بحاح يصل إلى عدن.. والملف الأمني في أولويات مهامه

حكومته تعمل في ثلاثة اتجاهات.. تدير ملفها السياسي من الرياض والعسكري من مأرب

رئيس الوزراء اطلع في اللقاء المصغر الذي عقد في مقر إقامته بقصر معاشيق على خطط وبرامج الوزراء
رئيس الوزراء اطلع في اللقاء المصغر الذي عقد في مقر إقامته بقصر معاشيق على خطط وبرامج الوزراء
TT

بحاح يصل إلى عدن.. والملف الأمني في أولويات مهامه

رئيس الوزراء اطلع في اللقاء المصغر الذي عقد في مقر إقامته بقصر معاشيق على خطط وبرامج الوزراء
رئيس الوزراء اطلع في اللقاء المصغر الذي عقد في مقر إقامته بقصر معاشيق على خطط وبرامج الوزراء

وصل العاصمة المؤقتة عدن، أمس (الثلاثاء)، نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء، خالد محفوظ بحاح، على متن طائرة عسكرية وبرفقة عدد من وزراء حكومته، قادما إليها من محافظة أرخبيل سقطرى التي وصلها أول من أمس من الرياض. وعقب وصوله عقد اجتماعا مصغرا مع عدد من وزراء حكومته وقيادات عدن لمناقشة الملف الأمني في العاصمة المؤقتة وعدد من القضايا المهمة، بينها ملف الجرحى ومطار عدن الدولي، مؤكدًا أن الاضطراب الأمني المفتعل في عدن والمحافظات المجاورة لن يحيد تقدم الحكومة في السير نحو الأهداف الاستراتيجية للدولة، على حد قوله.
وأكد بحاح الدور الإيجابي للمقاومة الوطنية الرافض لكل أعمال العنف وعدم الاستقرار الذي تنتهجه جماعات منحرفة، وتعد في نظر المجتمع والقانون ميليشيات بالمعنى الحقيقي، مشيرًا إلى أن «الدولة ستتعامل مع هذه القوى المنحرفة بحزم وفق القانون»، كما جاء في تقرير وكالة «سبأ» الحكومية.
رئيس الوزراء اطلع في اللقاء المصغر، الذي عقد في مقر إقامته بقصر معاشيق، على خطط وبرامج الوزراء، وناقش معهم بكل شفافية طبيعة التحديات التي تواجهها مجمل الوزارات، مشددًا على ضرورة تسريع وتيرة العمل في مجال الإعمار، وحث وزارة الأشغال العامة والطرق على دفع عجلة بناء وتشييد المساكن للمواطنين المتضررين من جراء الحرب الهمجية التي شهدها كثير من المناطق في اليمن.
بحاح أكد اهتمام الحكومة بملف الجرحى، خصوصا أن هناك عددا من الجبهات العسكرية ما زالت مفتوحة، موجها وزارة الصحة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة والعاجلة، ووجه نائب الرئيس وزارة الثروة السمكية بتعويض المتضررين من إعصار تشابالا في محافظتي حضرموت وشبوة بعدد مائة قارب صيد من حساب الحكومة، كما وجه وزير العدل بترتيب أوضاع الوزارة في المناطق الآمنة للبت في القضايا العدلية، وناقش آلية طرق إعادة تأهيل شبكة الاتصالات في محافظة عدن لتلبية حاجة المواطنين.
وخلال اللقاء وجه بحاح وزير النقل بمتابعة المنحة المقدمة من دولة الكويت لإنشاء ميناء سقطرى البحري بتكلفة تقديرية بخمسين مليون دولار، وشدد على سرعة التنفيذ، مؤكدًا ضرورة تفعيل دور الإرشاد لتوجيه المجتمع لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تغزو أفكار الشباب.
وقال الخبير الأمني، العميد محمد فرحان، لـ«الشرق الأوسط»، إن مدينة عدن شهدت أوضاعا أمنية غير مستقرة منذ تحريرها من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح، وهذا شي طبيعي، على حد قوله، كون عدن تعرضت لدمار شامل في البنية التحية ومقار الشرطة والأجهزة الأمنية، ورغم ذلك فإن جهودا كبيرة تبذل لاستعادة الأمن والاستقرار للمدينة، وخلال تلك الفترة الوجيزة حققت كثيرا من الإنجازات، رغم التحديات الكبيرة، مؤكدًا أن ما يحدث في عدن هو اختلالات أمنية مفتعلة تديرها خلايا نائمة تتبع الرئيس المخلوع صالح وميليشيا الحوثيين وتهدف إلى إفشال جهود التحالف وحكومة بحاح الشرعية. وحول عودة حكومة بحاح إلى عدن، أشار العميد فرحان إلى أن الملف الأمني سيكون من أولويات حكومة بحاح، مشيرًا إلى أنه لو لم يكن الوضع الأمني شبه مستقر لما عادت حكومة بحاح، وأكد أن الأمن والاستقرار يحققان يومًا بعد يوم إنجازات متوالية وإن كانت بطيئة، مشيدًا بالخطوات الجريئة التي تتولها شرطة عدن واللجنة الأمنية في العاصمة عدن ضمن الخطة الأمنية والإجراءات المشددة لاستعادة الأمن والاستقرار إلى وضعه الطبيعي.
وتأتي عودة حكومة بحاح الشرعية إلى العاصمة عدن التي تشهد وضعا أمنيا معقدا واختلالات أمنية متواصلة، وانتشار للمجاميع المسلحة والمتشددة في بعض مديرياتها. وخلال الفترة الماضية فقد سجلت المدينة كثيرا من الحوادث الأمنية آخرها هجوم أول من أمس الذي استهدف نقطة عسكرية شرق عدن أودى بحياة أربعة أفراد وجرح 17 آخرون ممن كانوا في الحاجز الأمني، إلى جانب أعمال اغتيالات تشهدها المدينة، وانتشار للمظاهر المسلحة.
وتنتظر عودة بحاح إلى عدن كثيرا من الملفات العالقة التي يتوجب على الحكومة أن تبت فيها بشكل سريع وضروري، أبرزها الملف الأمني، إلى جانب ملف دمج أفراد المقاومة في الجيش والأمن، وملفي شهداء وجرحى المقاومة، وملف تشغيل مطار عدن، والنهوض بالخدمات والأساسية العامة وأهم هذه الخدمات أزمة الكهرباء وانقطاعاتها المتكررة سيما والمدينة مقبلة على صيف حار، وغيرها من القضايا المهمة والمتصلة بحياة السكان المحليين في عدن والمدن المجاورة لها.
تنقسم حكومة بحاح إلى ثلاث مجموعات، تعمل في ثلاثة اتجاهات ومن أماكن مختلفة، حيث يتولى فريق إدارة الملف السياسي والتواصل الخارجي ومقره العاصمة السعودية الرياض، فيما يتولى فريق آخر من العاصمة المؤقتة عدن الملف الأمني والنهوض بالخدمات ومعالجة ملف دمج المقاومة وملف الجرحى. في حين يتولى الفريق الثالث الذي مقره محافظة مأرب الملف العسكري ومعركة تحرير صنعاء وإدارة المحافظات المحررة بالشمال.
وعلى صعيد الجهود المتواصلة التي تبذلها سلطة عدن في سبيل استعادة الحياة الطبيعية للمدينة، افتتح غسان الزامكي وكيل عدن لقطاع المشاريع وتنمية البنية التحتية، والشيخ هاني اليزيدي مدير عام مديرية البريقة، أمس (الثلاثاء)، مشروع إعادة تأهيل مركز التوليد الطبيعي في مدينة عدن الصغرى بتمويل من دولة الكويت الشقيقة، وطاف المسؤولون المحليون في أرجاء المركز المزود بالتجهيزات الطبية اللازمة، وسير عمل المركز وما يقدمه من خدمات صحية، وسيخدم المركز شريحة كبرى من مواطني المديرية ويخفف الضغط على مستشفى مصافي عدن غرب العاصمة المؤقتة.
بينما افتتح مستشار محافظ عدن للشؤون الإعلامية، محمد سعيد سالم، فعاليات المعرض الأول للفن التشكيلي الذي احتضنته قاعة معهد جميل غانم للفنون، وفي الفعالية قدمت الفنانة ميرفت العبسي شرحا عن اللوحات التي تزيد على ٤٣ لوحة فنية التي برزت فيها مواهبها الإبداعية لمختلف مدارس الفن التشكيل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.