الدار) التي ما زالت حتى اليوم تلاقي شهرة واسعة، ويغنيها غالبية المطربين رغم أن عمرها تجاوز النصف قرن». وختم: «لم أكن أتنبه لهذا الموضوع في بداياتي، ولكني ما لبثت أن عرفت أنني أعشق الموسيقى، فكتبت نوتاتها برؤية مستقبلية استطاعت أن تواكب أجيالاً متتالية».
وأكد الدكتور إلياس الرحباني أن الموسيقى الجميلة لا عمر محددا لها، وقال: «لا أعير اهتمامًا لمن يقول إن هذه الموسيقى أو تلك لم تعد رائجة، فالجمال لا يموت، فهو كالطبيعة والشجر والزهور والسماء والليل والنجوم، فهل يمكن أن ينتهي جمالها يومًا ما؟».
وعن سبب انكبابه اليوم على إعادة إحياء أغانٍ أو موسيقى سبق وألفها، ليغنيها جيل جديد من الشباب أمثال الفنان هاني العمري الذي أدى عددًا من ألحانه لفيروز وماجدة الرومي ووديع الصافي، أو الممثل غسان سالم الذي غنى له أخيرًا موسيقى عملين له، أجاب: «رغبت في فسحة (أفش خلقي) فيها، فلولا اندلاع الحرب في لبنان في السبعينات لكنت لحنت موسيقى مئات الأفلام السينمائية، فلذلك وجدت في أصوات شباب اليوم طاقة أتنفس من خلالها الصعداء».
والمعروف أن الموسيقار إلياس الرحباني شارك في عضوية لجان تحكيم عدة برامج مواهب فنية، بينها «سوبر ستار» وأخيرًا «ستار أكاديمي». وعن الفرق الذي لاحظه في طاقات مواهب اليوم لم تكن موجودة عند مواهب غنائية في الماضي، أجاب: «لقد كنت ألعب دورا رئيسيا في برنامج (سوبر ستار)، فكنت أغربل الأصوات الجيدة وأوجهها وأنصحها بشكل مباشر من خلال موقعي المهم فيه. أما في برنامج (ستار أكاديمي)، فأعتبر مشاركتي فخرية أكثر من عملية، كما أن تركيبة البرنامج لا تتشابه مع سابقه، إذ كان (سوبر ستار) يعتمد على الأغاني الطربية. أما بالنسبة للمواهب فما زالت لا تستطيع أن تكشف عن مكامن قوة أصواتها إلا من خلال أغاني الطرب الأصيل، فلذلك لا أرى أن هناك فارقًا كبيرًا ما بين جيل مواهب اليوم والبارحة»، وأضاف: «أما ما لفتني في الحقيقة وأثار دهشتي هي أصوات مواهب برنامج (ذا كيدز فويس)، التي وصفتها بالعجيبة في زمننا الحالي. ففي الماضي كنا نبحث بصعوبة عن أصوات كبيرة، لكن أن توجد كمية من تلك الأصوات، وبالجودة نفسها من قبل أولاد لا يتجاوز عمرهم العشرة أو الاثنتي عشرة سنة، لهو أمر لافت، وتجدر الإشارة إليه، كون منطقتنا اليوم غنية بمواهب ستتحول في المستقبل القريب إلى نجوم استثنائيين».
وأضاف: «لقد جذبتني هذه المواهب إن بأدائها أو بأذنها الموسيقية الفذة، والأهم أنها أدت أغاني لعمالقة أهل الفن العربي، التي لا يستطيع بعض نجومنا الحاليين أداءها لصعوبتها»، ودافع عن هؤلاء الأطفال بالقول: «لا أدري لماذا راح البعض يقلل من عزيمة هؤلاء الأولاد، إذ راحوا يرددون أن مستقبلهم صار في خطر بعد أن دخلوا عالم الفن، وأنه ما زال الوقت باكرا ليتحولوا إلى مغنين حقيقيين. أما أنا فأرد عليهم بالقول إنه من الأفضل أن يكون أولادنا شغوفين بالغناء والموسيقى من أن يصرخوا وجعا وألما على الطرقات والشوارع بفعل الحروب والانفجارات التي تشهدها بلدانهم، أو بفعل الظلم الذي يمارسه المسؤولون السياسيون تجاههم من خلال إفقادهم حقهم بالعيش بسلام وبشروط حياتية طبيعية. أليس من الأفضل لنا أن نشاهدهم سعداء ومنشرحين يخاطبون الناس بواحدة من أرقى اللغات في العالم، ألا وهي الموسيقى بدلاً من أن يتعلموا السباب والشتائم من حكام يتبادلونها مباشرة على شاشات التلفزيون في البرامج السياسية الحوارية؟». وختم: «هؤلاء الناس الذين ينتقدون الأطفال يجب أن يوجد من يسكتهم، حتى لا يقتلوا أحلام الطفولة وأنا مستعد لمواجهتهم على طريقتي».
وعن مشاريعه المستقبلية قال: «ليس هناك من مشاريع محددة، فبعد أن أحييت حفلات موسيقية في البحرين والإمارات وقطر تحت عنوان (إلياس الرحباني كونسرت)، ونالت نجاحًا كبيرًا عرفت حاجة الناس الملحة للاستماع إلى الموسيقى، في ظل أصوات المدافع وصور الدماء المنتشرة في نشرات أخبار محطاتنا التلفزيونية. ولذلك فأنا أحضر لحفلات مماثلة قد أقدمها في إسبانيا وأخرى في لبنان. ابني غسان هو من يدير أعمالي اليوم، وأثق بقدراته في هذا المجال وأترك له حرية التصرف واتخاذ القرارات المناسبة».
إلياس الرحباني: لفتتني مواهب «ذا فويس كيدز».. وأغاني المسلسلات اليوم تفتقر إلى النغمة
حول موسيقى فيلم «دمي دموعي وابتسامتي» ومسلسل «آلو حياتي» إلى ناطقة
إلياس الرحباني: لفتتني مواهب «ذا فويس كيدز».. وأغاني المسلسلات اليوم تفتقر إلى النغمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة