ترقب لبناني لتداعيات القرار الاقتصادية

ترقب لبناني لتداعيات القرار الاقتصادية
TT

ترقب لبناني لتداعيات القرار الاقتصادية

ترقب لبناني لتداعيات القرار الاقتصادية

القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بتصنيف شركات وأشخاص على لائحة العقوبات بسبب ارتباطهم بحزب الله ودعم نشاطاته العسكرية، ترك صداه على الساحة اللبنانية، وبدأت جهات معنية باقتفاء أثر هذه الشركات ودورها التجاري، وترقب الواقع الاقتصادي لهذا القرار على الأشخاص والمؤسسات المالية والتجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم المرتبطة بالحزب ومصادر تمويله.
وبغضّ النظر عن التداعيات الاقتصادية السلبية التي سيخلّفها، بدأت أوساط لبنانية طرح تساؤلات ورسم علامات استفهام حول «إمعان حزب الله في استغلاله للقطاع التجاري، والاستعانة به في دعم قدراته العسكرية في لبنان والخارج، وما لذلك من ارتدادات سلبية ليس على الشركات المدرجة على لائحة الحظر وأصحابها فحسب، بل على مئات العاملين في هذه الشركات وعائلاتهم الذين سيصيبهم الضرر، إذا ما بدأت إجراءات ملاحقة هذه المؤسسات تفعل فعلها».
وإذا كان القرار السعودي يستند إلى نظام معاقبة جرائم الإرهاب والإرهابيين وداعميهم، ومن يعمل معهم أو نيابة عنهم، وتجميد أي أصول تابعة لتلك الأسماء المصنفة، وفقًا للأنظمة المرعية الإجراء بالمملكة، فإنه أيضا مبني على معلومات دقيقة عن الأنشطة التي تقوم بها هذه الشركات وأصحابها، في مساعدة حزب الله وخلاياه الأمنية والعسكرية في لبنان والخارج.
قد تكون الشركات الجديدة المدرجة على لائحة العقوبات غير معروفة على نطاق واسع في الأوساط التجارية والاقتصادية اللبنانية، إلا أن الجانب الذي كشفه القرار عن الدور الذي تقوم به كلّ شركة خارج الإطار التجاري سيوسّع دائرة الحذر حيالها كي لا يصاب آخرون بشرارتها، فشركة «فايتيك للمساهمة اللبنانية» التي يملكها فادي حسين سرحان، ومركزها في بيروت قدمت بحسب القرار السعودي «خدمات لحزب الله لشراء أدوات تكنولوجية حساسة ومعدات لعجلات من دون سائق من الولايات المتحدة وأوروبا». لكن يبدو أن العقوبات لم تفنّد كل الأفعال التي كانت سببًا لهذه العقوبة، فوزارة الخزينة الأميركية مثلاً تتهم سرحان وشركته أيضًا بأنشطة ترتبط بـ«شراء تقنيات ومعدات حساسة لحساب حزب الله، بينها طائرات من دون طيار ومعداتها، وغيرها من المعدات الإلكترونية من شركات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ومساعدة الحزب على التسلّح».
أما شركة «لاهوا إلكترونيك فيلد»، التي يملكها عادل محمد شري ومركزها الصين، فهي متهمة بـ«تسهيل إرسال معدات إلكترونية إلى اليمن استخدمها الحوثيون في صناعة متفجرات». ووفق المعلومات فإن شري متهم أيضًا بـ«شراء تقنيات ذات استخدام مزدوج مدني وعسكري، من شركات آسيوية لحساب حزب الله، وتسهيل جهود الحزب لشراء تقنيات مختلفة من الصين ونقلها إلى اليمن، لكي تستخدم في متفجرات يستعملها الحوثيون، الذين يمثلون مجموعة شاركت في نشاطات هددت بشكل مباشر وغير مباشر السلام والأمن والاستقرار في اليمن».
وبالنسبة لشركتي «أيرو سكايون» و«لابيكو» اللتين يملكهما علي زعيتر، فتتخذ الأولى من الصين مركزًا لها وهي تشكّل واجهة لتسليح حزب الله، أما الثانية فمركزها لبنان، حيث استخدم زعيتر تراخيص مزورة لتصدير معدات لحزب الله، وهو موجود على لائحة الإرهاب منذ 2014.
وفي وقت رأت فيه مصادر اقتصادية أن «مثل هذه النشاطات المريبة لهذه الشركات ستحفّز دولاً أخرى لتحذو حذو المملكة العربية السعودية في الإجراءات العقابية»، لم تستبعد أن يكون حزب الله مساهمًا رئيسيًا وممولاً لعشرات الشركات التجارية في لبنان والخارج، ما يجعله هو المحرّك الأساسي للتحويلات المالية فيها، ولكن باسم أشخاص آخرين، لأنه كان يتحسّب للوصول يومًا ما إلى وضع مماثل.
أما المعلومات المتداولة في أوساط بيئة حزب الله فهي لا تخفي وجود آثار سلبية ستظهر في المدى المتوسط والبعيد، سيما أن الضرر لن يقتصر على أرباح هذه الشركات والمردود المالي الذي تعود به للمساهمين وللحزب معًا، إنما على آلاف الأشخاص الذين قد يخسرون أعمالهم فيها إذا ما ذهبت إلى التحلل والإفلاس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».