انطلاق عملية عسكرية لتطهير جزيرة الخالدية شرق الرمادي

القوات العراقية تتقدم إلى الفلوجة.. والعائلات النازحة تعود إلى مناطقها

عراقيون في موقع الانفجار الذي استهدف نقطة تفتيش في مدينة الحلة أمس (رويترز)
عراقيون في موقع الانفجار الذي استهدف نقطة تفتيش في مدينة الحلة أمس (رويترز)
TT

انطلاق عملية عسكرية لتطهير جزيرة الخالدية شرق الرمادي

عراقيون في موقع الانفجار الذي استهدف نقطة تفتيش في مدينة الحلة أمس (رويترز)
عراقيون في موقع الانفجار الذي استهدف نقطة تفتيش في مدينة الحلة أمس (رويترز)

تتقدم العمليات العسكرية العراقية لتحرير مدينة الفلوجة وهيت وكبيسة في محافظة الأنبار، حيث أكد صهيب الراوي، محافظ الأنبار، أمس، أن «العمليات مستمرة في محيط المدن، والقوات الأمنية تقف على مسافة قريبة جدًا من الفلوجة، وكذلك الحال في هيت وناحية كبيسة».
وقال الراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية تستغل الوقت من أجل خروج أكبر عدد من المدنيين الذين يحاصرهم تنظيم داعش الإرهابي داخل المدن من أجل استخدامهم دروعًا بشرية في حال دخول القوات الأمنية لتحرير المدن أو ربما للمقايضة بهم إن تطلب الأمر ذلك من قبل الإرهابيين».
وأعلنت الحكومة المحلية في محافظة الأنبار، أنها ستقوم بالسماح للعائلات النازحة بالعودة إلى مناطقها في مدينة الرمادي. وأكد الراوي أن «لجنة إعادة النازحين من أهالي مدينة الرمادي إلى مناطقهم بدأت بالفعل عملها قبل أيام، واستقبلت مناطق شرق الرمادي العائلات العائدة بواقع 75 عائلة يوميًا، وهناك لجنة أمنية مختصة لهذا الغرض تعمل على تدقيق أسماء العائلات العائدة ومطابقتها مع السجلات الرسمية الموجودة لدى اللجنة التي يقودها رئيس مجلس قضاء الخالدية، لمنع أي عنصر من الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين من الدخول إلى المدينة». وأضاف الراوي: «أما عن المناطق الغربية في مدينة الرمادي مثل أحياء (الخمسة كيلو) و(السبعة كيلو) و(حي التأميم) الذي يعد من أكبر الأحياء السكنية في مدينة الرمادي، فما زال العمل على رفع العبوات والأنقاض مستمرا بشكل جدي وسريع، وباستكمال عمليات التنظيف سنوعز للجان الأمنية بالسماح للعائلات بالعودة السريعة إلى مناطقهم الآمنة من المخاطر».
ميدانيًا، أعلنت «قيادة عمليات الأنبار» عن انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لتطهير جزيرة الخالدية شرق مدينة الرمادي. وقال «قائد عمليات الأنبار» اللواء الركن إسماعيل المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الفرقتين الثامنة والعاشرة في الجيش العراقي مدعومة بمقاتلي عشائر الأنبار وبمساندة طائرات التحالف الدولي وسلاح الجو العراقي، شرعت في تنفيذ عملية عسكرية لتحرير جزيرة الخالدية من سيطرة مسلحي (داعش)».
وأضاف المحلاوي أن «العملية العسكرية انطلقت من منطقة الطريق الدولي السريع باتجاه منطقتي (البو عبيد) و(البو بالي)، فيما تواصل قوات أخرى تابعة لـ(قيادة عمليات بغداد) تطهير منطقة «البو شجل» من مسلحي (داعش)، وقتلت 8 إرهابيين، ودمرت مدفعين وثلاث سيارات وست عبوات ناسفة».
وأشار المحلاوي إلى أن «تعزيزات عسكرية وقتالية من الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواجا من الشرطة الاتحادية، وصلت، قبل ظهر أول من أمس، إلى مناطق المحور الشمالي للرمادي في منطقة البو عبيد والبو بالي وجزيرة الأنبار». وأضاف المحلاوي: «لقد قمنا بنشر ثلاث منظومات لإطلاق الصواريخ، مع نشر عدد من الدبابات والدروع لإسناد عمليات التطهير والتقدم للقوات البرية، في تدمير تجمعات وعجلات التنظيم الإرهابي في مناطق المحور الشمالي للرمادي».
يذكر أنه أسفرت معارك التحرير التي شنتها القوات الأمنية العراقية ضد تنظيم داعش المتطرف، عن تطهير مدينة الرمادي ومناطق كثيرة في المدن الغربية وأجزاء من مناطق مركز كرمة الفلوجة.
وفي ناحية البغدادي (90 كيلومترا غرب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار)، أكد معدي السمرمد العبيدي، شيخ عشائر العبيد في الناحية وأحد قادة مقاتلي العشائر في الأنبار، قيام القوات الأمنية بشن هجوم واسع النطاق لتحرير مناطق غرب البغدادي وتأمين عودة النازحين من أهالي الناحية إليها.
وقال العبيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية التابعة للجيش والشرطة ومقاتلي العشائر في محافظة الأنبار قاموا بشن هجوم لتطهير المناطق والقرى المحيطة بناحية البغدادي»، وتابع: «وقد تمكنت قواتنا من قتل العشرات من المسلحين الذين هربوا إلى المناطق الصحراوية تاركين مقراتهم التي كانت تهدد أمن وسلامة المدنيين في الناحية، مما جعل ناحية البغدادي آمنة من مرمى نيران مسلحي تنظيم داعش الإرهابي الذي يحاول بين فترة وأخرى استهداف المدنيين بقصف بقذائف الهاون». وأضاف العبيدي: «نطلب من الجهات الحكومية والقيادات الأمنية السماح للعائلات النازحة من منطقة البغدادي بالعودة إليها، وفتح خطوط النقل الجوي أمام النازحين من أهالي الناحية الموجودين في بغداد وإقليم كردستان وباقي المحافظات، للعودة إلى المدينة، وتقديم المساعدات الفورية لهم، وتأمين عودة دوائر الدولة الخدمية العاملة في ناحية البغدادي وتقديم المساعدات لها».
يذكر أن مدن محافظة الأنبار سيطر عليها تنظيم داعش قبل عامين، وشهدت معارك تطهير أسفرت عن تحرير مدينة الرمادي ومناطق كثيرة في المدن الغربية، وتطهير أجزاء من مناطق مركز كرمة الفلوجة، مما أسفر عن مقتل المئات من عناصر «داعش» خلال المواجهات.
وفي ناحية كبيسة، أعلن قائد «عمليات الجزيرة» اللواء علي إبراهيم دبعون، عن نزوح عشرات العائلات من ناحية كبيسة وتوجهها إلى الصحراء، لافتا إلى أن القوات الأمنية وفرت ممرات آمنة لاستقبالهم. وقال دبعون لـ«الشرق الأوسط» إن عشرات العائلات من أهالي ناحية كبيسة جنوب هيت (70 كيلومترا غرب الرمادي)، بدأت بالنزوح من الناحية وتوجهت إلى الصحراء جنوب الناحية.
وأضاف دبعون أن «أسباب النزوح جاءت بعد قصف طيران التحالف الدولي تجمعات لعناصر تنظيم داعش، وأهدافا منتخبة كانت تمنع خروج تلك العائلات من الناحية، وأسفر عن قتلهم».
وفي سياق متصل، تبنى تنظيم «داعش»، أمس، الهجوم الانتحاري الدامي على حاجز تفتيش شمال مدينة الحلة، كبرى مدن محافظة بابل (مائة كيلومتر جنوب بغداد)، الذي أسفر عن مقتل 47 شخصا على الأقل وإصابة العشرات، وكان الحاجز استهدف قبل نحو عام بتفجير مماثل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».