أعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أنه سيلجأ إلى القضاء الدولي في ملف الوزير السابق ميشال سماحة، معتبرا أن «المحاكمة الزائفة له في لبنان لا تحول دون محاكمته مجددا أمام المحكمة الجنائية الدولية»، ورأى أن ما وصلت إليه الأمور في محاكمته كشفت النقاب عن حجم الاستنسابية في المنظومة القضائية الاستثنائية في لبنان»، في إشارة إلى قرار المحكمة العسكرية بتخلية سبيل سماحة الشهر الماضي، مقابل كفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة لبنانية (100 ألف دولار)، بعدما أمضى أربع سنوات ونصف في السجن نتيجة إدانته بـ«محاولة القيام بأعمال إرهابية والانتماء إلى مجموعة مسلحة».
وكان وزير العدل قد وقّع مشروع مرسوم إحالة ملف سماحة على المجلس العدلي، باعتبار أن الجرائم التي ارتكبها تشكل اعتداء على أمن الدولة، وأحال المشروع على رئاسة مجلس الوزراء لإقراره والسير به، إنما اعتراض وزراء فريق «8 آذار»، ولا سيما حزب الله لا يزال يحول دون إقراره.
ويرى أستاذ القانون الدولي أنطوان صفير، أنّ إحالة القضية إلى المحكمة الدولية ليس بالأمر السهل وقد تواجه عوائق متمثلّة بموافقة الحكومة عليها، إضافة إلى صعوبة تصنيفها ضمن الجرائم التي تنص عليها المحكمة الجنائية الدولية. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المحكمة الدولية تختص في البحث بثلاث جرائم هي الحرب والإبادة وضد الإنسانية، ومن الصعوبة تصنيفها ضمن إحداها»، مضيفا: «الموضوع دقيق من ناحية التصنيف ومن ناحية الإحالة الذي يتطلب موافقة الحكومة وهو الأمر نفسه الذي يحول دون إحالة القضية إلى المجلس العدلي، ومن ناحية التصنيف، إلا إذا وضعت المحكمة الجنائية يدها على الملف بقرار من مجلس الأمن الدولي وهذا الأمر من الصعب أن يجد طريقه نحو التحقيق».
وكان سماحة قد اعترف في الجلسة الأولى من إعادة محاكمته في يوليو (تموز) الماضي إفادته أمام المحكمة التي اعترف فيها بنقل متفجرات في سيارته إلى لبنان بعد تسلمها من مدير مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك في دمشق من أجل استخدامها في عمليات ضد شخصيات ومناطق لبنانية معينة.
ونشرت وسائل الإعلام اللبنانية أشرطة صوتية مسجلة لسماحة ساهمت في إدانته، إذ يتحدث فيها بوضوح عن مخطط التفجير مع شخص يدعى ميلاد كفوري، وهو الشخص الذي وشى به إلى السلطات. وقال سماحة إن كفوري هو الذي «استدرجه» إلى هذا المخطط.
وفي مؤتمره الصحافي قال ريفي: «اتخذ اليوم هذه الخطوة وأنا أدرك أن المخاطر كبيرة، لكن ذلك لن يخيفنا، وأنا اليوم كمواطن لبناني، وكوزير للعدل، مسؤوليتي أن أبقى دائما على قدر الآمال التي حلم بها الشعب اللبناني».
وسأل: «كيف يطلق سراح مجرم استهدف العيش المشترك، كيف يتجرأ البعض في الدفاع عن الذي قرر أن يتآمر على وطنه أرضاء لمخططات الفتنة والقتل، بأن ينسف موائد الإفطار في شهر التسامح والمغفرة، كيف يفلت من العقاب العادل من خطط لاستهداف مشايخ أجلاء وصائمين أبرياء كيف نغفر ذنب من تواطأ مع النظام السوري على حساب مصلحة وطنه واستقراره فخطط لاستهداف نواب وقيادات سياسية وشخصيات دينية ومرجعيات روحية، كيف نسامح من أراد إشعال بذور الفتنة بين المسلمين والمسيحيين أرضاء لأوامر أسياده في الخارج، كيف نصمت عن كل ذلك؟»، مضيفا: «هل ظنوا أننا صم بكم عمي، ربما هكذا أرادونا ولكننا لم نكن ولن نكون».
وأضاف ريفي: «لم نترك بابا للوصول إلى العدالة في لبنان إلا وطرقناه، أما وقد أوصدت دوننا الأبواب بفعل المحاولات المستمرة لتعطيل القرار في مجلس الوزراء من قبل قوى الأمر الواقع، وإصرارهم على عرقلة إحالة القضية إلى المجلس العدلي، لا لسبب إلا لأنهم يعلمون علم اليقين أن هذه الإحالة ستجعل القضية في أيدي من هم أصلا أهل لها، حيث لا نفوذ لهم ولا تأثير. إنني أجد نفسي مضطرا لا بل مدفوعا بواجبي الوطني والأخلاقي، أن أضع بين أيدي اللبنانيين خيارا لا مفر منه وهو اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وزير العدل ييأس من «العدالة في لبنان».. ويلجأ إلى القضاء الدولي لملاحقة ميشال سماحة
خبير قانوني: الخطوة قد تواجه بعدم موافقة الحكومة وصعوبة تصنيفها في جرائم المحكمة الدولية
وزير العدل ييأس من «العدالة في لبنان».. ويلجأ إلى القضاء الدولي لملاحقة ميشال سماحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة