تواجه المؤسسة الليبية للاستثمار، حال جميع المؤسسات في ليبيا، انقساما داخليًا ونزاعًا قضائيًا، جمدت معه أموال صندوق الثروة السيادي البالغ قدره، 67 مليار دولار، في وقت تعاني فيه الدولة من شح في السيولة وتراجع في الاحتياطي النقدي الأجنبي، الأمر الذي رفع أسعار الدولار مقابل الدينار الليبي إلى نحو 100 في المائة في السوق الموازية.
وموارد الدولة الليبية حاليًا مهددة، نتيجة الاضطرابات الداخلية والمتأزمة من تقاتل بين الميليشيات والاستحواذ على النفط، مع استبعاد قيمة المواطن الليبي من المعادلة، والتي حذر منها مصرف ليبيا المركزي مؤخرًا في بيان، مشيرًا إلى وجود «صعوبات وعراقيل لعملياته المرتبطة بالمؤسسات الدولية، والذي سيزيد من تعقيد الوضع المالي»، وهو الأمر الذي يكشف عن خطوات قادمة لتجميد بعض الأصول الليبية في الخارج والتحفظ على أخرى ما لم يتحسن الوضع السياسي ويتم الاتفاق على حكومة وحدة وطنية.
حسني بي، رجل الأعمال الليبي الموجود في فرنسا، يقول إن «العالم يريد أن يكون في ليبيا مصرف مركزي واحد، ومؤسسة نفط واحدة، ومؤسسة استثمار خارجي واحدة لضمان وحدة موارد ليبيا».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الليبيين يخالفون ذلك ويحاولون إنشاء مصرفين مركزيين ومؤسستين للنفط، ومؤسستين لإدارة الاستثمارات الخارجية، ثم نتهم الغرب بتفريقنا والتآمر علينا.
وأرصدة المؤسسة الليبية للاستثمار مجمدة بطلب من السلطات الليبية، وبناء عليها أصدر مجلس الأمن قرارًا بالتجديد.
ويبلغ إنتاج ليبيا من النفط أقل من 400 ألف برميل يوميًا، مقارنة بـ1.6 مليون برميل يوميًا قبل الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011.
وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع استمرار تجميد أصول ليبية بالفعل للهيئة الليبية للاستثمار التي تدير الصندوق السيادي الليبي، ويعد ثاني أكبر صندوق في أفريقيا ويحتل المرتبة الـ20 على مستوى العالم، وفقًا لمعهد صناديق الثروة السيادية، لكنّه ثاني أسوأ صندوق في العالم من حيث الشفافية، وفقًا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
وكانت وكالة بلومبرغ، قد أشارت إلى رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الإنجليزية من قبل صندوق «إف إم كابيتال» FM Capital والذي تمتلك محفظة ليبيا أفريقيا فيه 67 في المائة من قيمة أصوله، على الشريك ومدير الصندوق السابق، والذي تولى إدارته عام 2009. بتهمة تبديد أموال الصندوق على مصروفاته الخاصة (من عام 2011 حتى 2014) وقام بتحصيل علاوات ومزايا من دون تخويل من مجلس الإدارة للصندوق.
بالإضافة إلى أن هذا الصندوق الاستثمار والذي يبلغ رأسماله 800 مليون دولار حقق خسائر خلال فترة إدارة المدير السابق، من الفترة 2011 حتى 2014 مبلغ 67 مليون دولار، ويبدو أن المدير السابق قد استغل الظروف التي تعيشها ليبيا وقام باستغلال صلاحياته ومنح نفسه مزايا وعلاوات برغم أن الصندوق الذي يديره يحقق خسائر.
وأوضح دكتور سليمان الشحومي الخبير المالي، ومؤسس سوق المال الليبي، أن المدير السابق «أقام في فندق فخم بقيمة 230 ألف دولار، كان منها 42 ألف دولار مخصصة لركن سيارته في موقف الفندق، كما منح نفسه علاوات خلال تلك المدة بلغت 240 ألف دولار سنويًا من عام 2011 حتى 2014 ومن دون موافقة مجلس الإدارة».
وقال الشحومي لـ«الشرق الأوسط» إن ما لفت انتباهي في هذه القضية: «إن مجلس إدارة الصندوق والذي يمثل المالك الرئيسي وهو محفظة ليبيا أفريقيا لم يجتمع خلال الفترة من 2011 حتى 2014 وبالتالي اضطر المدير إلى اتخاذ القرارات بمنح نفسه العلاوات والمزايا»، مشيرًا إلى المشاكل العميقة في إدارة الاستثمارات الليبية بالخارج خلال الفترة التي أعقبت ثورة فبراير (شباط) 2011.
وأشار إلى القصور في أساليب الإدارة الحالية بشأن الاستثمارات الليبية في الخارج، التي أثر تأثيرًا شديدًا على أداء تلك الاستثمارات، موضحًا أن «المخاطر المحدقة بالاستثمارات الليبية بالخارج كبيرة وقد تكون الصورة أكثر سوء وقتامة في بعض الاستثمارات وخصوصًا في الدول الأفريقية».
ومن المقرر أن تفصل المحكمة العليا في لندن في قضايا نزاع داخلي، (لم يصدر الحكم حتى طباعة الجريدة ومتوقع التأجيل) على رئاسة صندوق الثروة السيادية في ليبيا، ما قد يمهد لمقاضاة بنكين استثماريين عالميين.
والصندوق يواجه صراعًا على السلطة بين حسن بو هادي وعبد المجيد بريش وهو يعكس الانقسام في البلاد بعد سقوط معمر القذافي في 2011. وتريد المؤسسة الليبية للاستثمار مقاضاة غولدمان ساكس وسوسيتيه جنرال أمام المحاكم الإنجليزية بسبب ما تدعيه من سوء إدارة أكثر من ثلاثة مليارات دولار.
«الليبية للاستثمار».. نموذج لإهدار المليارات
تدير صندوق الثروة السيادي البالغ 67 مليار دولار
«الليبية للاستثمار».. نموذج لإهدار المليارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة