«المستقبل» يتّجه لمقاطعة «الحوار الوطني».. ويعيد النظر في مشاركته بالحكومة

نائب رئيسه: نبحث جديًا الاستقالة من مجلس الوزراء لأن الفريق الآخر هو المستفيد منها

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى تحيته مستقبليه بعد صلاة الجمعة في وسط بيروت أمس (رويترز)
رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى تحيته مستقبليه بعد صلاة الجمعة في وسط بيروت أمس (رويترز)
TT

«المستقبل» يتّجه لمقاطعة «الحوار الوطني».. ويعيد النظر في مشاركته بالحكومة

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى تحيته مستقبليه بعد صلاة الجمعة في وسط بيروت أمس (رويترز)
رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى تحيته مستقبليه بعد صلاة الجمعة في وسط بيروت أمس (رويترز)

بدأ «تيار المستقبل» إعادة النظر في ثلاثة أحزمة أمان، وفق ما وصفها وزير الداخلية نهاد المشنوق، هي الحوار الثنائي بينه وبين «حزب الله» والحوار الوطني الموسّع الذي كان قد انطلق للبحث في موضوع رئاسة الجمهورية إضافة إلى الاستمرار في الحكومة أو عدمها.
كل الخيارات في هذه القضايا أصبحت مطروحة وإن اختلفت معاييرها بين قضية وأخرى. فـ«التيار» الذي يواجه ضغوطا داخلية، سياسية وشعبية، لم يعد اليوم قادرا على التغاضي عن كل تجاوزات حزب الله في لبنان وخارجه على حساب المصلحة الوطنية التي نتج عنها أخيرا قرار السعودية بإعادة النظر بعلاقتها مع لبنان، وأيدها بذلك الدول الخليجية. هذا الواقع، جعل من خيار مقاطعة «المستقبل» للحوار مع «حزب الله» أمرا شبه محسوم، وهو ما قد ينسحب أيضا على الحوار الوطني، بينما تبقى مسألة الاستقالة من الحكومة موضع بحث جدي ودقيق لغاية الآن، وفق ما يؤكّد نائب رئيس التيار، أنطوان أندراوس. في المقابل، يؤكّد مصدر مطّلع على موقف حزب الله لـ«الشرق الأوسط» «أن الحزب حريص أكثر من أي وقت مضى على حماية لبنان التي لن تتحقق إلا بالتلاقي والحوار وخير دليل على ذلك مشاركته في الجلسة الأخيرة».
وقال أندراوس لـ«الشرق الأوسط» «لا شكّ أن التوجّه هو لعدم الاستمرار بهذا الحوار في ظل كل ما يقوم به حزب الله، كما أنه لم يتم تحديد موعد للجلسة المقبلة»، سائلا: «ما جدوى استكماله إذا لن يحقّق أي تقدّم لا داخليا ولا خارجيا بل على العكس من ذلك نرى أن حزب الله يصعّد ويطلق المواقف المتشدّدة تجاه الدول العربية الصديقة؟»، ويؤكد «لن نكون شهود زور وليس بإمكاننا أمام جمهورنا أيضا التغاضي عن كل ما يحصل. كيف نواجه سياسة الحزب ونستمر في اجتماعاتنا معه إذا كانت لن توصل إلى أي مكان؟، مضيفا: «إلا إذا طرحوا حلولا بإمكانها أن تساهم في الخروج من المأزق عندها قد نعيد النظر في الموضوع».
وكان المشنوق قد دعا إلى «تعليق الحوار مع حزب الله، ريثما تحلّ المشكلات الحالية»، قائلا: «أردنا الحوار لتخفيف حدّة النقاش المذهبي ولانتخاب رئيس للجمهورية، لكنّ القليل تحقّق في الأوّل ولم يتحقّق شيء في الثاني». من ناحيته قال النائب في «المستقبل» أحمد فتفت «الحوار مع حزب الله لم يكن يومًا فاعلاً ومنتجًا، وهو بالنسبة إليه غطاء ومظلة سياسية، وهو بدل أن يخفف الاحتقان السياسي أنه رفع السقف وزاد الضغط السياسي».
مع العلم، أنّ الجلسة الأخيرة للحوار بين الطرفين والتي كانت محددة الأربعاء الماضي، وحملت الرقم 26. كادت أن تلغى نتيجة قرار ممثلي «المستقبل» بعدم الحضور لولا تدخّل مجلس النواب نبيه بري والتوصل إلى حلّ وسطي قضى بأن تكون مختصرة ومصغّرة، وصدر عن المجتمعين بيانا مقتضبا، اكتفى بالإشارة إلى أن «المجتمعين بحثوا الأوضاع الراهنة».
ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى «الحوار الوطني»، الذي حدّد موعد جلسته المقبلة في التاسع من شهر مارس (آذار) المقبل، فالمشاركة به لم تعد مجدية، كما يشير أندراوس، موضحا: «انطلقت جلسات الحوار تحت عنوان البحث في رئاسة الجمهورية وإذا بها تتحوّل إلى مناقشة ملف أزمة النفايات التي لا يبدو أيضا أنها ستجد طريقها إلى الحلّ». وأضاف: «يبدو واضحا أن حزب الله لا يريد الآن إنجاز الانتخابات الرئاسية، والمرشحان للرئاسة الأساسيان اللذان ينتميان إلى فريقه السياسي يقاطعان جلسات الانتخاب، ويبدو واضحا أنه لا انتخابات في الجلسة المقبلة المحددة يوم الثلاثاء، وبالتالي لا جدوى كذلك من أي طاولة حوار ستعقد تحت هذا العنوان». وأوضح: «حتى ولو قرّر رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية، الذي يدعمه تيار المستقبل، المشاركة في الجلسة فلن يسمح حزب الله بذلك، ولا نستبعد عندها أن يقوم بأي خطوة أمنية لعرقلة إجراء الانتخابات»، ولفت أندراوس إلى بعض التهديدات والمناشير التي توزّع في لبنان مهددة بعملية أمنية سيقوم بها حزب الله، مضيفا: «لا نستبعد أن يكون الحزب خلفها، والكلام عن أن طابورا خامسا وراءها ليس إلا تغطية لهذا الأمر».
أما بالنسبة إلى الحكومة، التي سبق أن أعلن رئيسها تمام سلام، أن استقالتها واردة وعدم استمرارها وارد، وأكّد المشنوق أنه «لا يمكن أن نكمل بالمسيرة السابقة في حكومة يقول أحد وزرائها إنّه بين الإجماع العربي وإيران سيختار إيران»، سائلا: «ما المانع أن تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال»، أوضح أندراوس، أن استقالة المستقبل منها هي موضع بحث في أوساط التيار، وهناك آراء مختلفة بعض الشيء بشأنها، لا سيما أن تحوّلها إلى تصريف أعمال هو مطلب حزب الله والنائب ميشال عون الذي لطالما تحدّث عن «مؤتمر تأسيسي»، وبالتالي فإن فرطها سيؤدي إلى تقسيم لبنان على غرار ما يخطّط لسوريا. وأضاف: «نجلس في مكان واحد مع ميليشيا مسلّحة، وبالتالي علينا إما المقاومة بالسلاح أو بالسياسة، إذا اخترنا الأوّل يعني سيصبح لبنان كاليمن، بينما يتطلب الخيار بالسياسة دعما ومساندة من الدول العربية التي نتمنى ألا تتخلى عنّا».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.