ألغام الحوثيين تحصد أكثر من 400 مواطن بينهم 51 امرأة و35 طفلاً

زرعها الحرس الجمهوري بعد ثورة الربيع العربي في محيط معسكراته

بعض الألغام محلية الصنع تقوم جماعة الحوثي بتصنيعها وتستخدم ضد الأفراد (أ.ف.ب)
بعض الألغام محلية الصنع تقوم جماعة الحوثي بتصنيعها وتستخدم ضد الأفراد (أ.ف.ب)
TT

ألغام الحوثيين تحصد أكثر من 400 مواطن بينهم 51 امرأة و35 طفلاً

بعض الألغام محلية الصنع تقوم جماعة الحوثي بتصنيعها وتستخدم ضد الأفراد (أ.ف.ب)
بعض الألغام محلية الصنع تقوم جماعة الحوثي بتصنيعها وتستخدم ضد الأفراد (أ.ف.ب)

كشفت مؤسسات يمنية حقوقية، أن ألغام الحوثيين حصدت أكثر من 400 مواطن، بينهم 51 امرأة و35 طفلاً، حيث قام الحرس الجمهوري في 2011، بزراعة الألغام، عقب ثورة الربيع العربي، في محيط معسكراته في نهم وأرحب وبني جرموز، مشيرة إلى أن التقارير الدولية تؤكد انتهاك ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، لاتفاقية أوتاوا.
ونظم التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، بعنوان «الألغام تحصد أرواح الأبرياء في اليمن» بالمقر السويسري لنادي الصحافة بجنيف، وأوضح نجيب السعدي، رئيس مؤسسة وثاق للتوجه المدني، أن التاريخ الطويل لزراعة الألغام في اليمن والذي بدأ في بداية الستينات من القرن الماضي أثناء الصراع الجمهوري الإمامي، حيث قامت القوات الموالية للإمام البدر ابن أحمد حميد الدين بزراعة حقول ألغام في كل من محافظة الجوف شمال اليمن ومديرية صرواح شرق صنعاء ومديرية أرحب شمال العاصمة اليمنية صنعاء، وما زالت هذه الألغام تنفجر بالرعاة والنساء والأطفال إلى اليوم.
وقال السعدي، إنه تم زراعة حقول ألغام في المناطق الحدودية (قعطبة، مريس، العود، حريب، بيحان، مكيراس) وما زالت الألغام إلى اليوم تهدد حياة المواطنين في هذه المناطق، وسقط على أثرها ضحايا من المدنيين بينهم نساء وأطفال، مستعرضا لعدد من الحالات التي تم توثيقها لمدنيين ضحايا تلك الألغام من أطفال ونساء ورجال.
وأشار رئيس مؤسسة وثاق للتوجه المدني إلى أن الحوثيين منذ نهاية 2011 وعقب اقتحامهم لمديرية كشر في محافظة حجة قاموا بزراعة الألغام في مناطق «كشر وعاهم» والتي سقط على أثرها ضحايا من المدنيين، حيث قتل 36 مدنيًا بينهم 4 أطفال وأصيب 45 مدنيًا بينهم ستة أطفال وثلاث نساء.
وتطرق السعدي لأنواع تلك الألغام وأن البعض منها محلي الصنع تقوم جماعة الحوثي بتصنيعها وتستخدم كألغام مضادة للأفراد، وألغام روسية الصنع مضادة للدروع يتم تحويرها عبر صنع دواسات خارج اللغم موصلة بخلية كهربائية إلى الصاعق، بحيث تصبح هذه الألغام فردية تنفجر بمجرد أن يدوس الفرد على الدواسة المصنوعة محليا.
وعدد رئيس مؤسسة وثاق للتوجه المدني، أهم المناطق التي زرع الحوثيون فيها الألغام في كل من محافظة عدن ولحج وتعز وشبوة ومأرب وأبين والبيضاء، موضحا أن عدد ضحايا الألغام التي زرعها الحوثي وتم رصدها قد وصل إلى 430 شخصا قتل 201 منهم بينهم 16 طفلا و26 امرأة و141 من الرجال المدنيين و8 من فرق نزع الألغام. وأضاف «بلغ عدد الجرحى 229 شخصا بينهم 19 طفلا 25 امرأة 173 مدنيا و12 من فرق نزع الألغام».
من جهة أخرى، تناول توفيق الحميدي مسؤول وحدة الرصد والتوثيق في سام للحقوق والحريات الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد والتي من أهمها اتفاقية أوتاوا أو معاهدة حظر الألغام والتي تقضي بتدمير هذه الألغام، سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض والتي وافقت عليها اليمن بالقانون رقم (7) 1998.
وأشار إلى نص الاتفاقية على محاكمة ومعاقبة الأشخاص المشاركين في أنشطة تحظرها الاتفاقية، فرض الجزاءات العقابية لمنع وقمع أي نشاط محظور لاستخدام الألغام.
وتطرق الحميدي إلى عدد من التقارير الدولية التي تؤكد انتهاك ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق لاتفاقية أوتاوا من أهمها تقرير هيومن رايتس المعنون بـ«اليمن.. الحوثيون يستخدمون الألغام الأرضية من جديد» والذي جاء فيه أن «قوات الحوثيين في اليمن استخدمت ألغاما محظورة مضادة للأفراد، وتسببت في خسائر جديدة في صفوف المدنيين»، وقدمت أدلة جديدة على ذلك، وعلى الحوثيين المعروفين أيضا باسم «أنصار الله»، وطالبتهم التوقف عن استخدام هذه الأسلحة.
فيما أشارت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية إلى أن القوات الموالية للحكومة اليمنية وضعت آلاف الألغام المضادة للأفراد عام 2011، وأكدت لجنة الإغاثة والمتابعة لضحايا الحرب وهي لجنة رسمية محلية في تقريرها أن «هذه الألغام والذخائر تم زرعها في الطرق العامة وبعض الشوارع بداخل المدن، ونتيجة لذلك كان تضرر المدنيين يفوق بشكل كبير تضرر أفراد الجيش ورجال المقاومة».
وقدمت في الندوة عدد من المداخلات والاستفسارات التي استنكرت حجم تلك الجرائم المروعة والبعيدة عن أي بعد إنساني أو أخلاقي، مؤكدين أن جريمة زراعة الألغام من أبشع الجرائم التي تنتج عن الحرب والتي تنفرد بهذا الوضع المأساوي والكارثة الإنسانية اليمن وحده في شبه الجزيرة العربية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.