سيرغيو بوسكيتس.. جندي برشلونة المجهول

أهم لاعب خط وسط غفلت عنه الأنظار في تاريخ كرة القدم المعاصر

بوسكيتس محور ارتكاز برشلونة بوسط الملعب - سيرغيو بوسكيتس.. نجم لا يراه الكثيرون
بوسكيتس محور ارتكاز برشلونة بوسط الملعب - سيرغيو بوسكيتس.. نجم لا يراه الكثيرون
TT

سيرغيو بوسكيتس.. جندي برشلونة المجهول

بوسكيتس محور ارتكاز برشلونة بوسط الملعب - سيرغيو بوسكيتس.. نجم لا يراه الكثيرون
بوسكيتس محور ارتكاز برشلونة بوسط الملعب - سيرغيو بوسكيتس.. نجم لا يراه الكثيرون

مرة أخرى أجدني مدفوعًا بعد مشاهدة تألق ليونيل ميسي ولويس سواريز ونيمار على «استاد الإمارات» خلال الدقائق الأخيرة من المواجهة النارية بين برشلونة وآرسنال، في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا التي انتهت بخسارة الأخير، لإعلان أن أفضل قرار مهني اتخذه أي من مدافعي برشلونة على الإطلاق هو أن يصبح مدافعا في برشلونة - بمعنى آخر أن اتخاذ أي لاعب مسارًا يضمن له عدم الوقوف في وجه خط هجوم برشلونة، يعد من أفضل القرارات المهنية الممكنة أمامه.
وربما كان التأثير الأقوى داخل الملعب، في هذه الليلة، من نصيب لاعب اتخذ هذا المسار بالفعل - وهو لاعب يميل للعب في هدوء بمنأى عن أي محاولة للفت أنظار وبأداء ممتاز يخلو من الأنانية، وعمل على مدار السنوات السبع الماضية بهدوء جعله أشبه بنجم مؤثر يتحرك خلف الغيوم في ناد يعج بالنجوم المتلألئة.
من غير المحتمل أن يظهر سيرغيو بوسكيتس في كثير من مقاطع الفيديو الموجزة لأحداث المباراة، أو أن تجد له جماهير عاشقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، جاء أداؤه على استاد الإمارات ممتازًا على النحو المعتاد، وأثبت أنه محور تمرير الكرات والدرع الحامي دفاعيًا ونقطة ارتكاز الفريق بوسط الملعب. ويبدو بوسكيتس، البالغ 27 عامًا فقط، على معرفة وثيقة بخبايا فريقه وكأنه يشارك في صفوف برشلونة منذ تأسيسه. ومع صعود نجمه بهدوء، أثبت بوسكيتس دوره المحوري داخل فريق برشلونة.
خلال المواجهة مع آرسنال، نجح بوسكيتس في تمرير الكرة بنجاح لعدد من المرات يفوق أي لاعب آخر بالملعب - ومن المحتمل أن تظل الكثير من هذه الكرات حية بالأذهان. كما تكشف الأرقام أنه لمس الكرة لعدد مرات يفوق أندريه أنيستا الذي بدا لمن يتابعون المباراة داخل الاستاد وكأن الكرة قد التصقت بقدمه على امتداد فترات طويلة من المباراة. أيضًا، تحرك بوسكيتس بذكاء إلى جوار نيمار وكان خير معين له خلال انطلاقة برشلونة في العدو بالكرة لمسافة 60 ياردة عبر تمريرها ثلاث مرات فقط لتنتهي الغارة بالهدف الأول للنادي الإسباني. كما تمركز بوسكيتس بالخلف على بعد 20 مترًا من النقطة التي تدخل فيها ماثيو فلاميني وارتكب مخالفة بحق ليونيل ميسي، ليفسح الطريق بذلك أمام احتساب ركلة جزاء لفريقه.
يذكر أنه على مدار مسيرته مع برشلونة، شارك بوسكيتس في الفوز بخمس بطولات للدوري الإسباني وثلاث بطولات لدوري أبطال أوروبا، الأمر الذي قد يمثل الرصيد الأكبر والأبرز من البطولات بالنسبة للاعب لا يزال حتى الآن خارج قائمة كبار النجوم. وعليه، قد يمكننا وصف بوسكيتس بأنه أهم لاعب خط وسط غفلت عنه الأنظار على تاريخ كرة القدم المعاصر. وخلال لقاء آرسنال، صال وجال بوسكيتس داخل استاد الإمارات وكأنه يحمل بداخله جينات من نوع خاص. وتشير الإحصاءات إلى أنه على مدار العام ونصف العام الماضيين، صوب بوسكيتس الكرة باتجاه المرمى أربع مرات. واللافت أنه أحيانا يبدي قوة بدنية كبيرة، تصل في لحظات حد العنف. والأهم من ذلك أنه لاعب يمتاز بذكائه في اختيار النقاط التي يتمركز عندها ودقة وسرعة تمريره للكرة، وهو لاعب خط وسط يملك قدرة متميزة على قراءة تحركات أقرانه ولاعبي الخصم، ونجح في هدوء في قيادة الفريق نحو الأمام. ومع ذلك، فإن محاولة تحديد قيمته وأهميته للفريق تبقى غير مجدية، ذلك أنها أشبه بلغز لا حل له، ذلك أنه حتى هذه اللحظة لا يزال من المتعذر إلقاء نظرة واضحة على هذا اللاعب الفريد. وتبقى حوله تساؤلات لا حصر لها، مثل: هل هو بالفعل أفضل لاعب خط وسط بالعالم؟ أم أنه أفضل لاعب بوجه عام على مستوى العالم، مثلما أشار بالفعل أحد المحللين الرياضيين البارزين خلال تعليقه على أحداث مباراة آرسنال؟ وهل كان اللاعب سيلفت إليه الأنظار بهذه الدرجة لو أنه كان يلعب في صفوف نادٍ بعيد عن دائرة الأضواء، مثل كوينز بارك رينجرز بدوري الدرجة الثانية الإنجليزي؟
في الواقع، ربما كان أفضل ما في بوسكيتس أنه لا إجابات واضحة عن أي من هذه التساؤلات التي تركز على قيمته الفردية أكثر من قيمته كجزء من فريق. في الواقع، إن الإشادة به بعيدا عن بقية زملائه في الفريق أشبه ما يكون بالثناء على الركبة اليسرى للعداء النجم يوسين بولت باعتبارها أفضل ركبة يسرى بالعالم! إلا أن الركبة بمفردها لا قيمة حقيقية لها من دون الساق بأكملها وأوتار العضلات، بل وبولت بأكمله - فهنا يكمن السحر الحقيقي.
وقد يمكن لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز تعلم الكثير من برشلونة على هذا الجانب. ورغم أن كثيرين سيصرون على أن الاختلاف الرئيسي بين برشلونة والأندية الإنجليزية الكبرى يكمن في حجم الإنفاق على الأسماء اللامعة بالهجوم - وبالتأكيد لا أحد ينفي أن إنفاق 150 مليون جنيه إسترليني على ثاني وثالث أفضل مهاجم لديك يحقق الكثير - لكن تظل الحقيقة أن العنصر الفريد حقًا في برشلونة والأكثر أهمية ولا يمكن الاستغناء عنه بأية حال من الأحوال هو أن حجم الإنفاق أتى بثماره. وللتأكد من صحة هذا القول ليس عليك سوى التطلع بعيدًا عن نجوم الهجوم الثلاثة، ولا تسمح لعينيك بالسقوط ضحية للبريق المتوهج أمامها - فالنجاح الحقيقي لبرشلونة يكمن في العمود الفقري الذي نجح الفريق في بنائه من لاعبين ترعرعوا في إسبانيا ويتألف من غيرارد بيكيه وبوسكيتس وإنيستا وميسي - هذا هو العنصر الحقيقي وراء هذه الانتصارات الاستثنائية لبرشلونة.
في المقابل، نجد أن الأندية الإنجليزية الثلاثة التي لا تزال مستمرة داخل بطولة دوري أبطال أوروبا لديها فقط لاعبان اثنان من الطراز الأول ومن أبناء الوطن يمكنهما التباهي بهما، الأمر الذي يزيح الستار عن إخفاق كارثي على صعيد التطوير والتخطيط وتوفير الموارد اللازمة لظهور مواهب كروية جديدة. اللاعب الأول هو جاك ويلشير، ويعاني من الإصابة. أما الآخر - جون تيري - ففي طريقه للرحيل. ورغم تمتع تشيلسي ومانشستر سيتي وآرسنال بلاعبين مخضرمين، فإنها جميعها تفتقر إلى لاعب يكافئ بوسكيتس يعمل كعمود فقري للفريق ومادة لاصقة تربط بين مختلف عناصره.
كم تفتقر الكرة الإنجليزية للاعب مثل بوسكيتس، إن لم يكن من حيث حجم الإنجازات أو أسلوب اللعب، فعلى الأقل من حيث الروح. ولا تزال كرة القدم الإنجليزية تناضل كي تخلق مثل هذا اللاعب المتميز بذكائه واختياره الممتاز للتوقيت والتألق التكتيكي. وهنا ينبغي التنويه بأنه رغم أن هذا المدرب قد يكون قد أخفق داخل مانشستر يونايتد، فإن الأساليب التي أقرها المدرب لويس فان غال تبقى في جوهرها صائبة. ورغم أنه حال استمراره مع الفريق عامين آخرين، ربما لن يحرز مانشستر يونايتد خلالها أية أهداف، فإنه على الأقل حينها سيصبح هناك فريق جرى بناؤه من داخل النادي وأتيحت لعناصره فرصة الترابط والتماسك مع بعضهم البعض - وهو إنجاز مهم في حد ذاته. ويبقى من الواجب التنويه في ظل الحديث الدائر عن استعداد مانشستر سيتي لموجة جديدة من الإنفاق الضخم الصيف المقبل، بأن تنمية بوسكيتس ودفعه من داخل صفوف الناشئين كان واحدًا من أولى الخطوات التي اتخذها المدرب بيب غوارديولا لدى توليه مهمة تدريب برشلونة.
يذكر أنه بعد يومين من فوزه على مانشيستر سيتي دور الـ16 بدوري أبطال أوروبا أعلن فريق برشلونه أن تمديد عقده مع بوسكيتس حتى نهاية يونيو (حزيران) عام 2019. وكان العقد الأصلي بين بوسكيتس وبرشلونة يبدأ من 2012 وينتهي 2018. وكانت قيمة كسره 150 مليون يورو، وهو مبلغ غير عادي، للاعب غير عادي رغم أن الأضواء غير مسلطة عليه مقارنة بزملائه في برشلونة ومنتخب إسبانيا.
ولد سيرغيو بوسكيتس في 16 يوليو (تموز) 1988، في مدينة ساباديل الصناعية التي تقع على بعد 20 كيلومترا من شمال غربي برشلونة بإقليم كتالونيا. وأبوه هو كارلس بوسكيتس حارس مرمى برشلونة في تسعينات القرن العشرين، الذي فاز مع الفريق الكتالوني ببطولات كثيرة على مستوى إسبانيا وأوروبا، ويدرب حاليا حراس مرمى الفريق الثاني (الرديف) ببرشلونة. كل هذا يعني أن سيرغيو بوسكيتس برشلوني حتى النخاع ويتوقع له كثيرون أن تسير علاقته مع الفريق على طريق أسطورة وقائد برشلونة السابق كارلس بويول، حتى إنه في الموسم الحالي 2014 / 2015 أصبح يرتدي القميص رقم 5، الذي كان يرتديه بويل، بعدما أنهى بويل مسيرته كلاعب في برشلونة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».